كيف تغير الموقف الغربي من الدعم المطلق إلى الوقوف ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي؟
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
مع بداية عملية طوفان الأقصى التي شنَّتها الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر الماضي، أعلن قادة العديد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا، عن دعمهم الثابت للاحتلال الإسرائيلي، وأدانت تلك الفصائل الفلسطينية وهجومها.
تعليق المساعدات التنموية للفلسطينيينكما دعمت تلك الدول ما وصفته بـ«حق إسرائيل الثابت والراسخ في الدفاع عن نفسها»، ولم تكتفِ تلك الدول فقط بدعمها للاحتلال الإسرائيلي عن طريق إعطائه الضوء الأخضر للهجوم على قطاع غزة، لكن أيضًا علقت بعض الدول مساعداتها التنموية للفلسطينيين وهي دول الاتحاد الأوروبي، أبرزها ألمانيا والنمسا، كما علقت بعض الدول أيضًا تمويل «الأونروا» على خلفية زعم الاحتلال الإسرائيلي تورط بعد أفرادها في هجوم 7 أكتوبر.
لكن وبعد 8 أشهر من الحرب على قطاع غزة تغير الموقف الدولي خاصة الغربي بشكل تدريجي، إلى الحد الذي يضع الاحتلال الإسرائيلي في عزلة دولية، وذلك بعد أن أدركت تلك الدول أن الاحتلال يرتكب كل صور الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وذلك بحسب تقرير للمركز المصري للفكر والدراسات والاستراتيجية، والذي أبرز فيه تراجع الدعم ضد الاحتلال الإسرائيلي.
تراجع الدعم الإسرائيلي في المؤسسات القضائية الدوليةوكانت جنوب أفريقيا رفعت دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية في 29 ديسمبر 2023، وذلك لمقاضاة الاحتلال بسبب أعمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وقد أصدر قضاة محكمة «لاهاي» مجموعة من التدابير المؤقتة ضد الاحتلال التي تلزمه بضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتوقف عن الإبادة الجماعية التي تمارسها ضد شعب القطاع.
وبعد العملية العسكرية في رفح الفلسطينية، طلبت جنوب أفريقيا تدابير إضافية من المحكمة لوقف القصف على رفح، وبالفعل أصدرت المحكمة مجموعة تدابير تطالب بها الاحتلال الإسرائيلي بوقف الأعمال العسكرية في رفح الفلسطينية وضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وفتح معبر رفح بشكل عاجل، والتي لم تقم إسرائيل بتنفيذها حتى الآن.
ويجدر الإشارة إلى أن جنوب أفريقيا لم تكن الدولة الوحيدة في الدعوى، فمنذ بداية العام الجاري 2024 انضمت العديد من الدول لصف جنوب أفريقيا، حيث انضمت دولة نيكاراجوا في وبلجيكا وأيرلندا وكولومبيا وتركيا وليبيا ومصر وجزر المالديف والمكسيك، وتشيلي وأخيرًا إسبانيا.
ولم يكن التغير في موقف الدول فقط على مستوى محكمة العدل، لكن أيضًا على مستوى المحكمة الجنائية الدولية، ففي نوفمبر الماضي أعلن المدعي العام كريم خان أن مجموعة من الدول وهي جنوب إفريقيا وبنجلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي بالإضافة إلى 198 منظمة قدمت طلبًا مشتركًا للتحقيق في الوضع بالأراضي الفلسطينية.
الدعم الشعبي الغربي للقضية الفلسطينية ومعارضة الممارسات الإسرائيليةاجتاحت موجة من التظاهرات عددًا من الدول الغربية داعية لوقف إطلاق النار في غزة بالتزامن مع استمرار أعمال القصف الإسرائيلي، منتقدة أيضًا موقف الحكومات الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودعمها للعدوان الإسرائيلي على غزة، فكانت المرة الأولى تقريبًا التي تخرج فيها احتجاجات بهذا الكم مناصرة قضية خارجية.
ولهذا، دفعت هذه الاحتجاجات بدورها الحكومات الغربية إلى تغيير موقفها نسبيًا من دعم العمل العسكري الإسرائيلي بشكل مطلق إلى التحرك الدبلوماسي والسياسي للتوصل إلى هدن إنسانية وإدخال المساعدات، ومن ثم الدعوة إلى وقف للحرب.
وشهد العالم أكثر من 3700 مظاهرة مناصرة لفلسطين خلال شهر فقط منذ السابع من أكتوبر منها 600 مظاهرة في الولايات المتحدة و170 مظاهرة في ألمانيا و1400 مظاهرة في الشرق الأوسط، ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يحتج فيها الرأي العام الغربي دعمًا للفلسطينيين، إلا أن الاحتجاجات الأخيرة كانت لافته بصورة كبيرة باعتبارها دشنت لبروز ظواهر جديدة.
اتجاه مجموعة من الدول الغربية نحو الاعتراف بدولة فلسطينفي خطوة مشتركة، في يونيو 2024 أعلنت إسبانيا وإيرلندا العضوتان في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى النرويج سيرهما على خطى السويد، وانضمت إليها سلوفينيا، في حين أن الدول الغربية ربطت على الدوام الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين بالتوصل إلى حل سلمي للنزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل، فيما أبدت دولاً أخرى نيتها للاعتراف بفلسطين.
قبل ذلك، في 22 مارس، أصدرت الدول الأربع مع مالطا، بيانا قالت فيه إنها مستعدة للاعتراف بدولة فلسطين، كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في فبراير أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس من المحظورات بالنسبة لفرنسا، وتحدثت أستراليا بدورها في أبريل عن إمكان الاعتراف بدولة فلسطين.
