بغداد اليوم -  

إن دیـننا الحنیف یـؤكـد عـلى مـشاركـة المسؤولـیة في مـسارات الإصـلاح والأمر بـالمعروف والنھـي عـن المنكر.. "فـكلكم راع وكلكم مسؤول عـن رعـیته"..

وفـي ظـل الـتطورات الـتي تشھـدھـا سـاحـتنا المحـلیة ومـنطقتنا الـعربـیة والإسلامیة.. نود الإشارة إلى عدة أمور أبرزھا المجالات التالية:

المجال السیاسي:

مـا زلـنا نـدعـو إلـى ضـرورة حـسم مـنصب رئـاسـة مجـلس الـنواب.

. وأن لا یـبقى ھـذا الموقـع الـمھم شـاغـرا نـتیجة الاختلافات السـیاسـیة بـین الجھات المعنیة في الترشـیح ..

 لقد كنا واضحین وحریصین منذ البدایـة عـلى أن یـتم حسم ھـذا المنصب بالتوافق بين إخـوتـنا وشركائـنا في العمل السـیاسـي مـن دون الـدخـول فـي جـولات التنافس داخل مجلس النواب.

إن مـضي أكـثر مـن سـبعة أشھـر عـلى شـغور ھـذا الـمنصب لا یخـدم الـعملیة الـدیـمقراطـیة ولا قـواعـد الاسـتقرار السـیاسـي الـذي نـدعـو إلـى ضـرورة الـحفاظ عـلیها مـن أجـل الاسـتمرار فـي تـقدم عجـلة الـبناء والـتطویـر فـي بـلدنا الحبیب.

وھـنا أدعـو جـمیع الـقوى السـیاسـیة إلـى حـسم ھـذا الاسـتحقاق الـوطـني وفـق الآلـیات الـدسـتوریـة والشـراكـة الـوطـنیة مـن دون تـعطیل .. وأن لایـكون سـببا لـلصراع والـخلاف بـین أبـناء الـمكون الـواحـد .. فـقوتـنا تـكمن فـي وحـدتـنا .. ولا وحدة من دون تنازل وإیثار.

لـقد واجھـتنا مـصاعـب ومـعوقـات كـبیرة فـي الـعمل السـیاسـي طـیلة الـسنوات الـماضـیة اسـتطعنا تجاوزها بـفضل ﷲ وحـكمة العراقیین .. بل وأصبحت تجارب وقواعد حیة یسُتفاد منھا في المواقف السیاسیة المشابھة.

إن الـوعـي والتجـربـة السـیاسـیة الـتي وصـلنا إلـیھا الـیوم تـحتم عـلینا عـدم الرجـوع إلى مربـعات الـخلاف والـتناحـر المفتعل لأغراض سیاسیة آنیة ومؤقتة.. 

وهنا أدعو لتكون التظاهرات المطلبية والاعتراضات السياسية بطريقة سلمية و وفق السياقات الدستورية والقانونية وتجنب التحريض الشعبي والتأليب الجماهيري في مدننا الآمنة والمستقرة، وإنـنا نراھن على وعي شعبنا وشبابنا في عدم الانجرار إلى دعوات التصعيد بالطرق غیر السلمیة.

یـجب أن نـشارك جـمیعا فـي زیـادة مـعدلات الاعـمار والـتطور وأن لانـنشغل عـن إسـتراتـیجیة الاسـتقرار الـدائـم للبلد، وأي ھدر للوقت سیكون على حساب الفرص التي یجب أن نستثمرھا لتحقيق التقدم والازدھار.  

إن بناء الأسـرة العراقـیة والـحفاظ عـلیھا تعد من أولى الأولویـات الماثـلة أمامـنا.. 

قال تعالى: "یَـا أیَـھَا الَّذِیـنَ آمَـنُوا قـُوا أنْفسَكُمْ وَأھْـلیِكُمْ نَـارًا وَقـُودُھَـا الـناسُ وَالْحِجَارَةُ "..

 ولـقد أشـار الـدسـتور الـعراقـي فـي الـمادة ٢٩/أولا ما نصه " الأسرة أساس المجتمع وتحافظ الدولة على كیانھا وقیمھا الدینیة والأخلاقیة والوطنیة".

وإننا الیوم وفي ظـل الإحصائـیات الـتي تـتكلم عـن التحـدیـات والـمخاطـر الكبيرة الـتي تـحیط بـالأسـرة الـعراقـیة مـن حـیث زیـادة معدلات الـعنف الأسـري.. وانـتشار ظـواھـر الانحـراف.. وضـعف الـرقـابـة الأمـنیة والـتربـویـة عـلى مـنصات الانحلال والمحتوى الهابط .. وغـیرھـا من الأدوات والأسالـیب التي تعمل عـلى خطف شبابـنا واستھداف قیم أسرنا العراقیة الأصیلة وثوابتها.

