كشفت دراسة حديثة -أجرتها جامعة بريستول البريطانية بالتعاون مع باحثين في الصين- عن فاعلية الإجراءات التي اتخذتها حكومة بكين للحد من استخدام الأطفال للأجهزة اللوحية.

لوائح تنظيمية

في أغسطس/آب 2023، كانت الحكومة الصينية قد تزايد قلقها بشأن معدلات قصر النظر وإدمان الإنترنت بين الأطفال والمراهقين بما يؤثر على صحتهم الجسدية والعقلية، وهو ما كان دافعا لوضع مجموعة من المبادئ التوجيهية واللوائح المتعلقة باستخدام الإنترنت والتحكم في تمرير المعلومات المناسبة لكل فئة عمرية وحظر المواد الإباحية.

ويتطلب تطبيق هذه اللوائح تنشيط "الوضع الثانوي" الذي تم إدراجه بجميع الأجهزة اللوحية ويحظر الخروج منه بدون إذن الوالدين، ويمنع جميع القاصرين من الوصول لشبكة الإنترنت بين 10 مساء وحتى 6 صباحا.

الصين احتلت المرتبة الأعلى بين 24 دولة في استخدام الهواتف الذكية (غيتي إيميجز)

وبحسب اللوائح الجديدة، يسمح للأطفال دون سن الثامنة باستخدام الأجهزة اللوحية لمدة 40 دقيقة يوميا، واقتصارها على محتوى تعليمي مناسب لأعمارهم، في حين يخصص 60 دقيقة لمن هم في سن الثامنة، أما من تتراوح أعمارهم بين 16 و 18 عاما فيسمح لهم بساعتين كحد أقصى للاستخدام اليومي، وتتلقى جميع الفئات العمرية إشعارات منبثقة للتذكير بالراحة ومخاطر استخدام الأجهزة اللوحية لأكثر من 30 دقيقة متواصلة.

تعزيز العادات الرقمية الصحية

لم تكن هذه الخطوات هي الأولى من نوعها، ففي عام 2021 اتخذت الجهات المختصة مجموعة من الإجراءات لتعزيز العادات الرقمية الصحية وتشجيع النشاط البدني.

وتضمنت تقليص الواجبات المدرسية والدروس الخصوصية، كما فرضت قيودا على شركات الألعاب الإلكترونية، إذ حددت ألعاب الفيديو للقاصرين الأقل من 18 عاما بمدة أقصاها 3 ساعات أسبوعيا، على أن تكون من الساعة 8 إلى 9 مساء أيام الجمعة والسبت والأحد.

تجربة تطبيق قوانين للحد من استخدام الطفل للهاتف أثبتت فاعلية في تحسين نمط حياة الأطفال (شترستوك) تجربة الصين تدهش الخبراء

وفي الدراسة المذكورة، والتي نشرت بالمجلة الدولية للتغذية والنشاط البدني في مايو/أيار الماضي 2024، قام الباحثون بتحليل بيانات 7 آلاف طالب في المدارس الابتدائية والثانوية قبل وبعد تطبيق الإجراءات.

وأظهرت الإحصائيات أن هذه الإجراءات ارتبطت بانخفاض في معدل الجلوس اليومي في وضع ثابت بنسبة 13.8%، وهو ما يعادل 46 دقيقة يوميا، كذلك انخفض متوسط الوقت اليومي لمشاهدة الشاشة بما في ذلك الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية أو التلفزيون.

وفي بيان له، أعلن المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور "باي لي" أن هذه التدخلات التنظيمية لم تتم تجربتها من قبل في أي دولة، وأن النهج التقليدي يركز على توجيه الأطفال وأولياء أمورهم أو القائمين على رعايتهم وتشجيعهم على إجراء تعديلات سلوكية بأنفسهم وهو ما لم ينجح حقا.

وأشار لي أن تجربة تطبيق قوانين، للحد من استخدام الطفل للهاتف، أثبتت فاعلية في تحسين نمط حياة الأطفال وتعزيز رفاهيتهم وزيادة معدل نشاطهم البدني، مضيفا أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة ما إذا كانت هذه النتائج قابلة للتكرار على نطاق دولي.

