بالنسبة لكثير من السودانيين، لا يبدو اليوم الأول من عيد الأضحى مختلفا عن النسق الذي يعيشونه منذ أكثر من عام، إذ لا تزال المعارك والمواجهات مستمرة في عدد من المحاور، بينما حرمت الضائقة الاقتصادية كثيرين من شراء الأضحية، وفق ناشطين وخبراء.

وانزلق السودان إلى الحرب في 15 أبريل 2023، عندما بدأت المواجهة المسلحة بين الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة نائبه في رئاسة مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".



وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وتأثرت تسع ولايات سودانية، بينها العاصمة الخرطوم، بالمواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، بينما نزح أكثرية سكان هذه الولايات إلى مناطق أخرى آمنة في البلاد.

ومنذ اندلاع الحرب تحولت مقار معظم المدارس والجامعات إلى مراكز لإيواء النازحين، وسط معاناة كبيرة في الحصول على الغذاء والعلاج، وفق منظمات طوعية وناشطين.

ولم يتمكن معظم الذين أجبرتهم الحرب على النزوح من توفير الأضحية، بسبب فقدانهم مصادر دخلهم الرئيسية، وفق ما ذكره الناشط المجتمعي بولاية نهر النيل، لؤي إبراهيم.

وقال إبراهيم لموقع "الحرة" إن "النازحين في المدن الرئيسية في الولاية مثل عطبرة وشندي وغيرها، يواجهون مشكلات في الحصول على ضروريات الحياة، بسبب توقف الدعم الذي يصل من المنظمات".

ولفت إلى أن "بعض الناشطين تمكنوا من توفير مجموعة من الخراف، بعد حملة تبرعات من السكان المحليين، وقاموا بذبحها وتقديمها إلى النازحين في مراكز الإيواء".

وأشار الناشط المجتمعي إلى أن "الأزمة الاقتصادية منعت كثيرين من مواطني الولاية من توفير الأضحية، خاصة أنها أسعار الخراف تفاوتت بين 250 ألف إلى 300 ألف جنيه سوداني، (حوالي 180 إلى 200 دولار).

وأضاف "الوضع الكارثي تعيشه المناطق والمدن الملتهبة، وخاصة مدينة الفاشر في غرب السودان ومدن وقرى ولاية الجزيرة وسط السودان، إذ جاء العيد بطعم الدم والدموع، بسبب المواجهات والانتهاكات التي تطالبهم من قوات الدعم السريع".

ويعاني 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، إذ صار 5 ملايين منهم على شفا المجاعة، بينما تواجه المنظمات صعوبات في إيصال المساعدات إلى المتضررين، بحسب وكالات الأمم المتحدة.

ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن أقل من 5 في المئة من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة في الوقت الراهن.

لم يجمع النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل السودان سوى 16 في المئة من هدفه
"أكبر أزمة إنسانية على وجه الكوكب".. واشنطن توجه جهودها الإنسانية صوب السودان
أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدات طارئة بقيمة 315 مليون دولار للسودانيين، محذّرة من احتمال حدوث مجاعة ذات أبعاد تاريخية، وحمّلت طرفي النزاع مسؤولية الكارثة الإنسانية.
ويطرح الناشط الطوعي، موسى عثمان، سببا آخر، قال إنه "حال دون حصول كثير من السودانيين على الأضحية"، موضحا أن أغلب مناطق تربية الضأن تقع إما في دائرة المعارك في غرب السودان، أو في محيطها، مما أثر في وصول الأضاحي إلى ولايات وسط وشمال وشرق السودان.

وقال عثمان لموقع "الحرة" إن "المعروض من الخراف أقلّ من الطلب، الأمر الذي أدى إلى زيادة الأسعار، وحرم كثيرا من الأسر من توفير الأضحية".

ولفت الناشط الطوعي، الذي ينخرط ضمن مبادرة محلية تهدف لمساعدة النازحين في ولاية كسلا في شرق السودان، إلى أن بعض الولايات السودانية الآمنة استقبلت العيد وسط أزمة مياه حادة.

وأضاف أن "معظم ولايات الشرق تعاني من عدم استقرار التيار الكهربائي، بينما يغيب الإمداد المائي عن مناطق كبيرة، مما فاقم معاناة المواطنين".

وأعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدات طارئة بقيمة 315 مليون دولار للسودانيين، محذّرة من احتمال حدوث مجاعة ذات أبعاد تاريخية، وحمّلت طرفي النزاع مسؤولية الكارثة الإنسانية.

وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، إن السودان قد يكون في وضع أسوأ من الصومال، في عام 2011، عندما توفي حوالي 250 ألف شخص بعد ثلاثة مواسم متتالية بدون هطول أمطار كافية في بلد على شفا الفوضى.

وأضافت باور أن "السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو أن السودان سوف يعيش المجاعة الأكثر فتكا منذ إثيوبيا في أوائل الثمانينيات"، عندما مات ما يصل إلى 1.2 مليون شخص.

وزارة الصحة السودانية أعلنت عن 11 ألف حالة إصابة بالكوليرا منذ اندلاع الحرب
بين الحرب والتغير المناخي.. نقص حاد في المياه يفتك بالسودان
تزداد آثار التغير المناخي في السودان وضوحا خلال الأشهر الأخيرة، إثر انعكاسها على نقص مياه الشرب، الذي فاقم حدته الحرب الدائرة منذ أكثر من عام بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ويلفت أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، جبارة الطيب، إلى أن تراجع قيمة العملة المحلية أمام النقد الأجنبي، وارتفاع معدل التخضم، فاقم معاناة السودانيين مع اقتراب الحرب من شهرها الخامس عشر".

وقال الطيب لموقع "الحرة" إن "معظم الولايات السودانية استقبلت عيد الأضحى وسط أزمة حادة في النقود، بينما تأثر أداء التطبيقات المصرفية بعد زيادة الضغط عليها".

ولفت إلى أن "أزمة النقود ناتجة عن قيام الحكومة السودانية بتسليم العاملين جزءا من رواتبهم، التي تراكمت لشهور طويلة، ووصلت لدى بعض الفئات لنحو عام".

وقادت الحرب إلى توقف 70 بالمئة من فروع المصارف في المناطق التي تشهد مواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، بينما تعرضت ممتلكات وأصول عدد من المصارف والبنوك إلى النهب والسرقة، بحسب تقرير سابق لبنك السودان المركزي.

وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن السودان تأثر من الحرب بدرجة كبيرة، "إذ تراجعت صادرات البلاد بأكثر من 60 في المئة، مقابل زيادة الواردات، مما أدى إلى اختلال في ميزان المدفوعات".

وأوضح أن كثيرا من القطاعات خرجت فعليا عن دائرة الإنتاج، أو تأثرت بدرجة كبيرة بالحرب، بما في ذلك القطاع الزراعي الذي تراجعت إنتاجيته إلى أكثر من النصف، وخاصة في مشروع الجزيرة، الذي يعتبر عماد الاقتصاد الزراعي السوداني.

ونوّه إلى أن "القطاع الصناعي خرج عن دائرة الإنتاج بدرجة تلامس حاجز الـ90 في المئة، إذ توقفت كل المصانع في الخرطوم، بينما تأثرت المصانع في الولايات بعدم توفر النقد الأجنبي وقطع الغيار والوقود".

وكشت هيئة الموانئ البحرية السودانية، في تقرير سابق، عن تراجع حجم الصادرات والواردات في العام 2023 بنسبة 23 بالمئة، مقارنة بالعام 2022، وفق فرانس برس.

وفي وقت سابق، توقع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (أوتشا)، أن ينكمش اقتصاد السودان بنسبة تصل إلى 12% بعد تأثر عمليات الإنتاج الصناعي والزراعي.

وكان وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، أعلن في فبراير الماضي، عن انخفاض إيرادات البلاد بأكثر من 80 في المئة، مقرا بأن الحرب أثرت على الأداء الكلي للاقتصاد.

الحرة / خاص - واشنطن  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع بین الجیش فی المئة من توفیر أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

غداً .. موريتانيا تستضيف اجتماع لمناقشة الأزمة السودانية وتوحيد المبادرات المطروحة

 

تستعد موريتانيا لاستضافة اجتماع تشاوري يوم غدٍ الأربعاء، لمناقشة الأوضاع الحالية في السودان و توحيد المبادرات المطروحة لحل الأزمة و إنهاء الحرب التي تعصف بالبلاد.

الخرطوم ــ التغيير

و كشف سفير السودان لدى القاهرة، عماد عدوي، في تصريح لتلفزيون «الشرق»، عن تنظيم اجتماع مهم غدًا الأربعاء في موريتانيا يهدف إلى توحيد جميع المبادرات المطروحة لحل الأزمة السودانية.