ووفقًا لوزارة الخارجية الفلسطينية وفي إحصائية منشورة قبل إعلان إسبانيا والنرويج وأيرلندا عزمها على الاعتراف بدولة فلسطين، وصل عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 144 دولة، وباعتراف الدول الثلاث الأخيرة يصبح عدد هذه الدول 147، من بينها 11 دولة أوروبية.
اعتماد الجمعية العامة قرارًا يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في عضوية فلسطينفي 10 مايو الماضي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة قرارًا يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في عضوية فلسطين بشكل إيجابي، وينص القرار على تعزيز حقوق دولة فلسطين وامتيازاتها في الأمم المتحدة دون السماح لها بالتصويت في الجمعية العامة.
كما سيسمح مشروع القرار لفلسطين بتقديم المقترحات والتعديلات وإثارة الاقتراحات الإجرائية خلال اجتماعات الأمم المتحدة من دون المرور بدولة ثالثة، وهو ما لم يكن بوسعهاالقيام به من قبل.
اللافت في هذا القرار هو اعتراف 144 دولة عضوة في الأمم المتحدة، منهم العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي، بلجيكا، الدنمارك، إستونيا، فرنسا اليونان أيرلندا، لوكسمبورج، البرتغال، بولندا، سلوفاكيا، سلوفينيا، وإسبانيا، بالإضافة إلى دول أخرى وهي أستراليا، الهند.
وعلى الرغم أنه في بداية الحرب أعلنت أغلب الدول الأوروبية دعمها الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلا أن الجرائم الإسرائيلية بعد أن وصلت إلى أقصها، تغيرت مواقف القادة الأوروبيين من الدعم المطلق إلى العداء الصريح، وقد ظهر ذلك من خلال تصريحات بعض القادة وتحركاتهم، وهي:
- تهديد وزراء خارجية دول في الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على إسرائيل إذا واصلت انتهاك القانون الدولي والإنساني.
- إعلان وزيرة خارجية سلوفينيا تانيا فايون أنه إذا استمرت الانتهاكات الإسرائيلية فيجب علينا كاتحاد أوروبي اتخاذ رد موحد حاسم بما في ذلك فرضعقوبات.
- طلب وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، من الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي، إصدار دعم رسمي لمحكمة العدل الدولية واتخاذ خطوات لضمان احترام إسرائيل لقراراتها.
- تشديد وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على أن حكم محكمة العدل الدولية الذي يحث إسرائيل على وقف هجومها العسكري على الجزء الجنوبي من قطاع غزة ملزم ويتعين بالطبع احترامه.
تصنيف إسرائيل على القائمة السوداء لقتل الأطفالوأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش تل أبيب عن قرار يضع إسرائيل على القائمة السوداء للدول التي تقتل الأطفال، وإذا أدرجت الأمم المتحدة إسرائيل في قائمة العار، فسيكون القرار ساري المفعول لمدة 4 سنوات.
وبحسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فخلاصة القول، تعكس التحركات الدولية السابقة، التغير الجذري في المواقف الدولية خاصة بالنسبة للدول الأوروبية والتي كانت منذ قيام دولة إسرائيل الداعم المطلق لها في كافة تحركاتها، والمدافع بشكل مستمر عن حقوقها وحقوق شعبها، لكن وبعد مرور أكثر من 8 أشهر من الحرب على قطاع غزة، وبعد المذابح المتكررة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي غيرت تلك الدول من نظرتها لإسرائيل والذي أثر على مكانة إسرائيل الدولية وأصبحت منعزلة دبلوماسيًا وأصبحت صورتها الدولية أمام شعوب الأرض في الحضيض ومتورطة في ارتكاب مجازر وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جيش الاحتلال الإسرائيلي غزة قطاع غزة إسرائيل الأمم المتحدة الاحتلال الإسرائیلی الاتحاد الأوروبی الدول الغربیة الأمم المتحدة الإسرائیلی فی بدولة فلسطین جنوب أفریقیا دولة فلسطین ضد الاحتلال محکمة العدل تلک الدول من الدول قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
خبير: الاحتلال الإسرائيلي يمارس الإبادة بحق الفلسطينيين دون مراعاة للقوانين الدولية
قال نعمان توفيق العابد، خبير العلاقات الدولية والقانونية، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يمارس الإبادة ضد الفلسطينيين بشكل متعمد منذ بداية العدوان، مستخدمًا آلة عسكرية تُعمل ليلًا ونهارًا، دون أي مراعاة للإنسانية أو الأخلاق العسكرية أو القوانين الدولية.
واشنطن: التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة ممكنأحمد موسى: غزة لن تعود كما كانت عليه قبل عملية طوفان الأقصىوأضاف “توفيق”، في مداخلة على قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ الاحتلال يستهدف الشعب الفلسطيني البريء بالقتل المتعمد، ويضرب مدارس الإيواء، منازل المواطنين، خيام النازحين، المستشفيات، وكل مظاهر الحياة.
وأشار إلى أن الاحتلال يتبع سياسة تجويع ممنهجة لإجبار الفلسطينيين على الموت أو النزوح خارج فلسطين التاريخية، محوّلًا قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة. ونتيجة لذلك، نزح الفلسطينيون مرات عديدة، وعند محاولتهم العودة، يجدون منازلهم مدمرة، دون أدنى مقومات للحياة.