فى مقال الأسبوع الماضى تناولت الجانب الإنسانى وراء ارتباطى بمدينة رشيد وجدانيا والذى كان سبباً رئيسياً للذهاب إليها فى رحلة للتعرف على هذه المدينة الساحلية عن قرب،وكان لا بد أن أتناول الجانب الأكثر أهمية وهو الجانب التاريخي.
فمدينة رشيد كما يرى المؤرخون يرجع أصل تسميتها إلى الكلمة المصرية القديمة «رخيت» بمعنى (عامة الناس)، واشتهرت فى ذلك الوقت بصناعة العجلات الحربية ونجحت فى عهد الملك منبتاح ابن الملك رمسيس الثانى فى صد هجمات الليبيين وشعوب البحر، كما أقام الملك بسماتيك الأول سنة 633 ق.
وفى العصر القبطى أطلق عليها «رشيت»، حتى جاء الفتح الإسلامى على يد عمرو بن العاص والذى دخلها بعد أن فتح مدينة الإسكندرية عام 21 هـ، وقد استطاب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى المدينة فعمروها وأقاموا البيوت وبنوا المساجد وأطلقوا عليها رشيد والتى ما زالت تعرف بها حتى الآن.
وبمرور السنين، سطرت رشيد تاريخاً مع زمن الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، ففى أغسطس عام 1799م عثر (بوشار) أحد ضباط الحملة الفرنسية على حجر رشيد تحت أنقاض قلعة قايتباي، والذى تم من خلاله فك رموز اللغة الهيروغليفية القديمة.
وفى عام 1807 حقق أهالى رشيد انتصاراً عظيماً على الحملة الإنجليزية (حملة فريزر)، وتمكنوا من القضاء عليهم من شرفات المنازل وأسطحها، وهو الحدث الذى جعلته محافظة البحيرة عيداً قومياً لها يحتفل به سنوياً.
وتعتبر هذه المدينة التاريخية ثانى أكبر مجمع للآثار الإسلامية فى مصر بعد القاهرة، حيث إن بها حوالى 39 أثرا إسلاميا، يجعلها وكأنها متحف كبير مفتوح للعمارة الإسلامية.
ولكن للأسف الشديد رغم القيمة التاريخية العظيمة لمدينة رشيد فإن القادم اليها يشعر للوهلة الأولى بمدى الإهمال الذى تعانيه، فشوارع رشيد مهملة تماما بداية من الفوضى على كورنيش النيل وانتشار التكاتك والقمامة، مرورا بالشوارع الداخلية المؤدية إلى المزارات الإسلامية والبيوت الأثرية، والتى تنبعث منها روائح كريهة ومياه راكدة لا تليق بالقيمة التاريخية ولا الأثرية لهذه المدينة العظيمة.
وتصورت كيف يكون انطباع السائح الذى يأتى مدفوعا بالفضول لمشاهدة عراقة هذه المدينة وانبهاره بكم الكنوز الأثرية، وكيف له أن يستمتع بها وسط كل ألوان الفوضى التى تجعل من الرحلة السياحية رحلة عذاب وشقاء.
أضف إلى ذلك خلو المدينة من الأماكن التى تليق باستضافة السياح سواء مطاعم أو فنادق او وسائل مواصلات متحضرة، وتساءلت كيف وصلنا الى هذه الدرجة من تشويه التاريخ وطمس الجمال وتحويله الى قبح.
إن بلادا أخرى تصنع من قطعة أثرية واحدة تحفة وقبلة للسياح وتتفنن وتبدع فى ترويجها.
اننى كعاشق لهذه المدينة الرائعة اناشد السادة المسئولين سرعة إنقاذ رشيد من براثن الإهمال ووضعها فى المكانة اللائقة على خريطة السياحة العالمية .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجانب الإنساني الجانب التاريخي هذه المدینة
إقرأ أيضاً:
سرقة متحف اللوفر.. ما مصير المجوهرات التاريخية؟
شهد العالم صدمة ثقافية مدوية بعد الإعلان عن سرقة متحف اللوفر في باريس، في واحدة من أخطر عمليات السطو الفني في التاريخ الحديث، والتي طالت مجموعة من المجوهرات التاريخية التي لا تُقدر بثمن تعود إلى عصور ملكية فرنسية.
