أفريقيا والقوى العظمى: انقلابات وطرائف سوريالية
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
في وسع امرئ أن يبدأ من إحصائيات بسيطة، لكنّ دلالاتها وافرة ومتعددة الجوانب: القمة الروسية – الأفريقية التي احتضنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بطرسبورغ مؤخراً، اجتذبت 21 رئيساً أفريقياً، مقابل 45 في قمةّ مماثلة انعقدت سنة 2019؛ وفي المقابل، نجح الرئيس الأمريكي جو بايدن في جمع 50 من ضيوفه الأفارقة، خلال قمة التأمت أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
في جانب آخر، لم يكن من دون مغزى خاصّ أنّ قمة موسكو لم تكد تختتم جلساتها حتى هبّ جنرالات النيجر وأطاحوا برئاسة المدني المنتخب محمد بازوم، وسجلوا بذلك الانقلاب السابع في القارة خلال أقلّ من 3 سنوات؛ فحذوا في النهج الانقلابي حذو رفاقهم في السلاح، جنرالات مالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد والسودان؛ وكانوا على نحو أو آخر يقتفون أثر الرئيس التونسي قيس سعيّد، أستاذ القانون الذي بزّ غالبية العسكر الانقلابيين في القارّة.
طريف، في مغزى ثالث، أنّ المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الـ»إيكواس») سارعت إلى إطلاق وساطة بين رئيس البلاد والمجلس العسكري الانقلابي في النيجر، ولكن اختيارها وقع على محمد إدريس ديبي، الرئيس الانتقالي التشادي الذي كان هو نفسه قد انتزع السلطة عبر انقلاب؛ ولم يكن عجيباً بالطبع، بقدر ما كان سوريالياً، أن يدعو الانقلابي إلى… إعادة الحياة الديمقراطية والدستورية في النيجر!
طرفة أخرى، لا تغيب عنها خلائط سوريالية من طراز هو الأشدّ ابتذالاً في علاقات القوى العظمى بالقارة الأفريقية، تمثلت في أنّ يفغيني بريغوجين، قائد ميليشيات «فاغنرّ»، كان أحد نجوم قمة بطرسبورغ الروسية – الأفريقية؛ في غمرة تهليل وترحيب من جانب بعض انقلابيي القارّة، ممّن يتطلعون إلى خدمات مرتزقته، طال الزمان أم قصر. وهكذا لم يفوّت بريغوجين فرصة مديح جنرالات النيجر الانقلابيين، وفي الآن ذاته الإعراب عن مزيد من مظاهر الولاء لعرّابه سيّد الكرملين، وكأنه لم يكن الآمر بالزحف نحو موسكو قبل أسابيع معدودات.
أمّا التواجد الأمريكي في القارّة، العسكري منه على وجه التحديد، فإنه بدأ ويتواصل كإرث مستدام لشراكة واشنطن مع الحلف الأطلسي في تشكيل القيادة الأمريكية الأوروبية، أو الـEUCOM؛ وشقيقتها القيادة الأمريكية الأفريقية، أو الـAFRICOMP ولا يغيب هنا المعنى الخاصّ خلف اختيار مدينة شتوتغارت الألمانية مقرّاً لرئاسة أركان هذه القيادة الأخيرة، بالنظر إلى اعتذار 54 دولة أفريقية عن استقبالها، فالتنافس بين القوى العظمى محتدم على قدم وساق! ولا عجب أن تجلي فرنسا رعاياها من النيجر، ولا ترى واشنطن أيّ سبب للقيام بالإجراء ذاته، متكئة على قاعدة عسكرية للطائرات المسيّرة، وإلى عديد من 1000 جندي أمريكي، واطمئنان إلى واردات الأورانيوم من النيجر.
وقد يصحّ هنا استذكار مواقف الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر إزاء مفهوم أفريقيا، والتي انطوت على إدراك إشكاليات الموقع والانتماء، وظلت تتأرجح بين القطب الآسيوي (ثم العربي والإسلامي، استطراداً) الذي انخرطت فيه مصر والناصرية؛ والقطب الأفريقي، الذي اكتشفه ابن النيل وربيب الفلاحين والغيطان. المفارقة أنه لا العرب ولا الأفارقة كانوا أوّل مَنْ أدرك طبيعة الترابط الجدلي والوثيق بين الشرق الأوسط وأفريقيا، بل كانت القوى الإمبريالية الأوروبية هي السبّاقة إلى ذلك الإدراك الحاسم؛ فاشتغلت على توظيف دينامياته المختلفة، ولم تجد مشكلة في المزاوجة بين الانقلابات و… الطرائف السوريالية!
(عن صحيفة القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير القمة الروسية النيجر النيجر القمة الروسية مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تأجيل حسم التأهل.. منتخب السودان يسقط أمام النيجر برباعية في تصفيات أمم إفريقيا
حقق منتخب النيجر فوزا كبيرا على ضيفه منتخب السودان برباعية نظيفة، في المباراة التي جمعتهما مساء اليوم الخميس، على ملعب كيجي، في إطار الجولة الخامسة للمجموعة السادسة بالتصفيات المؤهلة لكاس الأمم الإفريقية 2025 في المغرب.
سجل رباعية النيجر كل من: بوريمة كاتاكور، في الدقيقة السادسة ويوسف عومارو، في الدقيقة 29 ودانييل سوساح، في الدقيقة 45 من ركلة جزاء واوسيني باداماسي، في الدقيقة 51.
الفوز رفع رصيد منتخب النيجر إلى 4 نقاط في المركز الثالث، بينما تجمد رصيد منتخب السودان عند 7 نقاط في المركز الثاني.
وفي مباراة أخرى، أقيمت في نفس التوقيت، وفي إطار نفس الجولة للمجموعة الرابعة، حقق منتخب ليبيا الفوز على مضيفه منتخب رواندا بهدف نظيف سجله اللاعب عز الدين المريمي، في الدقيقة 84.
ورفع منتخب ليبيا رصيده إلى 4 نقاط في المركز الأخير، بينما تجمد رصيد منتخب رواندا عند 5 نقاط في المركز الثالث.