عربي21:
2025-02-08@15:34:44 GMT

أفريقيا والقوى العظمى: انقلابات وطرائف سوريالية

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

في وسع امرئ أن يبدأ من إحصائيات بسيطة، لكنّ دلالاتها وافرة ومتعددة الجوانب: القمة الروسية – الأفريقية التي احتضنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بطرسبورغ مؤخراً، اجتذبت 21 رئيساً أفريقياً، مقابل 45 في قمةّ مماثلة انعقدت سنة 2019؛ وفي المقابل، نجح الرئيس الأمريكي جو بايدن في جمع 50 من ضيوفه الأفارقة، خلال قمة التأمت أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

هذه خارطة تعكس تقاسم النفوذ الراهن بين واشنطن وموسكو، على أصعدة سياسية واقتصادية واستثمارية وعسكرية وأمنية؛ تغيب عنها حصص فرنسا، ذات الماضي الكولونيالي العريق في القارّة، وصاحبة العدد الأكبر من أشكال التدخّل في شؤون البلدان الأفريقية. كذلك تتوارى أنساق النفوذ الصيني، وإنْ كانت تحضر فعلياً على الأرض وفي قلب المنافسات الاستثمارية الضارية، رغم الغياب الشكلي عن الحصص الظاهرة على الخارطة.

في جانب آخر، لم يكن من دون مغزى خاصّ أنّ قمة موسكو لم تكد تختتم جلساتها حتى هبّ جنرالات النيجر وأطاحوا برئاسة المدني المنتخب محمد بازوم، وسجلوا بذلك الانقلاب السابع في القارة خلال أقلّ من 3 سنوات؛ فحذوا في النهج الانقلابي حذو رفاقهم في السلاح، جنرالات مالي وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد والسودان؛ وكانوا على نحو أو آخر يقتفون أثر الرئيس التونسي قيس سعيّد، أستاذ القانون الذي بزّ غالبية العسكر الانقلابيين في القارّة.

طريف، في مغزى ثالث، أنّ المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الـ»إيكواس») سارعت إلى إطلاق وساطة بين رئيس البلاد والمجلس العسكري الانقلابي في النيجر، ولكن اختيارها وقع على محمد إدريس ديبي، الرئيس الانتقالي التشادي الذي كان هو نفسه قد انتزع السلطة عبر انقلاب؛ ولم يكن عجيباً بالطبع، بقدر ما كان سوريالياً، أن يدعو الانقلابي إلى… إعادة الحياة الديمقراطية والدستورية في النيجر!

طرفة أخرى، لا تغيب عنها خلائط سوريالية من طراز هو الأشدّ ابتذالاً في علاقات القوى العظمى بالقارة الأفريقية، تمثلت في أنّ يفغيني بريغوجين، قائد ميليشيات «فاغنرّ»، كان أحد نجوم قمة بطرسبورغ الروسية – الأفريقية؛ في غمرة تهليل وترحيب من جانب بعض انقلابيي القارّة، ممّن يتطلعون إلى خدمات مرتزقته، طال الزمان أم قصر. وهكذا لم يفوّت بريغوجين فرصة مديح جنرالات النيجر الانقلابيين، وفي الآن ذاته الإعراب عن مزيد من مظاهر الولاء لعرّابه سيّد الكرملين، وكأنه لم يكن الآمر بالزحف نحو موسكو قبل أسابيع معدودات.

أمّا التواجد الأمريكي في القارّة، العسكري منه على وجه التحديد، فإنه بدأ ويتواصل كإرث مستدام لشراكة واشنطن مع الحلف الأطلسي في تشكيل القيادة الأمريكية الأوروبية، أو الـEUCOM؛ وشقيقتها القيادة الأمريكية الأفريقية، أو الـAFRICOMP ولا يغيب هنا المعنى الخاصّ خلف اختيار مدينة شتوتغارت الألمانية مقرّاً لرئاسة أركان هذه القيادة الأخيرة، بالنظر إلى اعتذار 54 دولة أفريقية عن استقبالها، فالتنافس بين القوى العظمى محتدم على قدم وساق! ولا عجب أن تجلي فرنسا رعاياها من النيجر، ولا ترى واشنطن أيّ سبب للقيام بالإجراء ذاته، متكئة على قاعدة عسكرية للطائرات المسيّرة، وإلى عديد من 1000 جندي أمريكي، واطمئنان إلى واردات الأورانيوم من النيجر.

