تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تمر أيام عيد الأضحى المبارك على غزة وسط الدمار والقتل وأحزان وألم تسبب فيها الاحتلال ورغم أن عيد الأضحى أحد أهم المناسبات الدينية عند المسلمين، ويتميز بالاحتفالات المبهجة بداية من شراء الحلوى وشراء الملابس الجديدة وصلاة العيد فى الساحات الواسعة إلى ذبح الأضاحي وتوزيعها على الأقارب والجيران والفقراء وغيرها من الأشياء الجميلة التي اعتدنا عليها كل عام، ولكن هذا العام بعد ثمانية أشهر من الحرب المدمرة فى غزة، وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى، والدمار الهائل لم يعد هناك شيئ من مظاهر العيد فى قطاع غزة، حيث دمرت المساجد والبيوت والأسواق والشوارع ويقف الآن نسبة كبيرة من سكان غزة على شفا مجاعة كارثية.

أجواء حزن

تسببت الحرب الإسرائيلية المدمرة فى غياب كامل لأجواء عيد الأضحى المعتادة عن كافة مناطق قطاع غزة، حيث سيطر الحزن على الفلسطينيين الذين بات أغلبهم نازحين بسبب أحبتهم الذين فقدوهم فى الحرب الدامية التى تشنها دولة الاحتلال منذ أكثر من ثمانية أشهر، وخلت الأسواق من الأضاحى والملابس الجديدة ومستلزمات العيد.

وخيمت أجواء الحرب على كافة طقوس العيد، مع علو أصوات التهديدات الإسرائيلية ضد غزة، وعدم اكتراثها بهذه المناسبة الدينية العظيمة عند المسلمين، كما فعلت فى شهر رمضان وعيد الفطر السابق.

وعلى خلاف مناطق المسلمين فى العالم، لم يعش الفلسطينيون فى قطاع غزة أجواء العيد، والتى تبدأ قبل أسبوع وأكثر من حلوله، بشراء الحلوى والملابس الجديدة، وتهيئة المنازل وترتيبها لاستقبال المهنئين، وكذلك شراء الأضاحى لنحرها فى أيام العيد.

وبحسب وسائل الإعلام الفلسطينية لا يوجد فى الأسواق ملابس جديدة، إلا القليل منها الذى كان مخزن، حيث لا تسمح سلطات الاحتلال بدخولها منذ بداية الحرب، كما غابت الحلويات أيضا عن تلك الأسواق، واستبدلت بما تيسر من خضروات ومعلبات، يحرص السكان على شرائها رغم ارتفاع أثمانها، لأكلها وسد جوعهم.

الطعام قبل الملابس

“الزبون بيفكر ألف مرة قبل ما يشترى أى شيء، والآن الأكل فى مقدمة كل الاحتياجات”، هذه العبارة قالها أحد الشباب الفلسطينيين الذى يعمل فى محل لبيع الملابس، موضحا أن السكان بمن فيهم النازحون يشترون كميات قليلة جدا من الاحتياجات الأساسية، بسبب قلة المال وارتفاع الأثمان.

وأضاف “اليوم الناس ما عندنا أى دخل، اليوم التفكير فى كيفية شراء الطعام للأطفال، ولا يوجد أى اهتمام لشراء مستلزمات العيد والملابس”، ويضيف “شراء الطعام أهم من شراء الملابس”.

من جانبه قال محمد صالح الذى يعمل فى محل لبيع زينة العيد والهدايا فى مخيم النصيرات، إن أحدا لم يطلب أى شيء له علاقة بالعيد لشرائه فى هذا الموسم، لافتا إلى أنهم لم يجلبوا ما تبقى فى المخزن من كميات قليلة من الهدايا والزينة لبيعها، لعلمهم أن أحدا لن يقبل على شرائها.

لا يوجد أضاحي

سمى هذا العيد بعيد الأضحى لأنه اليوم الذى يذبح فيه المسلمون المتبعون لسنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- أضاحيهم، ولكن فى قطاع غزة لا يوجد أضاحى كى يحيى الفلسطينيون هذه السنة، حيث دمرت الحرب المستمرة للشهر ٩ على التوالى أسواق العيد لا سيما الخاصة ببيع الأضاحى والتى يطلق عليها الفلسطينيون بالعامية اسم "أسواق الحلال".

ووفقا لوسائل الإعلام الفلسطينية فأن عيد الأضحى يتزامن مع استمرار الحصار الإسرائيلى المشدد وغلق المعابر ومنع استيراد السلع والبضائع، وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

وقالت وسائل الإعلام الفلسطينية إن خلال فترة الحرب، استهلك الفلسطينيون والجمعيات الخيرية التى تفتح تكايا لتقديم الوجبات للمواطنين معظم ما فى القطاع من مواشى، مشيرين إلى أن الأعداد القليلة الباقية من المواشى والأضاحى الموجودة بغزة ارتفع سعرها بطريقة جنونية بالتزامن مع انعدام القدرة الشرائية لدى غالبية الفلسطينيين الذين فقد معظمهم وظائف كانوا يعملون بها قبل الحرب.

