صور أقمار اصطناعية وثقت الفظائع.. النار تتحول إلى “سلاح حرب” في السودان
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
قال تقرير لشبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، إنه يتم استخدام النار "كسلاح حرب" في السودان، حيث أُحرقت مئات القرى والبلدات وسويت بالأرض في جميع أنحاء البلاد.
وتظهر صور الأقمار الاصطناعية والتقارير مفتوحة المصدر، وفق الشبكة، أن "مئات القرى والبلدات في جميع أنحاء السودان أُحرقت بالكامل وتحولت إلى أنقاض"، ومن المحتمل أن تكون هذه الحرائق "مفتعلة".
وتسببت الحرب التي اندلعت قبل أكثر من عام بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في تدمير أجزاء كبيرة من البلاد، حيث قتل الآلاف، ونزح نحو 10 ملايين شخص عن منازلهم، مما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم، وفقا للأمم المتحدة.
ومع تصاعد وتيرة القتال، يقول خبراء ومحللون لـ"إن بي سي نيوز"، إن "الحرائق التي أُشعلت عمدا أدت إلى تدمير المنازل ومخيمات المساعدات".
ونقلت الشبكة عن مارك سنوك، وهو محقق يعتمد على المصادر المفتوحة، قوله: "عندما نرى تقارير عن اندلاع القتال بالتزامن مع تكتلات من الحرائق، فهذا يشير إلى أنه ربما يتم استخدام النار (كسلاح حرب)".
ويضيف سنوك، الذي يتتبع الحرائق عبر الأقمار الاصطناعية برفقة زملائه في مركز مرونة المعلومات (CIR)، وهي منظمة غير ربحية تكرس جهودها لكشف انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب: "يشير احتراق أكثر من 50 تجمعا سكنيا بشكل متكرر إلى وجود نية مبيتة وتهجير قسري محتمل".
ويعتمد سنوك وفريق الباحثين من مشروع "شاهد على السودان" التابع لمركز مرونة المعلومات، جزئيا على أقمار اصطناعية تستشعر الحرارة، طورتها وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" لمراقبة حرائق الغابات حول العالم.
ووثقوا حتى الآن أكثر من 235 حريقا اندلعت في القرى والبلدات بالسودان، منذ بدء الحرب في أبريل 2023، وفقا لـ"إن بي سي نيوز".
ويجمع مركز مرونة المعلومات (CIR) في تحقيقاته، بين صور الأقمار الاصطناعية والتقارير مفتوحة المصدر، التي تشمل التحقق من محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، والخرائط، والبيانات المتاحة للجمهور، بهدف تحديد نطاق الدمار في جميع أنحاء السودان.
معركة الفاشر
وكشف مركز مرونة المعلومات (CIR)، وفق الشبكة، أن الكثير من أعمال العنف تدور الآن في دارفور، وهي المنطقة الواقعة أقصى غرب السودان، ويتركز فيها العدد الأكبر من مراكز إيواء النازحين.
وتظهر البيانات الأحدث، تحرك الحرائق واقترابها من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، وتضم العديد ممن فروا من مناطق القتال الأخرى.
وأصبحت مدينة الفاشر نقطة محورية لأحدث الاشتباكات بين أطراف الحرب، حيث تعتبر آخر مدينة رئيسية في دارفور يتواجد بها الجيش.
ويقول سنوك لـ"إن بي سي نيوز"، إن "نمط الحرائق حول الفاشر تزامن مع الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها لتطويق المدينة".
ويُظهر أحد مقاطع الفيديو الذي تم تسجيله بين 28 و29 أبريل الماضي، ومنشور على قناة موالية لقوات الدعم السريع عبر تطبيق "تلغرام"، منازل محترقة في منطقة جنوب شرق الفاشر، ورجال مسلحون يرتدون زي قوات الدعم السريع وهم يحتفلون.
