“بالدم والدموع”.. هكذا استقبل السودانيون عيد الأضحى
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
بالنسبة لكثير من السودانيين، لا يبدو اليوم الأول من عيد الأضحى مختلفا عن النسق الذي يعيشونه منذ أكثر من عام، إذ لا تزال المعارك والمواجهات مستمرة في عدد من المحاور، بينما حرمت الضائقة الاقتصادية كثيرين من شراء الأضحية، وفق ناشطين وخبراء.
وانزلق السودان إلى الحرب في 15 أبريل 2023، عندما بدأت المواجهة المسلحة بين الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة نائبه في رئاسة مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.
وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.
وتأثرت تسع ولايات سودانية، بينها العاصمة الخرطوم، بالمواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، بينما نزح أكثرية سكان هذه الولايات إلى مناطق أخرى آمنة في البلاد.
ومنذ اندلاع الحرب تحولت مقار معظم المدارس والجامعات إلى مراكز لإيواء النازحين، وسط معاناة كبيرة في الحصول على الغذاء والعلاج، وفق منظمات طوعية وناشطين.
ولم يتمكن معظم الذين أجبرتهم الحرب على النزوح من توفير الأضحية، بسبب فقدانهم مصادر دخلهم الرئيسية، وفق ما ذكره الناشط المجتمعي بولاية نهر النيل، لؤي إبراهيم.
وقال إبراهيم لموقع "الحرة" إن "النازحين في المدن الرئيسية في الولاية مثل عطبرة وشندي وغيرها، يواجهون مشكلات في الحصول على ضروريات الحياة، بسبب توقف الدعم الذي يصل من المنظمات".
ولفت إلى أن "بعض الناشطين تمكنوا من توفير مجموعة من الخراف، بعد حملة تبرعات من السكان المحليين، وقاموا بذبحها وتقديمها إلى النازحين في مراكز الإيواء".
وأشار الناشط المجتمعي إلى أن "الأزمة الاقتصادية منعت كثيرين من مواطني الولاية من توفير الأضحية، خاصة أنها أسعار الخراف تفاوتت بين 250 ألف إلى 300 ألف جنيه سوداني، (حوالي 180 إلى 200 دولار).
وأضاف "الوضع الكارثي تعيشه المناطق والمدن الملتهبة، وخاصة مدينة الفاشر في غرب السودان ومدن وقرى ولاية الجزيرة وسط السودان، إذ جاء العيد بطعم الدم والدموع، بسبب المواجهات والانتهاكات التي تطالبهم من قوات الدعم السريع".
ويعاني 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، إذ صار 5 ملايين منهم على شفا المجاعة، بينما تواجه المنظمات صعوبات في إيصال المساعدات إلى المتضررين، بحسب وكالات الأمم المتحدة.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن أقل من 5 في المئة من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة في الوقت الراهن.
لم يجمع النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل السودان سوى 16 في المئة من هدفه
"أكبر أزمة إنسانية على وجه الكوكب".. واشنطن توجه جهودها الإنسانية صوب السودان
أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدات طارئة بقيمة 315 مليون دولار للسودانيين، محذّرة من احتمال حدوث مجاعة ذات أبعاد تاريخية، وحمّلت طرفي النزاع مسؤولية الكارثة الإنسانية.
ويطرح الناشط الطوعي، موسى عثمان، سببا آخر، قال إنه "حال دون حصول كثير من السودانيين على الأضحية"، موضحا أن أغلب مناطق تربية الضأن تقع إما في دائرة المعارك في غرب السودان، أو في محيطها، مما أثر في وصول الأضاحي إلى ولايات وسط وشمال وشرق السودان.
وقال عثمان لموقع "الحرة" إن "المعروض من الخراف أقلّ من الطلب، الأمر الذي أدى إلى زيادة الأسعار، وحرم كثيرا من الأسر من توفير الأضحية".
ولفت الناشط الطوعي، الذي ينخرط ضمن مبادرة محلية تهدف لمساعدة النازحين في ولاية كسلا في شرق السودان، إلى أن بعض الولايات السودانية الآمنة استقبلت العيد وسط أزمة مياه حادة.
وأضاف أن "معظم ولايات الشرق تعاني من عدم استقرار التيار الكهربائي، بينما يغيب الإمداد المائي عن مناطق كبيرة، مما فاقم معاناة المواطنين".
وأعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدات طارئة بقيمة 315 مليون دولار للسودانيين، محذّرة من احتمال حدوث مجاعة ذات أبعاد تاريخية، وحمّلت طرفي النزاع مسؤولية الكارثة الإنسانية.
وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، إن السودان قد يكون في وضع أسوأ من الصومال، في عام 2011، عندما توفي حوالي 250 ألف شخص بعد ثلاثة مواسم متتالية بدون هطول أمطار كافية في بلد على شفا الفوضى.
وأضافت باور أن "السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو أن السودان سوف يعيش المجاعة الأكثر فتكا منذ إثيوبيا في أوائل الثمانينيات"، عندما مات ما يصل إلى 1.2 مليون شخص.
وزارة الصحة السودانية أعلنت عن 11 ألف حالة إصابة بالكوليرا منذ اندلاع الحرب
بين الحرب والتغير المناخي.. نقص حاد في المياه يفتك بالسودان
تزداد آثار التغير المناخي في السودان وضوحا خلال الأشهر الأخيرة، إثر انعكاسها على نقص مياه الشرب، الذي فاقم حدته الحرب الدائرة منذ أكثر من عام بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ويلفت أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، جبارة الطيب، إلى أن تراجع قيمة العملة المحلية أمام النقد الأجنبي، وارتفاع معدل التخضم، فاقم معاناة السودانيين مع اقتراب الحرب من شهرها الخامس عشر".
