سودانايل:
2025-03-06@18:55:41 GMT

عدم التنسيق الإقليمي يضر بقضية السودان

تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT

د. الشفيع خضر

تناولنا في مقال لنا، قبل ثلاثة شهور، بعض المؤشرات التي نراها سببا في إطالة أمد الحرب وعرقلة جهود السلام في السودان. من هذه المؤشرات:

*غياب الإرادة عند طرفي القتال، وتوهم كل طرف بأنه سيقضي على الطرف الآخر بالضربة القاضية.

*تاريخ الحروب في العالم، يقول إن أي مواجهات عسكرية، إذا لم تتوقف في الأيام أو الأسابيع الأولى، فسوف تستمر لفترة طويلة، وكلما استطالت الفترة كلما تضاءلت فرص الوقف دائم لإطلاق النار.



*كلما طال أمد النزاع، كلما تزايدت أعداد المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرة قياداتها المركزية، وتبدأ تتصرف جزئياً مثل قطاع الطرق؛ والبعض يحاول حسم النزاعات القديمة على الموارد في منطقة معينة، وهولاء، إضافة إلى المقاتلين من خارج السودان، في الغالب يرغبون في استمرار الحرب لأنها المصدر الذي يتكسبون منه الأموال.

*ازدياد عمق الطبيعة القبلية للحرب، وعلو خطاب العنصرية والكراهية، وانتشار القتل على أساس الهوية والانتماء السياسي، وهذا يصعب كبحه ويطيل من أمد الحرب أو يجددها إذا توقفت ما لم تعالج الأسباب.

*المنافسة السياسية والدبلوماسية بين القوى الخارجية مما أدى إلى تعدد المبادرات الدولية، وجميعها عاجز تماما عن فرض وقف الاقتتال.

*تعثر وحدة القوى المدنية وعلو صوت الأجندة الأجنبية وسطها، وتفضيل بعض اللاعبين الدوليين لمجموعات مدنية معينة ودعمها مما يغذي إنقسامات القوى المدنية، ويعيق تلمسها الدرب الصحيح الذي يساعد في توقف القتال.

يوم الأربعاء الماضي اختتم في القاهرة اجتماع تشاوري حول السودان شارك فيه كل من جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (الايغاد)، والاتحاد الأوروبي، ومملكة البحرين (رئاسة قمة جامعة الدول العربية)، والجمهورية الإسلامية الموريتانية (رئاسة الاتحاد الأفريقي)، وجمهورية جيبوتي (رئاسة الايغاد)، بالإضافة إلى أصحاب مبادرات السلام جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية. وخلص الاجتماع إلى تقييم المشاركين لجهود مساعيهم الحميدة ومبادرات السلام التي يرعونها، كما تناول آليات التنسيق بين هذه الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية حول السودان، وكذلك مجالات التكامل بين هذه المبادرات، والقيمة المضافة لدور الدول، وإنشاء أدوات تنسيقية عملية تعزز التنسيق والتكامل… ولكن، وفي اليوم التالي مباشرة أرسل الاتحاد الأفريقي دعواته للقوى المدنية السودانية لاجتماع تحضيري يعقد في أديس أبابا في الفترة ما بين العاشر والخامس عشر من يوليو/تموز القادم، علما بأن وزارة الخارجية المصرية أعلنت عن دعوتها لاجتماع شبيه في ذات الشهر. أليس هذا هو عدم التنسيق والمنافسة التي أشرنا إليها أعلاه؟!