لم يجمع النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل السودان سوى 16 في المئة من هدفه
"أكبر أزمة إنسانية على وجه الكوكب".. واشنطن توجه جهودها الإنسانية صوب السودان
أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدات طارئة بقيمة 315 مليون دولار للسودانيين، محذّرة من احتمال حدوث مجاعة ذات أبعاد تاريخية، وحمّلت طرفي النزاع مسؤولية الكارثة الإنسانية.
وفي داخل المدينة، "لا يوجد طعام في الأسواق، ولا إمكانية للحصول على الرعاية الصحية، أو الوصول إلى مراكز التغذية"، كما تقول طبيبة أمراض النساء الأميركية، جيليان بوركهارت، التي عملت لشهرين في أمستشفى بالفاشر ضمن فريق منظمة أطباء بلا حدود.
فيما يقول زوجها، بول كلارك، وهو قائد الفريق اللوجيستي لمنظمة "أطباء بلا حدود"، الذي غادر الفاشر الشهر الماضي، إن نقل الإمدادات الإنسانية إلى المدينة "أمر صعب للغاية".
ويضيف للشبكة: "نظرا لعدم وجود مطارات عاملة، فإن الشاحنات الممتلئة بالوجبات الجاهزة من تشاد المجاورة تستغرق شهرا للوصول إلى المدينة. وهذا هو السيناريو الأفضل".
والأسبوع الماضي، علقت منظمة "أطباء بلا حدود" جميع الأنشطة في المستشفى الجنوبي بالمدينة، بعد أن "نهب" جنود قوات الدعم السريع المنشأة و"سرقوا سيارة إسعاف".
وحسب "أطباء بلا حدود"، فقد "قُتل ما لا يقل عن 192 شخصا وأصيب أكثر من 1230 منذ العاشر من مايو في الفاشر".
وطالب مجلس الأمن الدولي، الخميس، بإنهاء "حصار" الفاشر من جانب قوات الدعم السريع في السودان، ووضع حد للمعارك حول هذه المدينة الكبيرة في إقليم دارفور، حيث دعا القرار إلى "انسحاب جميع المقاتلين الذين يهددون أمن المدنيين"، مع دعوة جميع الأطراف إلى السماح بخروج المدنيين الراغبين في مغادرة المدينة.
"حرب أكثر شراسة"
ولا يزال "الحمض النووي" للصراع في دارفور قبل 20 عاما حاضرا في القتال اليوم، حسب ما يقول وزير الخارجية بالإنابة سابقا في الحكومة الانتقالية السودانية، عمر إسماعيل.
وتعد قوات الدعم السريع امتدادا لـ"الجنجويد"، وهي ميليشيا عربية كانت تدعمها الحكومة السودانية، واتهمتها الأمم المتحدة بارتكاب أعمال تطهير عرقي في دارفور بين عامي 2003 و2005.
لكن إسماعيل عاد وحذر خلال حديثه لـ"إن بي سي نيوز"، من أن "هذه الحرب أكثر شراسة".
ويضيف إسماعيل، الذي يعمل الآن كباحث في مختبر ييل للأبحاث الإنسانية في كلية الصحة العامة: "إن الفظائع التي ارتكبت في هذه الحرب لا تشبه أي شيء شهده السودان من قبل".
وجاءت تعليق إسماعيل بعد أن خلص تقرير من مختبر ييل في وقت سابق من هذا الشهر، إلى أن قوات الدعم السريع "تدمر بشكل منهجي مساكن المدنيين" في المناطق التي تضم عددا كبيرا من سكان الزغاوة، وهي أقلية عرقية في دارفور.
ويقول التقرير: "يمثل هذا أول دليل محدد على استهداف مزعوم بدوافع عرقية داخل الفاشر، من قبل قوات الدعم السريع".
كما اتهمت التقارير الصادرة هذا العام من فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" عناصر قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، باستهداف أقلية المساليت أثناء القتال في غرب دارفور، العام الماضي.
