التخلف عن المدرسة يكلف الاقتصاد العالمي 10 آلاف مليار دولار سنويا (اليونسكو)
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
أفاد تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، نشر اليوم الاثنين، أن التخلف عن المدرسة وأوجه القصور في التعليم يكلف الاقتصاد العالمي 10 آلاف مليار دولار أمريكي سنويا في أفق 2030.
وقالت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، إن هذه التكلفة « عالية جدا » وتضاف إلى هذه الاعتبارات المالية أضرار اجتماعية هامة، وفقا لما نقله بيان للمنظمة الأممية التي تتخذ من باريس مقرا لها.
وأضافت السيدة أزولاي أن « التقرير يحمل هذه الرسالة الواضحة: التعليم عبارة عن استثمار استراتيجي، وهو أحد أفضل الاستثمارات بالنسبة للأفراد والاقتصادات والمجتمعات بمجملها. وأدعو الدول الأعضاء في منظمتنا إلى العمل لكي يصبح هذا الحق العالمي في أسرع وقت ممكن واقعا بالنسبة لكل فرد ».
وسجل البيان أنه على الرغم من إحراز تقدم على مر عقود في مجال الولوج إلى التعليم، لا يزال هناك 250 مليون طفل وشاب في مختلف أنحاء العالم خارج المدرسة، و70 في المائة من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل غير قادرين على فهم نص بسيط مكتوب.
ويرى التقرير أن تخفيض نسبة الشباب الذين يتركون المدرسة في وقت مبكر أو الذين لا يكتسبون المهارات الأساسية بنسبة 10 في المائة فقط يفسح المجال أمام زيادة النمو السنوي لإجمالي الناتج المحلي بنقطة أو نقطتين.
وفضلا عن الاعتبارات المالية، يحذر التقرير من الأضرار الاجتماعية الهامة التي تترتب على الافتقار إلى التعليم. ويقترن الافتقار إلى اكتساب المهارات الأساسية على الصعيد العالمي بزيادة الحمل المبكر لدى الفتيات بنسبة 69 في المائة، بينما يسهم كل عام من أعوام الدراسة الثانوية في تخفيف احتمال زواج الفتيات وإنجابهن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة.
وسجل البيان أن السيدة أزولاي، اغتنمت انعقاد مؤتمر لوزراء التعليم في مقر اليونسكو بباريس، يومه الإثنين، بحضور رئيس الشيلي، غابرييل بوريتش، الذي يشارك في رئاسة اللجنة التوجيهية الرفيعة المستوى لتوفير التعليم الجيد للجميع، لتذكير الدول الأعضاء البالغ عددها 194 دولة عضوا بضرورة « الامتثال إلى التزامها بجعل التعليم حقا لكل إنسان في العالم وليس مجرد امتياز ». وقدمت اليونسكو، في إطار سعيها إلى تحقيق الهدف المتمثل في توفير تعليم جيد للجميع، عشر توصيات في تقريرها، من ضمنها تمكين كل فتاة وفتى من التعليم المجاني الممول من الأموال العامة، لمدة لا تقل عن 12 عاما.
ويجب أيضا وضع خطط تكفل منح الشباب الذين لم يتمكنوا من الاستفادة من تعليم جيد أو الذين انقطع تعليمهم « فرصة ثانية »، وفقا للمصدر ذاته.
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
من يقود الاقتصاد العالمي فـي حقبـة ما بعد أمــريكـا؟
منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي، دأبتُ على التعليق بانتظام على جوانب شتى من أجندة دونالد ترامب وما قد تعنيه لأمريكا، والأسواق المالية، وبقية العالم. كانت الفوضى سائدة، لكن هذا كان متوقعًا إلى حدّ كبير، في ظل «النَـهـج» الأخرق المتقلب الذي تبناه الرئيس في صنع السياسات.
كما أشرت في فبراير، ومرة أخرى في مارس، قد تستجيب اقتصادات أخرى لعدوانية ترامب بتعزيز الطلب المحلي وتقليل اعتمادها على المستهلكين الأمريكيين والأسواق المالية الأمريكية. إذا كانت الفوضى الحالية تنطوي على أي جانب إيجابي فهو أن الأوروبيين والصينيين بدأوا بالفعل يلاحقون مثل هذه التغييرات. فالآن تخفف ألمانيا من «مكابح الديون» وتسمح بالاستثمار المطلوب بشدّة، ويُـقال إن الصين تدرس الخيارات المتاحة لتحفيز الاستهلاك المحلي. بالنسبة لأي بلد يعتمد على التجارة والأسواق الدولية، من الواضح تمامًا أن وضع ترتيبات تجارية جديدة سيكون ضروريًا حتى لو تسنى إقناع الولايات المتحدة بكبح جماح سياسات الحرب التجارية. وتسعى أكثر هذه البلدان بالفعل إلى إيجاد طرق لزيادة التجارة فيما بينها وصياغة اتفاقيات جديدة لخفض الحواجز غير الجمركية في تجارة الخدمات التي تشهد نموًا سريعًا.
