الخليج الجديد:
2025-03-17@04:12:13 GMT

ماذا يعني اتفاق أوسلو لأمريكا؟

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

ماذا يعني اتفاق أوسلو لأمريكا؟

ماذا يعني اتفاق أوسلو لأمريكا؟

إمكانية كسر حلقة مهمة من حلقات نفوذ أمريكا في المنطقة التي بدأت آثارها تظهر في الاقتصاد والسياسية المحلية والخارجية الأمريكية.

انهيار اتفاق أوسلو يعني لأمريكا اندثار أحد أبرز معالم نفوذها في المنطقة الذي ارتكزت عليه منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي.

ما تدركه واشنطن ويغفله شركاؤها المتحمسون للتطبيع مع العدو أن التطبيع ليس بديلا عن أوسلو، إذ لا يكفي عقد اتفاق مع العرب والمسلمين بدون الفلسطينين.

اتفاق أوسلو أحد عناوين الهيمنة والنفوذ الأمريكي بالمنطقة لما بعد الحرب الباردة وانهيار السوفيات؛ وانهيار مشروع أوسلو مؤشر لانحسار النفوذ الأمريكي بالمنطقة.

أوسلو مسار أمني وسياسي واقتصادي أمريكي يراد له البقاء والتجدد المستمر بعدة عناوين: معسكر السلام، مفاوضات السلام، السلام الاقتصادي، التطبيع واتفاقات أبراهام.

* * *

انهيار اتفاق أوسلو دون توافر بدائل له؛ وتحلل وتفكك السلطة في رام الله يعني الكثير للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي؛ فأوسلو حلقة من حلقات المشروع الأمريكي الذي بدأ بكامب ديفيد، ولم ينته بوادي عربة وصولا إلى اتفاقات إبراهام التطبيعية مع الكيان الإسرائيلي.

أوسلو بهذا المعنى، أساس لما قبله وما بعده؛ وانهياره يهدد بانهيار وتفكك نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في غرب آسيا وأفريقيا.

أوسلو ليس مجرد اتفاق في نظر الولايات المتحدة وشركائها في أوروبا؛ إذ جاء بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي؛ فالاتفاق أحد عناوين الهيمنة والنفوذ الأمريكي في المنطقة لما بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي؛ وانهيار مشروع أوسلو عنوان لما بعد النفوذ الأمريكي وانهياره في المنطقة.

أوسلو مسار أمني وسياسي واقتصادي أمريكي يراد له البقاء والتجدد المستمر تحت عناوين متعددة؛ تارة معسكر السلام، وتارة مفاوضات السلام؛ وتارة مسار السلام الاقتصادي، وأخيرا مسار التطبيع واتفاقات أبراهام؛ فهو عنوان يتكرر ليبرر كل ما سبقه وكل ما جاء بعده، وبدونه فإن الاتفاقات والمشاريع الأمريكية كافة في مهب الريح.

ما تدركه واشنطن ويغفله شركاؤها أحيانا من المتحمسين للتطبيع مع الاحتلال؛ أن التطبيع لا يمكنه أن يمثل بديلا عن أوسلو (الفكرة)، إذ لا يكفي عقد اتفاق مع العرب والمسلمين بدون الفلسطينين؛ فانهيار أوسلو ومشروع السلطة في رام الله، سيعني مأزقا كبيرا للنفوذ الأمريكي يقود لتجميد أو انهيار اتفاقات التطبيع والسلام، بما فيها كامب ديفيد مع مصر الذي سبقه ووادي عربة مع الأردن الذي جاء بعده.

خروج الفلسطينين من معادلة السلام الأمريكي سيكون لها تداعيات خطرة على النفوذ الأمريكي في المنطقة؛ ولا يتوقع أن تستسلم واشنطن بسهولة، إذ ستواصل بذل جهودها لإحيائه عبر مشاريع لا تختلف عن مشروع دايتون والتنسيق الأمني؛ خصوصا أنه يترافق مع صعود المقاومة المسلحة في الضفة الغربية كمسار بديل متمرد على المرجعية الأمريكية الأمنية والسياسية والاقتصادية.