الحرب في دارفور
انتقد تجاهل أزمة السودان.. تحقيق مستقل يدين "الدعم السريع" ويتهم الإمارات
سلط مقال رأي في مجلة " فورين بوليسي" الضوء على الانتهاكات والفظائع التي تطال المدنيين جراء الحرب في السودان، بما في ذلك القتل على أساس عرقي والتهجير وطرد السكان.
ويقول إسماعيل، الذي ولد في الفاشر، إن أفراد عائلته نزحوا من المدينة بسبب القتال الأخير، حيث يشير إلى أنه "إذا حدثت اشتباكات ذات دوافع عرقية، فسيموت الكثير من الناس، لأن هناك الكثير من المدنيين في الفاشر والقرى المحيطة بها".
وفي حين يقول الكثير من المحللين والمراقبين للشبكة، إن قوات الدعم السريع "تتحمل المسؤولية الأكبر" عن استهداف وقتل الأقليات العرقية في دارفور، إلا أن الجيش تعرض للانتقادات.
وفي بيان عقب اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الشهر الماضي، اتهمت السفيرة الأميركية ليندا توماس-غرينفيلد، القوات المسلحة السودانية بعرقلة المساعدات المنقذة للحياة بشكل منهجي، وتجويع الملايين من المدنيين الأبرياء العالقين في خضم هذه الحرب.
كما أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدات طارئة بقيمة 315 مليون دولار للسودانيين، محذرة من احتمال حدوث مجاعة ذات أبعاد تاريخية، وحملت طرفي النزاع مسؤولية الكارثة الإنسانية.
ولم تستجب الحكومة السودانية والجيش وقوات الدعم السريع لطلبات شبكة "إن بي سي نيوز" للتعليق.
الحرة / ترجمات - دبي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع أطباء بلا حدود إن بی سی نیوز فی السودان الکثیر من فی دارفور أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
40 قتيلا بهجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بوسط السودان
الخرطوم - قُتل أربعون شخصا في هجوم شنه عناصر من قوات الدعم السريع مساء الثلاثاء على قرية في ولاية الجزيرة التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط السودان الذي دمرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف، على ما أفاد طبيب الأربعاء 20نوفمبر2024.
وقال طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم لوكالة فرانس برس إن "القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص". وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته بعد تعرض الفرق الطبية لهجمات.
وقال شهود في قرية ود عشيب إن قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش السوداني منذ منتصف نيسان/أبريل 2023، شنت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني.
وقال شاهد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن "الهجوم استؤنف صباح" الأربعاء، موضحا أن المهاجمين يرتكبون "أعمال نهب".
ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها قوات الدعم السريع خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في تشرين الأول/أكتوبر.
ومنذ ذلك التاريخ، وثقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسية كانت تعد سلة الخبز في السودان.
وحذر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الجمعة من أن اندلاع أعمال العنف هناك "يعرض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر".
- نازحون ينقصهم كل شيء -
خلفت الحرب بين قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو والجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يمسك بالسلطة، عشرات الآلاف من القتلى معظمهم من المدنيين.
ولم يتم تسجيل الضحايا، بحسب الأطباء. وتتراوح التقديرات بين 20 ألفا و150 ألفا.
كما أدت الحرب إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص، فر منهم أكثر من ثلاثة ملايين إلى البلدان المجاورة.
واتُهم كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب. فقد حاصر مقاتلو قوات الدعم السريع قرى بأكملها، وقاموا بتنفيذ عمليات إعدام بإجراءات موجزة ونهبوا ممتلكات المدنيين بشكل منهجي.
وتعرضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة، مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية.
وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأصيب العشرات منهم بالمرض.
ويصل العديد من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد "السير لعدة أيام ... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها"، وفق ما قال دوجاريك الجمعة.
وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية.
وقال دوجاريك "إنهم مضطرون للنوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى".
وتقدر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80% من المرافق الصحية في المناطق المتضررة.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حاليا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص من الجوع الحاد.
Your browser does not support the video tag.