أصبحت أزمة انقطاع الكهرباء حديث الشارع المصرى خلال الفترة الماضية، خاصة حينما جاء عيد الأضحى المبارك وسط مطالب شعبية بعدم انقطاع الكهرباء خلال وقفة وإجازة العيد، وهى المطالب التى لم تلقَ أى استجابة لدى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، وخاصة الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء الذى لم يقدم أى حلول حتى الآن للخروج من هذه الأزمة.
ومن غير المقبول أن يعيش المواطن المصرى المأساة فى أزمة انقطاع الكهرباء بعد قرابة 11 عاماً من ثورة 30 يونيو 2013 التى خرج فيها ملايين المصريين بآمال تفوق الخيال وطموحات تليق بثورتهم وتاريخ دولة مركزية بحجم مصر وقوة ووحدة شعبها، لتكون النتيجة هى العيش فى الظلام لساعات، أو تحمل درجة حرارة الجو خلال فصل الصيف وسط انقطاع التيار الكهربائى بهذا الشكل الذى نعيشه.
والكارثة الكبرى تتمثل فى الفشل الواضح فى تحقيق المساواة بين المواطنين فى المدة الزمنية المحددة للانقطاع بين القرى وبعضها، وبين المناطق السكنية وبعضها، ولعل الدليل على ذلك ما يحدث فى محافظة كفر الشيخ من وجود قرى يتم الانقطاع بها لساعتين، فى حين يتم فصل التيار الكهرباء لساعة فقط، وأحيانًا أقل من ساعة فى قرى مجاورة.
والكارثة الأكبر هو أن يعيش المواطن، خاصة فى قرى خط الساحل بمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ بشعور تسيطر عليه أجواء الوساطة والتدخل، أو بالمعنى الشعبى «الكوسة» فى الفترة الزمنية المحددة للانقطاع بين القرى، مع استمرار مبررات غير منطقية سواء من وزارة الكهرباء، أو الشركة القابضة، وهى مبررات لا يقبلها عقل أو منطق، خاصة أن كل المواطنين سواسية أمام القانون، ومن ثم أصبحت وزارة الكهرباء تمارس التمييز الواضح بين المواطنين وبعضهم بما يخالف نصوص الدستور.
وإذا تحدثنا عن الخسائر الناتجة عن انقطاع التيار الكهربائى للكثير من الأجهزة الكهربائية وتلفها فحدث ولا حرج، فى الوقت الذى يمكن أن تجد فيه بعض المناطق بالقرى ينقطع التيار الكهربائى بها لساعة فقط، وسط أحاديث عن المحاباة من قبل الموظفين المعنيين بـ«سكاكين» الكهرباء للتلاعب بمواعيد وفترات الانقطاع، وهى أمور كلها يكاد يكون الواقع الذى نعيشه يؤكدها حينما نرى التمييز الواضح لقرى ينقطع فيها التيار لساعتين من الثالثة إلى الخامسة عصرا، وقرى أخرى لمدة ساعة فقط من السادسة إلى السابعة مساء.
والغريب فى الأمر عدم استجابة القائمين على شركة الكهرباء لمطالب المواطنين المتضررين وغضبهم حينما نجد انقطاع التيار لساعتين فى ذروة النهار، بينما نجدها ساعة فقط فى آخر النهار وهو وقت يستطيع فيه المواطن تحمل درجة الحرارة مع غروب الشمس على عكس النهار الذى يشهد الفشل الواضح فى إيجاد أى حلول لدى أى مواطن لمواجهة الأزمة فى ظل ارتفاع درجة حرارة الجو.
خلاصة القول إن وزارة الكهرباء فشلت فى إدارة الأزمة بكل جوانبها، سواء من حيث السرعة فى إيجاد بدائل لبدء وقف انقطاع التيار الكهربائى، أو المساواة بين المواطنين فى تحديد ساعة فقط للانقطاع مثل غالبية القرى الريفية والمناطق فى المدن، فى الوقت الذى يبقى الأمر مرهوناً فى أماكن أخرى بموظفى «سكاكين» الكهرباء للتصرف فى الأمر دون أن تكون لدينا أى إجابة واضحة على ما يحدث وهو ما يفتح الباب للكثير من التساؤلات والتأويلات بشأن ما يحدث.. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء وللحديث بقية إن شاء الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أزمة انقطاع الكهرباء عيد الأضحى المبارك ثورة 30 يونيو التیار الکهربائى انقطاع التیار ساعة فقط
إقرأ أيضاً:
الكهرباء في العراق.. كيف تبتلع المجمعات السكنية الفاخرة حصص المواطنين؟
بغداد اليوم - بغداد
في أزمة ليست بجديدة، تعاني مدن العراق من أزمة كهرباء مستمرة، تتفاقم مع مرور الوقت خصوصا مع الانخفاض الكبير في درجات الحرارة، بالمقابل خرجت وزارة الكهرباء في تبرير جديد لتقول إن المجمعات السكنية في العاصمة تستحوذ على نسب كبيرة من الإنتاج المحلي للطاقة الذي لا يكفي أساسا لسد الحاجة.
