هوكشتاين في تل أبيب وبيروت.. التزام بالقواعد ولا حرب مفتوحة
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
يسجل المراقبون في الأونة الأخيرة تفوقاً واضحاً لحزب الله على إسرائيل في الميدان القتالي، بالمقارنة مع الأشهر الأولى التي برز فيها تفوق إسرائيلي تقني واضح أدى إلى استشهاد عدد كبير من عناصر حزب الله وقيادات عسكرية فيه ومدنيين ، وإلى صعوبات وتعقيدات ميدانية واجهت الحزب. في هذه المرحلة تبدو المنظومة الدفاعية الإسرائيلية وكأنها عديمة الفعالية أمام مسيّرات الحزب وصواريخه التي استهدفت معظم المواقع والثكنات العسكرية الإسرائيلية بعمق 20 كلم.
في تقييم الكثير من الخبراء بمن فيهم الخبراء الإسرائيليون، فإن أهداف حزب الله في الاشغال والاستنزاف قد نجحت تماماً، وأضاف إليها الحزب في الأسبوعين الأخيرين سياسة تدمير ممنهج للمستوطنات رداً على ما يقوم به الإسرائيلي تجاه القرى والبلدات اللبنانية. وتحدث الإعلام الاسرائيلي عن تمديد إقامة سكان الحدود مع لبنان في الفنادق لمدة سنة. ورأى اللواء المتقاعد في جيش الاحتلال يسرائيل زيف أن الحرب تنتقل الآن لأخطر مراحلها والكيان الإسرائيلي ينزلق ببطء نحو فقد المبادرة وحرب استنزاف.
يصح القول من زاوية تطور الموقف العسكري والتصعيد الميداني أن سياسة الإستنزاف للإسرائيلي بلغت ذروتها، وهذا ما يثير القلق في الأوساط الأميركية والأوروبية من أن تتدحرج الأمور نحو الحرب المفتوحة، إذ أنه للمرة الأولى، لا يقتصر الأمر على إطلاق إسرائيل التهديدات، بل تم تجاوزه، حيث وضع مجلس الحرب الإسرائيلي المصغر خيار الحرب على جبهة الشمال بنداً على جدول أعماله، وهذا يعتبر مؤشراً خطيراً للدلالة على تفاقم الأوضاع.
لقد كان لافتاً تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عندما قال بأن إيقاف حزب الله لحربه في الشمال لم يعد وارداً ما لم تقف الحرب على غزة، كما أن تشكيل لجنة ثلاثية أميركية – فرنسية – إسرائيلية لدرس فرص احتواء الوضع في الجنوب يعتبر أيضاً مؤشراً ذا دلالة. وضمن هذا السياق تأتي زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى تل أبيب اليوم وبيروت غداً، وهي مخالفة بتوقيتها لموقف سابق أعلنه وربط به عودته إلى المنطقة بتوقف الحرب في غزة. والسؤال الذي يطرح لهم خلفية هذه الزيارة، هل هي ترتبط بالتمهيد لوقف إطلاق النار في غزة وهذا أمر مستبعد، أم أنه يحمل عرضاً جديداً لحزب الله؟
في زيارته السابقة لبيروت، لم يعط هوكشتاين جواباً إيجابياً لرئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن التزام إسرائيل في إطار الصفقة التي كان يتم التداول بتفاصيلها حول امتناع الطيران الإسرائيلي من خرق السيادة اللبنانية. وفي هذه الزيارة تنقل بعض الأوساط المطلعة أن هوكشتاين ربما يحمل عرضاً يتصل بهذه النقطة تحديداً وأن الإدارة الأميركية تحتاج بصورة حثيثة، لأسباب انتخابية، إلى احتواء الوضع الجنوبي وعدم تدحرجه إلى مواجهة شاملة قد تأخد أبعاداً إقليمية خطيرة.