ذلك كله يأتي في ظل تحديات استثنائية تواجهها أمريكا بسيطرة الفاشيين على الدولة العميقة في الكيان المحتل، مفقدة واشنطن القدرة على التأثير في مسار الكيان وقراراته؛ والأهم صعود النفوذ الصيني واتساع نطاق الاشتباك العسكري والأمني مع روسيا من أوكرانيا إلى القارة الأفريقية في النيجر ومال،ي مع احتمالات تفجره أيضا في الأراضي السورية على شكل حروب وصراعات بالوكالة.

فما تعانيه الولايات المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يختلف كثيرا عما تعانيه في شبه الجزيرة الكورية ومضيق تايوان والباسفيك في آسيا، أو حتى في أوكرانيا والقارة الأوروبية أو في أفريقيا مؤخرا في النيجر وبوركينا فاسو ومالي والسنغال والسودان وفي كوبا وفنزويلا والأرجنيتن والبرازيل في أمريكا الجنوبية، وقبل ذلك كله في اتفاقات أوبك بلس بين السعودية وروسيا ومناورات الصين والإمارت الجوية.

أمريكا تشعر بالتهديد وبانكسار حلقات نفوذها في كل مكان من هذا العالم والأراضي الفلسطينية ليست بمعزل أو استثناء عن هذه الحالة. ورغم أن لها أسبابها ومفاعيله المحلية الفلسطينية والعربية والإسرائيلية؛ إلا أنها مؤشر آخر على إمكانية كسر حلقة مهمة من حلقات نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة التي بدأت آثارها تظهر في الاقتصاد والسياسية المحلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

ما حدث ويحدث من إرهاصات في الأراضي الفلسطينيية والجوار العربي، يوحي بأن المواجهة المقبلة لن تكون سهلة على الفلسطينينين؛ فوصول اتفاق أوسلو إلى طريقه المسدود، والعجز عن إعادة إنتاجه أمريكيا، يعني انكسار حلقة من حلقات النفوذ الأمريكي التي ستقود إلى سلسة متتابعة من التفاعلات، تبدأ بالمسار التطبيعي لتصل إلى اتفاق كامب ديفيد ووادي عربة.

مخاوف ستقود الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات متطرفة في المستقبل القريب، تفاقم من حدة الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة لرفع الكلف على الفلسطينيين؛ مسار سيقود بدوره إلى مزيد من التدهور في النفوذ الأمريكي، في نتائج عكسية لا تختلف عن المسار الذي أنتجته السياسة الأمريكية مؤخرا في السودان والنيجر وأوكرانيا ومضيق تايوان.

ختاما.. انهيار اتفاق أوسلو يعني لأمريكا اندثار أحد أبرز معالم نفوذها في المنطقة الذي ارتكزت عليه منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي؛ فهو حلقة من حلقات السلام الأمريكي ـ الهيمنة الأمريكية، التي فرضت من خلاله واشنطن قواعد الحرب والسلام في المنطقة غلى مدى الـسنوات الـ45 الماضية ـ فإن انكسرت حلقاتها اهتز نفوذها بالكامل؛ لتحرم بذلك من تحديد قواعد الحرب والسلم في المنطقة.

*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الاحتلال فلسطين التطبيع السلام الأمريكي الهيمنة الأمريكية الولایات المتحدة النفوذ الأمریکی انهیار اتفاق فی الأراضی فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