وأوضحت وسائل الإعلام إن جيش الاحتلال الإسرائيلى منذ بدء حربه المدمرة عى قطاع غزة استهدف مزارع المواشى فى مناطق مختلفة من القطاع الأمر الذى فاقم من شح توفرها، بجانب إغلاق المعابر (منذ ٧ أكتوبر) وعدم إدخال أى كميات للقطاع".

ونقلت وسائل الإعلام عن بعض تجار المواشى، أنه وفقا للوضع الحالى، فأن نسبة الفلسطينيين الراغبين بذبح أضاحى العيد لهذا العام لا تتجاوز الـ٢ بالمئة، مقارنة بالعام الماضى.

وأشار التاجر الى معاناة أصحاب المزارع مع النزوح حالهم كحال باقى الفلسطينيين، حيث اضطروا للنزوح بمواشيهم ثلاث مرات من المحافظة الوسطى الى رفح وخانيونس، ثم الى رفح والعودة إلى دير البلح مرة أخرى، وما عانوه من مشقة النزوح ونقل المواشى، وما نتج عنه من نفوق عدد كبير من الأبقار والأغنام، ومحاولة الاحتفاظ بما تبقى منها لموسم عيد الأضحى المبارك.

وقال:" إن عدد الأضاحي فى كل عام يكون وفيرا، وسعر البقرة يقارب الـ ٢٠٠٠ دولار، والآن يقارب سعرها الـ٩٠٠٠ دولار".

وأضاف: فى مثل هذا الوقت من كل عام، كانت المزارع مليئة بالأبقار والأغنام، وكان الإقبال على الشراء كبيرا من المواطنين والمؤسسات الخيرية، لكن العام الحالى لا يوجد أحد فى المزرعة ولا يوجد إلا أعداد قليلة من الخراف، والأبقار شحيحة ولا يوجد إقبال من المواطنين".

وتابع: إلى جانب ذلك، فإن عزوف المواطنين عن شرائها يأتى بالتزامن مع غياب رواتبهم جراء فقدان معظمهم لأعمالهم التى كانوا يقومون بها قبل الحرب"، لافتا إلى أن هناك مجموعة من التحديات التى تواجههم فى الحفاظ على ما تبقى لديهم من مواشى خاصة فيما يتعلق بتوفير الأعلاف اللازمة لهم فى ظل ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وفى يوليو من العام الماضى، قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية الحالية، أصدرت وزارة الزراعة فى غزة بيانا قالت فيه إن كميات الأضاحي التى تم ذبحها فى موسم عام ٢٠٢٣ بلغت نحو ١٧ ألف رأس من العجول، و٢٤ ألف رأس من الأغنام، فيما بلغ عدد الأسر المضحيّة حوالى ١٣٠ ألف أسرة بنسبة ٢٨ بالمئة من إجمالى عدد السكان.

وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هونغبو، فى تصريحات خلال جلسة ضمن أعمال الدورة ١١٢ لمؤتمر العمل الدولى، إن نحو ٢٠٠ ألف وظيفة فقدت فى غزة منذ أكتوبر ٢٠٢٣ إثر الحرب الإسرائيلية على القطاع.

مجاعة وشيكة

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، غن معظم السكان فى قطاع غزة يواجهون مستوى كارثيا من الجوع وظروفا شبيهة بالمجاعة".

وأوضح أن أكثر من ٨ آلاف طفل دون سن الخامسة تم تشخيصهم وعلاجهم من سوء تغذية بالغ، من بينهم ١٦٠٠ طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.

وذكرت وزارة الصحة فى قطاع غزة اليوم الجمعة أن ٢٧ طفلا توفوا بسبب سوء التغذية فى القطاع منذ بدء العدوان الإسرائيلى فى أكتوبر الماضى، وأكدت أن مأساة إنسانية تضرب شمال القطاع وأن شبح المجاعة يلوح فى الأفق.

وأصدرت لجنة الطوارئ المركزية للغرف التجارية الصناعية الزراعية فى قطاع غزة مناشدة عاجلة فى بيان جاء فيه "ندعو المجتمع الدولى للضغط من أجل إنهاء الحرب وفك الحصار وفتح الأبواب أمام المساعدات الإنسانية لضمان وصول الغذاء والدواء إلى من هم فى أمس الحاجة".

وأضاف البيان "إلى جانب نقص المواد الغذائية والمياه والدواء يعانى شمال قطاع غزة من نقص حاد فى العديد من مقومات الحياة الأساسية منها مواد النظافة العامة والشخصية".

