خصصت دولة الإمارات، باعتبارها أحد المساهمين الرئيسيين في المساعدات الإنسانية للسودان وأفريقيا، 70% من تعهدها الذي أعلنت عنه في أبريل الماضي خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان، والبالغ 100 مليون دولار أمريكي، إلى وكالات الأمم ومنظماتها الإنسانية والإغاثية، دعماً للجهود الإنسانية في السودان.

وأشارت وزارة الخارجية في بيان، إلى أن الدعم سيتوجه إلى الشركاء الرئيسيين من وكالات الأمم المتحدة ويشمل كلا من، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وبرنامج الأغذية العالمي، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، مما يضمن اتباع نهج شامل لمعالجة الأزمة الإنسانية والحد من تفاقم المجاعة في السودان، حيث يشمل النهج الذي تتبعه دولة الإمارات تقديم كافة أنواع المساعدات ولا سيما الغذائية والصحية وحماية النساء والأطفال وتوفير سبل العيش والمأوى في حالات الطوارئ، مما يؤكد التزامها بمعالجة مختلف جوانب الأزمة الإنسانية في السودان.

وقالت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، "تأتي المساعدات الإماراتية للسودان ولدول الجوار في إطار حرص القيادة الرشيدة المستمر على تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب السوداني الشقيق، والذي يعكس الاهتمام الكبير التي توليه الإمارات العربية المتحدة للتحديات الإنسانية والتزامها بمواصلة مد يد العون والمساندة والدعم الإنساني له"، مشيرة إلى أنها ستقدم المساعدات إلى الفاشر والمناطق الأخرى في السودان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي.

كما أشارت معاليها إلى أن دولة الإمارات دشنت منذ بداية الأزمة في السودان جسراً جوياً (مع السودان وتشاد المجاورة) بهدف تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للأشقاء السودانيين، وللتخفيف من حدة الظروف الإنسانية في السودان ودول الجوار.. وقد قدمت دولة الإمارات منذ بدء الأزمة 130 مليون دولار لدعم الاستجابة الإنسانية و9500 طن من الإمدادات الغذائية والطبية عبر تسيير 148 طائرة إمدادات إغاثية، إضافة إلى سفينة حملت على متنها نحو 1000 طن من المستلزمات الإغاثية العاجلة.. كما دعمت دولة الإمارات مخيمات اللاجئين السودانيين في أبشي وفي عدد من المناطق في تشاد.. وبالإضافة إلى ذلك، تم تسيير طائرة مساعدات غذائية تحمل على متنها 100 طن إلى اللاجئين السودانيين في جنوب السودان من خلال برنامج الأغذية العالمي.

وأضافت معاليها:"في إطار توفير الخدمات الطبية للاجئين السودانيين في دول الجوار، شيدت دولة الإمارات مستشفيين ميدانيّيْن في أمدجراس وأبشي التشاديّتين لدعم الأشقاء السودانيين اللاجئين.. حيث تمتد خدماتهما إلى جميع المدنيين، بغض النظر عن الجنسية أو العمر أو الجنس أو الانتماء السياسي.. وبلغ عدد من استقبلهم المستشفى في أمدجراس منذ افتتاحه أكثر من 29، 378 حالة".

وجددت معاليها موقف دولة الإمارات الداعي إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة، من خلال العودة إلى المسار السياسي، وتغليب صوت الحكمة والعقل، وتكثيف العمل الجماعي والجهود المشتركة للدفع نحو وقف الصراع وإنهاء الأزمة بما يعزز أمن واستقرار السودان، ويؤدي إلى حقن الدماء، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة يشارك فيها ويقودها المدنيون، بما يلبي تطلعات شعبه الشقيق في التنمية والازدهار.