بالأمـس كـنا نحارب الإرھـاب بصنوفـه وصوره وأشـكالـه كـافـة .. ومـا زلـنا نحارب الـتطرف والـفساد وكـل مـا یھـدد أمـن بـلادنـا وسـیادتـه .. أمـا الـیوم فـإن حربنا ھـي حـرب فـكریـة قيمية بـامـتیاز.. وھي من أخطر الحروب وأشـدھـا ضراوة عـلى الأمـم.. ولا بُـدَّ من أن نسـتعد لـھا بید واحدة .. حكومـةً وشـعبًا .. مؤسـسات وعـشائـر.. أفـرادًا ومـنظمات.. ولا یـمكن الـمواجـھة مـن دون إدراك حـقیقة الخـطر الـذي یھـدد أمـن أسـرنـا وشـبابـنا .. فلا يختلف اثنان في مسـتوى الخـطر الفكري الـذي نـواجـھه الـیوم، ومستوى الـتھاون مـن بـعض الـغافـلین والمسـتغفلین عن ثوابـتنا الأخـلاقـیة وقـیمنا الدینیة..

لـذا أدعـو جمیع الـمؤسـسات التربـویة والقضائیة والإعلامیة وعـشائرنا الكریمة وبإشـراف مباشـر مـن الحكومـة إلى تحـدیـد أھـم الـمخاطـر الـتي تھـدد الأسـرة الـعراقـیة ومسـتقبل شـبابـنا.. والـعمل على معالجتھا بطرق علمیة مدروسة وبمھام محددة لكل مؤسسة حكومیة أو مجتمعیة.. وأن یـسانـدھـا في ذلـك حـملات تـوعـویـة جادة ومـسؤولـة عـبر الـقنوات الـرسـمیة للدولـة وجمیع القنوات والـمؤسـسات الأخرى في مواجھة الممارسات التي تعرقل الإصلاح المجتمعي.

وأن لانبالي بالدعوات المزیفة المستوردة من خارج وسـطنا الثقافـي بدعوى الحریة، وهي حرية منفلتة ومتحـللة لاعلاقة لھا بحریة الكلمة المسؤولة والواعیة.

إنـنا نـشعر بـارتـیاح تـجاه حركة الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في الـتطور العمرانـي والمسار الإصلاحي في مجالات عـدیدة .

ونشيد بجهود السيد رئيس الوزراء وفريقه الحكومي على هذه المساعي المشهودة ، و نرى في جهدهم تمثيلا لبرامجنا ومشاريعنا التنموية في جعل العراق ورشة عمل كبرى ، على مدار الساعة ، ونعتقد أن الاستمرار بهذا النهج هو الحل ، وأن الحكومة بحاجة إلى مزيد من الدعم المجتمعي والسياسي ، فكلنا في مركب واحد ومصير واحد .

كما ندعو الحكومة إلى الاصرار على نقل العراق إداريا وخدميا من النمط التقليدي الورقي إلى التحول الرقمي الشامل ، لتقليص مساحات الفساد وتسريع الإجراءات وتبسيطها وتقليل النفقات والحفاظ على كرامة المواطن واحترام وقته وعمره و طاقته .

إن المواطن العراقي يجب أن يشعر بوضوح بكونه مرعيا من حكومته في داخل العراق وخارجه ، وأن الجهود منصبة لخدمته ومكرسة للارتقاء بمستوى معيشته وتحقيق راحته في كل القطاعات.

إن المواطن العراقي يجب أن يشعر بوضوح بكونه مرعيا من حكومته في داخل العراق وخارجه ، وأن الجهود منصبة لخدمته ومكرسة للارتقاء بمستوى معيشته وتحقيق راحته في كل القطاعات.

وما زلنا نتطلع إلى إقرار القوانين والتشريعات المهمة اللازمة لتنفیذ الخـطط الاسـتراتـیجیة الـكبرى، لتوفير حیاة حرة كریمة تلیق بالمواطن العراقي.

ما زلنا نـعانـي مـن أزمـة الكھـربـاء.. وشـحة الـمیاه.. واغـراق السوق ببـضائـع وسـلع مستوردة.. مما یتسـبب في ھـدر یـومـي لـلأمـوال والـطاقـات.. ومـا زلـنا نـعانـي مـن الضعف في الـنھوض بـالـصناعـة الـوطـنیة نتیجة بطء المعالجة وغیاب الثقافة والتوعیة المجتمعیة.

