يقول المثل العربي: “من يزرع الوهم يحصد الخيبة”. تذكّرت هذا المثل بإلحاح وأنا أشاهد الأوهام التي حاول الرئيس بايدن وحلفاؤه الغربيون بيعها للناس عن حرب غربية يسمونها عالمية مازال بعض شهودها أحياء، وما زال العالم كله والتاريخ يشهد أن الجيش الأحمر وصل إلى الحدود السوفييتية ودخل أراضي رومانيا في آذار 1944، وبدأ مهمة التحرير في أوروبا، بينما فتح الحلفاء جبهة ثانية في 6 تموز في النورماندي فقط ليسارعوا في إظهار أنفسهم وكأنهم جزء من عملية التحرير مع أن الذي قام بدحر هتلر وتحرير أوروبا هو الجيش الذي دفع 27 مليون قتيل في هذه الحرب، ولم تكلّف عملية النورماندي الحلفاء إلا عشرة أو عشرين ألف قتيل وكانت مجرد تمظهر متأخر للادعاء بالمشاركة بالتحرير.

أما أن يتداعى المسؤولون الغربيون لتكبير الوهم حول هذا الحدث الذي لا يشكّل فاصلة في الحرب العالمية الثانية، وأن يمضي الرئيس بايدن بهذه المناسبة أطول زيارة لفرنسا للتعبير عن أنهما شركاء وأنهما واحد، وأن يُستحضر زيلنسكي ويتمّ تجاهل دور روسيا ولا تتم دعوة الرئيس بوتين رغم الحقائق التاريخية الدامغة بأحقية روسيا بالاحتفال بهذا النصر، فإنّ كلّ هذا يضيف إلى سجلّ الغرب المتآكل والمتهالك اليوم، والذي وبسبب تآكله الحقيقي لم يعد يقيم للحقيقة وزناً ولا للمصداقية اعتباراً، وكأني بهؤلاء وهم يحتفلون على شاطئ النورماندي والمياه تجرف الرمال من تحت أرجلهم وتتركهم في غفلة من مغبّة ما قاموا به من زراعة الوهم في أنفسهم وأنفس الآخرين ليتفاجؤوا أن الزمن قد تركهم هنا وغادر إلى مكان آخر ومع أناس آخرين جديرين بقراءة الأحداث على حقيقتها واحترام وقائعها والحرص على احترام ذكاء الآخرين ومعرفتهم بالحدث وتفاصيله.

وربما ليست مصادفة أنه في الوقت الذي تداعى زعماء الغرب ليوهموا العالم أنّ قوتهم لا تقهر وأنّ تضامنهم غير قابل للهوان كان اليمين الأوروبي في فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وإسبانيا يحصد المقاعد في البرلمان الأوروبي على حساب الأحزاب التي يمثلها هؤلاء الزعماء واعداً بإعادة النظر بالتوجه الأوروبي برمّته وإعادة الاعتبار للدولة الوطنية وأولويتها، كما عبّر معظم قادة الأحزاب اليمينية في أوروبا، وبغضّ النظر عن تقييم سياسي لأيّ من هذه الأحزاب أو لصحة توجهاتها المستقبلية أو انعكاساتها على السياسة الدولية، فإنّ النقطة هنا هي زيف ادّعاءات هؤلاء الزعماء بالقوة والانتصار، والتي هي مجرّد تمظهر بالقوة وخطابات تلوي عنق التاريخ وتحاول زرع الأوهام الكاذبة في أذهان المتلقين. ولكنّ ما فات هؤلاء هو أن الزمن والشعوب قد تجاوزوهم تماماً، ولا يملك من شاهد احتفالات النورماندي إلا أن يبتسم ساخراً ويقول في نفسه على من تضحكون؟ إن تضحكون إلا على أنفسكم وما تعلمون!

ذلك لأنّ الإعلام الغربي، وخاصة بعد الكذب اليومي المفضوح الذي مارسه منذ طوفان الأقصى وتعامله مع ارتدادات هذا الطوفان وأخباره وأخبار ردود الفعل عليه قد أفقد هذا الإعلام أيّ مصداقية في ضمائر كلّ شعوب الأرض، وإذا كانت وسائل الإعلام الغربية التي يتحكّم بها المال الصهيوني لم تدرك إلى حدّ اليوم حجم خسائرها فلا شكّ أنّ ذلك اليوم الذي سوف تحصد فيه ما زرعته قريب، وحينها لن تتمكن من فعل شيء لأنّ العالم سيكون قد وصل إلى محطة أخرى لن يتمكن الغرب برمّته من اللحاق بها.