التدخلات التنظيمية التي أجرتها الصين لم تتم تجربتها من قبل في أي دولة (شترستوك) ما بين مؤيد ومعارض

تباينت آراء الآباء حول هذه القيود المفروضة، فقالت أم لطفلين بمقاطعة تشجيانغ شرق الصين والتي لم ترغب في ذكر اسمها -وفق موقع "سي إن إن"- إن هذه الإجراءات جيدة ومن شأنها حماية عيون الأطفال من الضعف ولا سيما أنهم لا يتمكنون من ترك الشاشة بمفردهم ويظلون منشدين إليها، وأضافت "المحتوى الموجود في الوضع الثانوي أكثر إيجابية ومناسبة للفئات العمرية المختلفة".

وعلى جانب آخر، رفضت ليلي ليو أم لطفلة وتعيش في مدينة نانجينغ (شرق) هذه الإجراءات وعبرت لقناة "إيه بي سي" أنه من غير المرجح أن تستخدم الوضع الثانوي لأنه لا يعالج المخاوف الحقيقية، ويضع قيودا على حرية الوصول إلى المعلومات. وتابعت "سأوجه ابنتي إلى كيفية الحكم على مدى ملاءمة المعلومات على شبكة الانترنت".

لماذا تلجأ بكين لهذه الإجراءات؟

في إشارة إلى الأطفال في الصين، قال مينجلو تشين كبير محاضري الحوكمة الصينية بجامعة سيدني -لمجلة "تايم"- إن هؤلاء "هم الذين سيكبرون في غضون سنوات قليلة ليكونوا القوة العاملة التي ستلعب دورا حاسما في تنمية الصين، لذلك هناك قلق دائم بشأن تأهيلهم لخدمة مصالح الدولة في المستقبل"

وكانت دراسة أجراها باحثون في جامعة ماكغيل الكندية عام 2022 قد وجدت أن الصين احتلت المرتبة الأعلى بين 24 دولة في استخدام الهواتف الذكية، وهو ما تم ربطه بقلة الانتاجية وزيادة مستويات التوتر واضطرابات المزاج وقلة النوم والإصابة بالسمنة.

كذلك تمتلك الصين أعلى معدلات في قصر النظر، وخلال الفحص البدني الروتيني في إحدى المدارس الإعدادية في مقاطعة هوبي، تبين أن 30% من طلاب الصف الأول يعانون من ضعف شديد في الرؤية، وأن ثلثي الطلاب في الصف الثالث يرتدون نظارات طبية، وأشارت أصابع الاتهام إلى الهواتف الذكية.

فرنسا تقدمت بمشروع قانون يهدف لعدم السماح لأي طفل أقل من 13 عاما بامتلاك هاتف متصل بالإنترنت (غيتي إيميجز)

بالإضافة إلى ذلك، توصلت دراسة أجرتها المعاهد الأميركية للصحة أن الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميا على الأجهزة اللوحية سجلوا نتائج أقل في اختبارات اللغة والتفكير، وأن أولئك الذين قضوا أكثر من 7 ساعات أمام الشاشات عانوا من ترقق في قشرة الدماغ وهو ما يؤثر بالسلب على التفكير النقدي والاستدلالي وكذلك التطور المعرفي والحضور الذهني.

مخاوف متعلقة بسلامة الأطفال

جدير بالذكر أن الصين ليست الدولة الوحيدة التي تتخذ تدابير قانونية للحد من وقت الشاشة، ففي تايوان يتم تغريم الآباء إذا تبين أن أطفالهم يقضون الكثير من الوقت أمام الشاشات، كما أدخلت محافظة كاغاوا في اليابان قواعد تحد من استخدام القاصرين الهواتف، وفي أوروبا فإن مثل هذه الضوابط ما زالت موضع نقاش، وكانت فرنسا في المقدمة إذ تقدمت بمشروع قانون في يونيو/حزيران الماضي يهدف لعدم السماح لأي طفل أقل من 13 عاما بامتلاك هاتف متصل بالإنترنت، وكذلك حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن يقل عمره عن 15 عاما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأجهزة اللوحیة هذه الإجراءات من استخدام للحد من وهو ما

إقرأ أيضاً:

الولادات خارج إطاره لا تحظى بالقبول.. الصين تشجّع على الزواج بتسهيلها إجراءاته

أعلنت الصين عن إجراءات لتبسيط تسجيل الزواج ولمحاولة الحدّ من الأعباء المالية على الأزواج، سعيا من السلطات إلى تعزيز معدل المواليد.