وقال الطيب لموقع "الحرة" إن "معظم الولايات السودانية استقبلت عيد الأضحى وسط أزمة حادة في النقود، بينما تأثر أداء التطبيقات المصرفية بعد زيادة الضغط عليها".
ولفت إلى أن "أزمة النقود ناتجة عن قيام الحكومة السودانية بتسليم العاملين جزءا من رواتبهم، التي تراكمت لشهور طويلة، ووصلت لدى بعض الفئات لنحو عام".
وقادت الحرب إلى توقف 70 بالمئة من فروع المصارف في المناطق التي تشهد مواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، بينما تعرضت ممتلكات وأصول عدد من المصارف والبنوك إلى النهب والسرقة، بحسب تقرير سابق لبنك السودان المركزي.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن السودان تأثر من الحرب بدرجة كبيرة، "إذ تراجعت صادرات البلاد بأكثر من 60 في المئة، مقابل زيادة الواردات، مما أدى إلى اختلال في ميزان المدفوعات".
وأوضح أن كثيرا من القطاعات خرجت فعليا عن دائرة الإنتاج، أو تأثرت بدرجة كبيرة بالحرب، بما في ذلك القطاع الزراعي الذي تراجعت إنتاجيته إلى أكثر من النصف، وخاصة في مشروع الجزيرة، الذي يعتبر عماد الاقتصاد الزراعي السوداني.
ونوّه إلى أن "القطاع الصناعي خرج عن دائرة الإنتاج بدرجة تلامس حاجز الـ90 في المئة، إذ توقفت كل المصانع في الخرطوم، بينما تأثرت المصانع في الولايات بعدم توفر النقد الأجنبي وقطع الغيار والوقود".
وكشت هيئة الموانئ البحرية السودانية، في تقرير سابق، عن تراجع حجم الصادرات والواردات في العام 2023 بنسبة 23 بالمئة، مقارنة بالعام 2022، وفق فرانس برس.
وفي وقت سابق، توقع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (أوتشا)، أن ينكمش اقتصاد السودان بنسبة تصل إلى 12% بعد تأثر عمليات الإنتاج الصناعي والزراعي.
وكان وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، أعلن في فبراير الماضي، عن انخفاض إيرادات البلاد بأكثر من 80 في المئة، مقرا بأن الحرب أثرت على الأداء الكلي للاقتصاد.
الحرة / خاص - واشنطن
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع بین الجیش فی المئة من توفیر أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
أنظمة أسلحة فرنسية تنتهك الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة في السودان
قالت الأمينة العامة للمنظمة غير الحكومية أنييس كالامار في بيان “تظهر بحوثنا أن أنظمة أسلحة مصممة ومصنعة في فرنسا تُستخدم في ساحة المعركة في السودان”
التغيير: وكالات
أفادت منظمة العفو الدولية الخميس إن معدات عسكرية فرنسية تستخدم في مركبات مدرّعة إماراتية في السودان في “انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة” على منطقة دارفور.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة غير الحكومية أنييس كالامار في بيان “تظهر بحوثنا أن أنظمة أسلحة مصممة ومصنعة في فرنسا تُستخدم في ساحة المعركة في السودان”، وفقا “سويس إنفو”.
وأضافت المنظمة أن ناقلات جند من طراز “نمر عجبان” التي تصنعها المجموعة الوطنية الإماراتية “إيدج” تستخدمها قوات الدعم السريع “في السودان، وربما في دارفور”.
وقالت إن هذه المدرّعات مجهزة بنظام الحماية الذاتية “غاليكس” الذي تصممه شركتا “كا إن دي إس” و”لاكراو” الفرنسيتان، وفقا لصور مركبات مدمرة نشرتها منظمة العفو الدولية.
وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت الحرب المستمرة بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو منذ أبريل 2023.
واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب فيما أُجبر أكثر من 11 مليون شخص على ترك منازلهم في ما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة نزوح في العالم.
وتقول شركة “لاكروا” على موقعها الإلكتروني إن نظام غاليكس يتكون من أجهزة استشعار متصلة ببطارية قاذفات يمكن تحميلها بذخيرة مثل الدخان أو الأفخاخ الخداعية أو المقذوفات.
وتوضح أن “نظام غاليكس ليس فقط لغرض الدفاع عن النفس بل أيضا يستخدم لتحييد الأفراد المعادين بشكل فعال”.
وقالت كالامار إن “أي استخدام (لنظام غاليكس) في دارفور سيكون بمثابة انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة”، داعية باريس إلى “التوقف فورا عن توريد هذا النظام إلى الإمارات” من جانب الشركتين المصنعتين.
وقالت هيئة SGDSN الفرنسية التي تراقب صادرات الأسلحة لوكالة فرانس برس إنها لم تطّلع على تقرير منظمة العفو الدولية وامتنعت عن التعليق. كما رفضت “كا إن دي إس” و”لاكراو” التعليق.
وتفرض الأمم المتحدة حظر أسلحة على دارفور منذ العام 2004. وحضت منظمة العفو الدولية على توسيع الحظر ليشمل البلاد برمّتها.
الوسوماسلحة فرنسية السودان العفو الدولية حظر السلاح في دارفور