فجوة كبيرة بين الإنتاج المتحقق والحمل المطلوب، مع فارق يزيد عن 17 ميغاواط. وعلى الرغم من أن الإنتاج الحالي للشبكة الوطنية يبلغ 27 ميغاواط، إلا أن هذا لا يكفي لتلبية الطلب المتزايد، مما يثير تساؤلات عديدة حول الأسباب الفعلية وراء هذه الأزمة.
وتشير أصابع الاتهام إلى مشاريع المجمعات الاستثمارية التي تمنح لها الطاقة الكهربائية على حساب المواطنين. حيث يعتبر الكثيرون أن هذه المجمعات، التي غالبا ما تعود إلى أثرياء وشخصيات متنفذة، تساهم في نقص الكهرباء الموجهة للمواطنين.
محاباة سياسية وتجاهل للشروط
ويؤكد مراقبون أن هيئة الاستثمار الوطنية تشترط على المجمعات السكنية بناء محطات مياه وكهرباء خاصة بها، إلا أن هذه الشروط غالبا ما يتم التغاضي عنها نتيجة للتأثيرات السياسية. بينما يؤكد آخرون أنه بعد استكمال المشروع وبناء المجمع السكني، يتم تزويده بالطاقة على حساب المواطنين، مما يعكس فسادا إداريا وظلما اجتماعيا".
معاناة المواطنين
محمد رضا الزهيري أحد سكان بغداد، يقول لـ"بغداد اليوم": "نعيش في ظل انقطاع مستمر للكهرباء، بينما نرى المجمعات الاستثمارية ومناطق الخصخصة تتمتع بالكهرباء دون انقطاع. هذا ليس عدلا". ويضيف الزهيري: "نشعر بأن حقوقنا كمواطنين تتعرض للانتهاك من قبل الأثرياء والمتنفذين".
رقية حسين مواطنة تسكن منطقة الدورة، جنوبي العاصمة بغداد، تقول لـ"بغداد اليوم" إن "المنطقة على غرار أغلب مناطق بغداد تعاني من قلة ساعات تجهيز الكهرباء (الوطنية)، فإن المنطقة تدخل بنظام الجدول والذي يتضمن (ساعتين إطفاء مقابل ساعتين تشغيل)"، وتضيف "الساعتان تأتيان متقطعتان ولا يتم تجهيزها بشكل متواصل".
خطة الوزير "الطموحة"
في غمرة الأزمة هذه، يعلن وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، عن خطة "طموحة" قوامها انشاء محطة ثانوية وتأهيل 900 مغذيا. وهذا "يندرج ضمن استعدادات الصيف المقبل في بغداد"، تقول وزارة الكهرباء.
بيان للمكتب الإعلامي للوزارة تلقته "بغداد اليوم" يقول إن "وزير الكهرباء، التقى يوم الاثنين (16 كانون الأول 2024)، رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، لمناقشة ما تحتاجه العاصمة بغداد بملف الكهرباء، وتعزيز التعاون المشترك بين الوزارة والحكومة المحلية، وتقديم الدعم والاسناد وتذليل التحديات التي تعيق تطور ملف الكهرباء في بغداد".
وأشار الوزير وفق البيان، "للدور المهم الذي تمثله الحكومات المحلية من حيث الدور التشريعي للمجلس، والتنفيذي المحافظين، وأنهم الذراع الأساسي مع الوزارات المكملة لعمل الحكومة المركزية، ولابد من العمل كفريق واحد لتكون المخرجات حقيقية تقدم على نحو خدمي لمواطني بغداد واستحقاقهم".
البيان ذكر، أنه "جرى خلال اللقاء تسليط الضوء على أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الكهرباء في بغداد، كتحديات الغاز والوقود وتأثير توقفه على محطات الانتاج وحصة العاصمة، كما تم الحديث عن أهمية صيانة شبكات التوزيع، وإيجاد حلول فعّالة لتقليل انقطاعات التيار الكهربائي، بظل ازدياد الطلب على الطاقة".
الوزير يريد، بحسب البيان، "تنفيذ التحول الذكي بمناطق مختارة من جانبي الكرخ والرصافة للسيطرة على الضياعات وتنظيم الاستهلاك والعشوائيات والمناطق الزراعية، بشبكات نظامية".
الأجندات الحزبية والفساد بالوزارة
وبعد كل ما ذُكر، يبدو أن وزارة الكهرباء ووزيرها زياد علي فاضل، نسوا أو تناسوا أن العاصمة بغداد والمحافظات العراقية كافة- باستثناء محافظات إقليم كردستان- تعاني من انقطاع مستمر، تقريبا، للطاقة الكهربائية رغم أن الفصل شتاء، ولا حمولات أو استهلاكا للكهرباء إذا ما تمت المقارنة مع فصل الصيف الذي تلامس درجات الحرارة فيه الـ 50 مئوية.