وفي السياق نفسه فقد ارتكب الإعلام الغربي إثماً مهنياً وأخلاقياً قبيحاً حين مجّد بكلّ أدواته العملية الصهيونية-الأمريكية المشتركة لإنقاذ أربعة أسرى صهاينة، بينما قتل منفذو هذه العملية مئات النساء والأطفال والرجال الفلسطينيين الذين لم تأتِ وسائل الإعلام الغربية نفسها على ذكرهم، وكأن حياتهم لا تساوي شيئاً، وكأن حياة الأربعة الصهاينة مقدّسة وحياة مئات الشهداء مجرّد رماد تذروه الرياح، مع أنّ هؤلاء الأسرى أنفسهم شهود على التفوّق الأخلاقي للمقاومين الذين احتجزوهم على العصابة الصهيونية التي تعبث بحياة الأسرى الفلسطينيين إهانةً واغتصاباً وتنكيلاً وتعذيباً وقتلاً، إذا لم يكن المعيار الأخلاقي هو المعيار الصحيح للبشر، فما هو المعيار الذي يتخذه هؤلاء القتلة الإرهابيون المجرمون.

لقد كانت مجزرة النصيرات، والتي مجّدها الإعلام الغربي على أنها أدّت إلى تحرير أربعة صهاينة، كانت وصمة عار في تاريخ الصهاينة والأمريكان الذين تبجّحوا أنهم ساعدوا في الاستخبارات وفي استخدام الرصيف البحري الذي بنوه لتنفيذ هذه المجزرة، وإذا كان العرب والمسلمون والعالم برمّته لم يقدموا بعد على وضع الحقّ في نصابه فهذا لا يعني أبداً انّ مرتكبي هذه الجرائم سوف ينجون من العقاب الاستراتيجي الساحق والذي سوف يزلزل الأرض تحت أقدامهم ويقلب المعادلات التي يعتمدونها في الكذب والقتل وزهق الأرواح إلى غير رجعة أبداً.

فها هي قمة البريكس التي انعقدت في 10-6-2024 في مدينة نيجني نوفغورود الروسية تؤكد على إسراع الخطى لتطوير منصة للتسويات بالعملات الوطنية خلال التجارة المتبادلة، وها هي السعودية تهمل تجديد العقد مع الولايات المتحدة لاعتماد الدولار كعملة حصرية لبيع النفط، والجميع يعلم أنّ الاستثنائية التي تمّ إقرارها للدولار الأمريكي كانت هي مصدر القوّة الأساسية للولايات المتحدة وأنّ إفساح المجال لبيع النفط باليوان الصيني مثلاً سوف يغيّر المعادلة ويزحزح المركزية الغربية عن عرش الظلم والحروب الذي اعتلته بقوة المال والسلاح، هذه القوّة التي حوّلتها إلى استثنائية عنصرية غربية دمّرت البلدان وأزهقت الأرواح وجلبت الدمار والخراب على الشعوب في بلدان وقارات العالم كلها.

إنّ الدماء الطاهرة لهؤلاء الأطفال الملائكة والنساء الحوامل والمرضعات التي سُفكت في فلسطين من قبل احتلال عنصري غاشم مسلّح بتأييد مفتوح من الغرب الاستعماري لن تذهب سدى، وقد بدأت بتغيير تفكير هذا الكون وإعادته إلى الطريق القويم. وها هي المؤشرات تصلنا من كلّ حدب وصوب أنّ الغرب قد فقد صوابه ومصداقيته، ومن يفقد مصداقيته سواء كان إنساناً أم حكماً أم نظاماً فكأنما فقد حياته، إذ لا قيمة له ولا وجود دون مصداقية، فحياته ومماته متساويان، إنّ حرب الإبادة الجارية في غزّة، ومجزرة النصيرات، واحتفالات النورماندي الهوليوودية، وتعامل الإعلام الغربي المتصهين معها ومع كلّ ما سبقها ما هو إلا تعبير استثنائي عن الدرك الذي وصل إليه استخفاف الغرب بعقول الآخرين، وهو ماضٍ في زراعة الوهم دون رادع، وغير مدرك أنّ ما ينتظره هو الخيبة والخيبة فقط.

