شهداء أو نازحون.. الحرب تخنق أحلام طلبة الثانوية في غزة
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
غزة- "الحرب نكبتنا ودمرتنا" يصف الطالب مجد فراس حمد أثر الحرب الإسرائيلية عليه كطالب ثانوية عامة نازح من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، ويقيم حالياً مع أسرته في مدرسة بمدينة خان يونس جنوب القطاع.
وتكرر الوصف نفسه على ألسنة آخرين من طلبة وطالبات "التوجيهي" من أمثال مجد، الذين شردتهم الحرب عن منازلهم، وأضاعت عليهم السنة الدراسية، وحرمتهم من الامتحانات النهائية التي يستعد لها أقرانهم بالضفة الغربية والقدس وخارج فلسطين.
وقد عبثت الحرب الإسرائيلية المستمرة للشهر التاسع على التوالي بمستقبل زهاء 40 ألفاً من طلبة التوجيهي الذين لن يتقدموا للامتحانات المقررة في 22 من يونيو/حزيران الجاري، في سابقة لم تحدث منذ توحيد المناهج التعليمية وامتحانات الثانوية العامة بالضفة والقطاع وشرقي القدس، عقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994.
وتمثل هذه الامتحانات حلماً للطلبة وأهاليهم، وتكتسب أهمية خاصة؛ وغالباً ما يتحدد مستقبل الطالب وخياراته الجامعية بناء على نتيجته فيها.
مجد ووالده وعائلتهما يسكنون حاليا داخل مركز إيواء بمدرسة غرب خان يونس (الجزيرة) نكبة الحرببدأ مجد (17 عاما) مبكراً بالاستعداد للتوجيهي واستغلال الإجازة الصيفية بالالتحاق بدروس خصوصية، ويقول للجزيرة نت إنه التحق بدروس تقوية في مواد الرياضيات والفيزياء واللغة الإنجليزية، لرفع مستواه والحصول على معدل كبير يؤهله لدراسة الصيدلة.
ومجد هو الابن البكر لأسرة مكونة من 5 أفراد، ووالده صيدلي يمتلك 3 صيدليات في بلدة بيت حانون، وكان الابن يأمل في تحقيق حلم والده بالالتحاق بالصيدلة ومساعدته فيما وصفه بـ "مشروع العمر" وإدارة الصيدليات وتوسيع نطاق العمل.
وحصل هذا الشاب في الصف الأول الثانوي على معدل 87%، ويقول إنه كان يدرس طوال ساعات النهار وجزءا من الليل من أجل الحصول على نتيجة أفضل بالتوجيهي ليحقق حلم والده، ويُدخل الفرحة على قلب والدته التي تسانده طوال الوقت وتوفر له كل ما يحتاج من أجل التفرغ للدراسة.
"كل ذلك انهار، الحرب نكبتنا ودمرت حياتنا ومستقبلنا" يقول مجد، ويشير بيده إلى الصف الدراسي الذي يقيم به مع أسرته وآخرين، ويتابع بحسرة "الحرب قلبت حياتنا رأساً على عقب، والمدارس تحولت لمراكز إيواء للنازحين، والفصول الدراسية لم تعد للتعليم، وغاب عنها صوت المعلم والطلبة وتتعالى فيها صرخات الأطفال ومعاناة الأمهات".
ولم يتوقع مجد أن تطول الحرب إلى هذا الحد، فقبيل نزوحه لأول مرة من منزله في بيت حانون حرص على الاحتفاظ بنسخة عن مواده الدراسية على هاتفه المحمول، لكنه لم يحافظ على مراجعتها لأكثر من أسبوع، ويقول إن ملامح الحرب بدت تتضح وإنها مختلفة عن كل الحروب السابقة.
وبسبب النزوح المتكرر وعدم توفر الكهرباء والإنترنت، لم يكن الأمر سهلاً على مجد للدراسة، لكنه يقول إنه استأنف الفترة الأخيرة تقوية نفسه في الإنجليزية.
ويتمنى هذا الطالب أن تنتهي الحرب، وأن يكون لدى وزارة التربية والتعليم خطة لتعويض طلبة الثانوية العامة بالقطاع عما فاتهم، ومنحهم فرصة التقدم للامتحانات، وعدم إضاعة سنة من أعمارهم، ويقول "أبي يريدني أن أدرس الصيدلة في جامعة الأزهر بمدينة غزة، فهو يكره الغربة وغير مؤمن بالسفر للخارج والهجرة".
