.. عرب أمريكا.. المقصودون هم الأنظمة والحكام والنخب والفعاليات العربية الذين يعملون وينشطون على امتداد الوطن العربي حسب طلب أمريكا ووفقا لتوجيهاتها المباشرة وغير المباشرة، إنهم أولئك الذين يتدثرون بدثار أمريكا، يخدمون مخططاتها ويعملون على إنجاح هذه المخططات في المنطقة والانتصار لأهداف أمريكا وتحقيق رغباتها في إبقاء الوطن العربي بصورة جماعية وفردية تحت سيطرتها ونفوذها الجيوسياسي.
عرب أمريكا هم أولئك الذين اجتمعوا في قمة الدار البيضاء في المغرب عام 1974م واعتبروا (منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني) وكان هذا الاعتراف اعتراف (حق) ولكن من اعترفوا به أرادوا به (باطلاً)، حتى يتمكنوا من التخلي عن فلسطين وشعبها بذريعة أنها قضية أصبحت بيد أبنائها وهم أحرار في التعامل مع قضيتهم إما بالدفاع عنها والنضال من أجلها وفي سبيلها أو التخلي عنها..!
ومع ذلك لم يلتزم هؤلاء العرب بمواقفهم المعلنة بترك القضية لأهلها، بل ذهبوا ومن اللحظة الأولى التالية لقرارهم هذا بالضغط على قادة المنظمة ورموزها ماديا ومعنويا ووجوديا سرا وعلانية، إعمالا لرغبات أمريكا وتنفيذا لأوامرها..!
تخلى عرب أمريكا عن الهوية القومية واعتبروها عملاً (شوفينياً) عنصرياً..!
تخلوا عن فكرة الوحدة العربية واعتبروها فكرة شيطانية الهدف منها (سرقة الغالبية العربية الفقيرة- لثروات الأقلية الغنية)..!
ذهب هؤلاء إلى تكريس مقولة (السادات) التي بررا بها سياسته الإستسلامية بأن 99٪ من أوراق حل قضية المنطقة بيد أمريكا..!
رفض عرب أمريكا فكرة الهوية العربية الواحدة، وفكرة الوحدة العربية، كما رفضوا فكرة التكامل العربي سياسيا واقتصاديا وإعلاميا وعسكريا وأمنيا، كما ضربوا فكرة الدفاع العربي المشترك، وتخلوا بالمطلق عن فكرة ومبدأ الأمن القومي العربي..!
ولشيطنة قيم وفكرة الوحدة العربية والهوية العربية والمصير المشترك، ذهبوا للاستعانة بالجماعات والمكونات الإسلامية لتكريس خطاب شيطنة الوحدة العربية والتكامل العربي وكل القيم العربية واعتبارها قيماً شيطانية ودعوات (شوفينية)، طارحين فكرة (الوحدة الإسلامية) و(الإسلام هو الحل)..!
خلال أكثر من خمسة عقود من مسارنا الحضاري العربي تم تكريس القيم والمفاهيم القطرية وثقافة الانعزال القطري باسم الانتصار للقيم والهوية الوطنية..!
فماذا أنجز عرب أمريكا على الصعيد القطري؟!
بعد خمسة عقود من تكريس الهوية والقيم الوطنية لكل قطر عربي، ماذا نجد اليوم؟ أنظمة متخلفة مرتهنة مسلوبة الإرادة والقرار، أنظمة مزعزعة العقيدة سقيمة الوجدان، عاجزة عن حماية امنها الوطني، أنظمة تجردت وجردت شعوبها من قيمها وسيادتها وكرامتها واستقلالها، وتماسكها الاجتماعي ووحدتها الاجتماعية، وصولا إلى تجرد هذه الأنظمة وشعوبها حتى من هويتها الدينية ناهيكم عن هويتها العربية..
عرب أمريكا -اليوم -أصبحوا (عبيدا) لها، لا تحدثوني عن استقرار أنظمة الخليج وحياة الرفاهية والعيش الرغيد و(الكبسة) والأكلات العالمية والمدن السياحية وحركات التجارة البينية،!
