يوسف زيدان يشكك في مواقيت الحج.. وعالم أزهري يرد: «افتراء على الله ورسوله»
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
يوسف زيدان يشكك في مواقيت الحج.. يواصل الدكتور يوسف زيدان، عضو مركز «تكوين» للفكر العربي، إثارة الجدل بآرائه التي يفصح عنها من وقت لآخر في مؤلفاته أو مقالاته أو عبر منشوراته التي يكتبها على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
يوسف زيدان يشكك في مواقيت الحجمع حلول عيد الأضحى المبارك 2024، عاد يوسف زيدان، من جديد، ليثير الجدل بالتشكيك في مواقيت الحج، قائلًا في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «عيدكم سعيد.
ومن جانبه ردّ الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر، على تشكيك يوسف زيدان في مواقيت الحج، حيث نشر على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك منشورًا بعنوان: «الرد الوافر التام.. على من زعم أن الحج يجوز طول العام.. سلسلة الرد على أفكار (تكوين) وأوهام المشككين».
وقال الدكتور العشماوي: «في مثل هذه الأيام من كل عام يثير القرآنيون وغيرهم من المشككين الذين دأبوا على الطعن في ثوابت الدين الإسلامي، شبهة: حاصلها أن مناسك الحج يجوز أن تفعل في سائر أيام السنة.. ولعل ما يدفعهم إلى هذا القول، ويتخذونه ذريعة إلى التمسك به، والترويج له، حوادث الحج التي تتكرر كل عام بسبب الزحام، وأنه لو وزعت أفواج الحجيج على الأشهر الحرم، لأمكن تفادي الكثير من تلك الحوادث».
وتطرق أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر، إلى توضيح منشأ الشبهة التي يشكك من خلالها يوسف زيدان ومن سار على نهجه في مواقيت الحج، قائلًا: «نشأت هذه الشبهة في أذهان أصحابها من ظاهر قوله تعالى: (الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، قالوا: فقد جعل الأشهر الثلاثة محلا للحج وميقاتا زمانيا له، دون تحديد له بأيام بعينها منه، وبناء عليه فالحج في جميعها جائز بنص القرآن. ومنهم من توسع حتى ذهب إلى جوازه في جميع السنة، استنادا إلى ما قرره بعض الفقهاء مما يفهم منه جواز ذلك».
وتابع العشماوي: «كما أن هؤلاء المشككين قالوا: وأما حجه صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي يحج الناس فيها الآن فليس دليلا على عدم جواز الحج في غيرها، ولو كان كذلك لكان معارضا لنص الآية الكريمة التي جعلت الأشهر الثلاثة كلها زمانا للحج، ومما يؤكد ذلك قول الله تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)، فجعل أهلة الشهور كلها ميقاتا زمنيا للحج».
د.محمد العشماوي، أستاذ الحديث بجامعة الأزهرالرد على شبهة التشكيك في مواقيت الحجوأوضح أستاذ الحديث الشريف بجامعة الأزهر، أنه للرد على هذه الشبهة نقول: أولا: ما السر في التعبير عن الحج بأنه أشهر معلومات؟ ويجيب عن ذلك الإمام القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن)، فيقول: «لما ذكر الحج والعمرة سبحانه وتعالى في قوله: (وأتموا الحج والعمرة لله)، بيَّن اختلافهما في الوقت، فجميع السنة وقت للإحرام بالعمرة، ووقت العمرة، وأما الحج فيقع في السنة مرة، فلا يكون في غير هذه الأشهر».
وتابع العشماوي: «ويضيف الإمام البقاعي وجها آخر، فيقول في (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور)، ولما ذكر سبحانه وتعالى أن الحج موقت بالأهلة - يعني في آية سابقة على هذا وهي قوله تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)، ولم يعين له وقتًا من شهور السنة، وختم ذلك بالتفرقة في بعض أحكام الحج بسبب الأماكن، تشوفت النفس إلى تعيين وقته وأنه هل هو كالمكان أو عام الحكم فقال: {الحج} أي وقته {أشهر}، فذكره بصيغة من جموع القلة الذي أدناه ثلاث، وهي ثلاث بجبر المنكسر: شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة وليلة العيد، بدليل أنه يفوت بطلوع الفجر يوم النحر، ولما أبهم عيَّن فقال: {معلومات} أي قبل نزول الشرع، فأَذِن هذا أن الأمر بعد الشرع على ما كان عليه، ولا شك أن في الإبهام ثم التعيين إجلالاً وإعظاماً للمحدث عنه. والمعنى على ما ذكراه: أن اختيار هذا التعبير القرآني البليغ - وهو أن الحج يكون في أشهر معلومات للمخاطبين - إنما وقع حسما للمادة، مخافة أن يجر الإبهام إلى اعتقاد جوازه طول العام».