وقد يصحّ هنا استذكار مواقف الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر إزاء مفهوم أفريقيا، والتي انطوت على إدراك إشكاليات الموقع والانتماء، وظلت تتأرجح بين القطب الآسيوي (ثم العربي والإسلامي، استطراداً) الذي انخرطت فيه مصر والناصرية؛ والقطب الأفريقي، الذي اكتشفه ابن النيل وربيب الفلاحين والغيطان. المفارقة أنه لا العرب ولا الأفارقة كانوا أوّل مَنْ أدرك طبيعة الترابط الجدلي والوثيق بين الشرق الأوسط وأفريقيا، بل كانت القوى الإمبريالية الأوروبية هي السبّاقة إلى ذلك الإدراك الحاسم؛ فاشتغلت على توظيف دينامياته المختلفة، ولم تجد مشكلة في المزاوجة بين الانقلابات و… الطرائف السوريالية!

(عن صحيفة القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير القمة الروسية النيجر النيجر القمة الروسية مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مجسم كأس العالم للأندية يصل للأراضي الأفريقية

حطّ مجسم الكأس الجديد لبطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم رحاله في القارة الأفريقية، كجزء من الاستعدادات للحدث المرتقب المقرر إقامته في الولايات المتحدة الصيف القادم.

ويأتي ذلك قبل أشهر قليلة من استعداد أندية القارة السمراء لمواجهة نخبة الأندية العالمية في مونديال الأندية، الذي يقام بمشاركة 32 فريقا لأول مرة.

ويشارك في البطولة، التي من المقرر أن تقام في الفترة من 14 يونيو إلى 13 يوليو 2025، أربعة فرق أفريقية هي الأهلي المصري والترجي التونسي والوداد البيضاوي المغربي وماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي.

واستضاف صن داونز، بطل دوري أبطال فريقيا عام 2016، المحطة الأولى للكأس في القارة، أمس الخميس، حيث كان في استقباله رئيس النادي، تلوبي موتسيبي، إلى جانب الجهاز الفني وكامل الفريق.

وقال رئيس نادي ماميلودي صن داونز في تصريحات، أوردها الموقع الألكتروني الرسمي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم الجمعة "هناك مقولة بلغة الزولو تقول إن يدًا واحدة تغسل الأخرى".

وأضاف موتسيبي: "كما أن هذه الكأس ستلهم العديد من الجنوب إفريقيين والأفارقة لما تحمله من مكانة مرموقة وتاريخ حافل بأسماء عظيمة، فإننا سنحرص أيضًا على أن تستمر في رحلتها بروح أفريقيا".

وستشهد هذه النسخة من البطولة الظهور الثاني لماميلودي صن داونز في كأس العالم للأندية، بعد مشاركته الأولى قبل 9 أعوام في اليابان.

وأوقعت القرعة النادي الملقب بـ"البرازيليين" في المجموعة السادسة إلى جانب العملاق الألماني بوروسيا دورتموند، وفلومينينسي البرازيلي، وأولسان هيونداي الكوري الجنوبي.

ومن المقرر أن يواصل مجسم كأس العالم للأندية جولته الأفريقية، ومحطته التالية هي العاصمة المصرية القاهرة، يوم الاثنين القادم، قبل أن ينتقل إلى تونس والمغرب، حيث سيحظى باستقبال من ناديي الترجي التونسي والوداد البيضاوي، على الترتيب.

مقالات مشابهة

  • وجدة/الحسيمة/العيون…ملاعب مرشحة لإستضافة أسود الأطلس ضد النيجر وتانزانيا
  • الشهيد الصماد.. الرئيس الذي بقيت مسيرته نبراساً للأمة
  • الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان تدين تصريحات ترمب بشأن تهجير سكان غزة
  • الدول الأفريقية الأكثر استهلاكا للنفط في العام 2025 (إنفوغراف)
  • مجسم كأس العالم للأندية يصل للأراضي الأفريقية
  • «أسوشيتد برس»: كيف يعكس تعهد «الرئيس الأمريكى» بمعاقبة جنوب أفريقيا انتقادات «ماسك» لوطنه؟
  • مقتل 10 من جنود النيجر في كمين قرب حدود بوركينا فاسو
  • النيجر تطرد الصليب الأحمر وتغلق مكاتبه
  • وفد رفيع المستوى من سونلغاز في النيجر 
  • الرئيس الصماد .. القائد الذي حمى وبنى واستشهد شامخا