صحيفة الاتحاد:
2025-03-31@03:37:16 GMT

بنغلادش.. البحر يبتلع الأراضي بوتيرة سريعة

تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT

بعد أن دمّر إعصار منزله عام 2007، حزم الصياد البنغلاديشي عبد العزيز ما تبقى من ممتلكاته وانتقل إلى منطقة تبعد نحو نصف كيلومتر إلى الداخل، بعيداً عن أمواج العواصف... وبعد مرور عام، ابتلع البحر المنطقة التي كان منزله مُشيّداً فيها.
واليوم، يصطاد عبد العزيز، البالغ 75 عاماً، في منطقة تعلو منزله السابق المغمور بالمياه، ويعيش على الجانب الآخر من منطقة ترابية منخفضة وجسر خرساني تتصادم عليه الأمواج الهادرة.

الصياد عبد العزيز ينظر إلى قريته السابقة التي ابتلعها البحر

يقول، مشيراً إلى قريته المتلاشية "الأسماك تسبح هناك في مياه أرضي". ويضيف "هذا جزء من تبعات ارتفاع مياه البحر".
يقول علماء مفوّضون من الحكومة في بنغلادش إن ارتفاع منسوب مياه البحار بسبب تغير المناخ يُغرق ساحل بنغلادش المكتظ بالسكان بوتيرة تُعدّ من بين الأسرع عالمياً، ما سيرغم ما لا يقل عن مليون شخص على الساحل إلى النزوح نحو مناطق أخرى في غضون جيل واحد.

أخبار ذات صلة 117 جيجا واط أضافتها مشاريع «طاقة الرياح» خلال 2023 3 تحولات لتعزيز فعالية وتحسين سلاسل التوريد

وكتب المدير العام لإدارة البيئة عبد الحميد، في تقرير الشهر الماضي "قلّة من البلدان تعاني من التأثيرات بعيدة المدى والمتنوعة لتغير المناخ بشكل مكثف مثل بنغلادش".
وخلصت الدراسة، المكونة من ثلاثة أجزاء، إلى أن الدولة الواقعة في جنوب آسيا تشهد ارتفاعا في مستوى سطح البحر في بعض الأماكن بنسبة أعلى بـ60 في المئة من المتوسط العالمي.
وجاء في التقرير أنه بحلول عام 2050، ومع المعدلات الحالية لارتفاع مستوى سطح البحر المحلي، "قد يُضطر أكثر من مليون شخص إلى النزوح"، استنادا إلى بيانات مأخوذة على مدى ربع قرن بواسطة الأقمار الاصطناعية من جانب وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ونظيرتها الصينية (سي إن إس إيه).
- المياه "تقترب"
لا ترتفع مستويات سطح البحر بالمعدل نفسه في جميع أنحاء العالم، ويرجع ذلك أساساً إلى مجال الجاذبية غير المتساوي للأرض والتغيرات في ديناميكيات المحيطات.
وقال قائد الدراسة إيه كيه إم سيف الإسلام إن المعدلات العالية لارتفاع مياه البحر في بنغلادش كانت مدفوعة بذوبان القمم الجليدية وزيادة كميات المياه مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات والكميات الهائلة من مياه الأنهار التي تتدفق إلى خليج البنغال في كل فترة رياح موسمية.
وأضاف أن الدراسة تقدم "رسالة واضحة" مفادها أن صناع السياسات يجب أن يكونوا مستعدين "للتكيف" مع الوضع.

الخبير سيف الإسلام

قام سيف الإسلام، وهو عضو في هيئة تقييم تغير المناخ التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، بفحص مناطق الدلتا الشاسعة حيث يصل نهرا الهيمالايا العظيمان في نهر الغانج وبراهمابوترا إلى البحر.
وأوضح سيف الإسلام أنه "في العقود الأخيرة، ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 3,7 ميليمترات كل عام على مستوى العالم".
ولفت إلى أنه "في دراستنا، رأينا أن ارتفاع مستوى سطح البحر أعلى على طول سواحلنا... من 4,2 ميليمترات إلى 5,8 ميليمترات سنوياً".
قد يبدو هذا الارتفاع التدريجي ضئيلاً. لكنّ بعضاً ممن يقيمون على طول ساحل بنغلادش، وعددهم الإجمالي يناهز 20 مليون شخص، يقولون إن الدمار يفتك بمناطقهم في موجات مرعبة.
وقال الصياد عبد العزيز عن اقتراب البحر من أراضيهم إن المياه "تقترب"، "فأين يمكننا الهروب؟"