مركز تكوين للفكر العربيلماذا لم يسم الله أشهر الحج في الآية؟وطرح أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر، سؤالًا قال فيه: لماذا لم يسم الله أشهر الحج في الآية ليقطع أوهام الواهمين، وظنون المتخرصين؟ مجيبًا: أن المولى عز وجل سماها بطريق الإحالة، لأنه أحال على كونها معلومة عند العرب، والعرب إنما كانت تحج في تلك الأشهر الثلاثة، فقررهم عليها. قال القرطبي: «لم يسم الله تعالى أشهر الحج في كتابه، لأنها كانت معلومة عندهم».
وأوضح العشماوي، أنه لما كان الحج عبادة قديمة تمارسها العرب في هذه المدة، وقع التعبير عنها بأنها (أشهر معلومات)، خلافا لصوم رمضان فلم تعرفه العرب في الجاهلية، فوقع التعبير عنه بـ «أياما معدودات»، وهذا من أسرار النظم القرآني البديع، ولا يصح الاستدلال على جواز الحج في سائر السنة، بقوله تعالى: «يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج»، فإن هذه الآية عامة، خصصتها آية «الحج أشهر معلومات».
وأكد أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر، أن الإمام الرازي قد أورد هذه الشبهة، وأجاب عنها بقوله: «بقي ها هنا إشكالان: الأول: أنه تعالى قال من قبل: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)، فجعل كل الأهلة مواقيت للحج. والثاني: أنه اشتهر عن أكابر الصحابة أنهم قالوا: من إتمام الحج أن يحرم المرء من دُويرة أهله، ومَنْ بَعُدَ داره البعدَ الشديد لا يجوز أن يحرم من دويرة أهله بالحج إلا قبل أشهر الحج، وهذا يدل على أن أشهر الحج غير مقيدة بزمان مخصوص. والجواب عن الإشكال الأول: أن تلك الآية عامة، وهذه الآية وهي قوله: (الحج أشهر معلومات) خاصة، والخاص مقدم على العام. أما الإجابة عن الإشكال الثاني: أن النص لا يعارضه الأثر المروي عن الصحابة».
د.محمد العشماوي، أستاذ الحديث بجامعة الأزهرسقوط شبهة جواز الحج في سائر السنةوأوضح العشماوي، أنه بما ذُكر من ردود تسقط شبهة جواز الحج في سائر السنة، وتبقى شبهة جوازه في سائر الأشهر الثلاثة، دون تحديد بأيام بعينها، مشيرًا إلى أن معنى «الحج أشهر معلومات» بناء على إعرابه، قال فيها الإمام القرطبي: «الحج أشهر معلومات» ابتداء وخبر، وفي الكلام حذف تقديره: أشهر الحج أشهر، أو وقت الحج أشهر، أو وقت عمل الحج أشهر، وقيل التقدير: الحج في أشهر، ويلزمه مع سقوط حرف الجر نصب الأشهر، ولم يقرأ أحد بنصبها، إلا أنه يجوز في الكلام النصب على أنه ظرف. قال الفراء: الأشهر رفع، لأن معناه وقت الحج أشهر معلومات. قال الفراء: وسمعت الكسائي يقول: إنما الصيف شهران، وإنما الطيلسان ثلاثة أشهر. أراد: وقت الصيف، ووقت لباس الطيلسان، فحذف.
وقال الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير المسمى(مفاتيح الغيب): «من المعلوم بالضرورة أن الحج ليس نفس الأشهر، فلا بد ههنا من تأويل، وفيه وجوه: أحدها: التقدير: أشهر الحج أشهر معلومات، فحذف المضاف، وهو كقولهم: البرد شهران، أي وقت البرد شهران. والثاني: التقدير: الحج أشهر معلومات، أي لا حج إلا في هذه الأشهر، ولا يجوز في غيرها، كما كان أهل الجاهلية يستجيزونها في غيرها من الأشهر، فحذف المصدر المضاف إلى الأشهر. الثالث: يمكن تصحيح الآية من غير إضمار، وهو أنه جعل الأشهر نفس الحج، لما كان الحج فيها، كقولهم: ليل قائم، ونهار صائم. وعلى الوجه الإعرابي الثاني الذي ذكره الرازي يكون فائدة التعبير بـ (أشهر معلومات) حصر أفعال الحج في تلك الأشهر، فلا تصح في غيرها».
