معتز الشامي (دوسلدورف)


بعيداً عن صخب بطولة «يورو 2024» التي تستضيفها ألمانيا إلى 14 يوليو المقبل، تحتضن بلد «المانشافت» أيقونة إبداعية عالمية، تحولت إلى مزار سياحي، تحمل عبق تاريخ اللعبة الممتدة إلى أواخر «القرن الـ 19»، عبر ما يصل إلى 130 عاماً، من أساطير مروا على كرة القدم الألمانية، صنعوا مجدها، وبنوا ثقلها الدولي والعالمي في مجال «الساحرة المستديرة»، منذ فترة ما قبل توحيد ألمانيا بشكلها الحالي، وكل شيء تم تسجيله بالمقتنيات والصور.


زارت «الاتحاد» متحف الكرة الألمانية بمدينة دوسلدورف، لتنقل تجربة فردية من نوعها، لمبنى تحول إلى مزار سياحي، ومقصد لجميع لاعبي الكرة الألمانية، في مراحل التكوين والأكاديميات عبر رحلات أسبوعية، من أجل الخضوع لجلسات تثقيف بتاريخ ألمانيا والمنتخب، والذي يتخذ الدور الثالث من المتحف مقراً له، ثم تاريخ الدوري الألماني منذ تأسيسه بشكله الحالي، وأبرز نجومه ومحطاته، ويتخذ الدور الثاني من المتحف، بينما يكون الدور الأول لقاعة عرض سينمائي لعرض ملخص لكل ذلك التاريخ بصورة مبهرة وأجواء خلابة.
ويتم دعوة لاعبي كرة القدم الصغار بمختلف أكاديميات تكوين كرة القدم ومنتخبات المراحل السنية في مقاطعات ألمانيا، لزيارة المتحف خلال عطلة الأسبوع، لتثقيف أجيال المستقبل بتاريخ اللعبة والدوري الألماني.

 

 

ميركل و«معجزة بيرن»


مع نهاية السلم الكهربائي المؤدي إلى مدخل الدور الثالث للمتحف، يمكنك أن تلحظ صورة احتفال أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية السابقة، بالفوز بكأس العالم 2014، ثم تأتي البداية، عبر تخليد ذكرى جيل منتخب ألمانيا الغربية الذي فاز بكأس العالم 1954 والمسمى بـ «معجزة بيرن»، حيث خاضوا النهائي في سويسرا، وهو الجيل الذي حصل على كل المجد، وتم وضعه في المدخل قبل أي شيء آخر، بكامل مقتنيات لاعبيه ومدربه، بالإضافة إلى صور للاعبين الذين حققوا الإنجاز وبعضهم كان عائداً من الحرب العالمية، وشمل المكان الخاص من المتحف صور المدرب سيب هيربيرجر وزوجته إيف، مع خاتم الزواج، حيث اضطر المدرب إلى إلغاء حفل زفافه مرتين بسبب ارتباطه بلعب كرة القدم.
وهناك قصص بعض اللاعبين، مثل صورة أول جواز سفر ألماني للاعب جوزيف بوسيبال، الذي كان يعمل مندوب مبيعات في ألمانيا، وهو روماني الأصل، وحصل على وثيقة مؤقتة للعب في البطولة، أو فريتس فالتر، الذي وصفه القيصر فرانز بكنباور، بلاعب القرن في ألمانيا، حيث كان سجيناً سابقاً في طريقه إلى الإعدام في سيبيريا خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن تنقذه مباراة كرة قدم مع الجيش الروسي وانضم إلى منتخب ألمانيا، وشقيقه الأصغر أوتمار، الذي نجا من الحرب العالمية ولكن جسده كان مليء بالشظايا.

تاريخ شامل


وينتقل المتحف إلى التاريخ الشامل للمنتخب قبل تلك الحقبة بكثير، وتحديداً أواخر «القرن الـ 19»، والكؤوس التي تُوج بها في مسابقات إقليمية في ذلك الوقت، كما خلد ذكرى الحرب العالمية واللاعبين الذين فُقدوا خلال الحروب.