وعلى أي حال، فإن وزارة الكهرباء، وفق مراقبين، يعتريها الفساد منذ أكثر من 20 عاما، بدلالة الملفات "المؤجلة" في القضاء وهيئة النزاهة. ملفات مغلقة بإرادة سياسية وأجندات حزبية بفاعل خارجي.
وهنا، يقول المحلل السياسي عدنان التميمي، إن دولا واحزابا مستفيدة من أزمة الكهرباء في العراق، فيما يشير الى أن محاولات استثمار الغاز يجري تعطيله في ظروف غامضة.
وأكد التميمي لـ"بغداد اليوم"، السبت (14 كانون الأول 2024)، أن "الدولة العراقية انفقت بعد 2003 وحتى يومنا هذا مبالغ طائلة لتحسين ملف الكهرباء لكن النتائج كانت مخيبة للآمال في ظل أزمات متجددة مع ذروة كل موسم، صيفا وشتاءً بسبب اعتماد المنظومة على استيراد الغاز والطاقة معا وانفاق مليارات الدولارات من ميزانيتها".
وأضاف، أن "دولا واحزابا مستفيدة من أزمة الكهرباء في العراق وأي محاولة تمضي باتجاه الحل تصطدم بالفيتو، لدرجة أنه حتى محاولات استثمار الغاز يجري تعطيله في كل مرة وبظروف غامضة".
وأشار الى أن "الفساد في وزارة الكهرباء موجود والقضايا الموجودة في هيئة النزاهة على مدى أكثر من 20 سنة تؤكد بأن احزابا وقوى كثيرة متورطة بصفقات مشبوهة استنزفت خزينة البلاد".
التميمي قال أيضا، إن "أي وزير يأتي الى رأس هرم الوزارة لن يحقق شيئا في ظل مشاكل متراكمة تبدأ من توفير الطاقة والهدر الكبير في الاستهلاك وصولا الى استفادة اطراف كثيرة من صفقات كثيرة".
عقود الفساد تبتلع الـ41 مليار دولار
ملفات فساد كبيرة في وزارة الكهرباء، وما تزال هي السبب الرئيس بتدمير قطاع الكهرباء في العراق، واستمرار وجود الكثير من مافيات المفسدين المسيطرة على الوزارة، وتعد أزمة الكهرباء هي واحدة من أبرز الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، ولم تتمكن من تجاوزها، على الرغم من إنفاق نحو 41 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا لتقارير رسمية.
من ناحيته، علق الكاتب والمحلل السياسي أحمد الخضر، يوم السبت (14 كانون الأول 2024)، حول استمرار أزمة الكهرباء في العراق خلال فصلي الصيف والشتاء، والفشل بإدارة هذا الملف.
وقال الخضر لـ "بغداد اليوم" إن "هذا الملف ليس جديدا، وفشل وزارة الكهرباء في توفير الحد الأدنى من الكهرباء للمواطنين، وبالرغم من تصريحات رئيس الوزراء ووزير الكهرباء، إلا أن لا كهرباء كافية في العراق".
وأضاف، أنه "اعتقد أن الخلل الحقيقي يكمن في إدارة وزارة الكهرباء نفسها، حيث أن الوزارة مازالت متأثرة بالتحزب السياسي ولاحظنا أن هناك شكاوى من عدة محافظين في الوسط والجنوب قدمت من قبلهم في المحاكم ضد وزير الكهرباء، حيث اتهم بالتلاعب بحصص المحافظات من التجهيز الكهربائي حيث وصلت محافظاتهم إلى 6 ساعات تجهيز باليوم الواحد مقابل محافظات 16 ساعة تجهيز".
وأشار إلى، أن "هذا يعطينا انطباعا أن هناك خللا اداريا، بالإضافة إلى الخلل القيادي الذي لم يقدم خططا بديلة لحد الان، لإيجاد مصادر أخرى غير الغاز الإيراني الذي يعاني من عقوبات أمريكية يؤدي بين فترة وأخرى لنقص في تجهيزه".
وسجلت ساعات تجهيز الكهرباء انخفاضا كبيرا في بغداد والمحافظات مع الهبوط الحاد بدرجات الحرارة وبدء موسم الشتاء وبالتزامن مع توقف تصدير الغاز الإيراني إلى العراق.
وشكا مواطنون من قلة ساعات إمداد الطاقة من شبكة منظومة الكهرباء، فيما طالبوا الوزارة بإيجاد حلول جدية لهذه الأزمة، ووضع حد للفساد وهدر المليارات على العقود السنوية والمحطات التي يتجاوز عددها الـ 36 محطة في بغداد فقط.