حتى لو صحت هذه المعلومات، فإن هذا العرض لا يمكن أن يشكل، بحسب مصدر سياسي، بديلاً عن شرط حزب الله بضرورة إيقاف الحرب على غزة على الرغم من أن ذلك لا يقلل من قيمة طرح هوكشتاين في حال صحته وربطه بالحل السياسي لليوم التالي لما بعد الحرب. لذلك من المرجح أن يعود هوكشتاين إلى واشنطن خالي الوفاض أو ربما أعاد التفاهم مع كل المعنيين على ضرورة أن تبقى المواجهة في إطارها القائم حالياً مع التزام الجميع بعدم الإنزلاق إلى الحرب المفتوحة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل وخيار القوة
لم تحمل عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أية مفاجأة، إذ إن هذا الخيار كان مقروءاً، في الأيام الأخيرة، أو حتى شبه معلن كبديل عن مسار التفاوض، بعدما فشل في تحقيق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية، وإن بقي السؤال معلقاً حول إمكانية نجاحه من عدمه.
كان الاستعداد والحديث العلني في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن خطط التصعيد التدريجي لعودة الحرب واضحاً وضوح الشمس، خلال الأيام الأخيرة، وقد بدأت ترجمته بالفعل على الأرض، بالتزامن مع تهديدات المبعوث الأمريكي ويتكوف، بعد فشل مقترحه في الجولة الأخيرة من مفاوضات هدنة غزة. وها هي «أبواب الجحيم» قد فتحت بالفعل بضوء أخضر أمريكي، من دون الحاجة إلى تأكيد البيت الأبيض على وجود مشاورات أو تنسيق مسبق مع تل أبيب. لكن أبواب الجحيم هذه التي استهدفت خيام النازحين المقامة فوق ركام منازلهم، وقتلت المئات من المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، كانت مفتوحة على مدار 15 شهراً ولم تحقق أهداف الحرب، بينما أثبت مسار التفاوض أنه وحده القادر على إطلاق سراح رهائن.خيار القوة كان حاضراً منذ اللحظة الأولى لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن في كل مرة كان نتانياهو يحاول إفشال الاتفاق، كان يصطدم بالجانب الأمريكي الساعي للإفراج عن المزيد من الرهائن. وفي أول فرصة متاحة انقلب نتانياهو على الاتفاق، عندما رفض الانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية، أو حتى استكمال تنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى، والالتزام بتنفيذ البروتوكول الإنساني بإدخال الخيام والبيوت المتنقلة «الكرفانات» والمعدات الثقيلة، والإمدادات الطبية وغيرها. وها هو اليوم ينقلب مجدداً على الاتفاق، ليس من أجل إعادة الرهائن، كما يدعي هو وأركان حربه، إذ إن بعضهم بدأ يتساقط تحت وطأة الضربات الإسرائيلية، وإنما للهروب من أزماته الداخلية المتفاقمة، حتى ولو على حساب التضحية بالرهائن الذين لم يكترث يوماً بحياتهم، مقابل تثبيت ائتلافه الحاكم وبقائه في السلطة.
هذه الأزمات الداخلية الناجمة أساساً عن قضايا الفساد التي يحاكم بشأنها، لطالما كانت تغذي دوافعه لعدم إنهاء الحرب، ومواجهة مصيره المحتوم. والآن تأتي قضية إقالة رئيس جهاز «الشاباك» على خلفية تحقيقات يجريها مع مقربين من نتانياهو في هجوم 7 أكتوبر، لتضيف عبئاً ثقيلاً على كاهله، لجهة التداعيات القانونية والقضائية والمجتمعية، والتي من شأنها تعميق الانقسام الداخلي وأخذ الإسرائيليين إلى حافة الحرب الأهلية، وفقاً للمحللين. وبالتالي فإن الحرب هي المخرج لكل هذه الأزمات، خصوصاً أنها تتزامن مع منطق القوة الذي تستخدمه إدارة ترامب في كثير من مناطق العالم، في تناقض صريح مع ما وعدت به هذه الإدارة بشأن إخماد الحروب والصراعات.
لكن يبقى السؤال هل يستطيع نتانياهو تحقيق ما لم يستطع تحقيقه طوال الأشهر السابقة، أم أنه سيواجه الفشل مجدداً ويخسر كل أوراقه، هذه المرة، على الرغم من ويلات الحرب؟