أحلام مؤجلةعاد فراس حمد (45 عاما) والد مجد إلى غزة عام 1994، فهو من مواليد الجزائر، ويقول للجزيرة نت "أرفض الغربة والهجرة، وأريد لابني أن يتربى أمام عيني ويبني نفسه ومستقبله هنا في غزة، ولدينا القدرة أن نقدم ونبني البلد بسواعدنا وعقولنا".
ورغم ما يصفها بـ"المفارقة المؤلمة" حيث تحولت المدرسة التي لطالما حرص وزوجته على زراعة حبها في قلب ابنهما إلى مقر نزوح وإيواء، يقول الدكتور فراس "في مثل هذه المدرسة كنا ننتظر اللحظة التي يتقدم بها مجد لامتحانات التوجيهي، ونسعد بتفوقه، لولا هذه الحرب المجنونة".
ويقيم فراس وأسرته مع شقيقه وأسرته (9 افراد) في فصل دراسي بمدرسة في خان يونس، نزحا إليها إثر مغادرتهم رفح المجاورة، على وقع عملية عسكرية إسرائيلية برية في 7 مايو/ أيار الماضي، ويقول "كنت دائم الزيارة لمجد بالمدرسة للسؤال عنه والاطمئنان من المعلمين عن مستواه والتزامه، وجاء اليوم الذي أعيش معه في المدرسة وداخل صف واحد".
ونال الأب نصيبه من خسائر الحرب، وقد نزح مراراً، وكان أولها ليل اليوم الأول لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وانتقل بأسرته إلى مشروع بيت لاهيا، ومنه إلى مخيم النصيرات، وقد تسببت غارة جوية إسرائيلية قريبة باستشهاد ابن شقيقة زوجته كما أصيب آخرون، فنزح بالأسرة إلى مركز إيواء بمدينة رفح، قبل النزوح الحالي إلى خان يونس.
ودمرت قوات الاحتلال الصيدليات الثلاث لفراس، ولحق دمار جسيم بمنزله، غير أنه يبدي قدراً كبيرا من الصبر والصمود، ويحرص على زرعهما لدى نجله مجد، ويدعمه "كي لا يتسلل اليأس والإحباط إلى قلبه".
ويقول "الحرب ستنتهي، ورغم حجم الدم والدمار الهائل إلا أن الحياة ستستمر، وسننهض من جديد، وأريد لمجد أن يكمل مشروع حياتي، ويتفوق ويدرس الصيدلة هنا في غزة".
ويساعد مجد والده في "نقطة طبية مجانية" حرص الدكتور فراس على نقلها معه من رفح إلى خان يونس، من أجل مساعدة النازحين والمرضى في مركز الإيواء.
الطالبة رنا القرمان تشعر بالقهر وقد حرمتها الحرب من امتحانات الثانوية العامة (الجزيرة) متمسكون بالأملوفي حكاية مشابهة، استخدمت فيها الطالبة رنا القرمان (17 عاما) مفردات قريبة من مجد، تقول للجزيرة نت "كل تعبي وأحلامي راحت، الحرب دمرت حياتنا".
واختارت رنا الفرع العلمي بالثانوية العامة، وكانت تحلم بالتفوق ودراسة تخصص "أمن المعلومات" بالجامعة، وتتساءل "أين هذه الأحلام؟ نحن الآن لا نفكر إلا بالنجاة بأرواحنا من هذه الحرب".
ونزحت رنا مع أسرتها (6 أفراد) من بلدة بيت حانون إلى رفح، وغادروها إلى مدرسة في خان يونس مع بداية الاجتياح البري.
وتحرص والدة رنا (43 عاما) على دعمها رغم أنها ذاتها تقر بأثر الحرب عليها نفسياً وجسدياً، وتقول للجزيرة نت "الحرب حرمتنا من أحبابنا ومن بيوتنا، ولكن يجب أن نتمسك بالأمل من أجل تحقيق أحلامنا".
وتقول هذه الأم لولد و3 بنات "طموحي أن يتفوقوا ويكونوا علامات مميزة في المجتمع" غير أنها لا تخفي خشيتها من مرحلة ما بعد الحرب التي وصفتها بالضبابية، حيث دمر الاحتلال الجامعات والمدارس والمصانع وكل مرافق الحياة.