الحجاجمعنى «الحج أشهر معلومات» بناء على إعرابهوتابع العشماوي: «يستفاد من التعبير القرآني أيضا أنه ليس بالضرورة أن تستغرق أفعال الحج الأشهر الثلاثة كلها، بل إنها تقع في جزء منها - وهو الجزء المرتبط بالمناسك المعينة في أوقات معينة - والتعبير بالكل وإرادة الجزء واقع في كلام العرب، وبه نزل القرآن. قال القرطبي مقررا ذلك: ولفظ الأشهر قد يقع على شهرين وبعض الثالث، لأن بعض الشهر يتنزل منزلة كله، كما يقال: رأيتك سنة كذا، أو على عهد فلان، ولعله إنما رآه في ساعة منها، فالوقت يذكر بعضه بكله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيام منى ثلاثة). وإنما هي يومان وبعض الثالث. ويقولون: رأيتك اليوم، وجئتك العام، وقيل: لما كان الاثنان وما فوقهما جمعا، قال: (أشهر)».
الحج لـ عام 2024رعاية حال الناس في الأسفار البعيدةوطرح الدكتور محمد العشماوي، أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر، سؤالًا آخر قال فيه: إذا كانت أفعال الحج إنما تقع في جزء معين من الأشهر الثلاثة، فلماذا لم ينص القرآن على هذا الجزء، وذكر الوقت على الشيوع؟
وأجاب العشماوي، موضحًا أن ذلك رعاية لحال الناس في الأسفار البعيدة، وما يعرض لهم من الظروف والأحوال العائقة، فمنهم من لا يبلغ مكة إلا في مدة مديدة، لا سيما مع تعذر وسائل النقل وقت نزول القرآن، أو حتى إذا وقع الإحصار بالحج في زمننا هذا مع وجود وسائل النقل السريعة، فربما تعطلت خطوط البر أو البحر أو الجو لأسباب مختلفة، فلو اقتصر على ذكر الوقت المعين للمناسك، لربما فات الحج بسبب الإحصار، ولهذا فإن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من المدينة قاصدا مكة في حجة الوداع خرج لخمس بقين من ذي القعدة، يعني في الخامس والعشرين أو الرابع والعشرين منه، مع أن المسافة من المدينة إلى مكة آنذاك كانت تقطع في ثلاثة أيام على أقصى تقدير، فكان يكفيه أن يخرج مثلا في أول ذي الحجة.
المسجد النبوي الشريفسيدنا النبي عيَّن الأوقات التي تفعل فيها مناسك الحجوتابع أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر: كما أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم عيَّن بفعله الأوقات التي تفعل فيها مناسك الحج من تلك الأشهر، ولم يكتف بالفعل، بل أكده بقوله: «خذوا عني مناسككم»، حتى يقطع الطريق على أصحاب تلك الشبهة وأمثالهم، ممن يحملهم الهوى على تبديل أحكام الله ورسوله.
وبيان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، لمجمل القرآن هو إحدى وظائف النبوة والرسالة، بنص القرآن، قال تعالى: «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم»، فأسند إليه مهمة بيان الذكر الذي هو القرآن، وقد بيَّنه أتم بيان، حتى أنزل الله تعالى قوله: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، ولحكمة يعلمها الله فإن هذه الآية تحديدا نزلت في حجة الوداع وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، فلو كان يمكن الحج في غير هذا الوقت الذي حج فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيَّنه للناس، لا سيما والحاجة ماسة، والجو مناسب، والظرف مُوَاتٍ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلما لم يفعل علمنا أن ذلك وقت الحج لا وقت له غيره.
ولهذا قال الرازي في أحد الوجوه التي ذكرها في معنى(معلومات)، أن المراد بها معلومات ببيان الرسول عليه الصلاة والسلام. وقال أيضًا: المراد بها أنها مؤقتة في أوقات معينة لا يجوز تقديمها ولا تأخيرها، لا كما يفعله الذين نزل فيهم «إنما النسيء زيادة في الكفر» (التوبة: 37).