نهج ترامب، وإعادة توزيع النفوذ الدولي بالشرق

#نهج_ترامب، وإعادة توزيع #النفوذ_الدولي بالشرق
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
إذا كان التاريخ يعيد نفسه، فإن الشرق الأوسط لا يسمح له بذلك دون تعديلات جذرية. كلما استقرت خريطة النفوذ، تدخلت قوى جديدة لتعيد رسم المشهد وفق مصالحها الخاصة. اليوم، لا تتغير الخرائط بالحروب المباشرة، بل عبر الضغوط الاقتصادية، والمناورات السياسية، واتفاقيات غير معلنة تُبرم خلف الأبواب المغلقة.
الشرق الأوسط يشهد مرحلة إعادة ضبط واسعة: إيران تتراجع، روسيا تحاول الحفاظ على موقعها، الولايات المتحدة تعيد فرض استراتيجيتها بضغط أكبر، وتركيا تترقب لتوسيع نفوذها حيثما أمكن. أما إسرائيل، التي لطالما كانت لاعبًا أساسيًا في أي تحول استراتيجي، فقد وجدت نفسها خارج بعض المعادلات، لكنها لا تزال قادرة على استغلال الفوضى لصالحها
في هذا السياق، تُطرح أسئلة أساسية:
هل نحن أمام شرق أوسط جديد يُرسم وفق رؤية ترامب أم وفق فوضى لا أحد يسيطر عليها؟
هل الهدف من الحصار الأمريكي لإيران هو إخضاعها بالكامل، أم أنها مجرد ورقة في صفقة أكبر؟
وأخيرًا، هل الاتفاق بين إسرائيل وحماس في مرحلته انقلالية الثانية يخدم نتنياهو، أم أنه محاولة لشراء الوقت وإعادة ترتيب الأوراق؟
(1) سوريا: مسرح القوى المتصارعة لكن بلا تأثير إسرائيلي
بعد سنوات من الصراع، لم تعد إيران لاعبًا مؤثرًا في سوريا. انسحابها لم يكن مجرد قرار، بل نتيجة لضغوط مركّبة سياسية وعسكرية واقتصادية جعلت وجودها غير قابل للاستمرار. لم تعد دمشق جزءًا من مشروعها الإقليمي، ولم يعد لها نفوذ يمكن الحديث عنه بعد تقلص دور حزب الله وفقدان السيطرة على الميليشيات الموالية لها.
اليوم، المشهد السوري يُعاد تشكيله بين موسكو وواشنطن وأنقرة، لكن لا يمكن اعتبار إسرائيل جزءًا من هذه اللعبة. صحيح أن تل أبيب تشن ضربات جوية من وقت لآخر، لكنها لا تؤثر فعليًا على الوضع الاستراتيجي داخل سوريا. الضربات التي تنفذها إسرائيل ليست محاولة لإعادة ترتيب المشهد، بل مجرد عمليات أمنية لضمان عدم تشكل تهديدات مستقبلية من الأراضي السورية.
إذا كان هناك من يعيد رسم خطوط النفوذ داخل سوريا، فهو ليس إسرائيل، بل روسيا التي تحاول إدارة علاقتها المعقدة مع تركيا والولايات المتحدة، بينما تحاول الحكومة المؤقتة في دمشق أن تجد لنفسها موقعًا ضمن هذه التوازنات دون امتلاك القدرة الحقيقية على فرض أي معادلة مستقلة بسب من تركة نظام الاسد من فاسد مدمر بكل موسسات الدولة السورية ٫
(2) حصار إيران: الاستسلام أم جزء من صفقة أكبر؟
الولايات المتحدة لم تختر فقط الضغط على إيران، بل تنفيذ استراتيجية حصار كامل أزالت فيه آخر مواقع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
في لبنان، لم يعد حزب الله بنفس القوة، بسبب الأزمة الاقتصادية والضغوط الخارجية.
في سوريا، خرجت إيران بالكامل من المشهد.
في فلسطين، لم تعد إيران قادرة على تقديم الدعم كما في السابق.
في اليمن، الضربات الجوية الأمريكية على الحوثيين تستهدف إضعاف آخر أذرع إيران العسكرية في المنطقة.
السؤال هنا:هل هذه الاستراتيجية تهدف إلى إجبار إيران على الخضوع بالكامل؟ أم أن الضغط الأمريكي هو مجرد ورقة في صفقة أخرى أكبر لم تُعلن بعد؟
واشنطن لا تمانع التفاوض مع طهران، لكن بشروطٍ قاسية: وقف دعم الفصائل المسلحة، الانسحاب من الأزمات الإقليمية، والتخلي عن أي طموح نووي أو استراتيجي مستقل. لكن هل إيران مستعدة للخضوع لهذه الشروط؟ أم أنها ستحاول البحث عن طرق أخرى للمناورة، مثل التقارب مع أوروبا، أو حتى إعادة ترتيب علاقتها مع بعض القوى الإقليمية؟