الانتهاكات الفظيعة في السودان لن تردعها الإدانات وبيانات الشجب، بل تستوجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حماية السكان المدنيين

أعتقد أن القوى الإقليمية والدولية إذا فعلا هي جادة في مخاطبة الأزمة السودانية والمساهمة في وقف الحرب، فلابد من أن تبادر بإنشاء منصة تنسيق دولية موحدة لجهود وقف الحرب وبسط السلام في السودان، مع توزيع واضح ومنطقي للمهام بين الأطراف الدولية والإقليمية المعنية. وفي هذا الصدد، يمكن للمبعوث الشخصي للأمم المتحدة أن يلعب دور المنسق الرئيسي في هذه المنصة بين جهود الاتحاد الأفريقي، منظمة الإيغاد، منبر جدة، جامعة الدول العربية، مبادرة دول الجوار، والاتحاد الأوروبي. وبالتأكيد، فإن تمكين هذه المنصة الموحدة للقيام بدورها على النحو المطلوب، يحتاج إلى دعم من القاعدة الشعبية السودانية وتحديد الأولويات الصحيحة التي تهم الشعب، ولكي تنجح أي خطة تجترحها هذه المنصة، فإنها تحتاج إلى البناء على التجربة الناجحة لغرف الطوارئ.

لكن، لا أعتقد أن الأولوية الآن هي محاولة جمع المدنيين السودانيين في هذه العاصمة أو تلك لتوحيدهم وبحث قضية الحرب سياسيا، فالسياسة ليست هي المدخل الوحيد، وربما ليست المدخل الصحيح، أو الأولوية، في حالة السودان الراهنة. وأي محاولات مثل هذه، بمعزل عن المعاناة المأساوية التي يصل جحيمها الشعب السوداني، ستكون تغريدة خارج السرب. إن المدخل الصحيح، والأولوية القصوى الآن، لمعالجة الوضع الكارثي في السودان ليس العملية السياسية، وإنما تنفيذ الأجندة الإنسانية ومعالجة المعاناة واستخدام الإطار القانوني الدولي (مسؤولية الحماية) لضمان حماية السكان المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية لهم، ولمنع أي توجهات محتملة للقيام بإبادة جماعية كما حدث في الجنينة ويتخوف من حدوثه في الفاشر. وهكذا، فإن الإطار المنطقي، كما نراه، لمعالجة أزمة الحرب في السودان هو:

*إعطاء الأولوية للأجندة الإنسانية وضمان حماية المدنيين، مع التشديد على أن ملف الأجندة السياسية وحماية المدنيين لا يقبل التسييس ولا المساومة، وينبغي ألا تكون المساعدات الإنسانية رهينة لدى الأطراف المتحاربة.

*فرض وقف إطلاق النار الفني والحفاظ عليه، وذلك وفق الآليات المعمول بها إقليميا ودوليا وفي إطار القانون الدولي.

*بذل كل الجهود الممكنة لرتق النسيج الاجتماعي وتقليل الاستقطاب الاجتماعي والعرقي والسياسي.

* يلي ذلك، وكمرحلة أخيرة: الانخراط في عملية سياسية شاملة ذات طبيعة تأسيسية للدولة السودانية، ومن تصميم وإدارة وقيادة القوى المدنية السودانية، وصولا إلى فترة إنتقالية تأسيسية لا مجال فيها للطرفين المتحاربين ولا للأطراف الأجنبية، ويهيمن عليها شعار الثورة الرئيسي: العسكر للثكنات والدعم السريع ينحل.

أخيرا نكرر ما قلناه في مقالاتنا السابقة من أن الانتهاكات الفظيعة في السودان لن تردعها الإدانات وبيانات الشجب، بل تستوجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حماية السكان المدنيين السودانيين، بدءا استخدام الصلاحيات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية للسكان خاصة النازحين واللاجئين، حظر دخول الأسلحة الى السودان، إصدار عقوبات دولية على الدول التي تدعم استمرار الحرب في السودان وتمكن استمرار حدوث هذه الجرائم والانتهاكات في خرق فاضح لقرارات الشرعية الدولية، توسيع نطاق عمل وولاية لجنة التحقيق الدولية التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإلزام الأطراف المتحاربة بقبولها والسماح لها بالوصول غير المشروط إلى جميع مناطق السودان للتحقيق في الانتهاكات التي تم ارتكابها خلال هذه الحرب.

