التطبيع السعودي الإسرائيلي: فوائد محدودة للرياض

سيكون المردود الأمني لصفقات الأسلحة والاتفاقية الأمنية ضعيفاً حالياً مقارنة بالفترات السابقة الممتدة منذ بداية القرن الحادي والعشرين.

الاستفادة السعودية من التطبيع "محدودة" مقارنة باستفادة إسرائيل، فالتهديد الأمني للمملكة تراجع بعد الانفتاح على المنطقة والتفاهم الإيراني السعودي.

الاستفادة السعودية الحقيقية هي امتلاك برنامج نووي سلمي مستقل يتيح للسعودية امتلاك التقنية النووية، في حال قبل الأميركيون والإسرائيليون بهذا الشرط.

بعد الضغوط الشديدة على نتنياهو في الداخل، سيكون التطبيع مع السعودية أحد أكبر الإنجازات التي سيتباهى بها، لكونها ستجعل "إسرائيل" أكثر مقبولية بالمنطقة.

* * *

في إثر عودة مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان من السعودية، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنَّ اتفاق التطبيع بين السعودية و"إسرائيل" قد يكون في الطريق، وعلّق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني على ما قاله بالقول: "إن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل من شأنه أن يلحق ضرراً بالسلم والاستقرار في المنطقة".

وقد ذكرت بعض الوسائل الإعلامية، إضافة إلى السفير الأميركي السابق في "إسرائيل" مارتن أنديك، أنَّ المملكة وضعت شروطاً "باهظة" للموافقة على التطبيع مع "إسرائيل"، منها توقيع اتفاقية أمنية بين الولايات المتحدة والسعودية يقدم فيها الأميركيون ضمانات أمنية للمملكة شبيهة بالتزام الناتو بموجب المادة الخامسة من الدفاع المشترك بين أعضائه، إضافة إلى مساعدتها في تطوير برنامج نووي مدني مستقل، وإعادة الموافقة على صفقات الأسلحة التي كانت إدارة بايدن قد أوقفتها، بما في ذلك طائرات أف-35.

لا شكّ في أن التطبيع بين السعودية و"إسرائيل" ستكون له "فوائد محدودة" للسعودية، كما قال وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان في وقت سابق، فيما ستكون له فوائد كبرى لكلٍّ من "إسرائيل" وإدارة بايدن تحديداً، وذلك على الشكل التالي:

بالنسبة إلى "إسرائيل"

- تهدف اتفاقيات التطبيع إلى فرملة التقارب السعودي الإيراني، وذلك بعدما اعتبرت "إسرائيل" نفسها أكبر متضرر منه.

- بعد نجاحه في الانتخابات الأخيرة، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه سيسعى لتحقيق هدفين في سياسته الخارجية، هما منع إيران من حيازة سلاح نووي وتحقيق تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية.

هكذا، وبعد الضغوط الشديدة التي يتعرض نتنياهو في الداخل، سوف يكون التطبيع مع السعودية أحد أكبر الإنجازات التي سيتباهى بها، لكونها ستجعل "إسرائيل" أكثر مقبولية في المنطقة، فيدفع بها ضد خصومه في الداخل، ويتذرع بها لتخفيف شروط اليمين المتطرف في حكومته.

- بعد الإحراج الدولي والضغوط الأميركية التي تعرض لها نتنياهو بسبب توسيع المستوطنات الذي يصر عليه حلفاؤه من اليمين المتطرف في حكومته والاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين، يمكن له أن يضغط على حلفائه لتأجيل مشاريع الضم والاستيطان الواسعة التي وعدوا بها، محاججاً بأن التطبيع مع السعودية "يستحق هذا الثمن".

وكان موقع "والاه" الإسرائيلي قد كشف أنّ بلينكن أبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بأنّ تعزيز اتفاقيات التطبيع أو توسيعها من خلال التطبيع مع السعودية، "أصعب كثيراً بالنسبة إلى واشنطن، وربما مستحيل، في وقت تشتعل فيه الساحة الخلفية لإسرائيل"، في إشارة إلى التصعيد في الضفة الغربية.