أ. د. بثينة شعبان من يــزرع الوهــم 2024-06-17najwaسابق مصرع 5 أشخاص وإصابة العشرات جراء حادث تصادم قطارين في الهند انظر ايضاً خارج السياق- بقلم: أ.د.بثينة شعبان

من اللافت أن رئيس الولايات المتحدة جو بايدن الذي استعرض أفكاراً لهدنة بين الكيان والمقاومة …

آخر الأخبار 2024-06-17مصرع 5 أشخاص وإصابة العشرات جراء حادث تصادم قطارين في الهند 2024-06-17خفر السواحل الصيني يمنع توغل سفينة فلبينية في مياه قريبة من جزر نانشا تشيونداو الصينية 2024-06-17ستة قتلى وثلاثون مفقوداً إثر انزلاق للتربة في الإكوادور 2024-06-17بمشاركة سورية… افتتاح المنتدى الحزبي الدولي لبلدان مجموعة بريكس 2024-06-17الدفاعات الجوية الروسية تسقط 6 مسيرات أوكرانية فوق 3 مقاطعات 2024-06-17الحرارة أعلى من معدلاتها والجو سديمي مغبر بالمناطق الشرقية والجزيرة والبادية 2024-06-17نيبينزيا: عضوية فلسطين في الأمم المتحدة تسهم في إطلاق مفاوضات لحل القضية الفلسطينية 2024-06-17يوم جديد من عملية طوفان الأقصى 2024-06-17استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء العدوان المتواصل على قطاع غزة 2024-06-17مقتل ستة جنود نيجريين في هجوم على خط أنابيب نفط

مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر قانوناً يقضي بالتشدد في عقوبات وغرامات سرقة مكونات شبكتي الكهرباء والاتصالات 2024-06-13 الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث “الشركة العامة للصناعات الغذائية” 2024-06-11 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بصرف منحة بمبلغ 300 ألف ليرة للعاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين 2024-06-10الأحداث على حقيقتها الجيش يقضي على عدد من الإرهابيين ويدمر طائرات مسيرة في عدة مناطق 2024-06-09 ارتقاء عدد من الشهداء جراء عدوان إسرائيلي استهدف نقاطاً بمحيط حلب 2024-06-03صور من سورية منوعات تحذيرات في الولايات المتحدة من موجة حر غير مسبوقة بسبب تغيرات المناخ 2024-06-15 الصين تجدد إنذاراً باللون الأصفر لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة 2024-06-15فرص عمل السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة توظيف بفرعها باللاذقية 2024-05-12 السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة لشغل عدد من الوظائف في الإدارة المركزية 2024-04-24الصحافة من يــزرع الوهــم… بقلم: أ.د. بثينة شعبان 2024-06-17 كاتبة أسترالية: المسؤولون الأمريكيون يلعبون دور الحمقى للتنصل من الحديث عن جرائم “إسرائيل” في غزة 2024-06-13حدث في مثل هذا اليوم 2024-06-1717 حزيران – اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر 2024-06-1616 حزيران 1888- توماس إديسون يخترع أول جهاز لتسجيل الصوت – فونوغراف 2024-06-1515حزيران 1957.. المملكة المتحدة تفجر أول قنبلة هيدروجينية لها 2024-06-1414 حزيران- اليوم العالمي للتبرع بالدم 2024-06-1313 حزيران 2009- الإعلان عن فوز الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية 2024-06-1212 حزيران- اليوم الوطني في روسيا
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الإعلام الغربی ة التی

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي للرجل.. كيفية الوقاية من أخطر الأمراض التي تقضي على الذكور

يتم الاحتفال باليوم العالمي للرجل في 19 نوفمبر من كل عام لإلقاء النظر على صحتهم الجسدية والنفسية والعقلية.

تهتم معظم المجتمعات بصحة المرأة بسبب الحمل والولادة والمخاطر المرتبطة بهما ولكن نادرا ما يتم الاهتمام بصحة الرجل لذا تم تدشين اليوم العالمي للتوعية باحتياجاتهم ومتطلباتهم.

