العيد يعني كل يوم يكون فيه اجتماع وهو أيضا من العادة، لأن الناس اعتادوه وعيد الأضحى أو ما يعرف بالعيد الكبير الذي يصادف اليوم العاشر من شهر ذي الحجة وقد شرعه الله تعالى لعباده ليفرحوا بما وفقهم إليه من عبادة في ما سبقه من أيام العشر الأول من الشهر كصيام يوم عرفة والتكبير والتهليل والصدقة والدعاء وغير ذلك من العبادات، وقد احتفل به لأول مرة في العام الثاني للهجرة وهي مناسبة مقترنة بذبح الأضحية وذلك للتفريق بينه وبين عيد الفطر، فقد شرع الإسلام عيدين هما عيد الفطر وعيد الأضحى لأنهما مقرونان بركنين من أركان الإسلام هما صيام رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع أليه سبيلا الذي اصبح عنواناً لتوافد واجتماع المسلمين من كل انحاء الدنيا إلى أطهر بقاع الأرض ولا توجد فرحة للقلب اجمل من فرحة ينال بها رضا رب العالمين حج البيت وإخلاص في العشر وتنافساً في الخير وعملاً لأجل الآخرة وفي الحياة بفضل الله وكريم نعمه ووافر عطائه لتفتح براعم أيام العيد مع انبلاج أول شعاع للشمس من محرابها معلنة عن صباح يحمل عبقا إيمانيا لينتشر ويلف الفضاء بشرى وسرورا، والعيد له مغزى نفسي واجتماعي واقتصادي كبير وعظيم بما يضفيه على القلوب من انس وعلى النفوس من بهجة وعلى الأجسام من راحة، على الرغم من ان الأعياد غدت إلى حد كبير معضلة خاصة مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية واستحقاقا ماديا مرهقا واكثر مما هو تعبير عن الروح، إلا أن هذه المعادلة تتغير حال إقباله وقدومه، ليبدو الكون أزهى وأبهى وسروراً يعلو وجه المسلم بعد سعي وكدح سواء في الحج أو في العشر شكرا وثناء وحمدا للواحد الأحد رب السموات مع صفاء العقيدة وإيمان القلب ومتعة الجوارح، تأكيد لترك الهموم والأحزان وإعلاء البشاشة والسرور التي ينعم بها الغنى والفقير والكبير والصغير لتذهب عنهم الضغائن وتطوى صفحات الحقد وتمتد الأيادي لتتصالح وتتسامح وتسود المودة وتجمع بين فرح القلوب وسعادة النفوس وانشراح الصدور وتفريج الكروب ومعها يسعد الجميع فهو يوم العطاء وزرع البسمة وبسط الأيادي بالجود والسخاء وفيه فرصة كبيرة لجبر الخواطر لمن لديهم ظروف تحول دون فرحهم بمساعدتهم، فالرحمة والتعاطف من اهم ملطفات الأرواح ومن اجمل بوادر المشاركة والمساندة.
ففي أيام العيد تتزين المسامع بتكبيرات صلاة العيد ودعوات من القلب ترفع للمولى القدير بقبول الأعمال وهي أيضا فرصة لخلق أحاديث وصناعة أجواء من البهجة وتغيير المظهر العام وزيادة في تبادل الزيارات بين الأهل والأصدقاء واستشعار النعم وسعادة لانهائية للأطفال والنساء الذين يرتدون ملابسهم الجديدة ويحصلون على العيدية والاستمتاع بأجواء العيد بالتنزه وقد ارتسمت على وجوههم فرحة لا توصف.
لتمضي الأيام الثقال وتغدو البيوت زاهية، فالأفراح هبة إلهية تزيل من الذاكرة كل الذكريات المتعبة وتستلذ بطعم السعادة وبقدرة فائقة على التواصل وتعميق العلاقات المثمرة، لتمر الأوقات الطيبة والمجالس العامرة بالخير والتراحم والسكينة وكأن الدنيا خلقت من جديد، لأن العيد عبادة وفرحة .
باحث في وزارة المالية
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هل يجوز صيام الست من شوال ثاني أيام العيد؟.. له ثواب شهرين
بعدما جاء التحذير من صيام أول يوم من عيد الفطر ، فهذا يطرح السؤال عن هل يجوز صيام الست من شوال ثاني أيام العيد ؟، باعتباره من الأمور التي ينبغي معرفتها خاصة ولما ذكر عن صيام الست من شوال من فضل عظيم، دلت عليه نصوص السُنة النبوية الشريفة، ومن هنا يبحث الكثيرون عن ما يتعلق به من أحكام مثل هل يجوز صيام الست من شوال ثاني أيام العيد أي من فجر اليوم الثلاثاء ؟، وأيهما أولًا صيام الست من شوال أم قضاء رمضان ؟، واستفهامات عدة أخرى تدور في فلك صيام الست من شوال وتنبع من فضله العظيم .