ككتلة واحدة، تُـعادِل بقية مجموعة الدول السبع (كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة) حجم الولايات المتحدة تقريبًا. وإذا أضفنا المشاركين الآخرين في «تحالف الراغبين» الذي دعا إليه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فسوف يتمكن حلفاء أمريكا السابقون من تعويض قسم كبير من الضرر الذي أحدثه ترامب. على المنوال ذاته، إذا تمكنت الصين من إعادة صياغة مبادرة الحزام والطريق بالتنسيق الوثيق مع الهند وغيرها من الاقتصادات الناشئة الأكبر حجما، فقد يُـثبِـت هذا كونه تطورا تحويليا كبيرا. مثل هذه التحركات من شأنها أن تعمل على التخفيف من التأثيرات المترتبة على سياسات الرسوم الجمركية والتهديدات الأمريكية. ولكن لن يكون من السهل تنفيذها؛ فلو كان تنفيذها سهلا لكانت حدثت بالفعل. تعكس الترتيبات التجارية والمالية الحالية مجموعة متنوعة من العوامل السياسية، والثقافية، والتاريخية، وسوف تحاول إدارة ترامب عرقلة أي تغيير للوضع الراهن قد تستفيد منه الصين. ما يهم إذن هو كيف على وجه التحديد قد تعمل الاقتصادات الكبيرة الأخرى على تحفيز الطلب المحلي، وحشد الاستثمار، وإقامة علاقات تجارية جديدة.
في مؤتمر عُقد مؤخرا حول «العولمة والتفتت الجغرافي الاقتصادي»، استضافة المركز البحثي بروجل والبنك المركزي الهولندي، ذُكِّـرتُ بمدى انحراف نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ مطلع القرن الحالي. يُظهر تحليل بسيط لأرقام الناتج المحلي الإجمالي الاسمي السنوي من عام 2000 إلى عام 2024 أن الولايات المتحدة، والصين، ومنطقة اليورو، والهند ساهمت مجتمعة بما يقرب من 70% من إجمالي النمو، حيث ساهمت الولايات المتحدة والصين بما يقرب من 50% من النمو فيما بينهما.
تؤكد هذه النتيجة أيضًا على حقيقة مفادها أن التهديدات الأمريكية المرتبطة بالتعريفة الجمركية يجب أن تقابلها زيادة في الطلب المحلي في أماكن أخرى. ولكن إليكم هذه الحقيقة: البلد الآخر الوحيد القادر بمفرده على زيادة الطلب والواردات بالقدر الكافي للتعويض عن حصة أمريكا المتراجعة في الاقتصاد العالمي هو الصين.
ولكن ماذا لو لم تكن الصين تعمل بمفردها؟ كما رأينا، يتخذ الأوروبيون بالفعل خطوات لزيادة الاستثمار والإنفاق الدفاعي بطرق ستعود بالنفع على اقتصاد الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى، مثل المملكة المتحدة. وبالطبع، كان اقتصاد الهند ينمو بوتيرة أسرع من كثير من الاقتصادات الأخرى في السنوات الأخيرة، وهذا يشير إلى أن الهند ربما يتسنى لها بعض المجال لملاحقة مزيد من التحفيز المحلي. ماذا لو كانت كل هذه الاقتصادات الأخرى حريصة على تنسيق سياساتها الخاصة؟ قد لا يكون لهذا التنسيق ذات الأثر العالمي الذي أحدثه اتفاق مجموعة العشرين في لندن عام 2009، والذي أدخل إصلاحات عالمية واسعة النطاق ومؤسسات جديدة لمعالجة أسباب الأزمة المالية العالمية وتداعياتها.
ولكن إذا أشارت هذه الدول إلى بقية دول العالم بأنها منخرطة في نوع من التشاور لمواءمة سياساتها الاقتصادية وتعزيز الأهداف المشتركة، فقد يكون لذلك أثر إيجابي كبير.
أخيرا، أمر آخر ظل يزعجني منذ مؤتمر بروجل، فقد قدم أندريه سابير كبير زملاء بروجل رسما بيانيا، سلط الضوء على أوجه التشابه بين صعود اليابان، عندما نما ناتجها المحلي الإجمالي إلى حوالي 70% من ناتج الولايات المتحدة المحلي الإجمالي في تسعينيات القرن العشرين، وبين حال الصين اليوم. في ذلك الوقت كما هي الحال الآن، كان التخوف الأكبر في أمريكا أن «يتجاوزها» أي اقتصاد آخر. ولكن ماذا تريد أمريكا حقا؟ هل تريد أن تكون قادرة على التصريح بأنها صاحبة أكبر اقتصاد من حيث القيمة الاسمية، أو أنها تريد توفير الثروة والازدهار لمواطنيها؟ هذان ليسا بالضرورة الشيء ذاته.
إن الحقيقة التي تفشل الإدارة الأمريكية الحالية في إدراكها هي أن نمو البلدان الأخرى وتطورها من الممكن أن يجعل الأمريكيين أنفسهم أكثر ثراء. ربما، ذات يوم، ينتخب الأمريكيون قادة قادرين على فهم هذه البصيرة الاقتصادية الأساسية. ولكن في الوقت الراهن، يبدو أن مصيرهم بات محتومًا: سنوات عديدة من الاضطراب وانعدام اليقين الملازم.
جيم أونيل الرئيس السابق لشركة إدارة الأصول جولدمان ساكس ووزير الخزانة البريطاني السابق.
خدمة بروجكيت سنديكيت