استغلال المناطق الجبلية للزراعة رافد اقتصادي وسياحي مهم
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
أكد مختصون على أهمية استغلال المناطق الجبلية زراعيًا، وإن تم استغلالها بالشكل المثالي فسيكون لها مردود وأثر اقتصادي وسياحي كبير وخصوصًا على قاطني هذه المناطق، مشيرين إلى أن البيئة الجبلية يمكن استغلالها في الجانب الزراعي والسياحي بشكل متميز وذلك لبيئتها الجبلية الباردة وتنوع محاصيلها وامتداد موسم الإنتاج فيها، ودعوا إلى تهيئة المساحات الزراعية في المواقع الجبلية، وتشجيع الاستثمار فيها، وإيجاد مصادر مياه كافية للري.
يقول المهندس يوسف بن خلفان الناعبي مدير دائرة الثروة الزراعية وموارد المياه بولاية دماء والطائيين: «يتميز الجبل الأبيض في ولاية دماء والطائيين بطقسه المعتدل في الصيف والقارس ببرودته في الشتاء مع هطول الأمطار على فترات متقاربة وارتفاع الجبل الشاهق والمطل على المسطحات المائية، فهو يتمتع برطوبة معتدلة على مختلف فترات السنة. ونظرا للرياح القادمة من هذه المسطحات التي عادة ما تكون محملة ببخار الماء؛ فإن هذا التنوع الذي يشبه مناخ إقليم البحر الأبيض المتوسط يساعد الأشجار على استهلاك الماء والحاجة إليه بصورة أقل، ويكون امتداد موسم الإنتاج الزراعي أطول من بقية الأشجار الموجودة في المناطق السهلية، لذلك نرى الأشجار متساقطة الأوراق مثل: الرمان والعنب تأخذ وقتها في النمو والتغيير الفسيولوجي في الثمار يكون أكبر».
كما أشار الناعبي إلى أنه «من الجانب البيئي فإن الزراعة في الجبل تساعد على تعزيز وتقليل عملية التصحر، أما من الجانب الاقتصادي فإنه كلما تم استغلال وزراعة محاصيل زراعية فيها تشكل رافد إنتاج عالٍ ينشط السوق المحلي، ويوجد دخلا على المستوى الأسرة والمجتمع، كما أن وجود المسطحات الخضراء والمشاريع الزراعية عامل جذب للسائح.
ويؤكد الناعبي على تنوع المنتجات الزراعية بالجبل الأبيض، ويتميز بوجود العديد من النباتات والشجيرات العشبية والأشجار الكبيرة مثل: السدر والسمر والسرح والغاف وغيرها وهناك شجرة الزعتر التي تنمو بكثرة على امتداد وطول الجبل، وتستخدم في العلاجات واستخدامات أخرى متعددة، وما يهمنا هنا هو انتشار زراعة أشجار النخيل والرمان والليمون والمانجو والتين على كثير من المدرجات الزراعية.
وفي الآونة الأخيرة تم إدخال وزراعة أصناف متنوعة في المناطق المرتفعة على ارتفاع 1400 متر مثل: الرمان (الطائفي- اليمني)، وفي الجبل الأخضر: التين الشوكي، والزيتون، والتين.
وأوضح أن هناك مشكلة واحدة تواجه الزراعة في الجبل الأبيض وهي قلة وجود الماء وإن وجد فلا تسأل ماذا تزرع؟ فالعوامل الطبيعة بكل أنواعها تقول لنا ازرع فقط، فيمكن حل هذه المشكلة بإنشاء سدود تغذية والإكثار منها في الجبل الأبيض، وضخ الماء من أسفل ووسط وادي ضيقة، ومن سد وادي ضيقة.
ويقول المهندس سالم الهميمي مدير الثروة الزراعية وموارد المياه بالحمراء: «تتميز محافظات سلطنة عمان بتعدد واختلاف بيئاتها فهناك بيئة السهل، وبيئة الجبل، وبيئة الساحل، والبيئة الصحراوية ولكل بيئة من البيئات مميزاتها النسبية بما تمتاز به من زراعات تجود فيها ولا تجود في غيرها.