أمـامـنا الـكثیر مـن الـمشاریـع الـكبرى التي یـجب أن ننجـزھـا في مجال الصناعـة والزراعـة والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا وأن نـقدم عـلیھا بـروح مـسؤولـة لاتـقف عـند محددات إداریـة عـفا علیھا الـزمـن .. ولایـشغلھا خـلافـات سـیاسـیة معطلة.

وھنا أؤكد مجددا على ضرورة دعم واسناد عمل الحكومات المحلیة من قبل مجلس النواب والحكومة الاتحادیة، فلا یـمكن أن نشھـد تـقدمـا ملموسـا فـي أي مـحافـظة مـن دون دعـم واسـناد الحكومـة الاتـحادیـة.. والعكس صحيح.

یـجب أن نـعمل بـعقلیة الـفریـق الـواحـد، وأن لانـنظر بـعین ضـیقة، ونتردد في إسناد ودعم المسؤول لأنه ينتمي إلى جهة سياسية منافسة، فنتركه يواجه التحديات وحده، ھذه العقلیة یجب أن نغادرھا تمامًا..  

فالتحـدیات والمخاطـر لاتسـتثني أحـدا.. وشـعبنا یسـتحق أن نستثمر كل الفرص المتاحة لأجله، وأھـم ھـذه الـفرص ھـي وحـدتـنا والاسـتقرار الـناتـج عـن ھـذه الوحـدة، من دونھا لایـمكن أن یـتقدم البلد أو یـحقق قفزات نـوعـیة فـي الـبناء والإعمار.

 إن الـقضیة الفلسطینیة ما زالت الشغل الشاغـل لوعـي الأمة العربية والإسـلامـیة وضميرها وكـل شـعوب الـعالـم الحـر وستبقى كذلك .. وإن كـلمات الـشجب والاستنكار ما عادت تـنفع مع منطق الرعونة والاستھتار الصھیوني بالـقانـون الدولي والإنساني .. وھو ما بدأ العالم یستشعره ویدركه وإن كان متأخرا.

 

إن ثوابتنا الإسلامیة وقیمنا العربیة الأصیلة تحتم علینا دعم إخوتنا في فلسطین المحتلة بكل ما أوتینا من قوة، ولا سيَّما في ظل الجـرائـم الـوحشـیة الـتي یـرتـكبھا الـكیان الصھـیونـي..

ومن واجب العراق أن یـأخـذ دوره الریـادي الحقیقي في نـصرة ھـذه الـقضیة الـعادلـة والمشـروعـة .. وأن یكون المحرك الفاعـل والمحفز لوعي الأمة العربیة والإسلامیة وضميرها تجاه ما یجري في فلسطین.

لـدیـنا الـكثیر مـن الأوراق والأدوات الـتي تـمكننا من نصرة قضیتنا العادلـة.. فـكلنا مسؤولـون أمام ﷲ والـتاریـخ وأجیالنا عما یجري الیوم في فلسطین العزیزة.

إن التطور الكبیر الذي نشھـده الیوم فـي منطقتنا العربـیة والإسلامـیة في مجال العلاقـات والتعاون الاقـتصادي والأمـني بین دولنا وشعوبنا.. 

يدعونا أكـثر مـن أي وقـت مـضى إلى ترجمة ذلك إلى خطط ومواقـف إستراتیجیة تعید الھیبة والمكانة الریادیة لھذه المنطقة الغنیة والمھمة في تاریخھا وعمقھا الإستراتیجي.

وأن نـكون أحرص مـن أي وقـت مـضى عـلى تجاوزالفوارق الطبیعیة بـیننا وأن نستفید مـن عمق التجارب الـتي مرت بھا منطقتنا لعقود طویلة من الزمن.

مصالح شعوبنا.. وأمن بلادنا.. وازدھار منطقتنا مُرتَهنة بوحدتنا وتآلفنا وتجاوزنا لخلافات الأمس إن ما نملكه من فـرص وعوامل إیجابـیة أكبر بكثیر من أي تحـدٍ أو تھـدیـد يواجه مسيرتنا.. فـمصیرنـا واحد، ومسـتقبل أجـیالـنا يتطلب توحید شعوبنا نحو ھدف واحد.. ألا وھو الإعمار والازدھار والاستقرار.