- مباشرة بعد إعلان بايدن عن قرب التوصل إلى اتفاق التطبيع بين السعودية و"إسرائيل"، سارع نتنياهو إلى الإعلان عن مشروع سكة حديد تهدف إلى ربط "إسرائيل" بالسعودية وشبه الجزيرة العربية.

وهكذا، يحقّق التطبيع مع السعودية حلماً لطالما راود الإسرائيليين. عام 2019، ومباشرة بعد توقيع اتفاقيات أبراهام، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنه اقترح على الإمارات ما سمي بـ"قطار الازدهار الاقتصادي"، وهو "مبادرة تربط بين السعودية ودول الخليج مروراً بالأردن بشبكة السكك الحديدية الإسرائيلية وميناء حيفا في البحر الأبيض المتوسط. تتمخض المبادرة عن طرق تجارة إقليمية أقصر وأرخص وأكثر أماناً من شأنها دعم اقتصادات الدول".

بالنسبة إلى إدارة بايدن

- تحتاج إدارة بايدن إلى إنجازات يمكن استثمارها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، علماً أن عام 2024 سيشهد انتخابات رئاسية وانتخابات الكونغرس، إذ سيتم انتخاب كل أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435، إضافةً إلى 34 مقعداً في مجلس الشيوخ من مجموع 100 مقعد.

ومن المعلوم أن أي إنجاز تحقّقه الإدارة لـ"إسرائيل" يمكن استثماره من قبل الحزب الديمقراطي في انتخابات الكونغرس ومجلس الشيوخ، إضافة إلى انتخابات إعادة التجديد لبايدن.

- تحاول إدارة بايدن تقليص قدرة الصين على التغلغل في المنطقة. وقد زاد القلق الأميركي من تأثير الصين ونفوذها في الشرق الأوسط بعد قيامها برعاية التفاهم السعودي الإيراني في آذار/مارس من العام الجاري. لذلك، فإن التطبيع السعودي الإسرائيلي سيسمح بتوسع مبادرة I2U2، التي تُعرف باسم مبادرة "الشراكة من أجل المستقبل".

هذه المبادرة التي تضم كلاً من الهند و"إسرائيل" والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة أعلنت في تشرين الأول/أكتوبر عام 2021، وهي تهدف إلى ربط جنوب آسيا بالشرق الأوسط والولايات المتحدة بطرق تعزز التقنيات الاقتصادية والدبلوماسية والتنموية، وتريد الولايات المتحدة منها أن تكون إطاراً لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد عبر أساليب مشابهة للمشاريع التنموية الصينية.

هكذا، تريد الولايات المتحدة أن تضم السعودية إلى تلك المبادرة لإبعادها عن الصين، ولامتلاكها قدرات اقتصادية وفيرة، ولا يمكن تحقيق ذلك من دون تطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل".

بالنسبة إلى السعودية

تبدو الاستفادة السعودية من اتفاق التطبيع "محدودة" مقارنة بالاستفادة الإسرائيلية، إذ إن التهديد الأمني الذي كانت المملكة تستشعره تراجع بعد سياسة الانفتاح التي اتبعتها في المنطقة وبعد التفاهم الإيراني السعودي الأخير.

وبناء عليه، سيكون المردود الأمني لصفقات الأسلحة والاتفاقية الأمنية ضعيفاً حالياً مقارنة بالفترات السابقة الممتدة منذ بداية القرن الحادي والعشرين.

أما الاستفادة الحقيقية، فهي امتلاك برنامج نووي سلمي مستقل يسمح فيه للسعودية بامتلاك التقنية النووية، في حال قبل الأميركيون والإسرائيليون بهذا الشرط.

*د. ليلى نقولا أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

المصدر | الميادين نت

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية إيران إسرائيل التطبيع الولايات المتحدة إدارة بايدن صفقات الأسلحة التطبیع مع السعودیة بین السعودیة إدارة بایدن بالنسبة إلى فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟

سرايا - تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عمّا أسمته "الوحل اللبناني العميق والمغرق"، وذلك بالتزامن مع عدة محاولاتٍ فاشلة قام بها الجيش الإسرائيلي بهدف التسلّل والدخول براً إلى جنوبي لبنان، متوقّعةً "جولة طويلة ومعقّدة".