من جهته قال مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ:"نحن ممتنون للغاية لحكومة وشعب دولة الإمارات على هذا الدعم السخي والبالغ 70 مليون دولار أمريكي للمساعدة في إغاثة شعب السودان من خلال الأمم المتحدة.. وبهذه المساهمة، يمكننا تعزيز الدعم المنقذ للحياة للعائلات والمجتمعات المحاصرة من جراء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في السودان.. إن دعمكم وتضامنكم يجسدان أهمية التعاون العالمي في إحداث تغيير ملموس في حياة الفئات الأكثر ضعفا."

من جهته أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي عن شكره لدولة الإمارات على مساهمتها لدعم الجهود الإنسانية داخل السودان وفي الدول المجاورة لها وقال: "يتحمل شعب السودان العواقب الوخيمة لهذه الحرب القاسية ويحتاج إلى الدعم العاجل.. إن مساهمات الدول ضرورية لتوفير المساعدة الإنسانية الأساسية والمنقذة للحياة للأشخاص الأكثر احتياجاً في السودان وكذلك للذين أجبروا على اللجوء خارج السودان".

وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي: "يرحب برنامج الأغذية العالمي بجميع التعهدات المتعلقة بعملياته الغذائية المنقذة للحياة في السودان." وأضافت: "بهذه المساهمة، سنكون قادرين على مساعدة الأشخاص الضعفاء المعرضين لخطر المجاعة".

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإمارات السودان الأمم المتحدة مارتن غريفيث سيندي ماكين الإنسانیة فی السودان الأغذیة العالمی دولة الإمارات ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

السودان… عام آخر من الحرب!

 

السودان… عام آخر من الحرب!

ناصر السيد النور

قد لا يبدو عنوان المقال أكثر تشاؤما مما تجسده أزمة السودان واقعيا بعد عامين من الحرب بعد أن انخرط السودانيون أو مكونات الدولة السودانية العسكرية في صراع دموي غير محدود أو مسبوق تخطى التوقعات بازدياد وفقد فيها السودان موارده ومكوناته البنيوية التي تجعل من وصف الدولة وانقسمت مكوناته الاجتماعية قبل السياسية والعسكرية خلال ما يقرب من العامين إلا قليلا.  فالانهيار الذي أحدثته الحرب في القيم الإنسانية والمادية أذهل العالم قبل السودانيين أنفسهم من فظاعات قذرة في التقتيل والاغتصاب والتدمير لأجل التدمير.

ويودع السودانيون عاما كالذي سبقه حين باغتتهم حرب ضروس على حين غرة في الخامس عشر من ابريل/نيسان 2023م تجاوزت كل ما عرفته الحروب من وصف وتعريف. واختطت الحرب مسارا لا يشابه ما عرفه السودانيون من حروب اقعد ببلادهم عن ركب الأمم، ومع ذلك تبقى الحرب وأسبابها وأطرافها الفاعلة والملتحقة بها والاستمرار في خوضها بعض من ألغازها العصية على التفسير. وإن يكن الصراع وطبيعته صراع حول السلطة كما بدا في الأيام التي سبقت الحرب بقليل فيما بدا تنازعا وجدل حول نقاط لم تكن مقرراتها لا تقود إلا إلى الحرب، وقد كان دون أن يستصبر الساسة السودانيون مآلاتها الشاخصة.

فما الذي حدث خلال العام المنصرم وماذا يعني عام جديدا في رزنامة الحرب السودانية؟ فمنذ اندلاعها بالشكل الذي استمرت عليها ظلت الأزمة السودانية الأزمة الوحيدة بين أزمات دول العالم التي انتجت ما يجمع عليه من آثار التخلف، وأدت إلى نزوح جماعي ومجاعة وأمراض فتكت بالسكان. ومع الانهيار الذي كان نتيجة حتمية لكل محاولات الحلول والوساطات والمبادرات لم تنفتح مسارات تفضي إلى مخرج يحد من هول النتائج الكارثية للعمليات العسكرية التي يخوضها الطرفان مع مجامع شعبية ومليشيات وحشود شعبية موظفة في حرب لا هدف لها أو نهاية؛ فطوال العام المنصرم راوحت الازمة السودانية مكانها كما بدأت في العام الذي قبله.