الحرب دمرت مئات المدارس وتحول ما بقي منها إلى مراكز إيواء (الجزيرة) تعليم مستهدفقتلت قوات الاحتلال زهاء 10 آلاف من طلبة المدارس والجامعات، من بينهم المئات من طلبة الثانوية العامة، إضافة إلى آلاف الجرحى، ودمرت أكثر من 109 من المدارس والجامعات بشكل كلي، ونحو 316 جزئيا، بحسب رصد "المكتب الإعلامي الحكومي".
ويقول مدير عام المكتب إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت إن الحرب حرمت أكثر من 625 ألف طالب من العام الدراسي، وقد تحولت مئات المدارس إلى ركام، بينما تحولت المدارس القائمة إلى مراكز إيواء للنازحين وبينهم طلبة.
ولأول مرة منذ عقود طويلة، لن يتمكن 40 ألف طالب وطالبة من قطاع غزة -من أصل 90 ألف طالب وطالبة على مستوى فلسطين- من التقدم لامتحانات التوجيهي، بسبب حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع، بحسب الثوابتة.
ويقدر محمد مسالمة مدير عام الامتحانات بوزارة التربية والتعليم في رام الله -بحديثه للجزيرة نت- عدد المسجلين لامتحانات الثانوية العامة من طلبة القطاع بأقل من 1200 طالب وطالبة فقط، وهم من الذين يوجدون في هذه الأثناء بمصر.
ويضيف أن حوالي 50 ألفاً من طلبة الضفة والقدس والمغتربين خارج الوطن، ومن بينهم طلبة غزة الموجودين في مصر، سيتقدمون للامتحانات المقررة يوم 22 من الشهر الجاري، بينما ستحرم الحرب الغالبية من طلبة غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الثانویة العامة للجزیرة نت بیت حانون خان یونس من طلبة من أجل
إقرأ أيضاً:
العمال المغاربة الموسميون بأوروبا.. أحلام تقود لمتاهة الاتجار بالبشر
"كنت أفكر في العودة إلى العمل بإسبانيا من أجل قوت أولادي ولكن الظروف قاسية هناك، ولو كان زوجي يشتغل وذا إمكانيات لما وطأت قدماي تلك البلاد منذ المرة الأولى"، بهذه العبارة تحكي الأم المغربية الزهرة الفتوح، عن تجربتها كعاملة موسمية بإسبانيا خلال العام الماضي.
تعيش الزهرة (46 سنة) في دوار الدشريين ببلدية صدية بإقليم تطوان شمال المغرب (حوالي 270 كلم عن الرباط)، وتروي لموقع "الحرة" عن اضطرارها لقبول فرصة العمل الموسمية بمزارع إسبانية بعد أن فقدت الأمل في إيجاد مصدر دخل مستقر في بلدها، ووجدت نفسها أمام خيارات صعبة من أجل تأمين حياة أفضل لأبنائها.
بدأت رحلة الزهرة بالتسجيل لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل (أنابيك) بمدينة فاس، وعند وصولها إلى الحقول الإسبانية وجدت نفسها في بيئة عمل قاسية، حيث كانت أيامها طويلة وشاقة، تبدأ قبل بزوغ الفجر ولا تنتهي إلا عند غروب الشمس.
تشير الزهرة وهي أم لثلاثة أبناء، إلى أنها تحملت أوضاعا قاسية أثناء فترة عملها (ثلاثة أشهر)، إذ كان عليها تسلق سلالم عالية وحمل أكياس وصناديق ثقيلة من البرتقال في ظروف تتسم بالإرهاق والخطر الجسدي. تقول الزهرة "انكسرت شوكة شجرة البرتقال في رأسي وبدأ الدم ينزف على وجهي، أذرفت الدموع وعانيت كثيرا".
Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.
ورغم ذلك، ظلت تعمل الزهرة بصمت، متشبثة بحلم إعالة أسرتها في المغرب، لكن القصة لم تقتصر على العمل المضني، فقد واجهت معاملة تمييزية من المشرفين جعلت كل يوم عمل أشبه بمعركة جديدة من الإذلال والانتهاكات التي تحملتها بألم وحسرة مما جعل الغربة أكثر مرارة.