* نقلاً عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

تحركات في 3 مسارات لوقف الحرب المتصاعدة

بدأت 3 أطراف دولية وإقليمية ومحلية تحركات مكثفة لإيجاد حل يوقف التدهور المريع في السودان الناجم عن الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023.
وفي حين طرح رئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” عبد الله حمدوك مبادرة من 7 نقاط، أعلنت بريطانيا عزمها تنظيم مؤتمر في منتصف الشهر المقبل بمشاركة 20 وزيرا من مختلف البلدان ذات الاهتمام بالأزمة السودانية. وفي الجانب الآخر كشفت مصادر مطلعة لسكاي نيوز عربية عن تحضيرات تجري لزيارة وفد الآلية الأفريقية رفيعة المستوى لبورتسودان وعدد من العواصم الأفريقية للقاء قائدي الجيش عبدالفتاح البرهان والدعم السريع محمد حمدان دقلو.

مبادرة حمدوك
دعت خارطة طريق قدمها حمدوك، يوم الثلاثاء، إلى عقد اجتماع مشترك بين مجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن الدولي، بحضور قائدي القوات المسلحة والدعم السريع، وحركتي عبد العزيز الحلو، وعبدالواحد محمد نور.
واقترحت المبادرة وقف فوري لإطلاق النار، وعقد مؤتمر للمانحين الدوليين لسد فجوة تمويل الاحتياجات الإنسانية التي حددتها خطة الاستجابة الأممية، وإطلاق عملية سلام شاملة.
ولخص حمدوك النتائج المرجوة من المبادرة في بناء وتأسيس منظومة أمنية وعسكرية موحدة، وإطلاق عملية عدالة تحاسب على الانتهاكات وتحقق الإنصاف للضحايا، وتشكيل سلطة مدنية انتقالية ذات صلاحيات كاملة، تقود البلاد حتى الانتخابات.
وأكد حمدوك أن “صمود” ستعمل فورا على التواصل مع الأطراف السودانية العسكرية والمدنية والقوى الإقليمية والدولية لحشد الدعم لتنفيذ هذه الخطوات. وقال إن العملية التي تتضمنها المبادرة ستنظم عبر لجنة تحضيرية من الأطراف السودانية الرئيسية، تضمن مشاركة كافة الأطراف ما عدا المؤتمر الوطني وواجهاته.
ويشير الصحفي والمحلل السياسي صلاح شعيب إلى أهمية خارطة الطريق التي طرحها عبد الله حمدوك، “نظرا لما يتمتع به من علاقات إقليمية ودولية واسعة”.
ويؤكد شعيب أن الطرح الذي قدمه حمدوك يرسم خطة للمجتمع الدولي للتعامل بشأن الحرب، وما بعدها. ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية “الرجل لم يتحرك من فراغ لطرح مبادرته أو دون التشاور مع أصدقائه في الاتحاد الأفريقي والمحيط الإقليمي والدولي”.
ويرى شعيب أن تحركات حمدوك ستظل مؤثرة في محصلة التوجه الإقليمي والدولي نحو السودان أكثر من تأثيره على محصلة توجه السودانيين مجتمعين للتقرير بشأن بلادهم.
وينبه في هذا السياق، إلى فقدان رئيس الوزراء السابق معظم القاعدة التي دعمت إعلان الحرية والتغيير في العام 2019, إضافة إلى العقبات الناجمة عن انقلاب 25 أكتوبر، والحرب التي ضاعفت التصدعات وسط التيارات التي أسست ذلك التحالف.
ويضيف “الملعب السياسي الحالي جامد أمام قبول أي مبادرات خيرية لإيقاف الحرب خصوصا في ظل إصرار قادة المؤتمر الوطني المنحل على مواصلة الحرب”.

