خلية التجسس الأمريكية تعيد تعريف الدبلوماسية والتنمية والتطوير
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
بعيدًا عن أهمية الإنجاز الأمني، وكف يد الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن، وقطع أذرعها، عبر الإمساك بواحدة من أهم الخلايا التي عملت معها لعقود من الزمن، فإن هذا الإنجاز يمكن أن يعيد تعريف الدبلوماسية الأمريكية، ويمكن له أيضًا أن يضع قوانين جديدة للعمل الدبلوماسي في العالم.
السفارة الأمريكية في اليمن ليست مجرد نافذة لرعاية المصالح الأمريكية في صنعاء، ومد جسور التعاون الثنائي بين البلدين “الصديقين” كما كان يحلو لساسة البلدين وصفها طوال العقود الماضية، بل هي وكر تجسس وصناعة المؤامرات، وبث السموم في كلّ نواحي الحياة، وإشاعة الفوضى والخراب الأمني والاقتصادي والخدمي.
هذا الحديث اليوم لم يعد مجرد تخمينات، ولا ضربًا بالرمل، بل أصبح حقيقة واقعية، مكشوفة لكل من له عين أو ألقى السمع وهو شهيد.
الاعترافات التي أدلت بها عناصر خلية التجسس الأمريكية “الإسرائيلية”، والتي كشفتها الأجهزة الأمنية اليمنية مؤخرًا، تقول الشيء الكثير عن هذا، رغم أن ما تم كشفه ليس إلا القليل مما بحوزة جهاز الأمن والمخابرات، الذي لا يزال يحتفظ بالكثير منها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن سفارة واشنطن في صنعاء كانت تقوم بجمع المعلومات بعيدًا عن السلطات الرسمية، وأحيانًا، وهي الطامة، عبر السلطات الرسمية، وبشكل مشروع وغير مشروع، وتجمع معلومات لها أهداف تخريبية أكثر منها أهدافًا لتطوير العلاقات المشروعة بين البلدين، وهذا يخالف المادّة الثالثة من اتفاقية فيينا، التي تنص في الفقرة “د” على: ” التعرف بكلّ الوسائل المشروعة على ظروف وتطور الأحداث في الدولة المعتمد لديها وعمل التقارير عن ذلك لحكومة الدول المعتمدة”. والفقرة التالية: هـ ” تهيئة علاقات الصداقة وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها”.
الفقرة “د” السابقة لطالما كانت محل جدل دبلوماسي، حيث أن جمع المعلومات بالوسائل المشروعة، يفصلها خيط رفيع عن التجسس، وفي مثال السفارة الأمريكية في صنعاء، ومن خلال اعترافات عناصر الخلية، ونتائج التقييم الأمريكية لهم، فقد كانت الاعترافات تؤكد الطبيعة الاستخباراتية التخريبية، وليس جمع معلومات لمجرد الاطلاع على الأوضاع وتطوراتها.
التدخل في رسم السياسات، والتأثير على صناعة القرار، والتخريب الثقافي والتعليمي، والتدمير الزراعي، هذه كلها ليست إلا في مجال الإضرار بالدولة المضيفة، وليست أبدًا ضمن مهام دبلوماسية.
هناك تعريفات جديدة للدبلوماسية، هي التجسس، والتطوير هو التدمير، والتنمية هي الإفقار والفشل، والتعليم هو التجهيل، وتحسين البذور، يعني القضاء على البذور. كلّ شيء يجب أن يقرأ بالانجليزية الأمريكية بالمقلوب.
الوكالة الأمريكية للتنمية، أيضًا، يمكن إعادة تعريفها، بأنها أحد أذرع المخابرات الأمريكية، وليست منظمة إنسانية بالمطلق.
إن نهج السفارة الأمريكية في اليمن، لا يبدو مختلفًا عن نهجها في عدد من السفارات لا سيما في المنطقة العربية، وإن كان الأرجح هو أن كلّ سفارات واشنطن في العالم لها أهداف استخباراتية تجسسية، وتدير مخطّطات خبيثة.
النتيجة الأولى لهذا الكشف المهم، هي أن على الدول الصديقة والشقيقة أن تأخذ حذرها من أنشطة السفارة الأمريكية، وطبيعتها التجسسية، والاطلاع على الأساليب والاستراتيجيات الخطيرة، سواء في التجنيد والاستقطاب، أو في العمل والوسائل، والسواتر التي تستخدمها لتنفيذ أعمالها.
قد يكون المخبر العميل الخائن، موظفًا بسيطًا يعمل بصفته حارس أمن في السفارة، أو مترجمًا، أو يعمل في أحد مراكز الأبحاث والدراسات، وقد يكون أيضًا، مدربًا في معهد لغات، أو مركز لبناء الديمقراطية، أو في البنك الدولي، أو منظمة أممية إنسانية، لا يهم، فالمخابرات الأمريكية تعرف جيّدًا كيف توظف وأين.
الأجهزة الأمنية اليمنية مستعدة -كما قالت في بيانها- لتبادل المعلومات والخبرات من أجل كشف أعمال التجسس الأمريكية، وتقديم كلّ العون لأجهزة الأمن في البلدان العربية والإسلامية، لإحباط المؤامرات والخطط التدميرية في بلداننا.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إجراءات قمعية جديده تمارسها مليشيا الحوثي عبر مطار صنعاء الدولي .. تحت مسمى محاربة التجسس...
