بنغلادش.. البحر يبتلع الأراضي بوتيرة سريعة
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
بعد أن دمّر إعصار منزله عام 2007، حزم الصياد البنغلاديشي عبد العزيز ما تبقى من ممتلكاته وانتقل إلى منطقة تبعد نحو نصف كيلومتر إلى الداخل، بعيداً عن أمواج العواصف... وبعد مرور عام، ابتلع البحر المنطقة التي كان منزله مُشيّداً فيها.
واليوم، يصطاد عبد العزيز، البالغ 75 عاماً، في منطقة تعلو منزله السابق المغمور بالمياه، ويعيش على الجانب الآخر من منطقة ترابية منخفضة وجسر خرساني تتصادم عليه الأمواج الهادرة.
يقول، مشيراً إلى قريته المتلاشية "الأسماك تسبح هناك في مياه أرضي". ويضيف "هذا جزء من تبعات ارتفاع مياه البحر".
يقول علماء مفوّضون من الحكومة في بنغلادش إن ارتفاع منسوب مياه البحار بسبب تغير المناخ يُغرق ساحل بنغلادش المكتظ بالسكان بوتيرة تُعدّ من بين الأسرع عالمياً، ما سيرغم ما لا يقل عن مليون شخص على الساحل إلى النزوح نحو مناطق أخرى في غضون جيل واحد.
وكتب المدير العام لإدارة البيئة عبد الحميد، في تقرير الشهر الماضي "قلّة من البلدان تعاني من التأثيرات بعيدة المدى والمتنوعة لتغير المناخ بشكل مكثف مثل بنغلادش".
وخلصت الدراسة، المكونة من ثلاثة أجزاء، إلى أن الدولة الواقعة في جنوب آسيا تشهد ارتفاعا في مستوى سطح البحر في بعض الأماكن بنسبة أعلى بـ60 في المئة من المتوسط العالمي.
وجاء في التقرير أنه بحلول عام 2050، ومع المعدلات الحالية لارتفاع مستوى سطح البحر المحلي، "قد يُضطر أكثر من مليون شخص إلى النزوح"، استنادا إلى بيانات مأخوذة على مدى ربع قرن بواسطة الأقمار الاصطناعية من جانب وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ونظيرتها الصينية (سي إن إس إيه).
- المياه "تقترب"
لا ترتفع مستويات سطح البحر بالمعدل نفسه في جميع أنحاء العالم، ويرجع ذلك أساساً إلى مجال الجاذبية غير المتساوي للأرض والتغيرات في ديناميكيات المحيطات.
وقال قائد الدراسة إيه كيه إم سيف الإسلام إن المعدلات العالية لارتفاع مياه البحر في بنغلادش كانت مدفوعة بذوبان القمم الجليدية وزيادة كميات المياه مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات والكميات الهائلة من مياه الأنهار التي تتدفق إلى خليج البنغال في كل فترة رياح موسمية.
وأضاف أن الدراسة تقدم "رسالة واضحة" مفادها أن صناع السياسات يجب أن يكونوا مستعدين "للتكيف" مع الوضع.
قام سيف الإسلام، وهو عضو في هيئة تقييم تغير المناخ التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، بفحص مناطق الدلتا الشاسعة حيث يصل نهرا الهيمالايا العظيمان في نهر الغانج وبراهمابوترا إلى البحر.
وأوضح سيف الإسلام أنه "في العقود الأخيرة، ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 3,7 ميليمترات كل عام على مستوى العالم".
ولفت إلى أنه "في دراستنا، رأينا أن ارتفاع مستوى سطح البحر أعلى على طول سواحلنا... من 4,2 ميليمترات إلى 5,8 ميليمترات سنوياً".
قد يبدو هذا الارتفاع التدريجي ضئيلاً. لكنّ بعضاً ممن يقيمون على طول ساحل بنغلادش، وعددهم الإجمالي يناهز 20 مليون شخص، يقولون إن الدمار يفتك بمناطقهم في موجات مرعبة.
وقال الصياد عبد العزيز عن اقتراب البحر من أراضيهم إن المياه "تقترب"، "فأين يمكننا الهروب؟"
- "الأجسام لا تتحمل"
يبدو التهديد آخذاً في التفاقم. فارتفاع معظم المناطق الساحلية في البلاد يبلغ متراً أو مترين فوق مستوى سطح البحر، وتحمل العواصف مياه البحر إلى الداخل، ما يجعل الآبار والبحيرات مالحة ويفتك في المحاصيل في ما كان في السابق أرضاً خصبة.
وقال إسماعيل هولدار، وهو مزارع يبلغ 65 عاماً، يزرع الفلفل الحار والبطاطا الحلوة ودوار الشمس والأرزّ "عندما يكون المد أعلى، تتسلل مياه البحر إلى منازلنا وأراضينا".
وأضاف "هذا لا يجلب لنا سوى الخسارة"ّ.
