عربي21:
2025-04-27@03:29:37 GMT

حول محاكمة ترمب

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

في خطاب ألقاه في عام 1986، قال الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان إن ما نعدّه أمراً عادياً في أميركا، هو في الحقيقة أشبه بمعجزة. ريغان كان يعني بذلك تسليم السلطة سلمياً في أميركا من رئيس إلى رئيس. ذلك الأمر الذي اعتبره عادياً، ويعد حقاً أساس وجوهر العملية السياسية الديمقراطية الأميركية، كاد ينهار فجأة، في يوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021، حين هجم أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب على مبنى الكونغرس، بهدف وقف التصديق على نتيجة الانتخابات الرئاسية، والاعتراف بالرئيس المنتخب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة.

ذلك المشهد كان منقولاً على الهواء، وعلى مرأى ومسمع من العالم.

وراء تلك الموجة الاحتجاجية غير المعهودة في تاريخ أميركا، كان عدم اعتراف الرئيس السابق ترمب بنتيجة الانتخابات، والادعاء بالتزوير. ترمب سجل موقفه رسمياً برفضه حضور مراسم حفل تتويج الرئيس الجديد، حسب التقاليد المتبعة. وواصل الادعاء بتزوير الانتخابات، إلى يومنا هذا.

الآن، وعلى بعد مسافة زمنية تقدر بعام ونصف، من موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، يواجه ترمب، وستة أشخاص آخرون، من أعضاء إدارته السابقة، لم تعلن أسماؤهم بعد، تهمة التآمر لمنع انتقال السلطة، بعد الخسارة الانتخابية.

لكن ترمب، يتقدم حالياً غيره من مرشحي الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن المحتمل جداً بروزه مرشحاً للحزب. واستبيانات الرأي العام تضعه على قدم المساواة تقريباً في النقاط مع الرئيس الحالي جو بايدن. ووقوفه مؤخراً أمام العدالة، في محكمة عقدت بواشنطن، لنفي أو الاعتراف بالتهمة الموجهة له، ونفاها بشدة، رفعت من درجة حرارة الصراع السياسي في أميركا إلى درجة غير معهودة. ترمب، وقادة الحزب الجمهوري وأنصاره في مختلف الولايات، يرون أن الإدارة الأميركية تكيل بمكيالين، فهي في الوقت الذي تتساهل فيه مع نجل الرئيس جو بايدن، المتهم في قضايا تهرّب من دفع الضرائب وغيرها، تسعى جاهدة إلى إدانة ترمب، بهدف إبعاده عن الوصول ثانية إلى البيت الأبيض. المفارقة أن ارتفعت أسهمه بشكل ملحوظ مؤخراً، نتيجة ما يحدث.

الرئيس جو بايدن نأى بنفسه عن التعليق على الأمر، وبقي المجال مشرع الأبواب أمام خبراء القانون، للخوض في تفاصيله المعقدة. فريق الدفاع القانوني عن المرشح ترمب رفض بشدة قرار مكتب النيابة بالبدء في المحاكمة في شهر مايو (أيار) القادم. ورأى أن مكتب النائب العام استغرقه الأمر ثلاث سنوات للانتهاء من التحقيقات، والوصول إلى قرار بتوجيه التهمة لترمب. ومن حقه أن يُمنح الفرصة لإعداد دفاعه. وبدوره، تساءل المرشح ترمب عن الأسباب التي دفعت بالنيابة إلى تجاهل الأمر مدة عامين ونصف، وإحضاره الآن؟ مكتب النائب العام يُصرّ على سرعة عقد المحاكمة في الوقت الذي اختاره. المحاكمة ستعقد في ولاية واشنطن. وهي ولاية معروفة بولائها للحزب الديمقراطي. الأمر الذي يلقي بظلال من شك حول مصداقية هيئة المحلفين. لذات السبب، طالب فريق الدفاع القانوني عن ترمب نقل مكان المحاكمة إلى ويست فرجينيا، وهي ولاية محافظة، معروفة بولائها للحزب الجمهوري.

قد تبدو هذه التفاصيل كثيرة، وأن الكثير من الأسئلة حول المحاكمة ونتائجها على المتهم الرئيسي، وعلى الانتخابات الأميركية المقبلة، لم تجد لها إجابات. وهذا طبيعي. كون المحاكمة من دون سوابق لها يسترشد بها. وتتعرض لجوهر الديمقراطية الأميركية منذ نشأتها. والتهمة تتجاوز بكثير ما عرفته المحاكم الأميركية من قضايا سابقة عقدت في قاعاتها، ذات صلة برؤساء سابقين. ومن خلال المتابعة والرصد لما ينشر في وسائل الإعلام الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، تبين أن الثقل، في المواجهة القضائية المقبلة، سيكون على كاهل النيابة في إثبات أن الرئيس السابق كان على علم ومعرفة بخسارته الانتخابات الرئاسية، وأنه عمداً اختار تجاهل تلك الحقيقة، وواصل تضليل الرأي العام الأميركي بالادعاء بعكس ذلك، بهدف منع انتقال السلطة سلمياً. وزعزع ثقة المواطن الأميركي بنظامه السياسي.

