إذا كان المطلوب إجراء انتخابات رئاسية ديمقراطية ووفق آلية دستورية لا غبار عليها؛ وإذا كانت نتيجة أي حوار محتمل معروفة سلفًا؛ وإذا كان القاسم المشترك المضمر بين كل القوى السياسية تبادل الاتهامات بتعطيل الاستحقاق الرئاسي؛ وإذا كان الجميع، ومن دون استثناء، يعلمون علم اليقين أن لا أحد لوحده قادر على فرض مرشحه سواء بقوة التصويت أو بقوة "الأمر الواقع"؛ وما دام لهذا الاستحقاق أكثر من وجه محلي وخارجي؛ وبما أن المرشحين الوحيدين لم يستطع من يدعمهما من قوى سياسية، "ممانعة" كانت أم "معارضة"، إيصالهما إلى عتبة القصر الجمهوري في بعبدا؛ ولأن وضع البلد قد أصبح على وشك إعلان إفلاسه السياسي والاقتصادي، ولأن أحوال الناس الآخذة في التدهور يومًا بعد يوم لم تعد تسمح لهم بكثير من التفاؤل حتى بنسب متدنية؛ ولأن التصعيد الإسرائيلي في الجنوب بدأ يقترب شيئًا فشيئًا من الحال الهستيرية؛ ولأنه من غير المنطقي أن يبقى الفراغ متربعًا على الكرسي الرئاسي إلى ما لا نهاية؛ ولأن لبنان السياسي مهدّد بالزوال التدريجي؛ ولأن فكرة "الطلاق بالحسنى" بدأت تدغدغ مشاعر كثيرين؛
ولأن ما هو آتٍ أعظم وأدهى لم يعد من الجائز أن تُطوى سنة جديدة من عمر الوطن (14 حزيران 2023- 14 حزيران 2024)، وهي السنة التي لم يتم فيها دعوة نواب الأمة إلى أي جلسة من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، فإن المطلوب اليوم هو أكثر مما كان مطلوبًا بالأمس وقبل الأمس.
ولأن المطلوب من القوى المسيحية ما هو مطلوب من الآخرين، ولو بنسب متفاوتة، فإن التنازلات المتساوية من قِبل الجميع باتت أكثر من ملحّة، إذ من دون هذه التنازلات سيبقى الوضع يراوح مكانه، وقد يأتي اليوم، الذي لن يرى فيه اللبنانيون رئيسًا لجمهوريتهم. وقد تصبح نبوءات البعض عن أن الرئيس ميشال عون هو آخر رئيس ماروني للبنان التعدّدي واقعًا مفروضًا بقوة الأمر الواقع.
فهذه التنازلات المطلوبة اليوم يعتبرها البعض شكلية فيما يؤكد آخرون أنها جوهرية. فـ "التيار الوطني الحر" لا يرى ضيرًا في أن تذهب "القوات اللبنانية" ومعها سائر القوى المعارضة إلى حوار سيدعو إليه الرئيس نبيه بري ويترأس جلساته. أمّا "القوات" فترى في ما يرّوج له النائب باسيل تسخيفًا لأهمية عدم السماح بتكريس الحوار قبل أي استحقاق انتخابي، رئاسيًا كان أم غير رئاسي، كعرف قد يصبح التنصّل منه صعبًا، إن لم يكن مستحيلًا.
وتقول أوساط "قواتية" إن ما تُطَالب به "معراب" لجهة التنازل عن رفضها الذهاب إلى "حوار الإذعان" هو كمن يُطَالب بأن يتخّلى عن بيته عندما تشتدّ العواصف، إذ كان حري به أن يحصّن دعائمه لكي لا يتعرّض للسقوط عند هبوب أول عاصفة.
وتضيف هذه الأوساط أنه بدلًا من أن يطالب البعض، وعلى رأسهم باسيل، "القوات اللبنانية" بالتساهل والتجاوب مع دعوة الرئيس بري، أن يعمل على اقناعه بالدعوة إلى جلسة انتخابية مفتوحة مع ضمان عدم اقفال محضر الجلسة الأولى وبقاء جميع النواب، وبالأخص أعضاء كتلة "التنمية والتحرير"، داخل القاعة العامة للمجلس، على أن يتخلل كل دورة انتخابية جلسات تشاورية غير رسمية بين الكتل النيابية للتوصّل إلى انتخاب رئيس لا يموت معه "غنم المعارضة"، ولا يفنى كذلك "ذئب الممانعة"، أو العكس بالعكس. وهكذا يُحتَرم الدستور، ولا يُسجّل بالتالي أي تكريس لعرف قد يصبح أقوى من الدستور. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
وثيقة ترامب للبنان: المطلوب من لبنان العيش بسلام مع جيرانه
نقلت "نداء الوطن" عن أوساط أميركية متابعة داخل فريق الرئيط المنتخب دونالد ترامب على وثيقة تتضمّن ما ستكون عليه استراتيجيّته الشاملة بالنسبة إلى الشرق الأوسط، بما فيه لبنان، وتدخل الوثيقة في تفاصيل كل ملفّ، وعند تسلّم السلطة رسمياً في العشرين من كانون الثاني المقبل، فإنّ الوثيقة تدخل مباشرةً حيّز التنفيذ.