وفي سياق تحليل موقف الطرفين في الحرب بين الجيش والدعم السريع وبما أن المعادلة لا ترق للكثير من السودانيين بين ما يفترض مليشيا تمردت على الدولة وبين نتائج محققة ما يمكن عدها بمنطق الحروب هزائم ألحقتها المليشيا بقوات دولة مؤسسات أو هكذا بحكم خروج ولايات وتجمعات عسكرية خارج سيطرة الدولة. ولكن بالتحول الذي احدثه الطرفان طوال الفترة الممتدة بين 2023 و2024 من اقتتال مستمر لم يتوقف سيجعل من الأزمة تدخل عاما جديدا حاملة عوامل هدمها التي باتت في فكاك عن أي التزام قانوني أو عرف أخلاقي أو قوة تحد من وحشتيها.

وبالرصد والتحليل للمواقف السياسية للتنظيمات السياسية السودانية لم يطرأ جديدا على خارطتها وموجهاتها التي لم تختلف كثيرا وان تباينت حول موقف آحادي بين أن تستمر الحرب أو تتوقف. وهو موقف رغم مفارقته إلا أنه يشير إلى فقدان البوصلة في سلم أولويات السياسات السودانية ومدى فهمها للأمن القومي أو مبدأ السيادة وهي عناصر تقتضي مسؤولية أخلاقية قبل أن تسجدها سياسات راشدة كما هو متعارف عليها في دول العالم حتى في ظل الحروب.  ولأن المساحة الوحيدة التي حددت أولية السياسات في الدولة السودانية بشكل القائم تقف ورائها جماعات اتخذت من السلطة القائمة واجهة وقوة ضاربة استعادة لسلطة أي تكن حجم الخسائر وقد أدت الحرب هذه المهمة ولا زالت.  واتضح أن الموقف من الحرب بين فرقين على المستوى السياسي فالجهات المدنية التي تدعو إلى وقف الحرب منها أحزاب تاريخية (حزب الأمة، اليسار، الديمقراطيون) وما يشكل مجموعة تحالفات تنسيقية القوى المدنية تقدم التي يترأسها الدكتور عبد الله حمدوك. وهي مجموعة مدنية لا تملك من قوى قادرة على التدخل المؤثر بغير القوى الإسلامية التي تدعم للجيش ومعها مجموعات بما فيها المكونات القتالية ذات الطابع الجهوي والقبلي.

وفي جرد حساب لما أنجزته الأزمة السودانية في العام المنصرم وهي تدخل عاما آخر لم يختلف كثيراً إلا على مستوى التدهور المريع وما وصلت الأزمة الإنسانية بصورتها الماثلة شملت كافة ولايات السودان بما فيها المناطق أو الولايات التي تعرف بالآمنة.  فلم تعد يوميات العمليات العسكرية وضحاياها وانتهاكاتها ضد المدنيين وما تخلفه من اضرار يشغل بال طرفي النزاع بقدر عزمهما على سحق كل منهما للآخر ولو بدا أن تحقيق معقدا في ظل الواقع الانقسامي الذي أوجدته الحرب بين المكونات السودانية التي تقدمت في مشاريعها الانقسامية إلى درجة ما يعد التراجع عنها ممكنا في المدى المنظور.

