أربعة أعوام من الحزن قضيناها نكابد مرارة الفقد، ووجع الرحيل، أربعة أعوام والحزن يحاصرنا من كل الاتجاهات، أربعة أعوام على رحيل الأكاديمي والسياسي والشاعر والأديب الحصيف الدكتور أحمد صالح النهمي، الشخصية الوطنية المشهود له بالألق والإبداع والعطاء والتميز والحضور الأكثر من رائع في مختلف الميادين والمجالات التي عمل بها والتي كان آخرها عضويته بمجلس الشورى والتي حرم أولاده من حقوق والدهم التي كانت من المفترض أن تكون من نصيبهم في ظل الظروف الراهنة كحق مكتسب لا يسقط بوفاة العضو.
أربع سنوات على رحيل السياسي الشاب المتقد وطنية وحماسا الذي قاد بكل شجاعة وإقدام وحكمة وحنكة الأمانة العامة لحزب اتحاد القوى الشعبية في ظل ظروف بالغة التعقيد جراء العدوان والحصار الغاشم على بلادنا، وشكل رقما صعبا في مسار تحالف الأحزاب اليمنية المناهضة للعدوان الأمريكي والسعودي والإماراتي الغاشم، فكان صريح الموقف، واضح التوجه، لم يجبن، أو يخنع، أو يخضع، أمام تهديدات الأعداء، التي ضرب بها عرض الحائط.
أربع سنوات على رحيل الأكاديمي المستنير الذي ظل صامدا في جامعته وكليته وبين طلابه رغم انقطاع المرتبات، لإدراكه الأهمية التي تكتسبها جبهة التعليم في مواجهة العدوان الغاشم الذي استهدف كافة مقومات الحياة، لم يتذمر رغم ظروفه الصعبة، حيث ظل وفيا لطلابه وطالباته، مشجعا ومحفزا وداعما لهم، بقلب المعلم والأب الحنون الحريص على مستقبل أولاده.
أربع سنوات على رحيل الشاعر الحصيف الذي خلف الكثير من الأعمال والنصوص الشعرية البديعة بأسلوبه الشعري الفريد والمتميز الذي يعكس فراسته الشعرية وقدرته المبهرة على توظيف المفردات واستخدام الصور البلاغية والجمالية بطريقة رائعة تجذب نحوها مسامع وأذهان القراء والمستعمين والمتابعين.
أربع سنوات على رحيل الكاتب الصحفي المتميز في بلاط صاحبة الجلالة، صاحب القلم البالستي المجنح في فضاء الكلمة الصادقة، والتعبير الراقي، والطرح المنطقي، والنقد البناء، والنصح الصادق النابع من القلب، والرؤية الثاقبة للأمور، والتعاطي الإيجابي الوطني المسؤول مع الأحداث، كان قلمه نظيفا نظافة يديه من المال العام، لم يداهن أو يجامل أو يحابي على حساب صدق الكلمة، فكانت كتاباته الصحفية إنعكاسا لمواقفه الوطنية والقومية والسياسية والاجتماعية والإنسانية، وللقيم والمبادئ النبيلة التي نشأ وتربى عليها .
أربع سنوات على رحيل الناقد الأدبي المتمرس في النقد بأسلوبه الأدبي المتزن الخالي من التجريح والإساءة والشخصنة، وهو ما أكسبه احترام الكثير في الوسط الأدبي، وكان له من الكتابات النقدية الكثير والتي تمثل حالة متقدمة في النقد الأدبي في عصرنا الراهن .
أربع سنوات على رحيل أحمد صالح النهمي الإنسان الذي حمل بين جوانحه كل معاني الإنسانية، والتي جسدها طيلة حياته سلوكا وممارسة، فكسب حب وتقدير واحترام الجميع، الذين حزنوا كثيرا على رحيله، الذي شكل بالنسبة لهم خسارة كبيرة جدا، علاوة على ما يمثله رحيله من خسارة على المستوى الوطني، نظرا لما كان يمتلكه من قدرات ومهارات وملكات تجعل منه عنصرا هاما في مسار بناء الدولة اليمنية الحديثة، علاوة على ما يمتلكه من مؤهلات علمية وتوجهات عملية تؤهله للمشاركة في خدمة الوطن والمواطن على حد سواء .
واليوم، ونحن نحيي الذكرى الرابعة لرحيل هذا الوطني الغيور والتي تتزامن مع أحداث غزة وما تتعرض له من عدوان غاشم وحصار جائر وحرب إبادة شاملة، نتذكر تلكم المواقف القومية الأصيلة المناصرة لفلسطين والقضية الفلسطينية والتي جسدها فقيدنا الراحل بالكلمة الصادقة شعرا ونثرا وكتابة ونقدا، حيث كان ملهما بفلسطين وداعما لمقاومتها وقضيتها التي كان يرى كما هو حال كل الأحرار في المنطقة بأنها القضية الأولى والمصيرية لكل العرب والمسلمين، لقد كان الفقيد النهمي وفيا لكل القيم النبيلة، والمبادئ السامية، والثوابت الوطنية، والقضايا القومية، لذلك كان رحيله صادما لكل من عرفه، ومحزنا لكل من تعايشوا معه، ومؤلما لمن ألفوا على مرافقتهم له والقرب منه، لذا لا غرابة أن يظل الحزن على رحيله مستوطنا سويداء القلوب، وكأنه رحل عنا بالأمس، فمن عرفه يدرك تماما، بأن أحمد النهمي عصي على النسيان، وأن الحزن عليه يتجدد في كل لحظة نفتقده فيها .
لروحه الطاهرة الخلود في أعلى عليين، رحمة الله تغشاه، وطيب الله ثراه، وجعل الجنة سكناه، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
رحيل الممثل المغربي محمد الخلفي عن 87 عاماً
قالت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية أمس السبت، إن الممثل محمد الخلفي توفي عن 87 عاماً، في الدار البيضاء بعد معاناة طويلة مع المرض.
ولد الخلفي في 1937 وبدأ مسيرته الفنية في 1957 في مسرح الهواة مع رواد المسرح المغربي أمثال الطيب الصديقي، وأحمد الطيب العلج.أسس فرقة المسرح الشعبي ثم فرقة الفنانين المتحدين التي قدمت سبع مسرحيات من بينها مسرحية العائلة المثقفة، من بطولة الراحلة ثريا جبران. مسلسل بوليسي
مع بداية الستينيات دخل إلى الدراما التلفزيونية، حين قدم أول مسلسل بوليسي في 1962 بعنوان "التضحية" وتوالت بعدها الأعمال.
شارك الخلفي في المسلسل الكوميدي "لالة فاطمة" الذي حقق نجاحاً جماهيرياً عبر ثلاثة أجزاء.
وفي السينما، ترك بصمته في أفلام منها "سكوت"، و"اتجاه ممنوع"، و"هنا ولهيه"، و"أيام شهرزاد الجميلة"، و"الضوء الأخضر" و"الدم المغدور"، و"الوتر الخامس".
وعاش الخلفي أيامه الأخيرة بعيداً عن الأضواء بسبب تدهور وضعه الصحي نتيجة تقدمه في العمر.