ماذا يعني اتفاق أوسلو لأمريكا؟
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
ماذا يعني اتفاق أوسلو لأمريكا؟
إمكانية كسر حلقة مهمة من حلقات نفوذ أمريكا في المنطقة التي بدأت آثارها تظهر في الاقتصاد والسياسية المحلية والخارجية الأمريكية.
انهيار اتفاق أوسلو يعني لأمريكا اندثار أحد أبرز معالم نفوذها في المنطقة الذي ارتكزت عليه منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي.
ما تدركه واشنطن ويغفله شركاؤها المتحمسون للتطبيع مع العدو أن التطبيع ليس بديلا عن أوسلو، إذ لا يكفي عقد اتفاق مع العرب والمسلمين بدون الفلسطينين.
اتفاق أوسلو أحد عناوين الهيمنة والنفوذ الأمريكي بالمنطقة لما بعد الحرب الباردة وانهيار السوفيات؛ وانهيار مشروع أوسلو مؤشر لانحسار النفوذ الأمريكي بالمنطقة.
أوسلو مسار أمني وسياسي واقتصادي أمريكي يراد له البقاء والتجدد المستمر بعدة عناوين: معسكر السلام، مفاوضات السلام، السلام الاقتصادي، التطبيع واتفاقات أبراهام.
* * *
انهيار اتفاق أوسلو دون توافر بدائل له؛ وتحلل وتفكك السلطة في رام الله يعني الكثير للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي؛ فأوسلو حلقة من حلقات المشروع الأمريكي الذي بدأ بكامب ديفيد، ولم ينته بوادي عربة وصولا إلى اتفاقات إبراهام التطبيعية مع الكيان الإسرائيلي.
أوسلو بهذا المعنى، أساس لما قبله وما بعده؛ وانهياره يهدد بانهيار وتفكك نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في غرب آسيا وأفريقيا.
أوسلو ليس مجرد اتفاق في نظر الولايات المتحدة وشركائها في أوروبا؛ إذ جاء بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي؛ فالاتفاق أحد عناوين الهيمنة والنفوذ الأمريكي في المنطقة لما بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي؛ وانهيار مشروع أوسلو عنوان لما بعد النفوذ الأمريكي وانهياره في المنطقة.
أوسلو مسار أمني وسياسي واقتصادي أمريكي يراد له البقاء والتجدد المستمر تحت عناوين متعددة؛ تارة معسكر السلام، وتارة مفاوضات السلام؛ وتارة مسار السلام الاقتصادي، وأخيرا مسار التطبيع واتفاقات أبراهام؛ فهو عنوان يتكرر ليبرر كل ما سبقه وكل ما جاء بعده، وبدونه فإن الاتفاقات والمشاريع الأمريكية كافة في مهب الريح.
ما تدركه واشنطن ويغفله شركاؤها أحيانا من المتحمسين للتطبيع مع الاحتلال؛ أن التطبيع لا يمكنه أن يمثل بديلا عن أوسلو (الفكرة)، إذ لا يكفي عقد اتفاق مع العرب والمسلمين بدون الفلسطينين؛ فانهيار أوسلو ومشروع السلطة في رام الله، سيعني مأزقا كبيرا للنفوذ الأمريكي يقود لتجميد أو انهيار اتفاقات التطبيع والسلام، بما فيها كامب ديفيد مع مصر الذي سبقه ووادي عربة مع الأردن الذي جاء بعده.
خروج الفلسطينين من معادلة السلام الأمريكي سيكون لها تداعيات خطرة على النفوذ الأمريكي في المنطقة؛ ولا يتوقع أن تستسلم واشنطن بسهولة، إذ ستواصل بذل جهودها لإحيائه عبر مشاريع لا تختلف عن مشروع دايتون والتنسيق الأمني؛ خصوصا أنه يترافق مع صعود المقاومة المسلحة في الضفة الغربية كمسار بديل متمرد على المرجعية الأمريكية الأمنية والسياسية والاقتصادية.
ذلك كله يأتي في ظل تحديات استثنائية تواجهها أمريكا بسيطرة الفاشيين على الدولة العميقة في الكيان المحتل، مفقدة واشنطن القدرة على التأثير في مسار الكيان وقراراته؛ والأهم صعود النفوذ الصيني واتساع نطاق الاشتباك العسكري والأمني مع روسيا من أوكرانيا إلى القارة الأفريقية في النيجر ومال،ي مع احتمالات تفجره أيضا في الأراضي السورية على شكل حروب وصراعات بالوكالة.
فما تعانيه الولايات المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يختلف كثيرا عما تعانيه في شبه الجزيرة الكورية ومضيق تايوان والباسفيك في آسيا، أو حتى في أوكرانيا والقارة الأوروبية أو في أفريقيا مؤخرا في النيجر وبوركينا فاسو ومالي والسنغال والسودان وفي كوبا وفنزويلا والأرجنيتن والبرازيل في أمريكا الجنوبية، وقبل ذلك كله في اتفاقات أوبك بلس بين السعودية وروسيا ومناورات الصين والإمارت الجوية.
