انتخابات الرئاسة في موريتانيا.. تحديات النظام وفرص المعارضة
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
نواكشوط– بمشاعر مختلطة وخطى مثقلة بالوعود الانتخابية، يواصل المرشحون للرئاسة في موريتانيا حملاتهم الدعائية، ويسابقون الزمن في محاولة لإقناع أزيد من 1.9 مليون ناخب بالتصويت لصالحهم، قبل يوم الاقتراع المقرر في 29 يونيو/حزيران الجاري.
ويتنافس في الانتخابات الرئاسية الثامنة في تاريخ موريتانيا 7 مرشحين أبرزهم الرئيس الحالي المنتهية ولايته محمد ولد الغزواني، ومرشح الإسلاميين زعيم المعارضة حمادي سيد المختار، إضافة إلى الحقوقي برام الداه اعبيد، والمحامي العيد ولد محمدن.
وتأتي الانتخابات الرئاسية هذا العام في ظل تحديات دولية وإقليمية أبرزها: الأوضاع الأمنية الحرجة في دول الساحل، إضافة إلى تحديات داخلية تتمثل -حسب المراقبين- في تفشّي الفساد وغلاء الأسعار وانكماش في الاقتصاد وهجرة الشباب.
ويدخل الائتلاف الحاكم الانتخابات الرئاسية منتشيا بفوزه الكاسح في الانتخابات البرلمانية والجهوية التي نُظمت قبل عام، وبالتوافق داخل مختلف كتله السياسية، وذلك مقابل انقسامات سياسية في صفوف المعارضة، جسّدها غياب مرشح موحّد لها.
لكن التنوع والتباين بين المرشحين في مرجعياتهم وبرامجهم يلقي بظلاله على المشهد الانتخابي العامّ ويشي بصعوبة إلى حد ما في حسم نتيجة الاقتراع من الجولة الأولى للانتخابات.
وفي جولاتهم داخل المدن الكبيرة، استعرض المرشحون ملامح برامجهم الانتخابية، وتعهد الرئيس ولد الغزواني، مرشح الائتلاف الحاكم، الذي يرفع أنصاره شعار "التغيير الآمن"، وبعد أن تغنى بإنجازاته في مأموريته المنتهية، "بمواصلة الإنجازات ومحاربة الفساد وإنشاء مندوبية خاصة بحل مشاكل الشباب وتشغيلهم".
في المقابل، وعد زعيم المعارضة حمادي ولد سيد المختار، بخفض الأسعار وبإصلاح شامل للتعليم "ومساواة الأساتذة والوزراء في الأجور". أما العيد ولد محمدن، فقد شدد أمام أنصاره على ضرورة التغيير "بعد أن أصبح البلد في خطر شديد مع مأمورية النظام الحالي"، كما وعد بتعزيز الحريات وبإصلاحات في مجال العقارات.
وانتقد المرشح الحقوقي برام الداه اعبيد النظام الحالي وأوضاع البلد، ودعا أنصاره "لحماية أصواتهم يوم الاقتراع والوقوف في وجه التزوير لضمان التغيير"، في حين ركزت خطابات بقية المرشحين على ضرورة محاربة الفساد والاستغلال الأمثل للثروات وتمكين المرأة و تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي.
تحديات النظام
يراهن الرئيس ولد الغزواني في الجانب السياسي على التهدئة والانسجام الذي خلقه في المشهد السياسي الموريتاني، وقد أشار في خطاباته أمام أنصاره إلى أنه "نجح في تحقيق إنجازات كبرى للبلد وحافظ على الأمن والاستقرار طيلة مأموريته"، لكنه في الوقت ذاته يواجه تحديات داخلية تجعله على استعداد لجميع السيناريوهات.
وفي حديثه للجزيرة نت، حدد الدكتور ديدي ولد السالك، رئيس المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية في نواكشوط (مؤسسة بحوث مستقلة)، أبرز هذه التحديات في:
الضعف الإعلامي، وذلك لعدم وجود إنجازات حقيقية ملموسة في هذه المأمورية (الفترة الرئاسية) تمكّن الإعلاميين من تثمينها وتقديمها للرأي العام. الرأي السائد عند أغلب الموريتانيين بأن الانتخابات عملية تمثيلية لا فائدة من المشاركة فيها، وهذه النسبة، حسب رأي ولد السالك، في تزايد مقلق، وهو ما يسبب خشية لدى النظام من مواجهة صعوبات أمام بعض المترشحين الذي يملكون زخما لا بأس به في الساحة.ويشكّل الشباب نسبة 65% من الموريتانيين، وتبلغ نسبة البطالة في البلاد حوالي 31%. وفي السنوات الأخيرة أغرى "الحلم الأميركي" عشرات الآلاف من شبابها. بينما تشير التقديرات الأولية إلى أن ثلث المسجّلين على اللائحة الانتخابية (من يحق لهم الاقتراع) من الشباب.
لهذا أخذت قضايا الشباب والهجرة والبطالة حيّزا واسعا من اهتمامات المرشحين وبرامجهم الانتخابية، وصرّح المرشح ولد الغزواني "أن مأموريته القادمة للشباب ومن أجل الشباب".
