أطفال يبيعون الزهور باختلاف ألوانها وأشكالها، سيدات ينظفن زجاج السيارات بالقوة عند إشارات المرور، نساء يحملنَ أطفالهنّ كأدوات لاستعطاف "الزبائن" وللتأثير على مشاعرهم.. ظاهرة التسوّل في بيروت ليست وليدة اللحظة، بل هي آفة قديمة تعاظمت وتفاقمت يومًا بعد يوم بفعل الانهيار الاقتصادي والفلتان. فمن يتجول على طرقاتنا يدرك تمامًا حجم تلك الظاهرة الخطيرة، فالشحاذون بأغلبهم هم من الأطفال المشردين، ينتشرون على طرقاتنا الواسعة والضيقة، باسطين أياديهم يلحّون على المارة صارخين بالدعاء لهم بالخير والرزق طالبين منهم المئة ألف أو ما هو أكثر أو أقل أو بالدولار اذا تيسر.

   
هؤلاء الأطفال المحرومون من أبسط حقوق الطفولة، يعملون في مهنة مذلة بشكل يومي، وهم معرضون  لكافة أخطار الشوارع وتلوثها كالاستغلال والعنف والانبعاثات الملوثة الصادرة عن كواتم السيارات، وكل ذلك يحصل في ظل غياب تام للرعاية والحماية.  في شوارع منطقة مار مخايل، يجلس طفل سوري الجنسية (12 عاما) من الساعة التاسعة صباحا حتى منتصف الليل، لبيع علب المحارم والورد، أو للقيام بأعمال السحر والشعوذة والتبصير لزبائن المقاهي في المنطقة، فالبعض تعجبه فكرة التنجيم ويمنحه مبلغا صغيرا والبعض الآخر يتعامل معه بسخرية وتنمر. وفي حديثنا معه أخبرنا بكلمات قليلة عما يعاني منه، والحزن باد في عينيه الدامعتين، ان تعبه وعمله المرهق والمذل والخطر على الطرقات كله يذهب هباءً. وهو اليوم يحلم بالعودة الى المدرسة التي تركها منذ سنين، قائلاً: "نسيت القراءة، وليس لدي حل بديل عن "الشحادة".   مشكلة اجتماعية أم أمنية؟
  المشكلة الاولى والأهم هي في عدم إمكانية استيعاب المتسوّلين وخاصة الأطفال في حال إخلائهم من الشوارع، فلا مراكز مجهّزة لإيوائهم، وثمّة أطفال بينهم بحاجة إلى رعاية خاصّة.  وفي حديث لـ"لبنان24"، يشير مصدر أمني الى أن "ظاهرة التسول هي مشكلة إجتماعية إنسانية وليست أمنية، بالتالي أسبابها تعود الى أزمات لبنان الاقتصادية  التي  أجبرت الكثيرين الى الخروج الى الشارع والاعتماد على التسول لتأمين قوتهم اليومي أو حتى لتأمين علاجهم وعلاج أمراض أقاربهم اذا أمكن". ويضيف: "الخطر الأكبر الذي سيداهمنا هو بعد الغاء الدعم عن الجمعيات المعنية التي كانت تسد بعض الحاجات والتي تعنى بالاطفال خاصة، فنحن اليوم غير قادرين على منع تلك الظاهرة في الشوارع اللبنانية في ظل غياب المؤسسات الاجتماعية والمدارس خاصة كتلك التي تعنى بالاطفال والقصّر لأجل تدريبهم وتعليمهم ولمساعدتهم في التغلب على الصعوبات". وشدد المصدر على أن الجهات المعنية في العمل الاجتماعي يتوجب عليها العمل على إلغاء سبب إنتشار التسول على الطرقات وليس إلغاء المتسولين أو توقيفهم من دون ايجاد حلول. وأفاد المصدر الامني بأن "عدد المتسولين هذا العام قد ارتفع مع ازدياد أعداد النازحين السوريين الوافدين الى لبنان، كون أكثرية المتسولين هم من الجنسية السورية وبعضهم ينتمون الى البدو الرّحل". وبالنسبة لعصابات الاتجار بالبشر، يقول المصدر: "ان الجهات الأمنية قامت بإيقاف عدة مجموعات تستغل الأطفال، فالتسول هو جرم جنائي يعاقب عليه القانون". ان التسول في لبنان ليس نشاطًا مشروعًا ولا يُعتبر قانونيًا. فالمادة 586 من القانون اللبناني تحدد عقوبات المتسول، حيث يُعاقب كل من يتسول في الأماكن العامة بالسجن من شهر إلى عامين. ومع ذلك، فان القانون لم يردع تفاقم ظاهرة التسول في لبنان، فالامر بات يتطلب جهودًا أكبر وعلى كافة المستويات، بما في ذلك توفير فرص العمل والدعم الاجتماعي للفئات الأكثر حاجة، بالإضافة إلى التوعية على مخاطر التسول ومساعدة الأفراد المتسولين في إيجاد حلول بديلة لتحسين وضعهم.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الجيش يضبط 4 ملايين دولار أثناء تهريبها من سوريا إلى لبنان