الحادث الذي وقع في قاعة أبولون داخل المتحف الشهير، كشف عن ثغرات أمنية فاضحة وأعاد طرح تساؤلات كبيرة حول جاهزية أعرق المتاحف في العالم لحماية كنوزه الثقافية والتراثية.اللوفر ينفي التعاقد مع شركة إسرائيلية للتحقيق في سرقة المتحف
سرقة مجوهرات نابليون من متحف اللوفر .. وتعليق صادم من عمرو أديب
وزير العدل الفرنسي: سرقة متحف اللوفر تظهر فشلنا
الرئيس الفرنسي: سرقة اللوفر اعتداء على تراث نعتز به
تضمنت المسروقات عددًا من القطع النادرة ذات القيمة التاريخية الفريدة، منها تاج وعقد من طقم الملكة ماري-أميلي، وعقد من الزمرد يخص الإمبراطورة ماري-لويز، بالإضافة إلى بروش نادر، وتاج ضخم، وعقد صدر للإمبراطورة أوجيني.
وأثناء فرار اللصوص، تركوا تاج أوجيني خلفهم، والذي يخضع حاليًا لفحص دقيق من قبل وزارة الثقافة الفرنسية لتقييم حالته ومدى الأضرار التي لحقت به أثناء عملية السرقة.
هذه المجوهرات ليست مجرد تحف فنية، بل هي رموز من تاريخ فرنسا الإمبراطوري، وقد اعتبرها خبراء التراث الفرنسي جزءًا من الهوية الوطنية التي لا تُقدّر بثمن.
تعبئة أمنية وتحقيقات مكثفةوزارة الداخلية الفرنسية أعلنت عن تعبئة أكثر من 60 محققًا من فرقة مكافحة الجريمة المنظمة والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالقطع الثقافية، في محاولة سريعة لتعقب الجناة واستعادة المسروقات قبل تهريبها أو تدميرها.
وأكدت المدعية العامة في باريس، لور بيكوا، أن التحقيق يركز على فرضيتين أساسيتين:
الأولى، أن السرقة تمت بتكليف من جهة راعية تسعى للحصول على هذه القطع لحسابها الخاص، والثانية أن الهدف كان تفكيك المجوهرات الثمينة وبيعها في السوق السوداء بغرض تبييض الأموال.
وتشير مصادر قريبة من التحقيق إلى أن العملية تمت بخطة محكمة، ما يرجح تورط شبكة محترفة متخصصة في تهريب القطع الفنية.
يرى خبراء المزادات أن بيع هذه القطع التاريخية شبه مستحيل بسبب شهرتها الواسعة وتوثيقها الدقيق في السجلات الدولية.
وقال رئيس دار دروو للمزادات، ألكسندر جيكيلو، لصحيفة “لو باريزيان” إن “بيع هذه المجوهرات بحالتها الأصلية أمر غير ممكن تقريبًا، لأنها معروفة عالميًا وموثقة بتفاصيل دقيقة”.
وأوضح جيكيلو أن “الأحجار نفسها غير قابلة للبيع كما هي، لأنها تحتوي على خصائص علمية يمكن من خلالها تحديد مصدرها وزمن تصنيعها”، مشيرًا إلى أن العصابة ربما تسعى إلى تفكيك وتذويب القطع لطمس هويتها الأصلية وتسهيل تصريفها في السوق السوداء.
مخاوف من تذويب الذهب وتشويه الأحجارتزايدت المخاوف بين الخبراء من أن تكون العصابة بدأت بالفعل في تفكيك المجوهرات وبيع الذهب والأحجار الثمينة بشكل منفصل.
وقال جيكيلو إن “قيمة الذهب ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، حيث تجاوز سعر الأونصة 4000 دولار، مما يجعل الذهب المنصهر سهل التداول في الأسواق الموازية، بعكس الأحجار الكريمة التي يصعب بيعها دون إثارة الشبهات”.