و أوضح أن هذا الاجتماع يأتي بدعوة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء النزاع المستمر في السودان.

ومن المقرر أن يضم الاجتماع عددًا من الدول المعنية والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، لتبادل الآراء حول سبل التوصل إلى حل سلمي للأزمة. يأتي هذا الاجتماع في وقت حساس، حيث تتزايد المخاوف من تداعيات الصراع على الأمن والاستقرار في المنطقة.

حيث تستعد موريتانيا لاستضافة هذا الاجتماع الاستشاري الدولي في العاصمة نواكشوط يوم الأربعاء 18 ديسمبر الجاري.

وأوضح وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم مرزوق، في حديثه لإذاعة فرنسا الدولية، أن الاجتماع يأتي بناءً على طلب الأمم المتحدة في ظل الأوضاع المتدهورة في السودان، حيث تتواصل الاشتباكات بين الجيش السودني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023. ويُتوقع أن يشارك في الاجتماع عدد من الدول والمنظمات التي لديها مبادرات للسلام في السودان.

وأشار الوزير إلى أن الهدف الرئيسي من الاجتماع هو إنشاء منصة للحوار تهدف إلى تنسيق الجهود من أجل تحقيق وقف إطلاق نار دائم وحل سياسي شامل.

وعند سؤاله عن إمكانية حضور الطرفين المتحاربين في السودان، أجاب مرزوق بأنه سيتم تقييم ذلك لاحقًا، مؤكدًا أن موريتانيا ستقوم بدور الميسر في المناقشات، و أكد أن بلاده تتمتع بروابط وثيقة مع السودان، مما يجعلها تولي اهتمامًا خاصًا لما يحدث هناك على الأصعدة الثقافية والحضارية.

يعقد الاجتماع التشاوري الثالث بدعوة من موريتانيا، التي تتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي في هذه الدورة. يضم الاجتماع مجموعة من المنظمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة ومصر والسعودية، ويهدف إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول والمنظمات المعنية بالأوضاع في السودان. ويعتبر هذا الاجتماع فرصة لتبادل الآراء حول الأزمات الراهنة وسبل الحلول الممكنة.

تشير التقارير إلى أن المنظمات المشاركة تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي، والمنظمة الحكومية للتنمية “إيقاد”، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة. ومع ذلك، لم يتم تأكيد مشاركة المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بريللو، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير غيابه على نتائج الاجتماع.

يُذكر أن جامعة الدول العربية كانت قد نظمت اجتماعًا مشابهًا في 16 يونيو الماضي، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وإيقاد والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الدول التي تسعى لتحقيق السلام، مثل مصر والسعودية والولايات المتحدة. كما قام المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيريللو، بزيارة موريتانيا في الأسبوع الثاني من ديسمبر الحالي، في إطار جولة شملت عدة دول، منها نيروبي والدوحة ولندن، مما يعكس اهتمام الولايات المتحدة بالملف السوداني.

و يشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 صراعًا عنيفًا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في البلاد.

الوسومالاتحاد الأفريقي الايقاد الجامعة العربية السفير السوداني بالقاهرة توحيد المبادرات عماد الدين عدوي موريتانيا

مقالات مشابهة

  • معارك عنيفة بالخرطوم ومباحثات أممية لحل الأزمة السودانية
  • مطالب دولية بحماية المدنيين مع تزايد انتهاكات “حرب السودان”
  • موريتانيا تستعد للقاء جامع يسعى لحل الأزمة السودانية
  • غداً .. موريتانيا تستضيف اجتماع لمناقشة الأزمة السودانية وتوحيد المبادرات المطروحة
  • في زمن الحرب … المرأة السودانية تسعى جاهدة لصنع السلام وإنجاز العدالة والمساءلة
  • 38 قتيلا بالفاشر واتهامات للدعم السريع بارتكاب “عنف جنسي”
  • “نداء الوسط” تتهم “الدعم السريع” باعتراض طلاب الشهادة السودانية بمدينة القطينة
  • صاحب تدوينة شهيرة بعد فوز صقور الجديان على منتخب الجنوب ورحل بعد أشهر قليلة من زواجه وهذه هي تفاصيل وفاته المفاجئة”…” من هو “دينق قوج” الذي بكى على موته أهل السودان قبل الجنوب
  • كيف ممكن تنتهي الحرب السودانية ؟؟؟
  • مقتل 6 أشخاص في هجوم لقوات الدعم السريع على “القطينة الغربية”