- "الأجسام لا تتحمل"
يبدو التهديد آخذاً في التفاقم. فارتفاع معظم المناطق الساحلية في البلاد يبلغ متراً أو مترين فوق مستوى سطح البحر، وتحمل العواصف مياه البحر إلى الداخل، ما يجعل الآبار والبحيرات مالحة ويفتك في المحاصيل في ما كان في السابق أرضاً خصبة.
وقال إسماعيل هولدار، وهو مزارع يبلغ 65 عاماً، يزرع الفلفل الحار والبطاطا الحلوة ودوار الشمس والأرزّ "عندما يكون المد أعلى، تتسلل مياه البحر إلى منازلنا وأراضينا".
وأضاف "هذا لا يجلب لنا سوى الخسارة"ّ.
يقول العلماء إن الأعاصير أصبحت أكثر تواترا وتتزايد شدتها ومدتها بسبب تأثير تغير المناخ.
وقال شاه جلال ميا، وهو صاحب مطعم يبلغ 63 عاماً، إنه يشاهد البحر "يتمدد على المزيد من الأراضي" كل عام.
وأوضح "لقد فقد الكثير من الناس منازلهم بسبب البحر بالفعل".
ولفت شاه جلال ميا إلى أنه شهد أعاصير وموجات حارة تزداد سوءا، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية.
وأشار إلى "إننا نواجه الآن إعصارين أو ثلاثة أو حتى أربعة أعاصير كل عام"، "ولا أستطيع قياس درجات الحرارة بالدرجات، ولكن ببساطة، أجسادنا لا تستطيع تحمل ذلك".

تعد بنغلادش من الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ، وفقاً لمؤشر مخاطر المناخ العالمي.
وفي أبريل، شهدت الدولة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 170 مليون نسمة، الشهر الأكثر سخونة، وموجة الحرارة الأكثر استدامة في تاريخها.
وقالت إدارة الأرصاد الجوية الحكومية إن الإعصار، الذي قتل الشهر الماضي 17 شخصا على الأقل ودمر 35 ألف منزل، كان من أسرع الأعاصير تشكلاً وأطولها أمداً.
ونُسب الحدثان إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وقال إينون نيشات، من جامعة "براك" في العاصمة دكا "لا يمكننا أن نفعل أي شيء من أجل بنغلادش إذا لم تفعل الدول الأخرى أي شيء لمكافحة الانبعاثات".

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: بنغلادش بنغلاديش ارتفاع منسوب البحر التغير المناخي التغير المناخي والبيئة تغير المناخ مستوى سطح البحر سیف الإسلام میاه البحر عبد العزیز

إقرأ أيضاً:

ترامب يشعل حربا تجارية عالمية بوتيرة لم تشهدها العقود الماضية

في العقود الأخيرة، شهد العالم تصاعدا غير مسبوق في السياسات الحمائية، وبلغت ذروتها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي فرضت تعريفات جمركية واسعة أثارت ردود فعل انتقامية من دول كالصين وكندا والاتحاد الأوروبي.

وذكر الكاتبان جيسون دوغلاس وتوم فيرليس في صحيفة وول ستريت جورنال أن الحواجز أمام التجارة الحرة تتزايد عالميا، في مشهد يذكّر بالانعزالية التجارية في ثلاثينيات القرن الماضي.

حتى قبل ترامب، كانت دول عديدة ترفع حواجزها، خاصة ضد الصين، لحماية صناعاتها من واردات، مثل السيارات الكهربائية والصلب. واليوم، تتوسع هذه الإجراءات بسبب ارتفاع الرسوم الأميركية، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه حماية صناعاته من التحويلات التجارية القادمة من الولايات المتحدة.

