مدينة كنعانية عربية أسسها الكنعانيون في الألف الخامس قبل الميلاد، وذكرت في العديد من المصادر التاريخية، وعرفت منذ قديم الزمن وعلى مر عصور التاريخ المتعاقبة بعد أن لعبت دورا هاما كملتقى للطرق الرئيسية في المنطقة، وكانت محطة للقوافل التجارية منذ أقدم الأزمنة، وتوالت على حكم المدينة دول وحضارات عديدة .

تقع مدينة اللد على مسافة 16 كلم جنوب شرق مدينة يافا و 5 كيلومترات شمال شرق الرملة، وهي توأم لمدينة الرملة.

. ولا تذكر اللد إلا وذكرت معها الرملة. وسيطرت المدينة في الماضي على الطريق الرئيسي وسكة الحديد، فهي تقع عند ملتقى طرق المواصلات، وملتقى خطوط السكك الحديدية بين يافا والقدس.


                                                                   اللد في عام 1932.

حملت اللد تاريخيا أسماء متعددة، فقد سميت "رتن" في عصر تحتمس الثالث الفرعوني، وسميت في العهد الإغريقي "ليدا". وفي العهد الروماني زمن أغسطس تبدل أسمها وأصبحت تعرف باسم "ديوسبوليس".

وبلغت المدينة شهرة كبيرة في تلك الحقبة من الزمن، حيث ذكرها المؤرخ الروماني يوسيفوس فلافيوس ضمن كتابه "تاريخ اليهود" في القرن الأول للميلاد، وقال إنها "قرية لا يقل حجمها عن حجم مدينة".

وترد في العهد القديم إشارات إلى أرض الفلسطينيين التي كانت تشمل الساحل الفلسطيني بين يافا ووادي غزة حيث وجد الفلسطينيون بكثافة في خمس مدن كنعانية هي غزة وعسقلان وأسدود وعقرون وجت. وجاء ذكر "لود" أكثر من مرة في العهد القديم بعد أن جرت في منطقتها معارك شديدة بين أهل البلاد من الأيدوميين والفلسطينيين والكنعانيين وبين المحتلين الجدد من العبرانيين.

وبعد الفتح الإسلامي اتخذ عمرو بن العاص المدينة عاصمة لجند فلسطين عام 636، واستمرت كذلك حتى إنشاء مدينة الرملة عام 715، حيث احتلت مركز الرئاسة في فلسطين، وفضل العرب ذكرها باسم اللد وهو الاسم القديم لها.

أصبحت اللد العاصمة المؤقتة للخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك الذي كان واليا على فلسطين. وفي عام 1099 احتلتها القوات الصليبية، وبقيت كذلك إلى أن حررها السلطان بيبرس عام 1267 بعد انتصاره على الصليبيين.

خلال الحرب العالمية الأولى، انسحب الجيش العثماني عام 1917 من اللد لتصبح المدينة تحت الانتداب البريطاني على فلسطين.


                                            الجيش الاسرائيلي يحتل مطار اللد.

وفي عام 1937 افتتحت حكومة الانتداب "مطار فلهيلما" الذي تحول لاحقا إلى مطار اللد قرب المدينة والذي أصبح المطار الدولي لفلسطين.

ساهمت كغيرها من المدن العربية الفلسطينية في التصدي للمنظمات الصهيونية الإرهابية عام 1948 إلى أن تمكنت هذه العصابات في 11 تموز/يوليو عام 1948 من اقتحام المدينة واحتلالها، بعد أن قرروا شن عملية عسكرية واسعة في منطقة اللد والرملة لإبعاد القوات العراقية والأردنية التي كانت مرابطة في الرملة وللاستيلاء على مطار اللد ضمن العملية التي سميت "عملية داني" و أسفر هذا الهجوم عن وقوع الكثير من الشهداء، ووقعت مذبحة اللد التي قامت بارتكابها وحدة كوماندوز صهيونية بقيادة موشيه ديان حيث اقتحمت المدينة وقت المساء تحت وابل من القذائف المدفعية، وترك رجال المدينة يواجهون الألة العسكرية الصهيونية ببنادقهم القديمة، وبعد القتال ونفاد الذخيرة، اضطروا للاستسلام، فقامت القوات الصهيونية أبادتهم جميعا.

ويذكر تقرير المؤرخ الإسرائيلي بيني مورس انه الجيش الإسرائيلي قتل بعد انتهاء المعارك 167 فلسطينيا من سكان اللد بعد أن جمعوهم في مسجد "دهمش" الذي بقي مغلقا لسنوات طويلة حتى تم ترميمه وافتتاحه من جديد عام 2002.

وشهدت المدينة موجة نزوح كبيرة من سكانها العرب في مقابل ذلك، واستوطنت أعداد كبيرة من اليهود اللد التي تحولت إلى مدينة مختلطة، ولم يكن يسكن اللد بين عامي 1936 و1947 أي صهيوني.