وتابع "إلى جانب عدم توفر الوقود والكهرباء، إضافة لعدم توفر خدمات الرعاية الصحية وخروج المستشفيات عن الخدمة، وتدمير تام لكافة المرافق العامة والخاصة وذلك فى محاولة إسرائيلية لانعدام فرص البقاء والعيش فى شمال قطاع غزة".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عيد الأضحى المبارك على غزة أجواء عيد الأضحى في غزة الحرب في غزة الأعياد في غزة قطاع غزة أجواء العيد

إقرأ أيضاً:

رفضوا مغادرة بيوتهم.. سكان الخرطوم يروون للجزيرة ما عاشوه خلال الحرب

عندما كانت آلاف الأسر تغادر العاصمة السودانية بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها قبل أكثر من عام، رفض آخرون ترك بيوتهم وقرروا مواصلة العيش تحت أزيز الرصاص واحتمالات الموت الكبيرة.

عائلة الفاتح التي تسكن حي الصبابي بالخرطوم بحري، كانت واحدة من تلك العائلات التي رفضت مغادرة بيوتها، وقد عاشت شهورا طويلة مثقلة بالمرض وتداعيات القتال في واحد من أحلك فصول حياتها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بكثير من الفرح والأمل.. نازحو "ود مدني" يعودون لبيوتهم التي هجروها بسبب الحربlist 2 of 2عملية حاجز تياسير تحدث اضطرابا داخل إسرائيلend of list

وتقول والدة الفاتح -لمراسل الجزيرة هيثم أويت- إن الحياة خلال فترة الحرب لم تكن إلا معاناة شديدة حيث كان بناتها يذهبن لجلب الدقيق من أحياء أخرى بعيدة حتى يتمكن من توفير الخبز.

وعندما يذهبن لقضاء المتطلبات الأساسية للحياة، كن يواجهن العديد من المخاطر والمصاعب، كما تقول السيدة الطاعنة في السن.

عودة مظاهر الحياة

وبعدما منعت الحرب الناس من التجمع والحديث إلى بعضهم البعض، بدأت هذه المظاهر العودة مجددا للبيوت بعدما تمكن الجيش من استعادة السيطرة على غالبية مناطق العاصمة.

ولكن الأيام التي سيطرت فيها قوات الدعم السريع على المدينة لم تكن سهلة على هؤلاء، فقد نكلت هذه القوات بالرجال والشباب، كما تقول إحدى السيدات.

وحتى المستشفيات نالها ما نالها من التخريب خلال هذه الفترة، بما في ذلك مستشفى الخرطوم بحري الذي تقول السلطات الصحية إنها ستحاول تشغيله بما يتوفر لها من إمكانيات كما فعلت من مستشفيات أخرى.

إعلان

ووفقا لسهيل عبد القادر -مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة ولاية الخرطوم- فقد تعرض المستشفى لنهب كبير جدا وجرى تحطيم معداته وتكسير مبانيه.

لكن هذه الأنقاض الكثيرة -التي خلفتها الحرب- لم تمنع الناس من العودة لاستئناف حياتهم مجددا، حيث بدأت طلائع النازحين في العودة للديار رغم استمرار المعارك في بعض مناطق العاصمة.

وبعد نحو عامين من الصمود في مواجهة الحرب وأهوالها وما خلفته من جوع ومرض وخوف وفقد للأحبة، يحاول سكان المناطق التي انحسر فيها القتال لملمة جراحهم وبدء حياة جديدة على أنقاض الماضي الذي لا تزال ظلاله حاضرة أمام عيون الناس وشظاياه عالقة في عقولهم.

مقالات مشابهة

  • رفضوا مغادرة بيوتهم.. سكان الخرطوم يروون للجزيرة ما عاشوه خلال الحرب
  • غانتس يرحب بتصريحات ترامب عن نقل سكان قطاع غزة
  • ترامب: الولايات المتحدة "ستسيطر على قطاع غزة وتمتلكه"
  • انهيار كامل للخدمات | ماذا ينتظر سكان قطاع غزة بعد عودتهم؟.. تفاصيل
  • الأمين العالم لـ UGTA : لا يوجد أي بلد مثل الجزئر قدم زيادات بـ 47 % في الرواتب
  • معاناة سكان غزة بعد عودتهم إلى بيوتهم المدمرة.. عيشٌ وسط الركام وأكوام القمامة
  • زاد الطين بهجة.. فرحة المزارعين بحصاد البطاطس في حقول المنوفية
  • ترامب: لا يوجد أي ضمانات بشأن إمكانية صمود وقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • للبقاء في أرضهم..سكان غزة يطالبون بدعمهم للصمود
  • تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا مكان دفنهما