القيصر 5
وتضمن المتحف جزءاً خاصاً لتخليد ذكرى فرانز بيكنباور، الأسطورة الراحل، وتتويجه مع ألمانيا بلقب كأس العالم لاعباً عام 1974، ومدرباً عام 1990، ومقتنياته الخاصة، وأبرز جوائزه التي حصل عليها لاعباً ومدرباً على شكل دولاب بالرقم 5، وهو رقم القيصر بيكنباور في الملاعب.


قميص مارادونا

يشمل المتحف جزءاً خاصاً يتضمن لقطة مارادونا مع جيدو بوخفالد المدافع الذي لقب في ألمانيا بـ «ماردونا الألماني»، وقميص مارادونا خلال «مونديال 1990» الذي فشل فيه مارادونا في قيادة «التانجو» إلى التويج باللقب، بعد الخسارة أمام ألمانيا في النهائي، وبكى مارادونا في المباراة، ورفض إعطاء قميصه لكل النجوم الذين طلبوه منه، وتوجه إلى أندرياس مولر الذي شارك بديلاً، وأعطاه دييجو القميص ليتبرع به لاحقاً لمصلحة المتحف، وتم تخليد تلك الذكرى، ليصبح مارادونا هو الشخص غير الألماني الوحيد الذي يخلده متحف الكرة الألمانية.

 

 

مونديال 2014

وفي داخل المتحف تم تخلد مباراة نهائي 2014 بين ألمانيا والأرجنتين، عندما سجل ماريو جوتزه هدف الفوز، وتألق هذا الجيل في تلك البطولة التي احتضنتها البرازيل، واعتزل بعدها جوتزه كرة القدم، والاحتفاظ بحذائه الذي سجل به هدف الفوز، وأيضاً بالقميص الذي ارتداه في البطولة، بالإضافة إلى طاقم مانويل نوير الحارس العملاق، الذي لعب دوراً كبيراً في البطولة، وعنون المتحف «هذا طاقم الحارس الذي قدم أسلوباً جديداً لحراسة المرمى وتُوج بلقب الأفضل في (المونديال)»، فضلاً عن تخليد ذكرى التفوق على ميسي بالصور.
وداخل هذا القطاع، يتضمن عرضاً لمتحف بالصوت والصورة في قاعة مفتوحة لأبرز لقطات هذا الإنجاز، وصورة تذكارية لكتاب الملاحظات لمباراة النهائي التي سجلها هانز فليك مساعد لوف مدرب منتخب ألمانيا في البطولة، وفي آخر المكان 3 نصب تذكارية لكل تشكيلة لقائمة النهائيات التي فازت بها ألمانيا بالمونديال أعوام 1974 و1990 و2014، فضلاً عن تخليد ذكرى 1954 وحدها في مكان خاص بها.

 

 

 «موسيقى المونديال»
يضم المتحف غرفة خاصة معزولة، لصور لاعبي منتخبات ألمانيا المتعاقبة وهم يغنون بصحبة بعض المطربين الكبار في ألمانيا، وكانت تلك الغرفة بعنوان موسيقى النجاح التي تتعلق بالأغنيات التي تم تسجيلها وغناؤها للمنتخب الألماني مع كل كأس عالم، حيث حققت تلك الأغاني نجاحات كبيرة في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.

 

أخبار ذات صلة نوير يحسم مستقبله بعد كأس أوروبا الدور على كارباخال في التجديد لـ «الريال»!