فلو أخذنا المناطق الجبلية مثالا، فهي تمتاز بدرجة الحرارة المعتدلة صيفًا والباردة شتاء؛ نظرًا لارتفاعها عن مستوى سطح البحر، حيث تكون درجة الحرارة في الشتاء متدنية، وقد تصل إلى ما دون درجة الصفر في بعض الأحياء خاصة في القمم الجبلية. هذا المناخ أوجد بيئة مناسبة لنمو العديد من الأشجار والشجيرات البرية كأشجار العلعلان وأشجار الزيتون البري (العتم) والشجيرات العطرية والدوائية والزيتية، كما تسهم بيئة الجبل في نمو الحشائش في المراعي، مما أوجد بيئة مناسبة لرعي الحيوانات والماشية، هذا التنوع البيئي في بيئة الجبل أوجد مصدر دخل اقتصاديًا أسهم في جذب الاستيطان البشري من قديم الزمان، حيث يمتهن سكان البيئة الجبلية الزراعة وتربية الماشية المعتمدة على الرعي، كما أصبحت المناطق الجبلية بيئة جاذبة للسياحة بمختلف أنواعها، مما أوجد مداخيل اقتصادية إضافية لسكان الجبل أسهمت في رفع المستوى المعيشي للسكان.
ويشير الهميمي إلى أن المناطق الجبلية تمتاز بزراعة أشجار الفاكهة متساقطة الأوراق مثل: أشجار الرمان والخوخ والمشمش وغيرها، كما تم مؤخرًا إدخال زراعة أشجار الزيتون، وقد أظهرت زراعته نجاحًا متميزًا ومستقبلًا واعدًا كإضافة اقتصادية لسكان ومزارعي المناطق الجبلية خاصة الجبل الأخضر وجبل شمس، كما تجود زراعة محاصيل الثوم والبصل العماني وكذلك زراعة أشجار الورد العماني الذي يستخرج منه ماء الورد الذي يدخل في كثير من الصناعات العطرية والغذائية كصناعة الحلوى العمانية.
ويوضح أن أهم المشكلات التي تواجه الزراعة في المناطق الجبلية يمكن تلخيصها في: «صغر المساحات الزراعية، مما يحد من التوسع الأفقي في الزراعة، وشح المياه وقلة المخزون الجوفي للمياه، واستخدام الطرق التقليدية في الزراعة، وهجرة اليد العاملة الشابة للعمل والسكن خارج بيئة الجبل»، ومن أجل إيجاد حلول لتلك المشكلات يمكن للجهات الحكومية المختصة «تهيئة مساحات زراعية مناسبة لتشجيع الاستثمار فيها، وإيجاد مصادر مياه كافية للري والتوسع في المساحات المزروعة، وتشجيع السياحة الزراعية وتثقيف أهالي ومزارعي الجبل بها للاستفادة من الأفواج السياحية المتدفقة للسياحة في المناطق الجبلية». المهندس الزراعي سعود المياحي من الجبل الأخضر يقول: تتميز المناطق الجبلية كجبل السراة والجبل الأخضر بمناخهما البارد شتاءً والمعتدل صيفًا، حيث يعدُّ من أهم العوامل التي تسهم في زراعة أشجار الفاكهة المتنوعة. وذلك يعدُّ جاذبًا للسياحة في وقت الحصاد ورافدًا اقتصاديًا للمنتجين، من خلال بيع الثمار كالرمان والجوز والخوخ والمشمش، وكذلك استخلاص الزيوت العطرية وماء الورد من الورد الجبلي، وكذلك من أشجار الزيتون يستخلص زيت الزيتون وصنع المخللات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المناطق الجبلیة الجبل الأخضر الجبل الأبیض زراعة أشجار فی المناطق فی الجبل
إقرأ أيضاً:
«نهضة إفريقيا الزراعية».. عن التحول الاقتصادي والتنمية الشاملة بالقارة
من الكتب المهمة التى أصدرها المركز القومى للترجمة، والتى يتماس موضوعها مع الشأن الاقتصادى والتنمية، كتاب «نهضة إفريقيا الزراعية»، وهو عبارة عن دراسة علمية مُؤيَّدة بالنماذج والأرقام والإحصاءات عن أمل هذه القارة فى مستقبل يليق بإمكانياتها، ويعود بالنفع على سكانها، ألا وهو قطاع الزراعة.