تحرك بريطاني
بعد أسابيع قليلة من إعلان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن تحركات تجريها بلاده لعقد اجتماع وزاري موسع تشارك فيه دول مجاورة للسودان وعدد من بلدان العالم لحشد الجهود الدولية للعمل نحو إنهاء الصراع في السودان وإعادة تنشيط العملية السياسية، وصلت هارييت ماثيوز المدير العام لشؤون أفريقيا بوزارة الخارجية والتنمية البريطانية إلى بورتسودان والتقت الأربعاء بقائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
ووفقا للخارجية البريطانية، فإن التحركات البريطانية تهدف لبناء توافق في الآراء بشأن الكيفية التي يمكن بها للمجتمع الدولي دعم جهود الوساطة التي تقودها المنطقة والتي تضع الأصوات السودانية في مركز الاهتمام.
وأكدت ماثيوز عقب لقاءها بالبرهان، أن بلادها ستلعب دوراً هاماً في تهيئة الظروف السلمية لإنهاء الحرب، من خلال استضافة الاجتماع الوزاري في لندن.

ولم تعلن الحكومة القائمة في بورتسودان حتى الآن بشكل واضح ردة فعلها تجاه الخطوة البريطانية، لكن السفير نور الدائم عبدالقادر مدير الشؤون الأوروبية والأميركية بوزارة الخارجية، قال إن السودان يسعى لدور إيجابي لبريطانيا في دعم قضايا السودان، موضحا “تم إطلاع الجانب البريطاني على رؤية السودان فيما يتعلق بالمؤتمر المزمع انعقاده في لندن”.

اتصالات أفريقية
من جانبه، جدد الاتحاد الأفريقي تأكيده عل الاستمرار في المشاركة مع جميع الأطراف السودانية، بما في ذلك المدنيون والجهات الفاعلة السياسية، في حل شامل للأزمة وحوار سياسي شامل لاستعادة المسار المدني في السودان.
ومن 10 مبادرات طرحتها أطراف إقليمية ودولية منذ اندلاع الحرب، كانت 6 منها من نصيب الاتحاد الأفريقي والهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا “ايقاد”، لكن جميعها لم ينجح في وقف الحرب حتى الآن.
ويعزي مسؤولون ومراقبون وفاعلون سياسيون فشل كل تلك المحاولات والجهود إلى تعدد المنابر وعدم رغبة بعض الأطراف المتحاربة في الوصول إلى سلام يوقف الحرب التي أدت إلى مقتل نحو عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 15 مليونا من منازلهم، وأحدثت دمارا هائلا في اقتصاد البلاد وبنيته التحتية والمجتمعية.
واعتبر محمد بن شمباس، رئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي بشأن السودان، أن أكبر عائق أمام حل الصراع هو إصرار الطرفين المتحاربين على اللجوء إلى القوة العسكرية بدلاً من الحوار كوسيلة للوصول إلى تسوية تفاوضية للصراع.
ووفقا للأكاديمي والباحث السياسي الأمين مختار، فإن التحدي الأكبر أمام المبادرات المطروحة يكمن في آليات تنفيذية تفرض واقع الحوار المباشر بين الجيش والدعم السريع، مع الوضع في الاعتبار وجود عناصر متشددة ترفض الحل السلمي، إضافة إلى تعدد مراكز القرار داخل كابينة الجيش.
ويشدد مختار على ضرورة الانخراط الفوري بدون شروط في وقف إطلاق النار ومعالجة المسار الإنساني.

سكاي نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تحركات في 3 مسارات لوقف الحرب المتصاعدة
  • إشتعال حرب في جنوب السودان سينعكس سلبا على السودان
  • مؤتمر دولي بلندن منتصف أبريل لـ«السلام وحماية المدنيين» في السودان .. وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: زيارة وفد بريطاني للتشاور
  • الخطة القادمة اسوأ من الحرب!!
  • توتر الأوضاع في دولة الجنوب .. قتلى وجرحى بمدينة الناصر و فرار المدنيين
  • حماس: نرحب بخطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها القمة العربية
  • حمدوك يطلق "نداء سلام السودان".. ماذا جاء فيه؟
  • الديمقراطية العربية التي يجب أن نبني
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • مذكرة من الكُتّاب والأدباء والنشطاء السودانيين إلى الأمين العام للأمم المتحدة تطالب بوقف الحرب في السودان وحماية المدنيين