مصدر أوميجا 3 ويقلل التعب ويمنع السرطان.. 13 معلومة ماتعرفهاش عن القلقاس|تفاصيل حل سحري لجوع الشتاء بدون زيادة الوزن .. إليك طريقة عمل تسالي مشبعة

وفيما يلي أربع حالات صحية شائعة لدى الرجل، وعوامل الخطر لكل منها، ونصائح للوقاية منها وذلك وفقا لما جاء في موقع tomahhealth.

1. سرطان البروستاتا
سرطان البروستاتا هو ثاني أكثر أشكال السرطان شيوعًا بين الرجال.

تقدر جمعية السرطان الأمريكية أن واحدًا من كل ستة رجال سيتم تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا في النهاية ويحدث سرطان البروستاتا بشكل أساسي عند الرجل في الستينيات من العمر، وغالبًا ما يكون هناك غياب واضح للأعراض خلال المراحل المبكرة على الرغم من أنه قد يكون مرضًا شديدًا، إلا أن معظم المصابين لا يموتون بسبب سرطان البروستاتا.


2. مرض السكري من النوع الثاني
النوع الثاني هو الشكل الأكثر شيوعًا لمرض السكري ولا يستطيع الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض السكري من النوع الثاني استخدام الأنسولين بشكل صحيح أو لا ينتج البنكرياس لدي الرجل ما يكفي من الأنسولين في الجسم.

بدون كمية كافية من الأنسولين (أو الاستخدام غير الكافي)، يتراكم الجلوكوز (السكر) في جسمك لأنه لا يمكن تخزينه في خلايا جسمك أو استخدامه للحصول على الطاقة.

مرض السكري من النوع 2 هو حالة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى تلف الكلى والقلب والأعصاب تلف الأوعية الدموية الصغيرة والقدم السكري والعمى وأمراض القلب وغيرهم الكثير.

القدم - السكري


3. ارتفاع ضغط الدم
يؤثر ارتفاع ضغط الدم على واحد من كل ثلاثة بالغين في الولايات المتحدة، ويمكن أن يؤدي إلى فشل الكلى أو القلب، والسكتة الدماغية، وغيرها من النتائج غير المرغوب فيها والجزء الأكثر إثارة للخوف هو أنه لا توجد أعراض في كثير من الحالات، ولهذا السبب أطلق على ارتفاع ضغط الدم لقب "القاتل الصامت".


4. أمراض القلب
تعد أمراض القلب أحد أكثر الأسباب شيوعا التى تؤدي إلى وفاة الرجل حتى بين الشباب.

تشمل أمراض القلب عدة حالات، ولكنها تشير عادة إلى تراكم اللويحات في الشرايين وكلما زاد تراكم اللويحات في الشرايين، زاد خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو قصور القلب.

مقالات مشابهة

  • نائب أركان الجيش الأردني السابق: قرار اعتقال نتنياهو يزرع الخوف بين قادة إسرائيل
  • وزير الرياضة يشيد بالدعم الذي يقدمه الرئيس السيسي للرياضة والرياضيين والشباب
  • تحية لروح الدكتورة بثينة علي… معرض خريجي كلية الفنون قسم التصوير لعام 2024
  • تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.. المشاط تشهد تسليم أحد مقرات الوزارة بوسط القاهرة ليكون مقرًا لاتحاد الصحفيين العرب
  • رئيس اتحاد الصحفيين العرب يشكر الرئيس السيسي على المقر الجديد بالقاهرة
  • محمد الشيخي: التشكيلة التي بدأ بها هيرفي رينارد اليوم كانت خاطئة
  • في اليوم العالمي للرجل.. كيفية الوقاية من أخطر الأمراض التي تقضي على الذكور
  • أبو شمالة : اليمن هو الوحيد الذي تجرأ على استهداف حاملات الطائرات ومدمرات العدو الأمريكي
  • مها شعبان تطالب بإعادة النظر في لائحة سيارات المعاقين وحصول الزوجة المعاقة على معاش والدها
  • المجلس الأعلى للإعلام يطلق اليوم مبادرة عن "مكافحة الشائعات"