ولم يبق من السكان العرب الذين بلغ مجموعهم آنذاك نحو 19 ألف نسمة سوى 1.052 عربيا. وفي نهاية عام 1949 بلغ عدد ساكني اللد 10.450 نسمة منهم 9.400 مهاجر صهيوني استوطنوا المدينة. ومنذ ذلك الوقت أخذ عدد سكان اللد يتزايد بفعل تدفق المهاجرين اليهود.

ووصل عدد سكانها في عام 2021 إلى 82.629 نسمة، نسبة العرب منهم بلغت نحو 29.8%، أما نسبة اليهود فبلغت 70.2%.

وبدأت سلطات الاحتلال منذ أن احتلت اللد تستغل أراضيها بإقامة المستعمرات عليها وزراعة مختلف أنواع المحاصيل الزراعية فيها، وأهم المستعمرات الصهيونية التي أقيمت في ظاهر اللد مستعمرة "زيتان" في الشمال الغربي، ومستعمرة "ياجل" قرب المطار، ومستعمرة “أحيعزر" بينهما، ومستعمرة "جناتوه" الواقعة شرقي اللد.

وبعد حرب عام 1967 واحتلال الضفة الغربية، أقام الاحتلال طريقا رئيسية جديدة من تل أبيب إلى القدس عبر لطرون، فتقلصت أهمية مدينتي اللد والرملة كملتقى للطرق الرئيسية في المنطقة، وتصل هذه الطريق إلى مطار بن غوريون (مطار فلهيلما سابقا) دون أن يضطر المسافرون إلى دخول المدينة.

وتعد اللد مدينة زراعية بالدرجة الأولى نظرا لوجودها وسط أراض سهلية خصبة تتوفر على مقومات الزارعة فيها كالتربة الصالحة والمياه، وتعرف المدينة انتشارا واسعا لزراعة الزيتون بالإضافة إلى الحبوب والخضار.

وقد أثر المجال الزراعي للمدينة في النشاط الصناعي، حيث تأسست في المدينة مجمعات حديثة تختص في صناعة المواد الغذائية وعصر الزيتون والصابون ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى الصناعات التقليدية مثل صناعة النسيج والجلود والأخشاب ومواد البناء.

وتعد اللد حاليا مركزا تسويقيا للمستعمرات الصهيونية المجاورة، فيتم في أسواقها تبادل المنتجات الريفية ومنتجات المدينة، والمنتجات الصناعية.

وحافظت المدينة على جوانب تجارتها العتيقة حيث يعقد في منتصف الأسبوع سوق أسبوعي يأتي إليه الآلاف من الباعة والمشترين من المدن والقرى المجاورة لعرض أنواع مختلفة من البضائع والحيوانات.

وتضم اللد عددا من المعالم الأثرية، فبالإضافة إلى بئر الزنبق، وهي بئر قديمة منذ عهد الصليبيين، توجد بئر الصحابي الجليل أبي محمد عبد الرحمن بن عوف.

وتشتهر المدينة بكنيسة "القديس جورجيوس"، وهي كنيسة أقيمت على قبر القديس جورجيوس في القرن الثالث الميلادي، ويحظى القديس بالاحترام والتبجيل لدى المسيحيين والمسلمين الذين يسمونه الخضر. ويحتفل به المسيحيون والمسلمون على السواء في عيد خاص ويقام سنويا يوم 16 تشرين الثان/نوفمبر من كل عام ويسمى "موسم الخضر".

كما يوجد في المدينة الجامع العمري الذي بني في عهد المماليك وأمر ببنائه الظاهر بيبرس، إضافة إلى عدد من المعالم الدينية الإسلامية والمسيحية الأخرى.


                                                    جامع العمري الكبير في اللد.

قدمت هذه المدينة شخصيات وازنة ساهمت في إثراء تاريخ النضال الفلسطيني، من بينهم الدكتور جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. بالإضافة إلى مفكرين وأدباء وعلماء وسياسيين ذاع صيتهم على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

المصادر

ـ "اللد مدينة فلسطينية تحت الاحتلال"، الجزيرة نت، 23/5/2011.
ـ  مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، ج4، ق2، بيروت، 1972.
ـ الموسوعة الفلسطينية.
ـ "250 فلسطينيا قتلهم الصهاينة في مجزرة اللد بدم بارد"، موقع وصحيفة عربي21، 7 /7/ 2020.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير التاريخية اللد الفلسطينيين فلسطين تاريخ هوية اللد تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی العهد بعد أن فی عام

إقرأ أيضاً:

«المنتدى الحضري» يُبرز أحياء القاهرة التاريخية: عاصمة الحضارات ومركز الابتكارات

مميزة بحضارتها العريقة، وجميلة بأماكنها السياحية والأثرية والدينية وبناها التحتية. يرجع تاريخها لأكثر من 4000 آلاف عام، هى عاصمة الحضارات بفضل موقعها الاستراتيجى وتخطيطها العتيق وتاريخها الطويل، هى القاهرة عاصمة الحضارة والتاريخ والسلام التى تحدَّث عنها أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، خلال كلمة مسجلة له أثناء انطلاق فعاليات النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضرى العالمى بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وقال «جوتيريش»: «نحن الآن فى القاهرة، هذه المدينة الكبيرة المملوءة بالحيوية ومركز جذب لكل الابتكارات والإبداع لأكثر من 1000 عام»، موجهاً الشكر لحكومة مصر على استضافتها فعاليات المنتدى الحضرى العالمى، والذى يمثل أكثر من نصف سكان المناطق الحضرية بالعالم، ولم تكن كلمات شكر الأمين العام مجرد حروف سطرها ليلقيها فى مؤتمر عالمى تستضيفه القاهرة، إنما كانت كلمات حقيقية لما شهدته القاهرة من تطور كبير خلال السنوات العشر الماضية، وبخاصة تطوير الأماكن السياحية والأثرية التى تجذب سياح العالم نحوها.