ويحذر اقتصاديون من أضرار طويلة الأمد على النمو والتعاون الدولي، رغم أن العالم لا يواجه كسادا كالذي حدث في الثلاثينيات. فقد تراجعت فاعلية منظمة التجارة العالمية، ويهدد ترامب بتوسيع حربه التجارية لتشمل سلعا كالأدوية والسيارات.

وقد ردت دول مثل كوريا الجنوبية، وفيتنام، والمكسيك، وإندونيسيا، وحتى روسيا بفرض قيود على السلع الصينية. ووفقا لمنظمة غلوبال تريد أليرت، ارتفع عدد القيود التجارية في مجموعة العشرين بنسبة 75% منذ بداية ولاية ترامب، مع خضوع أكثر من 90% من المنتجات الأميركية لقيود استيراد.

إعلان

وتشير تقديرات وكالة فيتش إلى أن متوسط التعريفات الأميركية قد يصل إلى 18% إذا نُفذت تهديدات ترامب، وهو أعلى مستوى منذ 90 عاما.

حرب رسوم جمركية متصاعدة بين أميركا وشركائها التجاريين، وقرارات انتقامية تضرب الصادرات من الجانبين (غيتي) أصداء قانون سموت-هاولي

وذكر الكاتبان أن التعريفات الجمركية في ثلاثينيات القرن العشرين كانت بمثابة ناقوس الموت للتجارة العالمية، التي كانت تنهار بالفعل مع غرق الاقتصاد الأميركي والاقتصادات الأخرى في الكساد والبطالة الجماعية.

وقد مهد قانون سموت-هاولي -وهو محاولة لحماية المزارع والمصانع الأميركية من المنافسة الأجنبية- الطريق لزيادة التعريفات الجمركية على الواردات إلى الولايات المتحدة إلى نحو 20%، ورفعت الاقتصادات الكبرى القيود التجارية ردا على ذلك.

وذكر الكاتبان أنه بعد الحرب، وبالتحديد عام 1947، وقعت الولايات المتحدة مع نحو 20 دولة أخرى على الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة، بهدف تقليص الحواجز التجارية والمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد العالمي.

وقد أدى ذلك إلى تراجع متوسط الرسوم الجمركية بين الاقتصادات الكبرى من نحو 22% عام 1947 إلى 14% في 1964، ثم إلى 3% عام 1999. وفي عام 1995، حلت منظمة التجارة العالمية محل الاتفاقية، لتشرف على النظام التجاري العالمي.

وأشار الكاتبان إلى أن هذه التطورات ساهمت في تعزيز التجارة الدولية، مما أدى إلى انخفاض الأسعار لصالح المستهلكين. ولكن تحرير التجارة جاء بثمن، إذ ألقى البعض باللوم على تراجع الحواجز الجمركية في تآكل الصناعات المحلية في الدول المتقدمة، مع انتقال عديد من الوظائف إلى دول ذات تكاليف إنتاج منخفضة مثل الصين، مما أدى إلى فرض رسوم جديدة خلال ولاية ترامب الأولى، وهو النهج الذي استمر في عهد جو بايدن.

وأضاف الكاتبان أن دولا أخرى تصاعدت إجراءاتها ضد الصين، التي لم يستطع اقتصادها استيعاب فائض الإنتاج الصناعي، مما دفع البضائع الصينية الرخيصة إلى الأسواق العالمية وزاد التوترات التجارية.

إعلان

وفي قراراته الأخيرة، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 25% على المكسيك وكندا، و20% على الصين، التي ردت بفرض رسوم على فول الصويا الأميركي وإجراءات انتقامية أخرى. بينما أعلن الاتحاد الأوروبي فرض رسوم بنسبة 50% على واردات الويسكي الأميركي والدراجات النارية ابتداء من أبريل/نيسان المقبل.

وأكد الكاتبان أن ترامب يعتبر ازدهار التجارة العالمية كارثيا على أميركا، ويسعى لتقليص العجز التجاري مع الصين والمكسيك وفيتنام والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى إحياء الصناعات مثل أشباه الموصلات وبناء السفن. ويؤكد مؤيدوه أن سياساته ستخلق وظائف وتعزز الاستثمار، لكن تأثير الحرب التجارية قد يكون أقل حدة اليوم بفضل تحول الاقتصادات المتقدمة نحو الخدمات وتزايد الخبرات الحكومية في إدارة الأزمات.