تاريخ حافل لـ «البوندسليجا»

تضمن القسم الثاني لمتحف الكرة الألمانية، كل ما يتعلق بكرة القدم بالأندية في ألمانيا الممتدة منذ أواخر «القرن 19»، ولكن لظروف تاريخية وسياسية، لم يكن الدوري الألماني كما هو حالياً، ولكن بطريقة مختلفة تماماً، تغيرت مع أول جمعية عمومية تعقد في الستينيات، حتى إطلاق الدوري الألماني أو البوندسليجا الذي يوحد ألمانيا بالكامل.
وتضمن الجزء الأول لذلك المعرض، صوراً لأول اجتماع للجمعية العمومية للأندية التي شكلت رابطة البوندسليجا، وصوراً لحقب الدوري الألماني كل 10 سنوات من الستينيات والسبعينيات والثمانينيات ثم التسعينيات، وهكذا.
كما تضمن المتحف جزءاً خاصاً بتاريخ الأندية الألمانية في دوري الأبطال والدوري الأوروبي وأبرز محطاتها، بالإضافة إلى قطاع خاص عن للمشجعين لكل الفرق وأبرز أدواتهم عبر التاريخ، حيث كانت أدوات التشجيع خشبية في ذلك الوقت، بالإضافة إلى ارتداء رابطة مشجعي الأندية معاطف متميزة.
ويشمل المتحف الخاص بالأندية الألمانية والدوري والكأس في ألمانيا، بصمة قدم هداف بايرن ميونيخ في الكأس، ديتر هونيس في حقبتي السبعينيات والثمانينيات، والذي اشتهر بارتدائه لعمامة، أو «ضمادة» حول رأسه، بعدما نزف في نهائي كأس عام 1979.

تخليد الصحافة الرياضية
يحتوي المتحف على جزء خاص لأول فن من فنون الصحافة عرفته ألمانيا، بعد إطلاق وتأسيس الدوري الموحد، وهو تخصيص قسم خاص للدوري لكرة القدم الألمانية، وذلك لم يكن موجوداً قبل تلك الفترة، حيث بدأت بصحيفة بيلد ثم كيكر وغيرها من الصحف، والتي بدأت بتغطيات مبسطة عام 1925، ولكنها تحولت إلى أقسام متخصصة بعد حقبة الستينيات، مع صور لأبرز الكتاب الرياضيين والمؤسسين للصحافة الرياضية وأكبر المطبوعات الرياضية في ألمانيا.

قانون بوسمان وتعويض 780 ألف يورو

في قطاع خاص تم تخليد بعض الأفكار التي غيَّرت وجه كرة القدم، ومنها قانون بوسمان، الذي تم اعتماده لاحقاً حول العالم، وقد حرر اللاعبين من أنديتهم، وأسس لفكرة لوائح الانتقالات وقوانينها وحرية اللاعبين في التوقيع على العقود والانتقال بين الأندية.
ويعتبر بوسمان هو مفجر ثورة «الانتقالات» في الكرة العالمية، وهو لاعب ألماني انتقل إلى ساندرليج البجليكي، وبعد نهاية عقده وقع مع فريق جديد، إلا أن ناديه البجليكي رفض وقرر معاقبته بخصم رواتبه، وخاض معركة قضائية عام 1990، بعدما انسحب النادي الفرنسي الذي قدم للاعب عرضاً بـ500 ألف يورو في ذلك الوقت، قضت محكمة العدل الأوروبية بحرية اللاعبين في تحديد مصيرهم بعد انتهاء عقودهم، وأدى القانون إلى تغيير وجه انتقالات كرة القدم إلى الأبد، وتم تخليد قانون بوسمان والعقد الذي وقع عليه مع النادي الفرنسي وقميص يحمل وجهه في المعرض.
وخلد المعرض مجموع ما حصل عليه من تعويضات وبلغت 780 ألف يورو منذ ذلك التاريخ.

 

 

«تاتو» كلوب

من بين اللقطات الشهيرة في معرض الدوري الألماني، الصورة الأشهر لاحتفال يورجن كلوب بعد التتويج بلقب الدوري مع بروسيا دورتموند، وهو ما تحول بعدها إلى «أيقونة» قام بعض المشجعين بتحويلها إلى «تاتو» للمدرب الألماني الأشهر في العالم بعد نجاحاته مع ليفربول.