بل حدثوني عن مكانة الخليج دوليا خارج عن نطاق المشهد السريالي العبثي الذي تعيشه هذه الأنظمة ومجتمعاتها والترف الاستهلاكي الماجن..!
حدثوني عن قدرة هذه الأنظمة في التأثير على المشهد الدولي؟! حدثوني عن إمكانية هذه الأنظمة في حماية امنها الوطني؟ وحماية قرارها السيادي، واستقلال هذا القرار والقدرة على التحكم بحاضرها ومستقبلها!
هذه الأنظمة التي تخلت عن فلسطين قضية وشعباً، وتآمرت على العراق وساهمت في غزوه واحتلاله، وتآمرت ومولت المؤامرات على سوريا وليبيا واليمن ولبنان والصومال والسودان، وقبل كل هذا شاركت وبفعالية في مؤامرة دولية اسمها (الجهاد لتحرير أفغانستان) وانفقت مبالغ خيالية من أجل الإسلام في أفغانستان ولم تنفق ما نسبته 1 ٪ مما انفقته في أفغانستان لصالح فلسطين وقضيته حيث أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله طيلة عمر القضية الفلسطينية.!
بل انفقت وينفق مئات المليارات لتدمير سوريا وليبيا واليمن والصومال والسودان وقبل ذلك جميعا كان العراق..!
واهم من يقول إن أنظمة عرب أمريكا مستقرة ومزدهرة، فمهرجانات الترفيه وحفلات العلاقات العامة التي تشهدها هذه العاصمة أو تلك وهذه المدينة أو تلك لا تدل على استقرار هذه الأنظمة التي تجهل ماذا سيحل بها غدا..!
الخليج يعيش أزمة حقيقية، وأزمات الخليج أزمات مركبة وليست عابرة كما يتوقع البعض، بل مرتبطة بوجودها ومستقبلها، أزمات مرتبطة بعلاقتها الداخلية بمجتمعاتها، ومرتبطة بعلاقتها البينية كمنظومة خليجية، ومرتبطة بعلاقتها الإقليمية مع الدول المحيطة بها، ومرتبطة بعلاقتها الدولية وتباين مواقفها بصورة كلية أو فردية مع النطاقات الإقليمية والدولية..!
إن استقرار أنظمة عرب أمريكا سواءً داخل الجغرافية الخليجية أو خارج هذه الجغرافية، هو استقرار وهمي يشبه ما يطلق عليه بـ (الحمل الوهمي) لدى بعض النساء التي ترى انتفاخ (بطنها) وتظنه حملاً وما هو حمل وهذا حال أنظمة عرب أمريكا..!
هذه الأنظمة هي مجرد أسواق استهلاكية لتجارة دولية، تجارة يحاول أصحابها نقل بضائعهم من سوق إلى آخر بحثا عن استقرار مؤقت للتسويق هروبا من صراعات جيوسياسية يخوضوها الكبار على الخارطة الدولية..!
فمثلا عودة هونج كونج لحضن الصين، أجبرت بريطانيا والرأسمالية الدولية على نقل (80 الف شركة دولية عابرة للقارات) من هونج كونج إلى (دبي) في دولة الإمارات ليتحول النظام في هذه البلاد إلى مجرد (سمسار) لا يملك قراره ولا سيادته..!
في بلاد الحرمين ذهبوا لخوض منافسة ذاتية خليجية -خليجية عنوانها من سيجذب أكثر من المستثمرين العالمين مع الاستعداد لتقديم كل التسهيلات المطلوبة وإن كانت ذات صلة بهوية المجتمع وعقيدته وعاداته وتقاليده لا يهم، والأمر ذاته مسحوب على أكبر دولة عربية هي مصر التي تقف اليوم عاجزة ليس في الدفاع عن فلسطين، فلسطين هي اليوم الحاضر الوحيد على المشهد الدولي واليها تحدق أنظار العالم بأسره أنظمة وحكومات وشعوباً بفضل المقاومة، فيما مصر عاجزة عن تحصين امنها الوطني، نعم مصر عاجزة عن حماية نفسها وشعبها وهذا أولى ثمرات خروجها عن مسارها الحضاري الطبيعي الذي أوصلها لمرحلة كل همها أصبح كيف تطعم شعباً يوشك أن ينتشر الجوع في أوساطه .!