الكتاب يدرس حالات من 3 قارات ويقسّم إفريقيايقع الكتاب فى 418 صفحة، مُقسّم إلى أربعة أبواب رئيسية، يشمل كل منها عدداً من الموضوعات الفرعية عن الزراعة، بوصفها محرك التحول الاقتصادى والتنمية الشاملة، إلى جانب دراسات لحالات التحول الزراعى من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كما يطرح أبرز التحديات التى تواجه هذا القطاع فى القارة قبل الانطلاق نحو بناء مُجمع قوة زراعى فى القارة الواعدة.
ويتناول دراسات حالات من قارات ثلاث، هى آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، وينبرى المؤلف من هذا المنطلق إلى تقسيم إفريقيا إلى خمس مناطق زراعية، داعياً إلى إيجاد نموذج رائد فى كل منطقة، فإذا تم المراد على المستوى المناطقى أمكن التحول إلى المستوى القارّى ثم العالمى.
ويرى الدكتور أسامة رسلان، المدرس بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر والمترجم، أن الكتاب دعوة لسبر مكامن التفوق والتعاون، ونفض غُبار الماضى، وتحويل التأخر فى التنمية إلى عنصر رابح بالتعلم من تجارب البلدان الأخرى لمحاكاة سديدها ودرء تكرار رديئها؛ والتعويل فى ذلك على قطاع الزراعة بوصفه المنطلق لبث الحياة فى قطاعات التجارة والصناعة وريادة الأعمال.
وأوضح «رسلان»، فى تصريحات، لـ «الوطن» أن «الجميل فى هذا الطرح أنه يتناول المسألة، بداية من رصد الواقع، مروراً بعرض التجارب الزراعية البازغة فى القارة، وانتهاء بالتنظير -المؤصل بالحقائق والبرهان- نحو منظومات إقليمية تشمل القارة كلها تحقيقاً للاكتفاء واستدراراً للموارد، أملاً فى التحول عن بؤس التناقض واقعاً، إلى بأس التعاضد طموحًا، وذلك بأن القارة تجمع بين كل مظاهر التأخر، وجميع أسباب التطور، بين العوز والفاقة مع الوفرة ومكامن الطاقة، بين البِر بالعالم وعقوق شعوب القارة، بين استجداء العون فى ما الخير فيه من كل صنف ولون».
ويرى المدرس بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، أن الكاتب لم يتطرق إلى الحالة والتجربة الزراعية المصرية إلا من بعيد، ولم يفرد لها جانباً كافياً ولا عرضاً وافياً، ولعل السبب الأهم فى ذلك هو أن المؤلف كان فى مرحلة الإعداد والتأليف فى السنوات القليلة السابقة على عام إصداره، أى 2021، ففى السنوات السابقة كانت التجربة المصرية والطموح الجامح للتوسع الزراعى العلمى -رأسياً وأفقياً- قيد الدراسة والتنفيذ، وها هى شواهده المبهرة تقف شاهداً على إنجازات هى أقرب ما تكون إلى الإعجاز، باستصلاح ملايين الأفدنة فى مناطق شتى من أنحاء الجمهورية، تسبقها وتواكبها بنية تحتية تخدمها من طرق وكهرباء ومطارات ومخازن وقنوات مياه ونهر صناعى هو الأضخم فى العالم، فضلاً عن مشروعات التحلية والمعالجة للمياه.
وأشار إلى أن المؤلف النيجيري أيوديلى أودوسولا، صاحب دراسات سابقة فى قطاع الزراعة، وهذا الكتاب تجسيد لمنتهى بحوثه ودراساته، وهو مستمر فى جهوده البحثية الإقليمية - القارية المدققة، وعسى أن يكون لمصر نصيب فى مؤلفاته المقبلة، مؤكداً أن هذا الكتاب مهم للغاية لصُناع القرار والمستثمرين أيضاً، ومن قبلهم مراكز البحوث والوزارات والهيئات المتخصّصة فى مجال الزراعة، فالتجارب خير المشارب! والاستفادة من تجارب الآخرين كفيلة باجتناب أسباب الفشل، كما أنها كفيلة باختصار الوقت، وتعجيل التنفيذ، وتحصيل المكاسب، وسد الفجوات، والاستعانة بأصحاب التجارب الناجحة.