تخليد الصافرة وأصحابها

خلد متحف الكرة الألمانية، التحكيم الألماني عبر وضع صور لأشهر وأبرز الحكام في مدار تاريخ ألمانيا الكروي، بالإضافة إلى أبرز الأدوات التحكيمية التي استخدمها هؤلاء الحكام الذين أداروا نهائيات كبرى، سواء في كأس أمم أوروبا والمونديال، أو في دوري الأبطال، بالإضافة إلى تخليد أشكال وتطور صافرة الحكم في آخر 100 عام بالكرة الألمانية والدوري الألماني.

 

 

 

 

 


          

 
 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: كأس أمم أوروبا يورو 2024 ألمانيا بيكنباور مارادونا الدوری الألمانی الحرب العالمیة بالإضافة إلى فی ألمانیا فی البطولة تخلید ذکرى کرة القدم من المتحف

إقرأ أيضاً:

متحف الآثار المصري في تورينو يحتفل بمرور 200 عام بتجديدات مبهرة وحضور شخصيات بارزة

احتفالا بمرور مئتي عام على تأسيسه، يشهد متحف الآثار المصري في مدينة تورينو الإيطالية نقلة نوعية في تصميماته وعرض مقتنياته، حيث سيكشف عن تجديدات كبيرة في معروضاته ابتداءً من يوم الأربعاء 20 نوفمبر. 

سيتم افتتاح التجديدات بحضور الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، الذي سيقوم بزيارة المتحف للاحتفال بالذكرى السنوية المميزة.

من أبرز التحسينات التي ستطال المتحف هي تحديث "قاعة الملوك" الشهيرة، بالإضافة إلى افتتاح "قاعة الآلهة" و"معبد إيلسيا"، اللذين سيمنحان الزوار فرصة فريدة لاكتشاف المزيد عن الحضارة المصرية القديمة بطريقة جديدة ومبتكرة.

وفي هذه المناسبة الاستثنائية، سيُفتح المتحف أمام الجمهور من الساعة التاسعة مساءً حتى منتصف الليل، حيث ستُقام "الليلة البيضاء" في المتحف، والتي ستكون مفتوحة للجميع مع ضرورة الحجز المسبق، هذا الحدث يعكس الاهتمام الكبير بالمتحف كأحد أبرز معالم الثقافة في إيطاليا والعالم.

من بين الحضور في هذه المناسبة البارزة سيكون كل من المقدم التلفزيوني ألبرتو أنجيلا والأمير إمانويلي فيليبيري، حيث سيشاركون في الاحتفال بالمتحف العريق.

يعد متحف الآثار المصري في تورينو واحدًا من أهم متاحف العالم في مجاله، ويستمر في جذب الزوار من مختلف أنحاء العالم بفضل مجموعاته الفريدة من الآثار الفرعونية التي تعرض جزءاً مهماً من تاريخ الحضارة المصرية العريقة.

مقالات مشابهة

  • منصور بن زايد يفتتح متحف «نور وسلام» في مركز جامع الشيخ زايد الكبير
  • منصور بن زايد: متحف "نور وسلام" يعكس رؤية الإمارات في تعزيز السلام والتعايش
  • تجديدات مبهرة في احتفال متحف الآثار المصري بتورينو بأيادي 6 من علماء المصريات
  • منصور بن زايد: متحف «نور وسلام» يعكس رؤية الإمارات في تعزيز الثقافة والتعايش
  • حمدان بن محمد يشهد افتتاح تجربة مستقبلية جديدة في متحف المستقبل
  • "متحف تورينو المصري يضيء كنوزه الأثرية في احتفالية الذكرى الـ 200 لتأسيسه" بإيطاليا
  • «متحف مولانا» يبحث التعاون مع مركز جمعة الماجد
  • “مركز جمعة الماجد” ومتحف “مولانا” التركي يبحث التعاون
  • زيارة الرئيس ماتاريلا تفتتح احتفالات متحف مصر في تورينو بمرور 200 عام
  • متحف الآثار المصري في تورينو يحتفل بمرور 200 عام بتجديدات مبهرة وحضور شخصيات بارزة