بعض العواصم الأوروبية تبحث عن حلول بديلة ردًا على الضغوط الأمريكية.
استمرار الضغط الأمريكي قد يؤدي لتغير غير متوقع في العلاقات الأوروبية-الإيرانية، مما يعيد التوازن في المنطقة.
(3) أوكرانيا: الفخ الذي وقع فيه الجميع!
الحرب الروسية-الأوكرانية لم تكن مجرد صراع إقليمي، بل كانت كمينًا استراتيجيًا نُصب لأوروبا أكثر مما كان موجهًا لروسيا. واشنطن، التي لطالما أرادت إبقاء أوروبا تحت المظلة الأمريكية، وجدت في هذه الحرب فرصة ذهبية لربط القارة العجوز بها من جديد.
النتيجة؟ أصبحت أوروبا أكثر ارتهانًا للولايات المتحدة عسكريًا واقتصاديًا، وأصبح القرار الأمني الأوروبي يُصاغ في البيت الأبيض أكثر مما يُصاغ في بروكسل. أما روسيا، فرغم العقوبات والضغوط، لم تنهَر كما توقع البعض، بل وجدت في هذه الحرب فرصة لتعزيز نفوذها في مناطق أخرى، وربما للمساومة لاحقًا مع واشنطن على ملفاتٍ أكثر أهمية من أوكرانيا نفسها.
أمريكا بلا ناتو؟ هل أصبح كل شيء ممكناً؟
وهنا نأتي إلى الفكرة الأكثر جنونًا على الإطلاق: إيلون ماسك، الرجل الذي يريد إرسال البشرية إلى المريخ، يُقال إنه همس في أذن ترامب بأن الولايات المتحدة قد تكون أقوى لو انسحبت من الناتو أو حتى الأمم المتحدة. بعبارة أخرى، “لماذا نتبع القوانين الدولية بينما يمكننا أن نصنع قوانيننا الخاصة؟”
السؤال هنا: هل يمكن لأمريكا أن تصبح دولة “خارج القانون”، تتصرف كما يحلو لها بلا أي قيود؟ أم أن خروجها من هذه المنظمات سيجعلها تفقد نفوذها تدريجياً لصالح قوى أخرى مثل الصين وروسيا
في هذا السياق، تُطرح أسئلة أساسية:
هل نحن أمام شرق أوسط جديد يُرسم وفق رؤية ترامب أم وفق فوضى لا أحد يسيطر عليها؟
(4) تشتيت للأزمة أم تمهيد لصفقة أكبر؟
إذا نظرنا إلى المشهد العام، نرى أن ما يجري الآن قد يكون أكثر من مجرد تفاهمات محلية، بل قد يكون جزءًا من تحولات أوسع تهدف إلى ضبط الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في إطار جديد.او كأداة تكتيكية لكسب الوقت؟
ما هو واضح أن الجميع يناور، ولا أحد يريد أن يحسم الأمور بشكل نهائي. لا واشنطن مستعدة لمواجهة مفتوحة مع الفلسطينيين بسبب ارتقاء الموقف العربي الرسمي ، ولا إسرائيل قادرة على إدارة حرب طويلة دون غطاء دولي، ولا حماس مستعدة للتخلي عن أوراقها دون مقابل واضح بالوقت الحالي .
الخاتمة: من يرسم ملامح المرحلة المقبلة؟
نحن اليوم أمام شرق أوسط يُعاد ترتيبه وفق حسابات دقيقة، حيث لم تعد القوة العسكرية هي المحدد الوحيد، بل أصبحت المصالح والصفقات أكثر تأثيرًا.

مقالات مشابهة

  • نهج ترامب، وإعادة توزيع النفوذ الدولي بالشرق
  • الأمم المتحدة تعارض الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة العازلة بين سوريا والجولان المحتل
  • اقتربت على النهاية.. تطورات الحرب الروسية الأوكرانية| ماذا يحدث؟
  • ترامب: لن نتسامح مع هجوم الحوثيين على السفن الأمريكية
  • محلل سياسي: الحرب الروسية الأوكرانية نحو اتفاق سلام محتمل
  • انهيار صناعة السفن الأمريكية وصعود العملاق البحري الصيني.. ماذا يعني هذا للعالم؟
  • ترامب يأمر بالاستعداد لاستعادة السيطرة على قناة بنما
  • مجموعة السبع تشيد بالمباحثات الأمريكية الأوكرانية في المملكة
  • استطلاع يكشف أراء المجتمع الأمريكي تجاه سياسات ترامب.. ماذا قعن روسيا وأوكرانيا؟
  • ترامب يسعى لاستعادة النفوذ الأمريكي في قناة بنما وسط جدل دولي متصاعد