وانصر إخوتنا في فلسطین المحتلة، واحفظ بلدنا العراق وشعبنا وشبابنا ومرجعياتنا من كل سوء ولاسيما المرجع الأعلى الإمام السيستاني (دام ظله الوارف)، وارحم شهداءنا الأبرار والماضين من المراجع والعلماء والشهداء ولاسيما الشهيدين الصدرين وشهيد المحراب وعزيز العراق..

 

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: فی فلسطین مـن دون

إقرأ أيضاً:

لأول مرة.. رئيس المحكمة الدستورية يحاضر في لقاء مفتوح

زنقة 20 | متابعة

شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال الرباط أمس الأربعاء ، حدثا لا يتكرر كثيرا.

المناسبة كانت لقاء علمي و محاضرة غير مسبوقة لرئيس المحكمة الدستورية محمد أمين بنعبد الله، الذي ترأس درسا افتتاحيا بالكلية المذكورة بحضور عدد كبير من الطلبة والأساتذة الباحثين والفاعلين السياسيين، إضافة إلى المسؤولين العموميين وأعضاء المحكمة الدستورية.

ما ميز هذا اللقاء هو كونه الأول من نوعه في تاريخ القضاء الدستوري، حيث يشهد لأول مرة في 30 عامًا من عمر القضاء الدستوري في المغرب، منذ تأسيس الغرفة الدستورية في المجلس الأعلى، بموجب القانون التنظيمي رقم 93-18، الذي صدر في 1993، والتي كانت تشكل سابقة لنظام القضاء الدستوري في المغرب مرورا بإقرار المجلس الدستوري بموجب دستور 1992، وصولا إلى المحكمة الدستورية بموجب دستور 2011 أن يتحدث رئيس هذه المؤسسة الدستورية المحورية أمام جمهور واسع ومتنوع في لقاء مفتوح خارج مقر المحكمة.

و تناول محمد امين بنعبد الله بالنقد والتحليل تطور مهام الرقابة الدستورية في التاريخ السياسي الدستوري المغربي، مشيرًا إلى أن هذه المهام تعود إلى بدايات القرن العشرين، وتحديدًا سنة 1908، حينما كانت أولى المحاولات لتأسيس مفهوم الرقابة الدستورية في عهد مولاي عبد الحفيظ، من خلال مبادرة مجموعة من رجال القانون.

وقد اعتبر هذه المبادرة سابقة تاريخية أسست لتجذير فكرة الرقابة الدستورية في الفكر السياسي المغربي، مؤكداً على أن تطور هذه الفكرة كان مرتبطًا بالتحولات الدستورية التي شهدها المغرب.

كما استعرض بنعبد الله التحديات التي واجهت الرقابة الدستورية منذ إنشائها، مشيرًا إلى محدودية أفقها الدستوري في البداية، إلا أن هذه الرقابة قد شهدت تطورًا ملحوظًا مع إنشاء المجلس الدستوري، ثم المحكمة الدستورية بموجب دستور 2011.

في هذا السياق، دعا إلى أهمية تعزيز الوعي القانوني بين أفراد المجتمع، مؤكدًا أن اللجوء إلى القضاء الدستوري ليس فقط حقًا دستوريًا، بل هو أيضا تعبير عن وعي قانوني متقدم يسهم في ضمان استقرار الدولة وحماية القانون الأسمى.

كما شدد على أن الدور المحوري للمحكمة الدستورية يظل أساسيًا في ضمان العدالة الدستورية، مشيرًا إلى أن الرقابة الدستورية تشكل حماية أساسية لأجيال المستقبل وللمجتمع ككل، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.

مقالات مشابهة

  • يجلب الاستقرار والبناء والإعمار.. الحكيم: الوسطية والاعتدال واستيعاب البعض هو المنهج الصعب لكنه الأفضل
  • أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية وسط تصاعد الاضطرابات السياسية
  • عالم “الجربندية” السياسية
  • العراق يدعو الجامعة العربية لاجتماع غير عادي..ما السبب
  • بيسكوف: بوتين لا يزال منفتحًا للوصول لتسوية سلمية للنزاع الأوكراني
  • سفير تونس بالقاهرة: العلاقات السياسية مع مصر في أبهى صورها
  • سفير تونس بالقاهرة: العلاقات السياسية الحالية مع مصر في أبهى صورها
  • العراق يدعو العرب إلى اجتماع طارئ لمواجهة تهديدات إسرائيل
  • لأول مرة.. رئيس المحكمة الدستورية يحاضر في لقاء مفتوح
  • بعد حكم الدستورية العليا.. ما هو مصير قانون الإيجار القديم في مصر؟