رغم موته ألف مرة.. طبيب يصنع فرحة العيد لأطفال مستشفى كمال عدوان في غزة
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
في عيد الأضحى يلتقي الأقارب والمعارف بعد صلاة العيد ويتبادلون التهاني ويتم ذبح الأضاحي، وتغمر السعادة ومشاعر الود المسلمين حول العالم، لكن في قطاع غزة كان الأمر مختلفًا، فكانت الصلاة بين حطام المنازل والمساجد، بينما لم يجد بعض سكان المخيمات مكانا آمنا للقيام حتى بذلك.
قرر الطبيب الفلسطيني مصطفى نعيم (29 عاما)، وزملاؤه في مستشفى "كمال عدوان" شمالي قطاع غزة، بمحاولة لإدخال روح العيد على الجرحى، وخصوصا الأطفال وأهاليهم، الذين أصبحوا جميعا بمثابة "الأسرة الواحدة" بعدما فرقت الحرب شمل العائلات في الشمال والوسط والجنوب.
وشهد أول أيام عيد الأضحى، الأحد، يوما نادرا من الهدوء النسبي في قطاع غزة، بعد أن أعلنت إسرائيل "وقفا تكتيكيا" للقتال بالقرب من رفح، لتسهيل توصيل المساعدات، رغم التراجع السريع عن هذا الوقف.
وأدى عشرات الفلسطينيين من سكان القطاع صلاة العيد، صباح الأحد، محاطين بالمباني المدمرة، في مشهد يعكس آثار الحرب المستمرة منذ 8 أشهر بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.
أجواء العيد بأبسط الطرققال نعيم في حديثه لموقع "الحرة"، عبر تطبيق واتساب: "نحن كطواقم طبية لا نزال عالقين في شمال غزة ومحاصرين في المستشفيات بعيدا عن أهلنا، الذين اضطروا للنزوح جنوبا.. منذ بداية الحرب لم نر أسرنا ولا زوجاتنا ولا أولادنا".
لقطة من مقطع فيديو أرسله الطبيب الفلسطيني للحرة من مستشفى كمال عدوانورغم أن "أجواء العيد معدومة تقريبا"، وفق نعيم، إلا أنه وزملاءه في مستشفى "كمال عدوان"، حاولوا "الترفيه عن الجرحى والأطفال وأهاليهم بأبسط الطرق"، قائلا: "منحنا كل طفل في المستشفى معايدة بسيطة، مثل لعبة أو شيكل كعيدية".
وتابع: "رأينا الفرحة على وجوه المرضى والأطفال وأسرهم، مما انعكس على معنوياتنا بشكل إيجابي في ظل ما نواجهه، خاصة أن من في المستشفى أصبحوا مثل أهلنا، كون الكثيرين منا بعيدين عن عائلاتهم".
وأرسل نعيم مقطع فيديو مصنوع بإمكانيات بسيطة، يوثق ما قام به الطاقم الطبي في المستشفى شبه المدمر، حيث قدموا الحلوى للأطفال، ومنحوهم عملات نقدية معدنية كعيدية، مثل المتعارف عليه في الأعياد بشكل عام بين سكان غزة وبقية الدول العربية.
Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.
مقطع فيديو من داخل مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة أول أيام عيد الأضحىوفي دير البلح، حيث مخيمات النازحين وسط قطاع غزة، تقول الطبيبة شهد أحمد السبع (22 عاما)، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، إن المنطقة التي يعيشون فيها كنازحين بها حوالي 1500 خيمة، ولا يوجد مكان يتسع للناس لأداء صلاة العيد.
وأضافت: "لكن في مناطق أخرى، علمنا أن البعض أدى الصلاة وسط الدمار".
وأشارت إلى أن "الناس على قدر ما تستطيع كانت ترفع صوتها بالتكبيرات والأمور المعتادة الجميلة، ويزورون بعضهم البعض في الخيام، لأن علينا تعظيم شعائر العيد كواجب ديني، وحدث ذلك بمظاهر بسيطة تماما وقدر المستطاع، رغم الدمار والمعاناة النفسية".
كما نوهت بأنه "لا توجد أضاحي بالطبع" كما المعتاد، في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية في غزة بسبب الحرب.