شهادة الزهرة تعكس واقعا مريرا يعيشه العديد من العمال الموسميين المغاربة في أوروبا، الذين يجدون أنفسهم عالقين بين أحلام تحسين المعيشة وكابوس الاستغلال الذي يصل إلى حد الاتجار بالبشر.
"وسطاء وشبكات غير قانونية"
وفي هذا السياق، أكد الفاعل الجمعوي المغربي بفرنسا، جمال بوسيف، عن "استمرار استغلال العمال المغاربة الموسميين في أوروبا خاصة في المناطق الفلاحية جنوب فرنسا وإسبانيا، إذ يتم استقدامهم عبر وسطاء وشبكات غير قانونية".
وقال بوسيف في حديث مع "الحرة" إن هؤلاء العمال يعيشون ظروفا قاسية ما يجعلهم عرضة للاستغلال والاتجار بالبشر، وهو ما تم توثيقه مؤخرا في قضية بمحكمة فرنسية أصدرت حكما ضد مغربي ونجله تورطا في استغلال عمال موسميين.
يعدان عمالا موسميين بالإقامة.. إدانة مغربيين في فرنسا في قضية اتجار بالبشر أدانت محكمة فرنسية الثلاثاء أبا وابنه باستغلال عدد من مواطنيهما المغاربة عمالا موسميين في كروم العنب في بوردو جنوب غرب فرنسا، وهي المنطقة التي شهدت مؤخرا قضايا أخرى للاتجار في البشر.وأوضح بوسيف أن "استقدام العمال الموسميين في المناطق الفلاحية يتم غالبا عبر شبكات تستغل حاجة هؤلاء الأشخاص لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، مقابل مبالغ مالية غير قانونية يدفعونها مسبقا".
وأضاف أن "العديد من هؤلاء العمال يصدمون عند وصولهم بالواقع المرير، حيث يجدون أنفسهم في بيئة عمل صعبة ومنافسة غير عادلة مع عمال محليين يتمتعون بامتيازات قانونية، مما يضع العمال المغاربة في ظروف عمل غير آدمية".
ودعا بوسيف لزيادة التوعية بين الشباب المغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي، لتجنب الوقوع ضحايا لهذه الشبكات، مؤكدا أن الحل يكمن في تمكين هؤلاء العمال من التواصل المباشر مع المشغلين دون وساطة، ما يضمن حصولهم على فرص عمل حقيقية وآمنة.
كما دعا الجهات المسؤولة في المغرب وأوروبا لاتخاذ إجراءات صارمة لحماية هؤلاء العمال من الاستغلال، سواء عبر تنظيم الحملات التوعوية أو توفير وسائل قانونية لاستقدام العمال.
"استغلال وتحرش جنسي"
وقال رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، إن "استقدام العمال المغاربة الموسميين للعمل في الحقول الأوروبية يتم غالبا عبر وسطاء وسماسرة غير شرعيين ينشطون في المناطق النائية بالمغرب، حيث يستغلون هشاشة وظروف السكان الاقتصادية والاجتماعية، ويروجون لمعلومات مغلوطة حول ظروف العمل والأجور المرتفعة في الخارج، ويقومون بابتزاز النساء المرشحات للهجرة عن طريق طلب رشاوى للتسجيل في اللوائح أو حتى استغلالهن جنسيا قبل مغادرتهن البلاد.
وذكر الخضري في تصريح لـ"الحرة"، أن "انتشار شبكات الاتجار بالبشر يعود بالأساس إلى غياب وسطاء قانونيين ومؤسساتيين يعملون وفق إطار قانوني"، مضيفا أن "الطلب المرتفع على اليد العاملة الموسمية في دول مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا خلق سوقا سوداء تزدهر فيها شبكات التهجير غير القانوني التي تمتلك قدرة الوصول إلى أبعد المناطق القروية، مستهدفة النساء اللاتي يعانين من الفقر أو المسؤوليات الأسرية الثقيلة، مما يدفعهن لقبول الهجرة رغم المخاطر".
Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.
