على جمعة يوضح أعمال الحاج في ثالث أيام التشريق
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، أعمال الحاج في ثالث أيام التشريق؛ تيسيرا على المسلمين الراغبين في معرفة أحكام دينهم، وذلك في منشور عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»، قائلا إنها كالتالي:
1- رمي الجمار: بعد صلاة الظهر (بعد الزوال) يرمي الجمرات الثلاث على الترتيب: الجمرة الأولى أو الصغرى وهي أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف بمنى، ثم الجمرة الثانية أو الوسطى، ثم الثالثة الكبرى جمرة العقبة.
يرمي كل واحدة بسبع حصيات، ويدعو بين كل جمرتين، ثم يتوجه إلى مكة ولا يحل له أن يمكث في منى بعد ذلك، وهذا يسمى «النفر الثاني».
أعمال الحاج في ثالث أيام التشريق2- طواف الوداع: يمكث الحاج بمكة ما أراد أن يمكث في ذكر لله وغيره من أعمال البر وأعمال المعاش، وليعلم أنه في حرم الله، وفي أطهر بقاع الأرض فليتقِ الله، ويجوز له أن يعتمر أو يزور من يعرفهم، ثم إذا أراد السفر من مكة يجب عليه أن يطوف بالبيت «طواف الوداع»، فيكون هذا الطواف آخر العهد بالبيت، وبعد أن يصلي ركعتي الطواف، يأتي زمزم ويشرب من مائها مستقبل البيت ويدعو بما شاء، ويتشبث بأستار الكعبة، ويستلم الحجر الأسود إن تيسر له من غير إيذاء أحد، ثم يسير إلى باب الحرم ووجهه تلقاء الباب، داعيا بالقبول، والغفران وبالعود مرة بعد مرة، وألا يكون ذلك آخر العهد من الكعبة.
وتابع، أنه بذلك تكون انتهت أعمال الحج، ويجب الالتفات إلى معاني أخرى وهي المعاني الروحية، فإن الحج يدل على التوحيد وعلى الإذعان لله سبحانه وتعالى فهو يعلم الأخلاق الحميدة ويبعدنا عن الأخلاق الذميمة، ويأمرنا بالتقوى، قال سبحانه : ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِى الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِى الأَلْبَابِ﴾.
مناسك الحجواستكمل، أن الحج تجديد للحياة، فيبدأ الإنسان بعد الحج صفحة جديدة مع ربه يعاهده فيها على السير على طاعته والعزم على امتثال أمره واجتناب نهيه، ولعل لأجل ذلك المعنى قام سيدنا عمر بن الخطاب بوضع التقويم الهجري العربي للمسلمين بداية من شهر محرم، فكان هو أول العام الهجري، فهو بداية سنة جديدة في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، فكان بداية تقويم المسلمين.
وأشار، إلى أن الحج يدل على التوحيد بمعناه الشامل، فهو عبادة، فكما يفرض على المسلمين صيام شهر واحد، كذلك يفرض عليهم أداء عبادة واحدة في وقت معين من السنة هي الحج، ففي توحيد الحج وحدة للأمة حيث يجتمعون من كل مكان يلبون نداء الله سبحانه وتعالى.
وأضاف، أن المسلم يؤمن بالتوحيد ليس فقط توحيد الإله، بل توحيد شمل كل شيء في بنائه العقائدي، فنبيه صلى الله عليه وسلم واحد لأنه خاتم ، وكتابه واحد؛ ولذلك حفظه من التحريف والتخريف وجعله واحدا لا تعدد له، والأمة واحدة، والقبلة واحدة، والرسالة واحدة عبر الزمان، والحج واحد، وشهر واحد افترض الله صومه على المسلمين.
وتابع، أن وظيفة الحج إظهار التوحيد، وتعظيم شعائر الله، وهذا التعظيم هو من تقوى القلوب فينبغي على المسلم إذا ذهب إلى بيت الله الحرام أن يعظم شعائر الله، .قال سبحانه : ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ وكلمة «سجود» مصدر، ولكنها أطلقت على الساجدين، وإطلاق المصدر على جمع الفاعلين مثل شهود وقعود، وإطلاقه بهذه الكيفية وكأنه ينفي الشخص وينظر إلى الفعل، وانتفاء الشخص معناه أنه قد فنى في الله سبحانه وتعالى، وأنه قد طلق الدنيا من قلبه، وأنه في سجوده لم يبق له وجود سوى هذا السجود لرب العالمين، وأنه يكرر ذلك السجود ويسجد لله دائما، فهو دليل على كثرة السجود.