قالت دار الإفتاء المصرية ، إن صيام الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم سلفًا وخلفًا، ويبدأ بعد يوم العيد مباشرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»، فإن صامها المسلم متتابعة من اليوم الثاني من شوال فقد أتى بالأفضل، وإن صامها مجتمعة أو متفرقة في شوال في غير هذه المدة كان آتيًا بأصل السنة ولا حرج عليه وله ثوابها.
و أوضحت “ الإفتاء” في إجابتها عن سؤال: ( هل يجوز صيام الست من شوال ثاني أيام العيد ؟)، أنه قد ورد في الحديث كما في "نيل الأوطار" عن أبي أيوبٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي، ورواه أحمد من حديث جابرٍ رضي الله عنه، وعن ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَنْ صَامَ رمضان وسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» رواه ابن ماجه.
وأضافت أن في بيانه جاء أن الحسنة بعشر أمثالها؛ فصيام رمضان بعشرة أشهر وصيام الست بستين يومًا، وهذا تمام السَّنة، فإذا استمر الصائم على ذلك فكأنه صام دهره كله، وفي الحديثين دليلٌ على استحباب صوم الست بعد اليوم الذي يفطر فيه الصائم وجوبًا وهو يوم عيد الإفطار، والمتبادر في الإتْباع أن يكون صومُها بلا فاصلٍ بينه وبين صوم رمضان سوى هذا اليوم الذي يحرم فيه الصوم، وإن كان اللفظ يحتمل أن يكون الست من أيام شوال والفاصل أكثر من ذلك، كما أن المتبادر أن تكون الست متتابعة، وإن كان يجوز أن تكون متفرقة في شوال، فإذا صامها متتابعة من اليوم الثاني منه إلى آخر السابع فقد أتى بالأفضل، وإذا صامها مجتمعة أو متفرقة في شوال في غير هذه المدة كان آتيًا بأصل السنة.
وتابعت: ممن ذهب إلى استحباب صوم الست: الشافعية وأحمد والظاهرية؛ ففي "المجموع" للنووي: [ويستحب صوم الست من شوال؛ لما رواه مسلم وأبو داود واللفظ لمسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»، ويستحب أن يصومها متتابعة في أول شوال، أي: بعد اليوم الأول منه -الذي يحرم فيه الصوم- فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز، وكان فاعلًا لأصل هذه السنة؛ لعموم الحديث وإطلاقه. وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال أحمد وداود] اهـ ملخصًا، وفي "المغني" لابن قدامة: [أن صوم الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم، وبه قال الشافعي، واستدل أحمد بحديثي أبي أيوب وثوبان] اهـ ملخصًا.
صيام الست من شوال متفرقةورد أنه لا يلزم المسلم أن يصوم الست من شوال بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
حكم صيام الست من شوالاختلف الفقهاء فيحكم صيام ستة أيام من شوال، وذهبوا في إلى قولين، القول الأول: رأى جمهور العلماء من الشافعية، والحنابلة، والبعض من المالكيّة، والحنفيّة بأن صيام الست من شوّال مُستحَب، واستدلوا على ذلك بحديث بما رُوي عن ثوبان مولى الرسول عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: «صيامُ شهرِ رمضانَ بعشرةِ أشهرٍ، وصيامُ ستةِ أيامٍ بعدَهُ بشهرينِ، فذلكَ صيامُ السنةِ» ممّا يُؤكّد فضيلة صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال.
واستدلوا أيضًا بقول الله تعالى: «مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها وَمَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجزى إِلّا مِثلَها وَهُم لا يُظلَمونَ»، فالآية عامّة تدل على أنّ أجر كلّ العبادات مُضاعَفٌ إلى عشرة أمثالٍ، إلّا الصيام الذي استُثنِي بقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن الله -عزّ وجلّ-: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ».
و القول الثاني: وردت عن بعض فقهاء المذهب الحنفي، والمالكي كراهة صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال؛ فقد ورد عن الإمام يحيى بن يحيى؛ وهو فقيهٌ في المذهب المالكيّ، عدم ورود أيّ نصٍّ عن أهل العلم والفقه والسَّلَف يشير إلى أنهّم كانوا يصومون ستّة أيّام من شوّال بعد رمضان؛ خوفًا من وقوع الناس في البِدعة؛ بظنّهم وجوب الصيام.