وبشأن ظروف العمل بالخارج، أوضح الخضري أن العمال المغاربة يعانون من أوضاع قاسية تشمل السكن غير اللائق، ساعات العمل الطويلة التي قد تتجاوز 12 ساعة يوميا، والأجور التي تحتجز أحيانا في حسابات بنكية أوروبية دون ضمان صرفها بالكامل، مشيرا إلى أن "العديد من العاملات يتعرضن للاستغلال والتحرش الجنسي خاصة في الحقول الزراعية البعيدة عن الرقابة القانونية أو الحضرية".
وشدد الناشط الحقوقي على أهمية وضع حلول جذرية لهذه المعضلة، بما في ذلك تحسين ظروف العمل بالمغرب للحد من الهجرة القسرية، وتوفير آليات مؤسساتية لمواكبة العمال الموسميين قبل وأثناء الهجرة، داعيا إلى تعزيز الإشراف القانوني على العقود ومراقبة ظروف العمل في الخارج وإنشاء مكاتب تابعة للمؤسسات المغربية في دول المهجر لضمان حماية حقوق العمال وحل أي نزاعات قد تواجههم.
"ظواهر مشابهة بالخليج"
ومن جانبها، أفادت نائبة رئيس المجلس الوطني لاندماج ومشاركة كفاءات مغاربة العالم، زينبة بن حمو، بأن مسألة العمال الموسميين المغاربة في أوروبا أصبحت معروفة بشكل واسع، خاصة في المجال الفلاحي في دول مثل إسبانيا وجنوب فرنسا، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة أبرمت اتفاقيات رسمية كالاتفاقية التي تم توقيعها مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل في المغرب في أغسطس الماضي، لاستقدام 800 ألف عامل مغربي للعمل بعقود موسمية في القطاع الفلاحي.
وتابعت بن حمو حديثها لـ"الحرة"، بأن المغاربة كانوا من بين الأكثر استفادة من تصاريح العمل الموسمية بأوروبا خلال سنة 2023، حيث بلغ عدد التصاريح الممنوحة لهم 58 ألفا و547 تصريحا، مسجلة أن العقود الموسمية الرسمية تضمن حقوق الطرفين سواء العمال أو الجهة المشغلة، لكن بعض العمال لا يلتزمون بشروط هذه العقود، حيث يقوم البعض "بالحريك" أي البقاء في أوروبا بشكل غير قانوني بعد انتهاء مدة عملهم، مما يعرضهم لصعوبات قانونية ومطاردات أمنية.
واعتبرت بن حمو أن "المسؤولية تقع جزئيا على هؤلاء الأفراد الذين يدخلون أحيانا في اتفاقيات غير رسمية مع وسطاء غير قانونيين، ويدفعون مبالغ مالية مقابل وعود عمل لا تضمن حقوقهم، مما يفتح الباب أمام استغلالهم أو حتى الاتجار بهم".
وأوضحت المتحدثة أن الاتجار بالبشر لا يقتصر على العمال الموسميين في أوروبا فقط، بل يشمل أيضا ظواهر مشابهة في دول الخليج، حيث يتم استقدام شابات مغربيات للعمل تحت وعود زائفة، ليجدن أنفسهن في أعمال غير مشروعة وغير شريفة.
وشددت بن حمو على "ضرورة توعية العمال المغاربة بمخاطر الهجرة غير القانونية، وتشجيعهم على البحث عن فرص العمل عبر قنوات رسمية واتفاقيات دولية مضمونة".
"ارتفاع عدد المتابعات والإدانات"
ولمواجهة التحديات المرتبطة باستغلال العمال المغاربة الموسميين في أوروبا وظاهرة الاتجار بالبشر، تعمل السلطات المغربية على تعزيز جهودها لحماية مواطنيها داخل وخارج البلاد، إذ اعتمد المغرب قانون مكافحة الاتجار بالبشر عام 2016، كما أحدث اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر.
وعلى المستوى التنفيذي، سجلت المملكة خلال عام 2023 أكثر من 100 متابعة قضائية لجرائم مرتبطة بالاتجار بالبشر، إلى جانب إطلاق منصة رقمية "إبلاغ" للتبليغ عن الجرائم المتعلقة بهذا المجال.
ورغم هذه الجهود، أشار تقرير وزارة الخارجية الأميركية لعام 2024 إلى أن المغرب لا يزال في المستوى الثاني ضمن قائمة الدول التي تبذل جهودا دون أن تلتزم بالحد الأدنى في محاربة ظاهرة الاتجار بالبشر.
المصدر: الحرة