ويشكّل الزواج مرحلة إلزامية قبل إنجاب الأطفال في الصين، إذ أن الولادات خارج إطاره لا تحظى بالقبول ولا توفر المستوى نفسه من الاعتراف والحماية.

وانخفض عدد الزيجات في الصين بنسبة 20,5 في المئة في العام الفائت، فيما كانت 2024 ثالث سنة على التوالي تشهد تراجعا في عدد السكان، مع ما لذلك من تبعات على النمو الاقتصادي وتمويل المعاشات التقاعدية.

وسبق أن اتخذت السلطات تدابير عدة، كتوفير الدعم المالي لمن يتزوجون أو ينجبون أطفالاً، ووعدت بإقامة مزيد من مرافق رعاية الأطفال.

وتتيح أحدث خطوة للأزواج الجدد تسجيل قرانهم في كل أنحاء الصين، وفق ما أفادت قناة “سي سي تي في” التلفزيونية الحكومية السبت، استنادا إلى وثيقة حكومية.

وكان على الزوجين سابقا تسجيل زواجهما في دائرة النفوس المسجّل فيها أساسا العريس أو العروس في السجل المدني.

فعلى سبيل المثال، إذا كان الزوجان يعيشان في بكين (شمال الصين) لأسباب مهنية، ولكنّ الزوجة اساسا من كانتون (جنوب) والزوج من شنغهاي (شرق)، كان يتعين عليهما إتمام الإجراءات في إحدى هاتين المدينتين، لا في مكان إقامتهما.

وشرح تلفزيون الصين المركزي السبت أن “العمل سيبدأ بتسجيل الزواج في كل أنحاء الصين بهدف تلبية احتياجات عامة الناس بشكل أفضل وبناء على نجاح المشاريع التجريبية”.

وتعهدت وزارة الشؤون المدنية، بحسب القناة، “محاربة بعض العادات الضارة كالمهور المبالغ فيها وإقامة حفلات الزفاف بتكاليف باهظة”.

والمهر مبلغ المال الذي تقدمه عائلة العريس للعروس عادةً، وغالبا ما يُنظر إليه على أنه عربون احترام لعائلة الزوجة ومساهمة في انطلاق الزوجين الشابين.

لكن المبالغ تكون في بعض الحالات مرتفعة جدا، مما يرتّب ضغوطا مالية على أسرة العريس ويؤدي إلى تعميق التفاوت الاجتماعي.

وبات كثر من الشباب الصينيين يترددون في الزواج وإنجاب الأطفال.

ومن أبرز أسباب هذا الإحجام عدم توافر الإمكانات المالية لشراء شقة، وهو شرط أساسي في كثير من الأحيان لأي زواج، أو ارتفاع تكاليف التعليم، بين رسوم الحضانة والدروس الخصوصية التي تعتبر ضرورية تقريبا لنجاح الطفل أكاديميا.

جريدة الرياض

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نائب محافظ الأقصر يشارك في حفلتي إفطار للأطفال الأيتام وذوي الإعاقة.. صور
  • الأمم المتحدة: في غزة أكبر عدد للأطفال مبتوري الأطراف بالتاريخ الحديث
  • مكتب أممي: في غزة أكبر عدد للأطفال مبتوري الأطراف بالتاريخ الحديث
  • وحدة الغسيل الكلوي للأطفال بسوهاج الجامعي: إجراء 8800 جلسة علاجية و18 حالة طارئة في 2024
  • الولادات خارج إطاره لا تحظى بالقبول.. الصين تشجّع على الزواج بتسهيلها إجراءاته
  • هيئة المواصفات تمنع حلوى السجائر للأطفال وتصادر منتجات مخالفة بعدة محافظات
  • 2.2 مليار شخص يعانون نقص المياه النظيفة.. الأمم المتحدة تحذر: ذوبان الأنهار الجليدية يهدد الأمن المائي العالمي.. والبنك الدولي: 273 ألف حالة وفاة للأطفال سنويًا بسبب سوء الخدمات
  • طرد لوكلير وهاميلتون من «جائزة الصين»
  • للحد من الأعباء..الصين تشجّع على الزواج بتسهيله
  • محافظ القليوبية يرسم البهجة على وجوه الأطفال الأيتام في حفل إفطار بقرية أجهور