وفي أبرز التحليلات التي عرضتها قناة "كان" الإسرائيلية ضمن هذا الإطار، قال اللواء في احتياط الجيش الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي سابقاً عوزي دايان، إنّ "لدى إسرائيل تجربة، بحيث يجب دائماً تذكّر ما ينبغي فعله وما لا ينبغي فعله في لبنان".

ورداً على سؤال عمّا إذا كانت ستتعلّم إسرائيل من الإخفاقات في المعارك السابقة في لبنان، قال رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً، اللواء احتياط يعقوب عميدرور، إنّه "في العام 2006، كانت هناك عملية فاشلة من ناحية عسكرية، بحيث لم يكن الجيش الإسرائيلي جاهزاً، ولم تكن لديه معلومات استخبارية جيدة عن لبنان ولا خطط جيدة بخصوصه، كما كانت تقنية القتال لديه في الحضيض".

وأضاف عميدرور أنّه "يجب، في هذه العملية، أن يكون واضحاً تماماً ما تريده الحكومة، وما هي خطط الجيش من أجل إنجاز ذلك"، مشيراً إلى أنّ "ما يقوم به الجيش حالياً يشبه العام 1978 أكثر من فترة الحزام الأمني".

وتعقيباً على ما قالته "كان" عن "التاريخ يعلّم إسرائيل ويحذّرها من أنّ الوحل اللبناني عميق ومغرق"، ورداً على سؤال عن المدة التي سيستغرقها الجيش الاسرائيلي حتى يخرج من لبنان في المرة الرابعة، قال عميدرور إنّ "إبعاد حزب الله على الأقل حتى الليطاني وعشرة كيلومترات، سيستغرق وقتاً طويلاً".

بدوره، قال غاي تسور، قائد ذراع البر سابقاً، لقناة "كان" إنّه "يمكن اخذ قرار بعدم وجود حزب الله، ولكن ممنوع القيام بذلك لوحدنا، بل يجب ضم دول لها تأثير على حكومة لبنان".

ولفت تسور إلى أنّ "تصرّف حزب الله منذ العام 1982 هو تصرّف مشابه جداً، أي إنّه لا يهرب، بل يعتمد على تمركز مع نيران من بعيد ومن أماكن استتار"، مضيفاً أنّ "الأمر لن يكون مختلفاً، وسنتكبّد أثماناً وسيسقط قتلى.. الحرب هي الحرب".

وفي السياق عينه، ذكرت "القناة الـ 13" الإسرائيلية أنّه "بعد حرب لبنان الثانية، ساد هدوء مضلل نسبي جنوبي لبنان، تعاظم خلاله حزب الله بالوسائل القتالية والأنفاق".

كذلك، ذكرت القناة أنّ "إسرائيل خرجت إلى جولة جديدة على الأراضي اللبنانية، يُتوقّع أن تكون طويلة ومعقّدة وأن تجبي أثماناً باهظة".


مقالات مشابهة

  • بايدن يطالب إسرائيل بالتفكير قبل الانتقام من إيران
  • بايدن: مستمرون في دعم إسرائيل ويمكننا تجنب حرب شاملة في الشرق الأوسط
  • بايدن: ساعدنا إسرائيل وسنحميها
  • دعم شعبي عربي كامل للفلسطينيين.. ومطالبات بإنهاء التطبيع
  • ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟
  • مُلّاك هجن السعودية يتصدرون قائمة كؤوس الاتحاد السعودي بـ 9 ألقاب
  • بايدن:لا شيء سيحصل الخميس بشأن الرد الإسرائيلي
  • بايدن عن الرد الإسرائيلي على إيران: لا شيء سيحدث اليوم
  • فوائد الفول السوداني..ما هي أبرز المعادن والفيتامينات التي يحتويها؟
  • بلينكن: التطبيع لن يتقدم دون إنهاء الحرب في غزة وإقامة دولة فلسطينية