في "وثيقة ترامب" تفصيل لِما يريده وما يسعى إلى تنفيذه:
- يريد السلام والازدهار، والشراكة بين المكوّنات اللبنانية.
- العيش بسلام مع جيران لبنان.
- في شأن الحرب الحالية و "حزب اللّه"، الحلّ يجب أن يكون دائماً وطويل الأمد.
- القرار 1701 لم يعد ينفع كما هو، وقد تجاوزته الأحداث.
- الواقع يقتضي التفكير بآلية تطبيق مختلفة ومتطوّرة بحسب ما آلت إليه الأوضاع، تفرض نزع كل أسلحة "حزب اللّه"، ومنع أي تهديد يمكن أن تتعرّض له إسرائيل.
- أثبتت التجارب أنّ الجيش اللبناني
و "اليونيفيل" غير قادرَين على منع تسليح "حزب اللّه".
في مسألة التحرّكات الفرنسية في لبنان خصوصاً والمنطقة عموماً، يعتقد فريق ترامب أنها غير سليمة ولا تستجيب للتحدّيات. كذلك نفى فريق ترامب وجود أي تنسيق مع إدارة الرئيس جو بايدن، كما أكّد بصورة جازمة أنّ إدارة ترامب غير موافقة على مهمة مبعوث الرئيس بايدن، آموس هوكستين.
بالنسبة إلى فلسطين، هناك وعي لدى فريق ترامب بضرورة إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية، ولكن لم يُحسم بعد موضوع "حلّ الدولتين".
في السياسة الخارجية، لن يكون هناك تمايز أو تخبّط، ففريق العمل الذي سيتولّى السياسة الخارجية، من مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية ووزير الدفاع والموفدين الخاصين، سيعمل وفق توجيهات الرئيس ترامب وهو يدين له بالولاء التام.
في موضوع إيران، يعتبر ترامب وفريقه الذي سيمسك بالملفّ، أن إيران مشكلة أساسية وعنصر عدم استقرار، وعلى المسؤولين الإيرانيين اتّخاذ قرار من اثنين: إما المواجهة مع أميركا أو الوصول إلى توافق معها. وإذا تعذّر التوافق، فسيعيد ترامب فرض عقوبات أشدّ، ولن يتردّد بدعم إسرائيل إذا قرّرت توجيه ضربة عسكرية ضد منشآت إيرانية. ترامب مقتنع بأن البرنامج النووي الإيراني خطير، وبخطورة أذرع إيران العسكرية في المنطقة، وسيأخذ على عاتقه مواجهة هذين الملفين. وبالنسبة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وإسرائيل سيبقى الدعم مستمراً.
عربياً، أكد المسؤولون في فريق ترامب على العلاقة الاستراتيجية مع السعودية ووصفوا علاقة الرئيس ترامب بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأنها ممتازة. وأن الرئيس الأميركي العتيد يضع نصب عينيه إحلال السلام في الشرق الأوسط وإنهاء الحروب وتعميم تجربة "اتفاقيات أبراهام".
هذه الوثيقة تحسم الجدل حول ما واكب فوز ترامب من نشر أوراق لم يتوانَ ناشروها عن القول إنها "وثيقة ترامب"، والوثيقة التي اطّلعت عليها "نداء الوطن" يجزم أصحابها بأنها الوثيقة الأصلية والرسمية لخطة ترامب.
تأتي هذه الوثيقة غداة إعلان فوز ترامب، وبعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدها الرئيس ترامب مع فريق عمله الذي يضمّ بعض الشخصيات الأميركية من أصل لبناني والتي تعرف جيداً الملف اللبناني خصوصاً أنها واكبته منذ ولاية ترامب الأولى.
ويجزم دبلوماسيون مطلعون على الملف اللبناني بأن الرئيس ترامب عازم بجدية على الانتهاء من الملف اللبناني بسرعة، لأنه في اعتقاده أن السلام الذي يتحدث عنه هو مفتاح السلام في المنطقة.
وتتفاءل مصادر دبلوماسية في ما يطرحه ترامب لأنه في اعتقادها لم تعد المنطقة تتحمّل الحروب خصوصاً أن الحرب الراهنة التي ربما تكون الأخيرة، هي من أقسى الحروب وأصعبها وهي الحرب التي قد تشهد النهاية العسكرية لـ "حزب اللّه" الذي ربما لن تكون لديه "ذراع عسكرية" بعد هذه الحرب، والأمر عينه ينطبق على حركة "حماس" التي فقدت الجزء الكبير من قدرتها العسكرية.
وتختم المصادر: ما بعد وصول ترامب ليس كما قبله، ومسار التطوّرات يُظهر أن الرئيس العائد إلى البيت الأبيض يريد أن ينجز ملف لبنان وغزة قبل الانصراف إلى سائر الملفات في العالم ومن بينها الحرب الروسية الأوكرانية والملف الاقتصادي مع الصين.
أبرز ما جاء في وثيقة ترامب للبنان:
-العيش بسلام مع جيرانه
-القرار 1701 تجاوزته الأحداث
-ترامب غير موافق على مهمة هوكستين
-دعم إسرائيل إذا قرّرت توجيه ضربة عسكرية للمنشآت الإيرانية