أمريكا تشعر بالتهديد وبانكسار حلقات نفوذها في كل مكان من هذا العالم والأراضي الفلسطينية ليست بمعزل أو استثناء عن هذه الحالة. ورغم أن لها أسبابها ومفاعيله المحلية الفلسطينية والعربية والإسرائيلية؛ إلا أنها مؤشر آخر على إمكانية كسر حلقة مهمة من حلقات نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة التي بدأت آثارها تظهر في الاقتصاد والسياسية المحلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
ما حدث ويحدث من إرهاصات في الأراضي الفلسطينيية والجوار العربي، يوحي بأن المواجهة المقبلة لن تكون سهلة على الفلسطينينين؛ فوصول اتفاق أوسلو إلى طريقه المسدود، والعجز عن إعادة إنتاجه أمريكيا، يعني انكسار حلقة من حلقات النفوذ الأمريكي التي ستقود إلى سلسة متتابعة من التفاعلات، تبدأ بالمسار التطبيعي لتصل إلى اتفاق كامب ديفيد ووادي عربة.
مخاوف ستقود الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات متطرفة في المستقبل القريب، تفاقم من حدة الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة لرفع الكلف على الفلسطينيين؛ مسار سيقود بدوره إلى مزيد من التدهور في النفوذ الأمريكي، في نتائج عكسية لا تختلف عن المسار الذي أنتجته السياسة الأمريكية مؤخرا في السودان والنيجر وأوكرانيا ومضيق تايوان.
ختاما.. انهيار اتفاق أوسلو يعني لأمريكا اندثار أحد أبرز معالم نفوذها في المنطقة الذي ارتكزت عليه منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي؛ فهو حلقة من حلقات السلام الأمريكي ـ الهيمنة الأمريكية، التي فرضت من خلاله واشنطن قواعد الحرب والسلام في المنطقة غلى مدى الـسنوات الـ45 الماضية ـ فإن انكسرت حلقاتها اهتز نفوذها بالكامل؛ لتحرم بذلك من تحديد قواعد الحرب والسلم في المنطقة.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الاحتلال فلسطين التطبيع السلام الأمريكي الهيمنة الأمريكية الولایات المتحدة النفوذ الأمریکی انهیار اتفاق فی الأراضی فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
تفاصيل الاتفاق الأمريكي الإيراني… ماذا وراء الكواليس؟
رويترز
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن إيران والولايات المتحدة اتفقتا يوم السبت على البدء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، وذلك بعد جولة ثانية من المحادثات التي وصفها مسؤول أمريكي بأنها أحرزت “تقدما جيدا للغاية”.
وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى العالمية خلال ولايته الأولى في عام 2018، بمهاجمة إيران ما لم تتوصل إلى اتفاق جديد على وجه السرعة يمنعها من تطوير سلاح نووي.
وفي اجتماعهما غير المباشر الثاني في غضون أسبوع، أجرى عراقجي مفاوضات لمدة أربع ساعات تقريبا في روما مع مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، من خلال مسؤول عماني نقل الرسائل بينهما.
وفي تصريح للتلفزيون الإيراني بعد المحادثات، وصف عراقجي المحادثات بأنها مفيدة وجرت في أجواء بناءة.
وقال “لقد تمكنا من تحقيق بعض التقدم بشأن عدد من المبادئ والأهداف، وفي نهاية المطاف توصلنا إلى تفاهم أفضل”.
وأضاف “جرى الاتفاق على استمرار المفاوضات والانتقال إلى المرحلة التالية، إذ ستبدأ اجتماعات على مستوى الخبراء يوم الأربعاء في عُمان. وستتاح للخبراء فرصة البدء في وضع إطار عمل للاتفاق”.
وأوضح أن كبار المفاوضين سيجتمعون مرة أخرى في عُمان السبت المقبل “لمراجعة عمل الخبراء وتقييم مدى توافقه مع مبادئ الاتفاق المحتمل”.
وأضاف عراقجي مرددا تصريحات حذرة أدلى بها الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الأسبوع الماضي، “لا نستطيع الجزم بأننا متفائلون. نحن نتصرف بحذر شديد. ولا يوجد أيضا سبب للإفراط في التشاؤم”.
ودأبت طهران على التأكيد على سلمية برنامجها النووي، وتقول إنها مستعدة لمناقشة فرض قيود محدودة على أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الدولية.
وأكد مسؤول في إدارة ترامب أن الجانبين اتفقا على الاجتماع مجددا الأسبوع المقبل.
وقال المسؤول “اليوم، في روما، وعلى مدار أربع ساعات في جولتنا الثانية من المحادثات، أحرزنا تقدما جيدا للغاية في مناقشاتنا المباشرة وغير المباشرة”.
وقال ترامب للصحفيين يوم الجمعة “أنا مع منع إيران، بكل تأكيد، من امتلاك سلاح نووي. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أريد أن تكون إيران عظيمة ومزدهرة ورائعة”.
في غضون ذلك، قال مسؤول إسرائيلي ومصدران مطلعان إن إسرائيل، التي عارضت الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، لم تستبعد شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية في الأشهر المقبلة.
وانتهكت طهران منذ عام 2019 قيود اتفاق عام 2015 المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بل وتجاوزتها بشكل كبير، إذ أنتجت مخزونات تفوق بكثير ما يقول الغرب إنه ضروري لبرنامج طاقة مدني.
وقال مسؤول إيراني كبير إن الخطوط الحمراء لإيران تعني أنها لن توافق أبدا على تفكيك أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم أو وقف التخصيب تماما أو خفض مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما دون المستويات المتفق عليها في اتفاق عام 2015.