الدكتور محمد العشماوي، والدكتور يوسف زيدانالرد على من يقول بجواز الحج طوال العاموأكد الدكتور محمد العشماوي، أن استدلال من يشككون في مواقيت الحج بقوله عز وجل: «فمن فرض فيهن الحج»، ويقولون بجواز الحج طوال العام، هو استدلال باطل، قائلًا: «لا يصح أن يراد من الفرض هنا أفعال الحج المؤقتة بميقات زمني مخصوص في شهر ذي الحجة، ولو كان ذلك مرادا لعبر عنه بقوله: (فمن حج فيهن)، ولكنه عدل عن هذا التعبير إلى (فرض) ليدل على معنى آخر، وهو الإيجاب والإلزام، ويكون ذلك بالدخول في الإحرام، سواء بقي على إحرامه إلى بقية المناسك، فيكون مفردا - وهذا صعب، وبه قال النخعي فيمن أحرم في غير أشهر الحج: لا يحل حتى يقضي حجه - أم تحلل بعمرة، ثم بقي إلى زمان الحج، فيكون حجه تمتعا - وهو الأيسر والأقرب - وبه قال الأوزاعي فيمن أحرم في غير أشهر الحج: إنه يحل بعمرة».
الدكتور يوسف زيدانشبهة واهية لا تصمد أمام النقد العلميواختتم الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، رده قائلًا: وبعد، فإن شبهة جواز إيقاع مناسك الحج المؤقتة بوقت مخصوص كأعمال يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، في جميع أشهر الحج، أو في جميع السنة، شبهة واهية، أوهن من بيت العنكبوت، ولا تصمد أمام النقد العلمي النزيه، والقول بها افتراء واجتراء على الله ورسوله، واتهام واضح لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ترك شيئا من فرائض الدين، بل من شعائر الإسلام لم يبلغه لنا و كتمه عنا، أو تركه غامضا ولم يبينه، وأن الأمة كلها تواطأت على هذا الكتمان والغموض، ولا يخفى ما في ذلك من إهدار قيمة الإجماع النظري والعملي، ونقل الكافة عن الكافة ما توارثوه من أحكام دينهم عن نبيهم، وهو ما يعني تجهيل الأمة كلها وتغفيلها وتضليلها، وهو ما عصم الله منه هذه الأمة المباركة المرحومة، إكراما لنبيها صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضاًالإفتاء: زيارة الأضرحة مشروعة بأدلة من الكتاب والسنة.. وهي من أقرب القربات
دار الإفتاء: التضحية بالشاة المغصوبة صحيحة شرعا إذا تحقق هذا الشرط
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: جامعة الأزهر الحج الدكتور يوسف زيدان عيد الأضحى 2024 مواقيت الحج مركز تكوين تكوين أستاذ الحديث بجامعة الأزهر سیدنا النبی صلى الله علیه وسلم الأشهر الثلاثة محمد العشماوی الدکتور محمد مناسک الحج یوسف زیدان أشهر الحج فی غیرها فی سائر لا یجوز أن الحج قائل ا فی غیر ما کان
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري يقدم توضيحا مهما بشأن إرضاع وفطام الطفل
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
عقد الجامع الأزهر، حلقة جديدة من ملتقاه الفقهي بعنوان "رؤية معاصرة"، ناقش خلالها "الرضاعة بين الشرع والطب".
وكشف الملتقى المنظور الشرعي الذي يحدد المبادئ الإسلامية حول الرضاعة، والمنظور الطبي الذي يستعرض الجوانب الصحية والعلمية المتعلقة بها، لتقديم رؤى متكاملة تواكب احتياجات المجتمع المعاصر.
وحاضر في الحلقة الثالثة من الملتقى الذي يعقد برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وتوجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر ، كل من: الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، وأدار الحوار الدكتور هاني عودة عواد، مدير عام الجامع الأزهر.
مقصد الشريعة الإسلاميةوقال الدكتور علي مهدي، إن التشريع الإسلامي جاء لتحقيق مصالح العباد، مع مراعاة التوازن النفسي والبدني والصحي، حتى تتحقق الغاية الطيبة التي أرادها الله عز وجل، فقد اهتم التشريع الإسلامي بالإنسان في جوانبه الصحية والبدنية والنفسية، مما يشجع على بناء الثقة بالنفس ويعزز التوازن النفسي والبدني.