كشفت إجراءات قمعية جديده فرضتها المليشيات الحوثية على الصحفيين والناشطين وكتاب المحتوى في المناطق الخاضعة لسيطرتها عن عمق الارتباك والقلق الذي تعيشه.
حيث أقدمت مؤخراً على مصادرة عشرات الأجهزة الإلكترونية من المسافرين عبر مطار صنعاء، بما في ذلك أجهزة الحاسوب المحمولة والهواتف الذكية والكاميرات.
وبررت المليشيات الحوثية هذه الإجراءات بحجة “ضمان الأمن” و”منع التجسس” إلا أن الضحايا يؤكدون أن هذه الإجراءات ليست سوى وسيلة للابتزاز والضغط عليهم، وفرض رقابة مطلقة على تحركاتهم.
ووفقاً لشهادات حصلت عليها صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن العديد من الصحفيين وصناع المحتوى فوجئوا بمصادرة مليشيا الحوثي أجهزتهم عند محاولة مغادرة البلاد، دون سابق إنذار أو تبرير قانوني واضح.
وقد باءت كل محاولاتهم لاستعادة ممتلكاتهم بالفشل، مما دفع بعضهم إلى تحذير زملائهم من السفر عبر المطار خشية التعرض لنفس المصير.
كما تشترط المليشيات على المسافرين الحصول على إذن مسبق لأي تنقل، سواء داخل مناطق نفوذها أو خارجها، أو إبراز تعهدات خطية بالإبلاغ عن تفاصيل أنشطتهم خلال رحلاتهم.
وتتجاوز هذه الإجراءات الصحفيين لتشمل أي مسافر يحمل جهاز حاسوب، حيث يُجبر على الخضوع لتحقيقات مطولة حول مهنته وطبيعة عمله، مع فرض تفتيش دقيق لمحتويات الأجهزة من قبل عناصر الأمن التابعة للمليشيات.
وفي حالة واحدة، اضطر أحد صناع المحتوى إلى إلغاء سفره عبر صنعاء بعد تحذيرات باحتمالية مصادرة أجهزته، واختار بدلاً من ذلك السفر عبر مطار عدن، رغم التكاليف الباهظة والمخاطر الأمنية المرتبطة بالتنقل بين المدينتين.
من جهة أخرى، كشف مصدر آخر عن تبرير الأمن الحوثي لمصادرة الأجهزة بحجة “حماية أصحابها من الاختراق”، إلا أن هذه الذرائع لم تقنع الضحايا، الذين يرون فيها محاولة لمراقبة أنشطتهم وتقييد حريتهم.
واضطر أحد الكتاب إلى التخلي عن جهازه بعد أن طُلب منه تقديم مبررات مفصلة لحمله، خشية أن تتحول هذه المطالب إلى تحقيق أوسع يمس خصوصيته.
وفي حالات أخرى، لجأ بعض الصحفيين إلى تخزين بياناتهم على أجهزة خارجية قبل السفر، لتجنب فقدان المعلومات المهمة في حال مصادرة أجهزتهم.
ومع ذلك، فإن الخسائر المادية تبقى كبيرة، حيث يُجبرون على شراء أجهزة جديدة، ناهيك عن القيود المفروضة على عودتهم إلى صنعاء خوفاً من المضايقات.
وتشير تقارير إلى أن مليشيا الحوثي الإرهابية وسعت نطاق رقابتها ليشمل حتى الإعلاميين الموالين لها، حيث تخضع تحركاتهم لمراقبة دقيقة، مع مطالبتهم بتقديم تقارير دورية عن أنشطتهم.
ووفقاً لمصادر مطلعة، تعرض أحد المراسلين العاملين مع وسيلة إعلام إيرانية للاحتجاز عدة أيام بسبب تأخره في العودة من رحلة علاجية، وعدم التزامه بتقديم التقارير المطلوبة.
كما أفرجت المليشيات الحوثية مؤخراً عن إعلامي موالي لها بعد احتجازه لأسبوعين دون إبداء أسباب، في إشارة إلى أن سياسة القمع لا تستثني حتى المنتمين إلى صفوفها.
ويُذكر أن الإعلامي “الكرار المراني”، المعروف بعلاقاته الواسعة في الأوساط الإعلامية، كان قد كشف عن احتجازه قبل أن تتدخل عائلته ووسطاء للضغط من أجل الإفراج عنه.
ويأتي هذا التصعيد في إطار حملة أوسع تشنها المليشيات الحوثية منذ بدء الضربات الأمريكية على مواقعها، حيث كثفت عمليات الاختطاف والملاحقة ضد المدنيين بتهمة “التواطؤ” أو “التجسس”، فضلاً عن تشديد الرقابة على تحركات السكان لمراقبة ردود أفعالهم تجاه التطورات العسكرية الأخيرة.
وتبقى هذه الإجراءات جزءاً من سياسة منهجية تهدف إلى إسكات الأصوات المستقلة ومنع أي تسريب للمعلومات حول تحركات قيادات الجماعة أو مواقعها العسكرية