عشرات الفلسطينيين يؤدون صلاة العيد فوق أنقاض مسجد في غزة في ظل أوضاع إنسانية صعبة، تجمع عشرات الفلسطينيين قرب أنقاض مسجد بمدينة خان يونس لأداء صلاة عيد الأضحى، والذي تزامن حلوله مع استمرار الحرب في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي ومسلحي حركة حماس.تقليديا، يضحي السكان بالأغنام في العيد، ويتصدقون باللحوم على المحتاجين ويقدمون الهدايا والعيديات للأطفال.
ووصل سعر كيلو اللحم إلى 200 شيكل (حوالي 50 دولارًا)، أما الخروف الحي، الذي كان يمكن شراؤه بمبلغ يصل إلى 200 دولار قبل الحرب، بلغ سعره الآن نحو 1300 دولار "هذا إذا كان متاحًا"، وفق تعبير وكالة فرانس برس.
لكن هذا العام، لم تفرح قلوب سكان غزة بعد أكثر من 240 يوما من القصف الإسرائيلي المتواصل والعمليات العسكرية التي أدت إلى نزوح 75 بالمئة من سكان القطاع المهددين بالمجاعة، والذين يناهز عددهم 2,4 مليون نسمة، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
"حلمنا بالزفاف فوجدنا الحرب"كان من المفترض أن يتزوج نعيم بشهد في السابع من أكتوبر، لكن حينما بدأت الحرب، اضطر الطبيب الفلسطيني للعمل، تاركا كل شيء خلفه، حتى عروسه، قائلا: "لم أتوقع أبدا أن يستمر الوضع حتى اليوم، وأن الفراق سيمتد كل هذا الوقت".
وأضاف لموقع الحرة: "اتصلت بها وبأسرتي في أول أيام العيد للتهنئة والاطمئنان عليهم، ولأن شبكة الاتصالات سيئة لم أفهم شيئًا من أغلب المكالمات، ولم أفسر أي شيء من بكائهم. كل هذا كفيل بأن يهدم الشخص تماما".
وتابع: "بينك وبين أهلك ومن تحب حاجز ودبابات وسياج أمني، ومسألة لقائهم أشبه بالخيال رغم قصر المسافة".
أدى عشرات الفلسطينيين من سكان غزة صلاة العيد صباح الأحد محاطين بالمباني المدمرةوتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل وحماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) للقبول رسميا باتفاق وقف إطلاق النار الذي حصل على ضوء أخضر من أعضاء مجلس الأمن الأسبوع الماضي، ما قد يسمح بوقف مبدئي للقتال لمدة ستة أسابيع.
واستغل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رسالته للمسلمين بمناسبة عيد الأضحى، وحث على تبني اتفاق وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، قائلا، الأحد، إنه يمثل أفضل وسيلة لمساعدة المدنيين الذين يعانون "أهوال الحرب بين حماس وإسرائيل".
عيد الأضحى في #غزة.. فلسطينيون يقيمون صلاة العيد بين الأنقاض.#الحرة #الحقيقة_أولا #شاهد_الحرة pic.twitter.com/ZcFko3ABEg
— قناة الحرة (@alhurranews) June 16, 2024وأضاف في بيان: "قُتل عدد كبير جدا من الأبرياء، بما في ذلك آلاف الأطفال. عائلات فرت من منازلها وشهدت مجتمعاتها تُدمَّر. إنهم يعانون آلاما هائلة".
وتابع: "أعتقد بقوة أن مقترح وقف إطلاق النار على ثلاث مراحل الذي قدمته إسرائيل لحماس وأقره مجلس الأمن الدولي هو أفضل وسيلة لإنهاء العنف في غزة وبالتالي إنهاء الحرب".
عيد القلق والخوفتخرجت السبع في كلية الطب العام الماضي، وقالت إنها كان من المفترض أن تبدأ مزاولة المهنة "لكن الحرب جعلتها تنقطع عن الحياة بالكامل".