وقد كان العام الماضي قد شهد أبرز المواجهات الداخلية على النطاق العسكري وكذلك سوح الدبلوماسية على الصعيد الأممي فقد جاءت قرارات الأمم المتحدة ومجلس امنها الدولي بكل ما حملت البيانات والتقارير من وصف وإدانة لما يجري في حرب السودان إلا أنها لم تؤثر في مجريات الأمور بالداخل. وبلغت ذروة التصعيد الاعتراض الروسي باستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار تقدمت به بريطانيا وسيراليون في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي لوقف الحرب والسماح بدخول المساعدات. وهو انقسام في الموقف الدولي بين قوى دولية ابرزت صراع المحاور الذي وصلت إليه الأزمة السودانية. فأصحبت بالتالي أزمة متعددة الأقطاب من الموقف الإقليمي لدول مجموعة الإيغاد في شرق أفريقيا إلى جامعة الدول العربية إلى المواجهة بين الحكومة القائمة ودول بعينها أفريقية (كينيا، تشاد، يوغندا) وعربية (دولة الامارات) بينما الطرف الآخر الدعم السريع خرج قائده في اتهام مباشر لدولة مصر بمشاركتها الفاعلة في الحرب بسلاح الطيران.

وإذا ظن الطرفان أن حربهما لا تؤثر أو تتأثر بما يجري في العالم والمحيط الجغرافي للسودان فإن ذلك يعد من بين الأخطاء الاستراتيجية الفادحة في التحكم بمصائر الحرب. فتعدد الأطراف من الخارج والداخل لم يعمق من الأزمة وحسب بقدر اتساع نطاقها وبعدها عن أي حل يأمل فيه المتضررون من الحرب.  ومع المساعي الدولية التي انطلقت بعيد اندلاع الحرب وصلت جميعها إلى طرق مسدودة على الرغم من حجم الدول ووزنها (السعودية، الولايات المتحدة) إلا أنها لم تتمكن من اختراق في ملفات الأزمة، غيرها من منابر تفاوضية آخرها مفاوضات جنيف التي توقفت عقب تدهور الوضع العسكري في الداخلي.

إن ما يمكن أن ينقذ الموقف المأزوم في السودان لن بأي حال استمرار الحرب على وتيرتها الحالية مهما كانت الدواعي والمبررات التي يسوقها الطرفان، وتأكد فشل آلية الحرب في حسم الصراع وما لم يتبقى إلا التوصل بآلية تفاوضية قد تتفق عليها الأطراف المتنازعة. ومع استبعاد فرض احتمال مثل هذا الطرح في واقع الحرب الدائرة إلا أن الاستمرار الذي يتجاهل حقائق الواقع سيقود إلى وضع أكثر قد لا ينتهي بتفكيك الدولة السودانية على ما تبقى منها من خرائب. فالأمر الذي لم تفطن إليه أطراف الحرب وهي تخطط أو تسعى لحرب غير محسوبة النتائج في غياب المؤسسات السياسية الشرعية أن القاعدة الدارجة في شن أن تبدأ الحرب بتوقيت ما ولكن يعصب التحكم بمصيرها ومداها الزمني. فالعام الجديد القادم قد لا يحمل من بشريات السلام إذا ظلت الحرب الملجأ الأخيرة للحل.

الوسومالجيش السوداني الدعم السريع حرب السودان

مقالات مشابهة

  • بيريلو: ندعو المجتمع الدولي إلى المزيد من الاستيقاظ على خطورة الأزمة الإنسانية بالسودان
  • السودان… عام آخر من الحرب!
  • توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع» .. هيئة حقوقية: ما يحدث للنساء في ولاية النيل الأزرق «جرائم ضد الإنسانية»
  • الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة
  • دعوة أممية لجمع 4.2 مليار دولار للسودان
  • الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان .. 21 مليون سوداني بحاجة لمساعدات عاجلة عام 2025 بينهم 16 مليون طفل
  • خطة الإستجابة الإنسانية في اليمن خلال 2024 هي الأسوأ منذ 5 سنوات بحسب الأمم المتحدة
  • ياسر العطا يتهم الإمارات بجلب المرتزقة ويطالبها بتعويض كل ما دمرته الحرب
  • أمريكا تدعم حرب الإبادة على غزة بـ22 مليار دولار خلال 11 شهرا
  • العطا يتهم الإمارات بجلب المرتزقة ويطالبها بتعويض كل ما دمرته الحرب