وأوضح، أن الله يرشدنا في الحج إلى وحدة الأمة ، وينبهنا إلى أن يكون الحج منطلقا وبداية، وليس من أجل شيء آخر، إنما جاءوا لإعلان التوحيد بالنسك المأخوذ عن حبيب الحق وسيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يقول تعالى : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ﴾ [الحج :29] البيت العتيق، وهو الكعبة المشرفة محل نظر ربنا، والنظر إليها عبادة، فهي مهبط الرحمات، وموضع يستجاب فيه الدعاء.
وطواف المسلمين بالبيت العتيق فيه تشبه بملائكة الرحمن الحافين حول العرش، فالمسلمون يحاكون الملأ الأعلى ولديهم المنهج القويم الذي به أسرار الكون والعبادة، وعمارة الدنيا وسلامها، فالبشر جميعهم يحتاجون إلينا، فعلينا أن نقوم بدورنا وندعو إلى الله بالحال قبل القال، وألا نيأس ولا أن نسير في مهالكنا خلفهم، بل علينا أن نعتز بالله ورسوله، وأن نعتز بديننا.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحج مناسك الحج طواف الوداع أيام التشريق سبحانه وتعالى
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الفتن سببها العبد عن مراد الله في التلاعب بالألفاظ
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه في محاولة للبحث عن المخرج من الفتن التي تحيط بنا، والتي أرى أن سببها الأساسي البعد عن مراد الله في التلاعب بالألفاظ، والاستخفاف بأمر الطعام، ومعاجزة الله في آياته وكونه، وتقديم الإنجاز على الأخلاق.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان نبحث عن النخبة كمحاولة للخروج من الفتن، تلك النخبة التي أرشدنا الله للاستفادة من خبرتها فقال تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) , فالله تعالى أمرنا أن تكون لنا نخبة، فضيعنا النخبة، والنخبة قد تكون طاغية، وقد تكون صاغية.
أما الطاغية فالتي تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف وتتجبر في الأرض وتكفر بالله رب العالمين، وأما الصاغية فالتي صغت قلوبها لذكر الله لا تريد علوا في الأرض ولا فسادا، لقد استبدلنا بالصاغية الطاغية، أهلكنا الصاغية وأخرناهم عن القيادة وعن العمل في الحياة الدنيا وقدمنا الطاغية ثم بعد ذلك اختلط الحابل بالنابل، فلا الطاغية بقت ولا الصاغية حلت محلها وأصبح الناس شذر مذر لا ملأ لهم ولا أهل ذكر يرجعون إليهم ويلتقون حولهم.
كان هذا بدعوى الشعبية والديمقراطية، وأن العصر هو عصر تلك السماتالتي تخالف سنن الله في خلقه، ولا يقوم بها المجتمع ولا تستقر بها نفس ، فالتساوي المطلق الذي تدعو إليه الديمقراطية، هو أحد إفرازات النسبية المطلقة، وهو أمر مرفوض.
وأن القضاء على النخبة والدعوة إلى التساوي المطلق، قد تتضمن في طياتها هلاك العالم، وهناك مجموعة من النصوص التي يمكن أن تكون أساسًا لهذا المعنى، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ، وقال تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) ، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ) ، فجعل الله للناس رؤوسًا، وجعل ذلك طبقا لكفاءاتهم، ورغبتهم في الإصلاح دون الإفساد، ونعى على ذلك التصور الذي يكون فيه جميع الناس في تساو مطلق فقال : (لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) ، وقال : (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
وعدم التساوي لا يعني أبداً عدم المساواة، فربنا يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً).
وقال النبي ﷺ : (الناس كأسنان المشط) [رواه القضاعي في مسند الشهاب، والديلمي في مسند الفردوس] وقال ﷺ : (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى) [رواه أحمد والطبراني في الأوسط والكبير].