العيد في غزة.. مثل أي يوم آخر بين حطام البنايات وفقدان الأحبة وسط الدمار وأكوام الحلية وحطام المنازل، قضى سكان قطاع غزة عيد الأضحى، وهو ثاني عيد إسلامي يحل على القطاع في غمرة الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.وأضافت للحرة: "هذا العيد من أصعب الأوقات التي تمر حاليا علينا، فنحن بعيدان عن بعضنا البعض ولا يوجد ما يضمن أن أيا منّا سيكون سليما في أية لحظة.. هناك توتر وخوف دائم، ولا توجد اتصالات جيدة للاطمئنان بشكل متواصل".
كما أشارت إلى أن "أكثر ما يؤلم في العيد هو إحساس النقص الدائم. الناس مشتتة عن بعضها البعض، وفي العيد أهم شيء هو تجمع الأسر، وما يؤلم أيضا هو إحساس التوتر والخوف من الحرب نفسها".
وهناك عادة في أغلب الدول العربية، بأن يضاعف الناس فرحة العيد بهجة بإقامة الأعراس، حيث تكون الأسر مجتمعة، لكن مع النزوح والحواجز العسكرية والحرب الدائرة، لن يتمكن نعيم من حضور زفاف أخيه خلال العيد، الذي سيقام أيضًا في أجواء حزينة، في محاولة لجعل الحياة تستمر رغم الحرب، وفق وصف الطبيبة الشابة.
وأضافت أن أهله يتواجدون الآن في خان يونس بعدما كانوا قد نزحوا إلى رفح، حيث دفعتهم العمليات الإسرائيلية الأخيرة إلى مغادرة المدينة الواقعة أقصى جنوبي قطاع غزة.
لقطة من مقطع فيديو أرسله الطبيب الفلسطيني للحرة من مستشفى كمال عدوانعمل نعيم كرئيس لقسم العناية المركزة بالمستشفى الإندونيسي شمالي القطاع، وبعد عمليات عسكرية إسرائيلية تعرض المستشفى للدمار وأُجبر مع آخرين على الخروج.
وتتهم إسرائيل حركة حماس باستخدام المنشآت الطبية ومنازل السكان في غزة لأغراض عسكرية، مما يجعلها "أهدافا مشروعة"، لكن الحركة تنفي هذه الاتهامات دائما.
وقال نعيم للحرة: "انتقلت بعد ذلك لمستشفى كمال عدوان كرئيسا لقسم العناية المركزة قبل حصار ودمار آخر، جعلني أنتقل إلى مركز طبي بجباليا تعرض كذلك للتدمير والقصف".
وأوضح: "هربنا مجددا إلى مستشفى كمال عدوان حيث أعمل حاليًا رئيسا لقسم الجراحة والطوارئ. أحيانا تكون هناك كهرباء فقط لساعتين على مدار اليوم، وحينها نقوم بكل الأشعة والفحوصات والعمليات المهمة، مستغلين هذه الفترة".
ووصف نعيم وضعه حاليًا في شمال القطاع الذي يعاني من نقص المواد الغذائية والطبية، وقال: "كل لحظة نموت مع كل روح تزهق ومع كل جريح يتألم وما باليد حيلة.. يجب أن تظل شامخا كالجبل حتى لو كنت تموت بداخلك ألف مرة في الدقيقة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: عشرات الفلسطینیین مستشفى کمال عدوان الطبیب الفلسطینی صلاة العید مقطع فیدیو عید الأضحى قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
وسائل إعلام فلسطينية: قصف إسرائيلي عنيف على محيط مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة
أفادت وسائل إعلام فلسطينية، بقصف إسرائيلي عنيف على محيط مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة.
وأعلنت إسرائيل، موافقتها رسميًا على الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار بين حزب الله وتل أبيب والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء بتوقيت العاصمة اللبنانية بيروت.
وفي وقت سابق، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، عملية برية محدودة في جنوب لبنان تستهدف البني التحتية لحزب الله، وسط تحليق مكثف للطيران وقصف مكثف بالمدرعات والدبابات على مناطق الجنوب.
وقد شهدت لبنان حادثة مؤلمة بعد انفجار المئات من أجهزة الاتصال "البيجر" المستخدمة من قبل عناصر حزب الله، ما أسفر عن مقتل 11 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين.
هذه الحادثة أثارت اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث كانت الأجهزة المنفجرة تُستخدم للتواصل بين عناصر الحزب.