في الشهور الماضية، تابعنا على القنوات التلفزيونية التحقيقات التي قامت بها لجنة من الكونغرس في نفس القضية. ومن بين الشهود الذين مثلوا أمامها مسؤولون بارزون في إدارة الرئيس ترمب، واعترفوا أمامها بنزاهة الانتخابات وبخسارة الرئيس السابق ترمب. ولذلك، فإنه ليس بمقدور أحد، حتى الآن، التكهن بالمسار الذي ستتجه نحوه التطورات. وليس بمقدور أحد أيضاً التنبؤ بالمصير الذي ينتظر الرئيس السابق ترمب.

المحاكمة لن تكون حائلاً بين ترمب ودخول المعترك الانتخابي الرئاسي في شهر نوفمبر 2024. ويرى معلقون أنّه في حالة تجاوزه العقبة الانتخابية، واستمرار المحاكمة إلى ذلك الوقت، وهو متوقع، لأن فريق دفاعه سيلجأ إلى تطويل أمد المحاكمة. سيكون من ضمن قرارته الأولى، تعيين نائب عام، يقوم بدوره بإيقاف النظر في القضية إلى وقت آخر. السؤال: ماذا سيكون مصير ترمب لو تعثر حظه، وسقط في الامتحان الانتخابي الرئاسي؟

(عن صحيفة الشرق الأوسط)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير الانتخابات الحزب الجمهوري المحاكمة محاكمة الحزب الجمهوري الانتخابات ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس السابق جو بایدن

إقرأ أيضاً:

ترامب ظاهرة الرئيس الصفيق الذي كشف وجه أمريكا القبيح !

صلاح المقداد

حتى وإن بدأ الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المُثير للجدل لدى الكثيرين، لا سيما أولئك الذين تنحصر نظرتهم على بعض القشور، الظاهرة رجلاً معتوهًا وكثير التخبط، ونوع من رجال السياسة الذين عدا طوره بما يصدر عنه من تصريحات وتصرفات غير مقبولة تُعبر عن الدولة الأعظم قوة في العالم ، ويعتبرونه بذلك إنسان غير مُتزن تجاوز حدود الممكن والمقبول والمعقول، ويكتفون بهذا التوصيف والتحليل لشخصية ترامب كظاهرة أمريكية قديمة جديدة وتتكرر في التاريخ بإستمرار مع اختلاف في بعض التفاصيل، فإن هذا كله لا يعني كل الحقيقة أو حتى أقل القليل منها .

وتأسيسًا على ما ترسخ في أذهان من انحصرت نظرتهم لترامب على جوانب مُعينة، فلا غرابة أن تقتصر نظرتهم لهذا الرئيس الأمريكي على الإعتقاد الخاطئ بأنه “سوبرمان زمانه وأوانه”، وهؤلاء لا يجدون غضاضة من أن يعتبروا بأن ترامب الذي تم الدفع به للبيت الأبيض تلبيةً لمتطلبات تقتضيها المرحلة، هو أول رئيس أمريكي يستطيع أن يفعل ما يشاء ومتى شاء بلا أي عائق ومانع واعتراض، وتنحصر نظرتهم للرجل عند هذا الحد فقط.

والأكثر غرابة من ذلك أن بدأ ترامب لهؤلاء الذين ينظرون إليه تلك النظرة القاصرة والمحدودة كذلك، وكأنه خارق للعادة ومُغاير لما هو مألوف ومعهود من أمريكا وديمقراطيتها الزائفة التي وصلت اليوم لأسوأ المراحل في تاريخها الأسود لأكثر من سبب يطول شرحه، ويخال لهم أن ترامب جاء بما لم يستطع أن يأتي به من سبقوه في الوصول إلى البيت الأبيض والتربع على كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .

وفي الحقيقة أن ما بناه أصحاب هذا الإعتقاد عن ترامب يُجافي أهم مضامين الحقيقة التي تُؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ترامب لا يعدو عن كونه رجل المرحلة العُتل الصفيق بالنسبة لأمريكا ولما تحتاجه هذه الدولة الشريرة المارقة التي أشغلت العالم، وقد جاء ترامب هذا ليؤدي دوره ومهمته المحددة والمطلوبة منه ثم يمضي لحال سبيله.

فضلاً عن أن حقيقة ظاهرة ترامب التي حجبت عن الكثيرين هي ذاتها من تشير صراحةً إلى أن ترامب هذا ينتمي لعالم البزنس والمال ويمثل طبقة الإقتصاد الرأسمالي الإستغلالي الجشع وخصوصياته البرجوازية والإحتكارية بكل مساوئه.

ووفقًا لنفس الحقيقة التي تستعصي على الحجب والتغييب، فإن ترامب كظاهرة أمريكية ميكيافيلية مرحلية لا يمكن في الواقع اعتباره استثناء ومن أكثر الرؤساء الأمريكيين صرامة وقدرة على اتخاذ القرار وبأنه يمتلك كل الصلاحيات التي تخوله وتعطيه حق التصرف ليفعل ما يريد، وتصور أنه يتصرف من تلقاء نفسه بحسب رؤية البعض الضيقة واعتقادهم الخاطئ بشأن الظاهرة الترامبية هذه.

والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي تم انتخابه عن الحزب الجمهوري وينتمي إلى طبقة رجال المال والأعمال، هو رجل أمريكا الذي يمثلها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وما يصدر عنه يعبر عنها في كل الأحوال، والأهم من ذلك أنه يُؤدي مهمة وظيفية محددة ومرحلية طُلبت منه أو كُلف به، وما كان له أن يتصرف من رأسه كما يتصور البعض.

وقد أستهل ترامب فترة رئاسته الثانية بسلسلة من التصريحات الصاخبة واصدار القرارات المُثيرة للجدل التي لاقت استهجانًا وانتقادات دولية واسعة، ومنها اعلانه اعتزام ضم الولايات المتحدة، كندا وجزيرة غيرلاند وخليج بنما وأجزاء من المكسيك إليها، ورفع الرسوم الجمركية على عدد من الدول، والتهديد بإستخدام القوة في بعض القضايا والأماكن في العالم، والدعوة إلى تهجير سكان غزة وتأجيرها للولايات المتحدة وتهديد سكانها بالجحيم إن رفضوا التهجير القسري .

ولم يكتف ترامب بذلك بل وجه الدعوة مُطالبًا دول عربية واسلامية بدفع مليارات الدولارات لأمريكا نظير حماية وخلافه.

حيث طالب السعودية التي وصفها في فترة رئاسته السابقة بـ”البقرة الحلوب” بدفع خمسة ترليون دولار مقابل حماية وعقود سلاح قال أنها سددت ترليون منها قبل زيارته المرتقبة لها قريبا، وطالب دولة الكويت بالتنازل لبلاده عن نصف ايرادات نفطها لمدة 50 عاماً كنفقات خسرتها أمريكا حسب زعمه في تسعينيات القرن الماضي عند تحرير الكويت من القوات العراقية، وردت عليه الكويت بسداد إلتزامتها المالية تلك في حينه.

كما طالب البحرين خلال لقاء جمعه بولي عهدها قبل أيام بدفع الأموال لأمريكا وقال إن امتلاك دولة كالبحرين مبلغ 750 مليار دولار كثيرُ عليها وعليها دفع نصف هذا المبلغ لواشنطن نظير حماية، وطالب مصر بدفع نصف إيرادات قناة السويس للولايات المتحدة، وهذه المطالب من قبل رئيس الولايات المتحدة لدول معينة اعتبره عدد من المحللين والمراقبين بأنها نوع من الإبتزاز الرخيص والإستغلال الفج الذي تلجأ إليه واشنطن عادة وكانت تطلب تلك المطالب في السابق سراً واليوم اعلنتها وطالبت بها جهاراً بلا تحرج ولا خجل .

وما كان ترامب الذي لا يمكن مقارنته بأطنابه من رؤساء وزعماء العالم الثالث الذين يختزلون دولهم وحكوماتهم وقوانينها في شخصياتهم، كون أمريكا دولة مؤسسات وترامب مجرد موظف له صلاحيات محددة لا يتجاوزها، فيما الأمر يختلف بالنسبة لزعماء وحكام العالم الثالث الذين يمسكون بأيديهم مقاليد الأمور ويعتبرون كل شيء في بلدانهم ومصدر كل شيء وفوق كل القوانين.

وترامب الذي يثير اليوم الجدل والإهتمام وتسلط عليه الأضواء، نظراً لتصريحاته الغريبة ومواقفه الأكثر عجبا وإثارة للجدل في قضايا عدة على مستوى العالم، يمثل ظاهرة خاصة بالولايات المتحدة ويعبر عنها، وبإختصار شديد يمكن القول اجمالاً : إن ترامب بصفاقته وجرأته وحدة وقاحته وصراحته هو الرجل الذي اسقط القناع عن وجه أمريكا القبيح وكشف بما يصدر عنه حقيقتها وهذا هو التعليل الأنسب والأصدق للظاهرة الترامبية وما يترتب عليها من آثار وتداعيات.

مقالات مشابهة

  • ترامب ظاهرة الرئيس الصفيق الذي كشف وجه أمريكا القبيح !
  • بتكوين تتفوق على الأسهم محققةً أكبر صعود أسبوعي منذ انتخاب ترامب
  • المحادثات النووية الإيرانية الأميركية في عُمان قد “تُمدّد إذا اقتضى الأمر”
  • أموال للبلديات لقاء التزكية.. ما حقيقة الأمر؟
  • ترمب يؤكد أنه تحدث مع الرئيس الصيني.. وبكين تعفي واردات أمريكية من الرسوم
  • تدهور صحة الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو بعد جراحة معقدة في الأمعاء
  • كوريا الجنوبية.. اتهام الرئيس السابق مون جيه-إن بتلقّي الرشوة
  • مهلة إعداد الدفاع تؤخر محاكمة البدراوي وكريمين
  • اعتقالات وإجراءات أمنية تواكب محاكمة زعيم المعارضة بتنزانيا
  • الرئيس عون: الانتخابات البلدية ستحصل بكل الجنوب في 24 أيار