ويرى ولد السالك أن ملف الشباب من الملفات الحارقة التي تعاني منها موريتانيا، ويعزو السبب وراء تودد الرئيس المنتهية ولايته للشباب لكونهم الأكثرية، وهم الأكثر تضررا من الظروف الاقتصادية والاجتماعية، ولأن النظام يعي جيدا أن الساحة السياسية أصبحت أكثر تعقيدا مما كانت عليه في السابق، ويسعى إلى كسب رضا الشباب بكل ما أمكن عقب سياسات التهميش والإقصاء والظلم الذي تعرضوا له عبر أغلب الأنظمة المتعاقبة.
ويشير ولد السالك إلى أن ملف الشباب والهجرة له انعكاسات خطيرة على الدولة قد تؤدي إلى اختلالات اقتصادية وديموغرافية كبيرة، وهو ما جعل الرئيس يسعى إلى هذه "المحاولات اليائسة التي لن تعود بمردود عليه لعدم مصداقية النظام، ولعدم وجود دلالات تثبت توجهاته، أو وجود خيط من الأمل للشباب يتمسكون به".
تقدمت المعارضة الموريتانية للسباق الرئاسي بـ5 مرشحين بعد أن فشلت في تقديم مرشح موحّد، وهو ما اعتبره البعض تشتيتا للجهد قد يصعّب من مهمتها في الإطاحة بمرشح النظام.
لكن بحسب الناشط المدني والسياسي عبد القادر ولد فال، فإن المعارضة أظهرت من خلال أدائها في حملات سابقة أنها قادرة على إحداث المفاجأة.
وفي بيان نشرته اليوم، قالت حملة المرشح حمادي سيد المختار "إن المهرجانات الحاشدة التي نظمها مرشحو المعارضة في نواكشوط والمدن الداخلية وخاصة مهرجانات مرشحنا أظهرت تعطّش الشعب للتغيير والتفافه حول مرشحنا".
ولكن في حديثه للجزيرة نت، يرى الناشط عبد القادر ولد فال أن الأوضاع الأمنية الحالية في الحدود مع مالي وفي الساحل عموما ستحدّ من فرص مرشحي المعارضة، نظرا لأهمية المحافظة على الاستقرار السياسي في مواجهة مثل هذه التحديات، وهو ما يصبّ في مصلحة الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني لخبرته العسكرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ولد الغزوانی وهو ما
إقرأ أيضاً:
ألمانيا.. افتتاح صناديق الاقتراع لانتخابات برلمانية مبكّرة وحاسمة
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في جميع أنحاء ألمانيا لاستقبال الناخبين لإجراء الانتخابات المبكرة للبوندستاغ (البرلمان الألماني)، والتي وصفت أنها قد تكون الأهم في تاريخ البلاد خاصة أنها قد تطيح بأحزاب وترفع أحزابا أخرى.
ويشارك 29 حزبا، في الانتخابات على الرغم من أن اللجنة الانتخابية الاتحادية سمحت في البداية بمشاركة 41 حزبا.
كما يتنافس 4506 من المرشحين على 630 مقعدا في البوندستاغ، ثلثهم تقريبا من النساء.وويحق لحوالي 59.2 مليون شخص التصويت في الانتخابات بالدورة الـ21.
وبعد الانتخابات، سيتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة مستشار جديد على أساس توزيع المقاعد في البوندستاغ.
وتعتمد ألمانيا نظاما انتخابيا مختلطا، يجمع بين مبادئ الأغلبية والتناسب. ويتم انتخاب نصف النواب في 299 دائرة انتخابية عن طريق التصويت المباشر، والنصف الآخر عن طريق القوائم الحزبية. ولكل ناخب صوتان. يتم التصويت أولا على المرشح (التفويض المباشر)، أما التصويت الثاني فيتم على قائمة الحزب. يجب أن يعكس عدد مقاعد الأحزاب في البوندستاغ نتائج التصويت على القوائم الحزبية.
وتملك الكتلة المحافظة المكونة من الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني وحزب الخضر، وحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، وحزب اليسار، والحزب الديمقراطي الحر الألماني، وحزب اتحاد سارة فاغينكنيخت، الفرصة الحقيقية لدخول البوندستاغ .
وفور إغلاق أبواب مراكز الاقتراع، ستقوم قناتا ARD وZDF التلفزيونيتين، بنشر البيانات الأولى لاستطلاعات الرأي عند الخروج من الاقتراع. ومن المتوقع أن تنشر اللجنة الانتخابية المركزية الألمانية البيانات الرسمية الأولية مساء الاثنين، على أن يتم إصدار البيانات النهائية في الأيام التالية.
وتشير توقعات المؤسسات الاجتماعية إلى فوز أكيد لائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الذي قد يحصل على نحو 29-30% من الأصوات.
وبحسب استطلاعات الرأي، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا سيحتل المركز الثاني بنسبة تتراوح بين 20 و22%، ليحصل على ضعف عدد الأصوات التي حصل عليها في عام 2021.
ووفقا للتوقعات، لن يحصل حزب الديمقراطيين الاجتماعيين إلا على المركز الثالث، بنسبة 15-16% فقط. ومن المتوقع أن يخسر الحزب الاشتراكي الديمقراطي ثلث ناخبيه مقارنة بانتخابات 2021.
بعد الانتخابات، ستبدأ الأحزاب، وخاصة الفائزة بالمراكز الأولى، بمفاوضات استكشافية بهدف فهم مدى استعداد منافسيها للمشاركة في الحكومة الجديدة. وبعد ذلك ستبدأ المفاوضات الائتلافية، حيث ستتم مناقشة البرامج التي ستشكل أساس اتفاق الائتلاف المستقبلي.