وتُعتبر القاهرة بوابة عالمية تربط أفريقيا بالشرق الأوسط وأوروبا وآسيا، بفضل حضارتها وموقعها الاستراتيجى، وتتمتع بالكثير من الأماكن السياحية والأثرية، وتضم كل أنواع السياحة، وهو ما جعل العالم يتحدث عنها، بحسب خالد الدماطى الخبير السياحى: «القاهرة تضم مئات الأماكن السياحية التى تجذب السياح، وأصبحت مركزاً سياحياً عالمياً بعدما أنشأت الكثير من المدن السياحية الجديدة، فى مقدمتها العلمين الجديدة والتى ستقود السياحة فى العالم خلال السنوات القليلة المقبلة».

وأضاف أن المناطق التراثية أصبحت متحفاً مفتوحاً، من بين تلك الأماكن باب النصر، وباب الفتوح، وباب زويلة، وسور القاهرة التاريخى، كما تضم القاهرة الفاطمية الكثير من المواقع والمعالم الأثرية المسجلة على قائمة التراث العالمى لليونيسكو فى عام 1979، منها مقياس النيل فى جزيرة الروضة، والفسطاط، ومسجد عمرو بن العاص والكنيسة المعلقة ومعبد بن عزرا، بمجمع الأديان، وجامع ابن طولون والقلعة.

وقال الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثرى بوزارة السياحة، إن القاهرة من أهم الوجهات السياحية والثقافية على مستوى العالم، حيث التنوع الثقافى للكثير من الحضارات، فنجد هرم زوسر المدرج بمنطقة سقارة، وهرم خوفو الأكبر، ويُعد هذا الهرم أكبر وأقدم هرم من أهرامات الجيزة، وهرم خفرع، وهرم منكاورع، وأهرامات دهشور، حيث تُعد هذه الأهرامات مقبرة ملكية مصرية، وهى عبارة عن عدة أهرامات صغيرة أشهرها هرم بنت، والهرم المنحنى الذى قام سنفرو ببنائه، وهرم دهشور الأحمر، بالإضافة إلى هرم دهشور الأسود الذى بناه إمنمحات الثالث، وهرم سيسوستريس الثالث، بالإضافة لعدة مقابر أخرى وُجدت فى الموقع.

وأشار «عامر» إلى وجود قلعة القاهرة، والتى يطلق عليها عدة أسماء أخرى كقلعة محمد على أو قلعة صلاح الدين، وهى موطن لعدة مساجد، منها مسجد محمد على «المرمر» الذى يقع فى قمتها، ومسجد النصير محمد العمودى، ومسجد سليمان باشا، كما يحتوى مجمع القلعة أيضاً على المتحف العسكرى الوطنى، ومتحف الشرطة، ومتحف النقل، ومتحف قصر الجوهرة، وبئر يوسف، بالإضافة إلى شارع المعز الذى يُعتبر متحفاً مفتوحاً للآثار الإسلامية، حيث يوجد به مجموعة قلاوون، وجامع الأقمر، وبيبرس، كما نجد منطقة السلطان حسن والرفاعى، بالإضافة إلى مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وهى من أشهر مساجد آل البيت فى مصر لما تتمتع به من أهمية دينية.

مقالات مشابهة

  • فلسطين.. اشتباكات مع قوات الاحتلال في منطقة السوق بمخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس
  • فلسطين.. مدفعية الاحتلال تستهدف المناطق الشرقية من مدينة رفح الفلسطينية
  • لماذا تُعتبر هذه المدينة القديمة مهد الثقافة التايلاندية؟
  • فلسطين.. إصابات جراء إطلاق مسيرات إسرائيلية النار على خيمة للنازحين في مدينة غزة
  • أمريكا.. مصرع 5 أشخاص بحادث تصادم طائرة في مدينة فينيكس
  • مصرع 5 أشخاص في حادث تصادم طائرة صغيرة بمركبة بعد إقلاعها في ضواحي مدينة فينيكس الأمريكية
  • عاجل- «تل أبيب تحت وابل الصواريخ».. حزب الله يهنئ ترامب بـطريقتة الخاصة
  • حريق هائل يلتهم محطة وقود في مدينة المخا وسقوط مصابين (فيديو)
  • هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة تشارك في فعاليات إكسبو والمؤتمر العالمي للمدن الذكية 2024 في مدينة برشلونة
  • «المنتدى الحضري» يُبرز أحياء القاهرة التاريخية: عاصمة الحضارات ومركز الابتكارات