لكن تبقى قدرة هذه الأنظمة وتأثيرها وحضورها في تداعيات المشهد الإقليمي والدولي هو الأهم، فأين إذاً تقف هذه الأنظمة؟!
أخطار حقيقية محدقة بهذه الأنظمة التي يمكن وصفها بالفاشلة، وهذه الأخطار التي تحدث عنها الناس والكتاب والمفكرون العرب طويلا وكثيرا منذ عقود وحذروا من تبعاتها ومخاطرها على الأنظمة والمجتمعات، أدركتها هذه الأنظمة مؤخرا حين حاولت التوجه شرقا في محاولة لتدارك مخاطر تداعيات عاصفة تحيط بهذه الأنظمة التي نراها اليوم أيضا تحاول أن تمسك العصا من النصف من خلال وضع قدم في الشرق والأخرى في الغرب وهذا خيار فاشل وستدفع هذه الأنظمة ثمنه قريبا..!
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: هذه الأنظمة التی الوحدة العربیة عرب أمریکا
إقرأ أيضاً:
آياتُ الله في زمننا: رسائلُ إلى الأنظمة قبل الأعداء
شاهر أحمد عمير
تشهد الساحة العربية والإسلامية اليوم أحداثًا تقفُ كآيات إلهية تجلّت من خلالها المقاومة ضد قوى الظلم والاستكبار، في غزة ولبنان واليمن والعراق وإيران. هذه الآيات الإلهية ليست مُجَـرّد أعمال مقاومة؛ بل هي تجسيد لحكمة الله وعدالته في مواجهة الأنظمة العربية والإسلامية المتخاذلة.
تتجلى هذه الآيات بعظمةٍ تفوق بعض آيات القصص القرآني، لتتناسب مع الظروف الراهنة وحجم التحديات التي تعيشها الأُمَّــة.
ما تقدمه المقاومة من تضحيات في مواجهة أمريكا و”إسرائيل” وأعوانهم يكشف تقاعس الأنظمة العربية، التي تُسوّق أعذارها لتبرير انصهارها مع قوى الظلم. هذه الأنظمة، المملوءة بالثروات والقوة، تفتقر إلى الإرادَة التي لو كانت مرتبطة بصدق مع الله لكانت أقدر على تحقيق نصرٍ كبير يفوق ما تحقّقه حركات المقاومة، التي تتحَرّك بإمْكَانات أقل لكنها محاطة بإرادَة وعزيمة لا تهزم.
إن الله -بحكمته العظيمة- جعل هذه الآيات تظهرُ في هذا الزمن، ليس فقط كرسالة للعدو، بل لتنبيه الأنظمة الغارقة في التخاذل والتبعية. ويذكرنا الله بهذه الآيات رحمةً منه وتحذيرًا للذين يخشون القوة الظاهرة دون خوف من الله القوي الجبار. وها نحن نرى مؤشرات تتصاعد بأن هذه الأنظمة لن تُترك دون حساب، فقد يقترب سحب النعم التي مكنهم الله فيها، ومنها الملك والأراضي المقدسة.
قد يكون هذا التحذير الإلهي بدايةً لمرحلة جديدة تمهّد لوعد الله بانتصار الحق على الظلم. فما نراه اليوم من صمود وقوة يمثل إشارة إلى قرب تغيّر موازين القوى لصالح من يخافون الله ويتحَرّكون وفق مسؤولياتهم الإيمانية.
إن هذه الآيات تدعو الأنظمة المتخاذلة إلى التفاعل بإيمان صادق؛ فالخوف من الله وحده هو الذي يصنع الأُمَّــة القادرة على مواجهة الظلم ونصرة المظلومين. وإن استمرّوا في الغفلة والالتحاق بالبطلان، فَــإنَّ عاقبة التخاذل والخيانة لا شك قريبة، ومصيرهم في قبضة الله العادل الذي يورث الأرض لعباده الصالحين.