أميركا استهدفت الصين بفرض رسوم جمركية على بضائعها على أمل خفض العجز التجاري (الفرنسية) تداعيات اقتصادية متزايدة

وأفاد الكاتبان أن تصاعد النزاع التجاري أدى إلى حالة من عدم اليقين، مما أثر سلبا على الإنفاق والاستثمار والتوظيف. ففي الولايات المتحدة، تراجعت ثقة المستهلكين وانخفضت أسواق الأسهم، بينما أظهرت الاستطلاعات ضعف نية الاستثمار لدى الشركات.

وفي أوروبا، توقعت شركة "بي إم دبليو" خسائر بقيمة مليار يورو بسبب الرسوم الجمركية الأميركية والأوروبية، محذرة من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى "دوامة سلبية". من جانبها، حذرت وكالة فيتش من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي هذا العام إلى 2.4% بسبب تصعيد النزاعات التجارية.

تصاعد النزعة الحمائية

وأشار الكاتبان إلى تزايد الضغوط لفرض مزيد من الرسوم الجمركية لحماية الصناعات الإستراتيجية من المنافسة الصينية، مثل السيارات الكهربائية وأشباه الموصلات. في الوقت نفسه، أدت الحرب الروسية على أوكرانيا ومطالب ترامب لأوروبا بتحمل مزيد من نفقات الدفاع إلى زيادة الإنفاق العسكري وتعزيز الاكتفاء الاقتصادي. وقال نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين في كابيتال إيكونوميكس، إن التصور الذي ساد في تسعينيات القرن الماضي حول التكامل الاقتصادي بين أوروبا والولايات المتحدة اختفى، وأصبحت الحكومات تسعى لاستقلالية أكبر.

إعلان

وأضاف الكاتبان أن العودة إلى مستويات الانفتاح التجاري السابقة صعبة بسبب تراجع دور منظمة التجارة، نتيجة عرقلة واشنطن لتعيين قضاة في هيئة الاستئناف منذ 2019.

وقال المتحدث باسم منظمة التجارة إسماعيل دينغ إن الدول الأعضاء لا تزال تسعى لحل النزاعات عبر قنوات داخل المنظمة، بينما أكدت المديرة العامة للمنظمة نجوزي أوكونجو إيويالا أن المنظمة تهدف للتعامل مع الأزمات ومنع تصاعد التوترات.

من جهته، يرى دوغلاس إروين، أستاذ الاقتصاد في كلية دارتموث ومؤلف كتاب عن تاريخ سياسة التجارة الأميركية، أن إزالة القيود التجارية بعد فرضها أمر معقد، حيث تصبح كل تعريفة ورقة مساومة. في ظل التنافس الجيوسياسي، خاصة مع الصين، وتعزيز الدول لصناعاتها المحلية وقدراتها العسكرية، تبدو احتمالات تقليص النزعة الحمائية ضئيلة.

وفي الختام، حذر إروين من أن التراجع عن هذه السياسات سيكون صعبا، مع احتمال تصاعد الحواجز التجارية والتوترات الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • ترمب يشعل حربا تجارية عالمية بوتيرة لم تشهدها العقود الماضية
  • ترامب يشعل حربا تجارية عالمية بوتيرة لم تشهدها العقود الماضية
  • توجيه من الأمير محمد بن سلمان بخصوص ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات في السنوات الماضية بالرياض
  • للحدّ من ارتفاع أسعار «الأراضي والإيجارات».. السعودية تتخذ إجراءات عاجلة
  • «الملاذ الآمن»: دعوات للشراء الجماعي وتوقعات بكسر الفضة حاجز 100 دولار
  • النعّاس: سوريا الجديدة تتحرك إلى الأمام بخطى سريعة ومدروسة
  • إجراءات لمواجهة ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات
  • جولد بيليون: الذهب يسجل أعلى مستوى على الإطلاق عالميا ومحليا
  • سعر الذهب يسجل أعلى مستوى على الإطلاق محليًا وعالمياً
  • الصور الأولى لغرق الغواصة سندباد بالغردقة.. ارتفاع الوفيات لـ 6 أشخاص