ومضات في ذكرى رحيل فارس الرومانسية يوسف السباعي
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في غفلة من زحام الزمان وصهوة الأيام، وُلِد فارس الأدب، يوسف السباعي، في أحضان حي الدرب الأحمر، كانت أرضية منزله الصغير يُسمَّى بالكتب، وتنبعث من جدرانه رائحة الحبر والمغامرة الفكرية.
والده، محمد السباعي، كان بوصلته الأدبية ومعمقه في فهم الفلسفات الأوروبية، يهدي ابنه يوسف إلى عالم الكلمة المكتوبة، حيث كان يحفظ شعر عمر الخيام ويقدم ترجماتها ببراعة.
رُبى يوسف على ضفاف العلم والأدب، وتربعت معالم حكايته في عالم (الفيلسوف) التي بدأها والده، فاضطرته الأقدار لتكميلها بعد رحيله، وعندما تحولت صفحاتها إلى حقيقة ورقية، توجه إليها الدكتور طه حسين بتقديمه القلمي الرفيع.
كانت أسرة السباعي ترفاً ومحنة، يجتازونها بصلابة وإيمان، رحلات السكن المتعددة لم تثني إرادتهم، بل زادتهم قوة وصلابة، وفي رحلته التعليمية، واجه يوسف التحديات وحقق النجاح في مدرسة شبرا الثانوية، ولكن بعيدًا عن المألوف، اختار طريق العلم بدلاً من الأدب.
ولم يكن يوسف السباعي محصورًا بمجال علمي، بل امتدت نجاحاته إلى الميادين الثقافية والسياسية، فتألق كمدرس في الكلية الحربية، وتصدر مناصب عدة حتى وصل إلى رتبة عميد. وعلى أرض الأدب والصحافة، كان له بصماته الخاصة، رأس تحريرًا لعدة مجلات ونال جوائز عديدة تكريمًا لإبداعه الأدبي وحنكته السياسية.
أما في رحلة إبداعه، فخطا يوسف السباعي خطواته بثقة وتألق، أصدر مجموعات قصصية لامست قلوب القراء، وصارت بعضها لأفلام ومسلسلات تلفزيونية تركت بصمة في الذاكرة الجماعية.
وكما يليق بشخصية أديب وفارس، وقعت نهايته بألم فظيع، في طريقه إلى مؤتمر التضامن، وقع يوسف بين فخوخ الغدر، ورحل عن عالمنا برصاصة جبانة، غادرنا يوسف، لكن إرثه يبقى، يتوارثه الأجيال، وتستمر حكايته الأدبية في عالم الأحلام والحقائق، محفورة في صفحات التاريخ وذاكرة الأمة.
إنّها مسيرةٌ لا تخلو من ملامح الإبداع والتميز، مسيرة يوسف السباعي الأدبية التي تناغمت بين أقلامه وأوراقه، مختلفة الألوان والأطياف كلما تأمّلنا قائمة أعماله الضخمة.
ففي رواياته، كانت كلماته تسرد قصصًا عميقة الجذور، تنطوي على عوالم متنوعة، كرواية "نائب عزرائيل" التي تأسر بخيوطها الدرامية، و"أم رتيبة" التي تتناول قضايا الحياة الاجتماعية بشكل فريد، و"السقا مات" التي تجسد أسطورة الحب بكل تعقيداته.
أما في مجال القصص، فكانت له روحٌ فريدة، تنسج خيوط الخيال والواقع ببراعة، كما في "بين أبو الريش وجنينة ناميش" و"الشيخ زعرب وآخرون"، حيث تنحت شخصياته بأدق التفاصيل، وتنقلنا إلى عوالم غير مألوفة.
وفي مجال المسرح، أيضًا كانت أعماله تتألق، مثل "أقوى من الزمن" التي تناولت قضايا الهوية والانتماء بطريقة مبتكرة وجريئة.
لا ننسى أيضًا مساهماته في مجال القصة القصيرة والنصوص القصصية، حيث أبدع في خلق أجواء مميزة وشخصيات لا تُنسى، مثل "رد قلبي" و"نادية" و"لست وحدك".
بعبق تلك الأعمال وبسحرها الخاص، استطاع يوسف السباعي أن يملأ الأدب العربي بروائعه، تحفر في أذهان القراء وتعيدنا مرارًا وتكرارًا إلى عالمه الساحر والمفعم بالحياة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فارس الأدب يوسف السباعي السباعي یوسف السباعی
إقرأ أيضاً:
نادية لطفي تتصدر التريند في ذكرى رحيلها.. حكايات أيقونة السينما التي لا تُنسى
تمر السنوات، لكن بريقها لا يخفت أبدًا.. نادية لطفي، النجمة التي جسّدت الأنوثة الراقية والشخصية القوية على الشاشة وخارجها، تعود لتتصدر المشهد مجددًا مع حلول ذكرى وفاتها. جمهورها، الذي لم ينسَ ملامحها الملائكية ولا حضورها الطاغي، أعاد إحياء ذكرياتها، مسترجعًا محطات مشرقة من حياتها الفنية والشخصية.
في الرابع من فبراير 2020، رحلت نادية لطفي، تاركة خلفها إرثًا سينمائيًا خالدًا، لكن صورها وأناقتها الساحرة لا تزال تحيا في وجدان محبيها. تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورًا من حفل زفافها في سن العشرين، حيث ظهرت بفستان حمل توقيع الزمن الجميل، بسيط لكنه مفعم بالفخامة، ليُعيد الجمهور اكتشاف جوانب من حياتها الشخصية التي لطالما أحاطتها بالخصوصية.
مسيرتها لم تكن مجرد أدوار سينمائية، بل كانت مواقف وطنية وإنسانية. من شوارع بيروت المدمرة عام 1982، حيث وثّقت بعدستها الاجتياح الإسرائيلي، إلى الصفوف الأمامية في حرب أكتوبر لدعم الجنود المصريين.. كانت نادية لطفي امرأة لا تخشى المواجهة، فنانة لا تكتفي بالأداء على الشاشة، بل تؤدي دورها في الحياة أيضًا.
في ذكرى رحيلها، تُثبت نادية لطفي أنها ليست مجرد اسم في أرشيف السينما، بل روحٌ لا تُنسى، تطلّ علينا مع كل مشهد من أفلامها، وكل صورة تُعيد الزمن إلى الوراء.. إلى عصر كانت فيه الأناقة موقفًا، والجمال سحرًا، والسينما ساحة للفن والحقيقة معًا.