أعلنه مصدر رسمي لبناني عن إحباط عملية تهريب مبلغ 4 ملايين دولار من سوريا إلى لبنان عبر الحدود البرية الشمالية مع سوريا.     ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن المصدر أن سيارة كانت تحاول الدخول من سوريا إلى لبنان من خلال معبر غير شرعي معدّ للتهريب عند حدود لبنان الشمالية، تفاجأت بحاجز للجيش الذي سارع إلى الإطباق عليها، حيث ترك ركاب السيارة آليتهم وفرّوا هاربين.   وقال المصدر خلال مطاردة الأشخاص المجهولين وتفتيش السيارة عثر بالقرب منها على مبلغ 4 ملايين دولار أميركي كان موضباً داخل عدد من الأكياس، حيث لم يتمكن المهربون من الفرار بالأموال إثر مطاردتهم.     وأفادت المعلومات انه على غرار ما فعل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي أرسل كتاباً إلى القضاء أعلن فيه أن "الأموال المضبوطة في مطار بيروت قبل أسبوع تعود له وطالب باستردادها"، أشار المصدر الرسمي إلى أن رجل أعمال لبنانياً مقرّباً من سياسي شمالي بارز كان حليفاً لنظام بشار الأسد، تدخل مدعياً ملكيته للأموال وأنها جزء من ثروته التي جناها من استثماراته في سوريا، طالباً تسليمه المبلغ المالي، كما دخل على الخط وزير سابق محسوب على السياسي الشمالي محاولاً الإفراج عن الأموال، لكنّ محاولاتهما باءت بالفشل، إذ جرى حجز المبلغ والتحفّظ عليه بقرار من النيابة العامة التمييزية.    ولم يحدد المصدر الرسمي توقيت ضبط مبلغ الـ4 ملايين دولار، مشيراً إلى أن "المعلومات محاطة بكثير من السرّية".     وأوضح مصدر أمني أن "الأجهزة الأمنية في الشمال لم تجر تحقيقاتها الأولية بهذا الشأن، وتلقت تعليمات بنقل الأموال فوراً إلى مقرّ وزارة الدفاع، لضبطها وإجراء التحقيقات بشأنها بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار والنيابة العامة العسكرية"، مشيراً إلى أن "الأموال ستبقى مضبوطة إلى أن يصدر قرار من المحكمة بمصادرتها لصالح الخزينة اللبنانية".   وعلى غرار ما حصل على الحدود الشمالية مع سوريا، تكرر المشهد على معبر غير شرعي عند الحدود الشرقية في منطقة البقاع، وأكد المصدر الرسمي أن "عناصر الجيش المكلفة حراسة الحدود مع سوريا، ومنع التهريب بالاتجاهين، ضبطت عملية تهريب أموال بمئات آلاف الدولارات، وجرى تدخل سريع من رجل أعمال لبناني، شقيق لنائب شمالي، أكد أن هذا المبلغ جزء من أمواله الموجودة في سوريا ومن الأرباح التي يحصل عليها من أعماله التجارية هناك". وأكد المصدر نفسه أن "المبلغ المالي سلّم لرجل الأعمال المذكور بقرار من قاضية في النيابة العامة، من دون التحقق ما إذا كانت مزاعم رجل الأعمال صحيحة أم لا".   ولم تحسم التحقيقات الأولية مصدر الأموال المضبوطة وإلى أي جهة لبنانية مرسلة، وتباينت المعلومات عمّا إذا كانت أموالاً إيرانية مرسلة إلى "حزب الله" برّاً عبر العراق، ومن ثمّ سوريا، بعد منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت الدولي، وتشديد الرقابة على القادمين من إيران والعراق ولو عبر دولة أخرى، أو أن هذا المبلغ قد يكون لشخصيات سياسية كانت لديها علاقات مالية وتجارية مع رموز النظام السوري السابق، وفيما أشار المصدر الأمني إلى أن التحقيق "لم يثبت حتى الآن مصدر الأموال وما إذا كانت أموالاً إيرانية مرسلة إلى (حزب الله) أم عائدة لجهات أخرى".   وأكد مصدر قضائي لبناني لـ"الشرق الأوسط" أنه "لا يمكن لأي شخص، سواء كان رجل أعمال أو سياسياً، أن يدعي أن الأموال المهربة تعود إليه". وسأل: "إذا كانت هذه المبالغ شرعية، لماذا لم يجر إدخالها من المعابر الشرعية بطريقة عادية والتصريح عنها مسبقاً؟"، معتبراً أن "ما يحصل عبارة عن عمليات تبييض أموال يعاقب عليها القانون".   وأفاد المصدر بأن "القضاء لا يتردد في اتخاذ قرار بمصادرة أي مواد مهربة من لبنان إلى سوريا وبالعكس"، مشيراً إلى أن "الأمر لا يتوقف على الأموال فحسب، بل هناك العشرات من الصهاريج التي كانت تحاول تهريب المحروقات إلى سوريا جرى حجزها ومصادرتها فوراً لصالح الجيش اللبناني، من دون انتظار إجراء تسوية عليها".

مقالات مشابهة

  • هكذا أثرت أحداث سوريا على طريق بيروت - دمشق
  • نوال الزغبي تحتفل بعيد الفطر في بيروت.. “لبنان ما بيلبقلو إلا الفرح”
  • سفير أميركي جديد في بيروت والرياض تدعم مسيرة استنهاض الدولة
  • الجيش يضبط 4 ملايين دولار أثناء تهريبها من سوريا إلى لبنان
  • هنا والآن .. في بيروت: القلق!
  • هذا ما يشهدهُ وسط بيروت
  • من أصل لبناني.. ترامب يُعين مايكل عيسى سفيرا أميركيا جديدا في بيروت
  • لبنان.. استجواب ثلاثة مدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت
  • لبنان: استجواب 3 مدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت
  • جدة.. ضبط مخالف باستغلال الأطفال في التسول بالطرقات العامة