وفي حال تم تذويب الذهب أو تشويه تفاصيل القطع الأصلية، فإن فرص استعادة المجوهرات التاريخية تتضاءل بشكل كبير، حسبما أكدت مصادر مطلعة على سير التحقيقات.
الوقت يداهم المحققينيرى خبراء الأمن أن الوقت ليس في صالح السلطات الفرنسية، إذ كلما طال أمد التحقيق، قلت فرص استرجاع القطع بحالتها الأصلية.
وأوضح أحد المحققين لوسائل الإعلام أن “بعض قطع الألماس قد تباع منفصلة قطعة قطعة، مما يجعل تتبعها أمرًا بالغ الصعوبة ويجعل إعادة تجميع المجوهرات شبه مستحيلة”.
وأكد أن السلطات الفرنسية تعمل حاليًا بتنسيق مع الإنتربول وعدد من أجهزة الأمن الأوروبية لمراقبة أي تحركات مشبوهة تتعلق بتجارة الأحجار الكريمة أو الذهب المنصهر في الأسواق غير الرسمية.
ثغرات أمنية فاضحة في اللوفرفي موازاة التحقيقات، كشفت تقارير رقابية عن ثغرات أمنية خطيرة داخل متحف اللوفر ساهمت في نجاح عملية السرقة.
أظهر تقرير لمحكمة الحسابات الفرنسية، وهي هيئة مستقلة لمراقبة إدارة الأموال العامة، تأخيرات كبيرة في تحديث أنظمة المراقبة والتقنيات الأمنية داخل المتحف، رغم الميزانية الضخمة المخصصة له.
ووفق موقع “فرنسا إنفو”، فإن السرقة التي تمت في قاعة أبولون استخدم خلالها اللصوص شاحنة رفع حمولة أثناء النهار، مما يشير إلى جرأة غير مسبوقة.
اللافت أن اللصوص استغلوا مناطق لا تحتوي على كاميرات مراقبة كافية، إذ تبين أن ثلث الغرف في قسم “دينون” الذي يضم لوحة الموناليزا الشهيرة خالٍ من كاميرات المراقبة، بينما ثلاثة أرباع الغرف في قسم “ريشليه” لا تحتوي على أي أنظمة مراقبة بالفيديو.
تقرير قضائي يدين إدارة المتحفالتقرير الرقابي الذي ستُنشر نسخته الكاملة في نوفمبر المقبل، أشار إلى “ضعف الإرادة الإدارية” في تطوير البنية الأمنية للمتحف، رغم أن ميزانيته السنوية تصل إلى 323 مليون يورو.
وأوضح التقرير أن الإنفاق على الأمن لا يتناسب مع حجم المخاطر ولا مع القيمة التاريخية للمقتنيات التي يضمها اللوفر، مما أثار موجة من الانتقادات ضد الإدارة الحالية.
من جهته، أكد رئيس متحف اللوفر أن مشروع “اللوفر: النهضة الجديدة”، الذي أُطلق في يناير الماضي، يتضمن خطة شاملة لتحديث المنظومة الأمنية وتركيب أنظمة مراقبة متطورة تشمل جميع القاعات والممرات الحساسة، لضمان حماية الكنوز التراثية للأجيال القادمة.
أثارت سرقة اللوفر موجة من الغضب والقلق داخل فرنسا وخارجها، إذ تمثل العملية ضربة قوية لرمز ثقافي عالمي يُعد من أكثر المتاحف زيارة في العالم.
ومع مرور كل يوم دون الوصول إلى الجناة، يزداد الغموض حول مصير المجوهرات المسروقة، وهل سيتم استعادتها أم ستظل جزءًا من الأسرار الغامضة في عالم الجريمة الفنية.
وفي ختام المشهد، يبدو أن سرقة اللوفر لن تُنسى قريبًا، فهي لم تسرق مجوهرات ملكية فحسب، بل سرقت أيضًا ثقة العالم في قدرة أكبر صروح الثقافة على حماية تراثها.