وعرّف الدكتور علي مهدي، الرضاع بأنه وصول لبن امرأة آدمية إلى جوف الطفل، في فترة الرضاع، حيث تتكون المناعة الطبيعية عند الطفل، وقد غلب الشرع مصلحة الطفل وحقه في الرضاع والاستفادة من حليب أمه، مشيرا إلى الربط بين قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، وبين قوله تعالى : {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ}، فقد رصد القرآن الكريم المدة الطبيعية للرضاع وهي (حولين كاملين)، فتتكون في هذه المدة العناصر الأساسية لاستفادة الطفل من لبن الأم، وبعدها يعتاد الأكل وتقل حاجته للرضاع، وبالتالي تكون الأولوية القصوى هي مراعاة مصلحة الطفل، وفي حال الاختلاف على مدة الفطام، تُقدم مصلحة الطفل، أما إذا اتفقا على مدة الفطام، فتُغَلب مصلحة الأسرة حينئذ.
وأضاف: وفي قوله تعالى {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ }، يتضح أنه لا يحل شرعاً للرجل أن يلحق الضرر بزوجته إذا رغبت في الرضاعة، فالتواصل بين الأم وطفلها ضروري، وإذا كانت الأم قادرة على الرضاعة وتمتنع عن ذلك نكاية في زوجها، فإن الله سبحانه وتعالى ينهاها عن ذلك، لأن مصلحة الطفل هي المصلحة المغلّبة، ولهذا اتفق الفقهاء على أنه يجب على المرأة أي الأم الحقيقية أن ترضع طفلها، ولكن إذا وقع نزاع أو كان هناك عذر من سفر أو مرض فلا مانع من أن ترضعه امرأة أخرى، قال تعالى {وإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ}.
الرضاعة فطرة إلهيةفي سياق متصل، أكد الدكتور محمود صديق ، أن الرضاعة ليست ظاهرة حديثة، بل كانت موجودة في الحضارات والثقافات القديمة وسجلت على جدران معابدهم، موضحا أن الرضاعة الطبيعية تُعتبر فطرة إلهية، ولا يوجد بديل طبي للبن الأم، حيث لا تستطيع أي صناعة مهما كانت متطورة أن تنتج لبنًا مماثلًا، مشيرا إلى أن لبن الأم يكفي احتياجات الطفل خلال الأشهر الستة الأولى من حياته، وأن الأطباء قد يوصون أحيانًا بفصل الرضاعة قبل إتمام العامين إذا لاحظوا علامات الهزال على الطفل.
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر، أن الطفل يبدأ في التعلق بأمه منذ فترة الحمل، مما يجعل هذا الرابط قويًا، مشيرا إلى تكريم الأم في القرآن الكريم، حيث ذكر الله تعالى الوصية بالوالدين، وكذلك في الحديث النبوي الذي يبرز مكانة الأم، مؤكدا أن لبن الأم يحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة للطفل خلال الأشهر الستة الأولى، وأن حرمان الطفل من هذا اللبن قد يؤدي إلى مشكلات نفسية ومناعية.
وأشار إلى أن عدم الرضاعة قد يعرض الأم لبعض الأمراض مثل سرطان الثدي وسرطان الرحم، داعيا إلى عدم الانسياق وراء الشائعات حول تأثير الرضاعة الطبيعية على شكل المرأة، معتبرا ذلك وساوس من الشيطان، مشددا على أن بنوك الألبان تضر المجتمع من خلال اختلاط الأنساب، محذرا من استخدام الأدوية التي تعزز إدرار اللبن، حيث إن ذلك قد يؤثر سلبًا على هرمونات المرأة.
حقوق الطفل في الإسلاممن جانبه، أوضح د. هاني عودة، أن الإسلام عني بالإنسان وراعى حقوقه حتى قبل أن يأتي إلى الحياة، فوضع له الشرائع وسن له القوانين التي تكفل تلك الحقوق ليكون نافعاً في وطنه ومجتمعه، ومن أهمها حقه في الرضاع وحقه في أن يحسن الزوج اختيار الأم، وأن يحسن اختيار اسمه، وأن يقوم بتعليمه التعليم الجيد، وأن يستمتع بنسبه.