يقول العلماء إن الأعاصير أصبحت أكثر تواترا وتتزايد شدتها ومدتها بسبب تأثير تغير المناخ.
وقال شاه جلال ميا، وهو صاحب مطعم يبلغ 63 عاماً، إنه يشاهد البحر "يتمدد على المزيد من الأراضي" كل عام.
وأوضح "لقد فقد الكثير من الناس منازلهم بسبب البحر بالفعل".
ولفت شاه جلال ميا إلى أنه شهد أعاصير وموجات حارة تزداد سوءا، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية.
وأشار إلى "إننا نواجه الآن إعصارين أو ثلاثة أو حتى أربعة أعاصير كل عام"، "ولا أستطيع قياس درجات الحرارة بالدرجات، ولكن ببساطة، أجسادنا لا تستطيع تحمل ذلك".
تعد بنغلادش من الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ، وفقاً لمؤشر مخاطر المناخ العالمي.
وفي أبريل، شهدت الدولة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 170 مليون نسمة، الشهر الأكثر سخونة، وموجة الحرارة الأكثر استدامة في تاريخها.
وقالت إدارة الأرصاد الجوية الحكومية إن الإعصار، الذي قتل الشهر الماضي 17 شخصا على الأقل ودمر 35 ألف منزل، كان من أسرع الأعاصير تشكلاً وأطولها أمداً.
ونُسب الحدثان إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وقال إينون نيشات، من جامعة "براك" في العاصمة دكا "لا يمكننا أن نفعل أي شيء من أجل بنغلادش إذا لم تفعل الدول الأخرى أي شيء لمكافحة الانبعاثات".
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: بنغلادش بنغلاديش ارتفاع منسوب البحر التغير المناخي التغير المناخي والبيئة تغير المناخ مستوى سطح البحر سیف الإسلام میاه البحر عبد العزیز
إقرأ أيضاً:
بحثا عن ملاذات آمنة.. ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة
ارتفعت أسعار الذهب الاثنين، بعد أن لامست مستوى تاريخياً الأسبوع الماضي، مدعومة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة وسط استمرار التوترات الجيوسياسية والقلق المتزايد بشأن الرسوم الجمركية وتصاعد الخلافات التجارية، بالإضافة إلى توقعات بخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لأسعار الفائدة.
وارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.1 بالمئة إلى 2986.53 دولار للأوقية (الأونصة)، بعد أن تجاوز المعدن النفيس مستوى الثلاثة آلاف دولار للأوقية لأول مرة في التاريخ يوم الجمعة الماضي، مسجلاً مستوى قياسياً جديداً عند 3004.86 دولار للأوقية.
وفي المقابل، انخفضت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.2 بالمئة إلى 2994.60 دولار للأوقية.
وأوضح كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادي لدى شركة "أواندا"، كلفن وونغ، أن "الارتفاع الأخير في أسعار الذهب جاء مدفوعاً بمخاوف من حدوث ركود تضخمي".
وأظهرت بيانات حديثة تراجع ثقة المستهلك الأمريكي إلى أدنى مستوى في نحو عامين ونصف العام خلال شهر آذار/ مارس الجاري، بينما ارتفعت توقعات التضخم وسط مخاوف من أن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أشعلت حرباً تجارية عالمية، قد تعزز ارتفاع الأسعار وتقوض الاقتصاد.
واستمرت التوترات الجيوسياسية في التأثير على الأسواق، حيث توعدت الولايات المتحدة بمواصلة مهاجمة جماعة الحوثيين في اليمن حتى توقف هجماتها على السفن، في حين أسفر عدوان الاحتلال الإسرائيلي عن استشهاد 15 فلسطينياً على الأقل في قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
جاء التحرك الأمريكي رداً على إعلان جماعة الحوثيين مساء الثلاثاء الماضي استئناف حظر عبور السفن الإسرائيلية "في مناطق العمليات المحددة بالبحر الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن"، وذلك بعد انتهاء المهلة التي منحتها لتل أبيب لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وكان الحوثيون قد بدأوا منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 باستهداف سفن شحن الاحتلال الإسرائيلي أو المرتبطة بها في البحر الأحمر ومناطق أخرى يمكن أن تصلها الصواريخ والطائرات المسيرة، وذلك في إطار التضامن مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية غير مسبوقة.
ويعد الذهب، الذي يُعتبر تحوطاً ضد المخاطر السياسية والتضخم، قد حقق مكاسب بنحو 14 بالمئة منذ بداية العام الحالي.
وتترقب الأسواق الآن اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي المقرر يوم الأربعاء القادم، يليه خطاب رئيس البنك جيروم باول.
أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، فقد انخفضت الفضة بنسبة 0.1 بالمئة إلى 33.76 دولار للأوقية، بينما ارتفع البلاتين بنسبة 0.1 بالمئة إلى 994.50 دولار للأوقية، في حين تراجع البلاديوم بنسبة 0.1 بالمئة إلى 963.83 دولار للأوقية.