وخلال كلمته بالملتقى، وجه مدير الجامع الأزهر بعض الرسائل المتعلقة بالرضاع، ومن أهمها حصول التوافق بين الأبوين، فالطفل ليس مجالاً لتصفية الحسابات بين الزوجين حال النزاع، لكن له كل الحق في الرضاعة الطبيعية والحضانة لينشأ في بيئة آمنة ومستقرة في هذه الحياة ، وحتى يكون فردا فاعلًا في المجتمع، فمصلحة الطفل تأتي قبل أي شيء.
وعدد مدير عام الجامع الأزهر ، الفوائد الجمة للرضاعة الطبيعية، حيث إنها تحمي الطفل من الأمراض التي تطرأ عليه جراء عدم رضاعته رضاعة طبيعية، وأيضاً لها مميزات على الأم المرضعة فهي تؤدي إلى انقباض الرحم بعد الولادة لنشاط هرمون المشاعر الإيجابية المتعلق بذلك، كما أن الرضاعة الطبيعية تساعد على رشاقة جسم الأم، من خلال حرق الدهون المتراكمة، وهي تعد وسيلة من وسائل منع الحمل في فترة الرضاعة، كما أن لها تأثيرا نفسيا كبيرا، حيث تحمي الأم من الاكتئاب، فالرضيع يتعلق عاطفياً بمرضعته وهذا ينعكس إيجابياً على الطفل، كما أنها تنظم سلوكه وسلوك الأم معه.
تعميق التعاون بين الفقه والطبمن جهته، أكد الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أن الملتقى يُعدّ منصة هامة لتعميق التعاون بين الفقهاء والأطباء، ويعكس جهود الأزهر في تقديم حلول متكاملة تتماشى مع الدين الإسلامي وتحديات العصر، مشيرا إلى أن هذا الملتقى يأتي ضمن سلسلة من الفعاليات التي تهدف إلى نشر الوعي العام حول القضايا المعاصرة.
وأشار إلى أن الملتقى يعد خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية القضايا الفقهية والطبية، مؤكدًا على ضرورة بناء مجتمع واعٍ بأهمية الحفاظ على قيم الشريعة في ضوء التطورات الطبية، مضيفا : يُعتبر الرضاع أحد الحقوق الأساسية للطفل في الإسلام، مشددا على أهميته في تعزيز الروابط الأسرية وتوفير التغذية السليمة للرضيع، مما يعكس اهتمام الدين بصحة الطفل ونموه.
اقرأ أيضا:
لو شغال في الخارج.. تعرف على طرق التواصل مع وزارة العمل لحل مشاكلك
أمطار رعدية ونشاط للرياح.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة
ماهي التأشيرات المخصصة لأداء الحج 2025؟
قانون الضمان الاجتماعي الجديد.. هل يجوز التنازل عن الدعم النقدي للغير؟
الجامع الأزهر فطام الطفل ارضاع الطفل الرضاعة بين الشرع والطب
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: مركز معلومات مجلس الوزراء يستعرض أبرز جهوده في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي الأخبار المتعلقة بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد أحباب المصطفى بالقاهرة أخبار خطيب الجمعة بـ "الأزهر" يوجه نصائح لطلاب العلم لبناء نهضة شاملة بالمجتمع أخبار خطيب الجمعة بالأزهر يحذر من الشائعات التي تزعم فشل وانهيار الأمة أخبار رئيس دائرة الثقافة بأبو ظبي يزور الجامع الأزهر - صور أخبار أخبار مصر مركز معلومات مجلس الوزراء يستعرض أبرز جهوده في مجال استخدام الذكاء منذ 7 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر عالم أزهري يقدم توضيحا مهما بشأن إرضاع وفطام الطفل منذ 13 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر محافظ القاهرة يوجه بالاستعداد لموسم الأمطار خلال الفترة المقبلة منذ 19 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر وزير الصحة يؤكد دعم الدولة للاستثمار الصحي منذ 20 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر "الأوقاف" 3 آلاف ندوات حول "النظام منهج إسلامي وضرورة حضارية".. الخميس منذ 57 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر أبرزها تعويض المالك عن السنوات الماضية.. اتحاد الملاك يكشف مطالبه منذ 3 ساعات قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبارعالم أزهري يقدم توضيحا مهما بشأن إرضاع وفطام الطفل
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك * تطبق قريبا.. تنظيم الاتصالات يوافق مبدئيا على دراسة زيادة أسعار خدمات الاتصالات 28القاهرة - مصر
28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك