معركة طوفان الأقصى عرت وفضحت بعض العرب
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
تلك الملحمة البطولية الشجاعة النادرة سيسجلها التاريخ الإنساني في أنصع صفحاته ، تضحية ، وبسالة ، وصموداً أسطورياً ، وقوة بأسٍ شديد أظهر الإنسان الفلسطيني المقاوم , والتفاف الشعب بكل أطيافه حول مقاومته الصلبة في وجه كل حلف العدوان للشمال الأطلسي التي تقوده وتموله راعية الإرهاب في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية .
لقد تمت المشاركة الفعلية الحربية والعسكرية والاستخبارية والتمويلية لهذه الحرب المسعورة ضد الشعب الفلسطيني من قبل جيش الكيان الصهيوني الإسرائيلي بمشاركة مباشره من قبل قوات المارنز الأمريكية USA واستخباراتها وقرارات إدارتها و قادتها السياسية والدبلوماسية وكذلك بمشاركة أساطيل بريطانيا العجوز ودعم حلف شمال الأطلسي كله ، هذه حقيقة الحرب العدوانية القذرة على الشعب الفلسطيني ومقاومته الشريفة البطلة العظيمة.
لقد أنتجت هذه الحرب اليهودية الأوروبية الأمريكية العنصرية على أهلنا في قطاع غزة ، والتي دخلت شهرها التاسع ، خلفت حتي يوم الأحد بتاريخ 2/ يونيو / 2024 م كما أورد المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة بنشر بيانات واحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة لليوم (240) :-
على النحو الآتي :-
◻️ (240) يوماً على حرب الإبادة الجماعية.
◻️ (3,247) مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال.
◻️ (46,439) شهيداً ومفقوداً.
◻️ (10,000) مفقودًٍ .
◻️ (36,439) شهيداً ممن وصلوا إلى المستشفيات.
◻️ (15,438) شهيداً من الأطفال.
◻️ (32) استشهدوا نتيجة المجاعة.
◻️ (10,231) شهيدة من النساء.
◻️ (498) شهيداً من الطواقم الطبية.
◻️ (70) شهيداً من الدفاع المدني.
◻️ (147) شهيداً من الصحفيين.
◻️ (7) مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات.
◻️ (520) شهيداً تم انتشالهم من 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات.
◻️ (148) مركزاً للإيواء استهدفها الاحتلال "الإسرائيلي".
◻️ (82,627) جريحاً ومُصاباً.
◻️ (70%) من الضَّحايا هم من الأطفال والنساء.
◻️ (17,000) طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما.
◻️ (11,000) جريح بحاجة للسفر للعلاج في الخارج.
◻️ (10,000) مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج.
◻️ (1,095,000) مصاب بأمراض معدية نتيجة النزوح.
◻️ (20,000) حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح.
◻️ (60,000) سيدة حامل مُعرَّضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية.
◻️ (350,000) مريض مزمن في خطر بسبب منع إدخال الأدوية.
◻️ (5,000) معتقلاً من قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية.
◻️ (310) حالات اعتقال من الكوادر الصحية.
◻️ (20) حالة اعتقال صحفيين ممن عُرفت أسماؤهم.
◻️ (2) مليون نازح في قطاع غزة.
◻️ (192) مقراً حكومياً دمرها الاحتلال.
◻️ (109) مدارس وجامعات دمرها الاحتلال بشكل كلي.
◻️ (318) مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل جزئي.
◻️ (604) مساجد دمرها الاحتلال بشكل كلي.
◻️ (200) مسجدٍ دمرها الاحتلال بشكل جزئي.
◻️ (3) كنائس استهدفها ودمرها الاحتلال.
◻️ (88,300) وحدة سكنية دمرها الاحتلال كلياً.
◻️ (303,000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئياً.
◻️ (78,000) طن متفجرات ألقاها الاحتلال على قطاع غزة.
◻️ (33) مستشفى أخرجها الاحتلال عن الخدمة.
◻️ (55) مركزاً صحياً أخرجه الاحتلال عن الخدمة.
◻️ (160) مؤسسة صحية استهدفها الاحتلال.
◻️ (131) سيارة إسعاف استهدفها الاحتلال.
◻️ (206) مواقع أثرية وتراثية دمرها الاحتلال.
◻️ (33) مليار دولار الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة على قطاع غزة.
https://www.facebook.com/share/vc9uJqzpX6aXfjez/?mibextid=qi2Omg
تدل الأرقام الواردة أعلاه علي همجية ووحشية ونازية جيش العدو الاسرائيلي الصهيوني وبمشاركة مطلقة من قبل حكومة USA الصهيونية العنصرية وبدعم كامل من بقية دول حلف شمال الأطلسي العدواني.
إن من يتابع معظم وسائل الإعلام العربية والعالمية يلحظ الفارق الهائل بين أوضاع العالم قبل السابع من أكتوبر 2023 م وما بعدها ، فهناك حراك عالمي دولي على كل الصعد ، لأن الجرائم الوحشية المرتكبة من قبل الصهاينة اليهود والأمريكان والأوروبيين بحق الشعب الفلسطيني كبيرة وكبيرة جداً ، حتى إن العالم الغربي تحديداً رفضها جملة وتفصيلاً ، وتغيرت خارطة الدبلوماسية الدولية رأسا على عقب .
فالعديد من دول العالم سحبت اعترافها الدبلوماسي بالكيان الصهيوني الإسرائيلي وعدداً من الدول الحرة قدمت ملفات اتهام ضد الكيان الصهيوني إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ومحكمة الجنايات الدولية ووصل بأن المدعي العام الدولي قدم ادعائين جنائيين ضد رئيس الوزراء الكيان الصهيوني المجرم / بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ المحكمة ان يصدر اتهام وادانة ضدالكيان الصهيوني .
واشتعلت الجامعات الأمريكية والأوروبية والأسترالية والأجنبية باحتجاجات مباشرة ضد رئاسة وعمادة جامعاتها وكلياتها المتعددة ، وكل شعارات تلك الاحتجاجات الطلابية وبتضامن قوي ومباشر من قبل العديد من أعضاء هيئة التدريس في تلك الجامعات تندد بحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أطفال ونساء وشيوخ فلسطين ، وتطالب في جميع شعاراتها المقروءة والمسموعة بحرية فلسطين من النهر إلى البحر.
ونوقشت لأكثر من عشرات الجلسات لمجلس الأمن الدولي المطالبة بإيقاف المذبحة اليومية للشعب الفلسطيني الأعزل والمجوّع والمحروم من أبسط مقومات الحياة في قطاع غزة ، وللتذكير فإن الحكومة الأمريكية الصهيونية في واشنطن استخدمت حق النقض الفيتو ثلاث مرات متتالية لمنع صدور قرار أممي بإلزام جيش الكيان الصهيوني بوقف الإبادة الجماعية .
فالعالم كل العالم تغير إيجاباً لنصرة القضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة عدا رموز النظام العربي الرسمي ومشتقاته المهترئة .
الأدهى والأمر في المشهد التراجيدي في قطاع غزة أن بعض تلك الأنظمة العربية العميلة للغرب وللإدارة الأمريكية الصهيونية تتآمر علناً ضد الشعب الفلسطيني وثورته ومقاومته المجاهدة الحرة من خلال الآتي ــــــــ
ـ
أولا ً:-
اشتراك عدد من الوحدات العسكرية العربية مع جيش العدو الصهيوني اليهودي من خلال التنسيق العسكري والأمني والاستخباراتي واللوجستي المباشر وغير المباشر ، وظهر ذلك من خلال اشتراك وحدات من القوة الجوية لمشيخة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية الهاشمية ، وهذه إحدى فضائح الدول الملكية العشائرية من مخلفات النظام الاستعماري الأوروبي البغيض.
ثانياً :-
جميع الدول العربية المُطبْعَة مع الكيان الصهيوني حافظت على علاقاتها الدبلوماسية الراقية والحضارية ، ولم تتجرأ دولة واحدة من تلك النظم العربية أن تطرد أو حتى تستدعي سفيرها للتشاور أو للتهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني اليهودي بسب تراكم وازدياد جرائمها الوحشية في قطاع غزة ، مع العلم بأن هناك أنظمةً ودولاً في العالم ، وتحديداً في القارتين الأفريقية وأمريكا اللاتينية قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني.
ثالثاً :-
لم تستطع جامعة الدول العربية ولا المنظمة الإسلامية للتعاون الإسلامي ، ولا مجلس التعاون الخليجي أن يعقدوا دورة خاصة مخصصة للتضامن مع شهداء فلسطين وشهداء محور المقاومة المساندة للمقاومة الفلسطينية ، واستطاعوا فحسب التجمع في جزيرة البحرين بالمنامة ليعقد القادة العرب الاشاوس مؤتمرهم السنوي الهزيل الذي خرج بقرارات تافهة لا تساوي حبر الورق الذي كُتبت بها مقررات القمة الضعيفة جداً.
رابعاً :-
حينما قررت الجمهورية اليمنية وعاصمتها وعلى لسان قائدها المجاهد البطل السيد الحبيب / عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه ، الدخول في معركة طوفان الأقصى في الجبهة الجنوبية لفلسطين بإغلاق باب المندب اليمني والبحر الأحمر الحميري وخليج عدن والبحر العربي حتى أطراف المحيط الهندي ، ومنع السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة وتضامناً ونصرةً لأهلنا في فلسطين ولن يتوقف الجيش اليمني من ممارسة دوره العسكري التضامني حتى يتم إيقاف العدوان الصهيوني على أهلنا في قطاع غزة ، وهنا وللرد على الموقف اليمني قامت عدد من الدول العربية العميلة للأمريكان والصهاينة بفتح خط بري يبدأ من مينائي جبل علي في الإمارات وميناء المنامة بالبحرين مروراً بالأراضي المقدسة للسعودية مروراً بأراضي المملكة الأردنية الهاشمية وصولاً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لتأمين احتياجات جيش العدو الاسرائيلي الصهيوني . ماذا نسمي هذا الموقف المخزي لقادة أعْرَاَب الجزيرة ، وهل بقي شيء من الأخلاق والدين والعروبة لهؤلاء القادة المنبطحين ؟؟؟.
خامساً :-
ما تسمي بالسلطة ( الفلسطينية ) ويرأسها العميل عباس أبو مازن ، وهي سلطة عميلة تابعة للمشروع الأمريكي في المنطقة وتخدم أجهزتها الأمنية والاستخباراتية والإدارية للكيان الصهيوني اليهودي منذ أن تأسست في العام 1993 م ، بما يطلق عليه بالتنسيق الأمني والاستخباري بين ( السلطة الفلسطينية ) العميلة والكيان الصهيوني الغاصب.
هذه السلطة الخائنة لشهداء وأحرار ومقاومي فلسطين قد فقدت كل مشروعيتها الأخلاقية والسياسية والإنسانية ، وتحولت إلى عبئ ثقيل على القضية الفلسطينية والأمة العربية والإسلامية ، لأنها تحولت إلى خادم مطيع وعبد ذليل للكيان الصهيوني اليهودي في أرض فلسطين المحتلة.
هنا يتساءل الرأي العام العربي والإسلامي ليقول أين ذهبت رجولة ونخوة وكرامة من يمثل تلك السلطة الفلسطينية الخائنة ؟ ؟ ؟ أين هم من دماء شهداء وجرحى وأسرى قطاع غزة والضفة الفلسطينية ومحور المقاومة.
سادساً :-
حينما ازداد صلف ووحشية جيش العدو الصهيوني مدعوماً بمشاركة مباشرة من دول حلف شمال الأطلسي العدواني بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، على أهلنا في قطاع غزة ، ثار العالم بدبلوماسييه وسياسييه وطلابه وعلمائه وقضاته ومحاميه لإدانة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين ، نجد بأن حكومات ممالك الرمال في دول مجلس التعاون الأعْرَابِي غارقة في برامج الترفيه واللهو والغناء الهابط وعقد مباريات مسابقات الديكة والقطط والعجول ، وكلها برامج تافهة حقيرة الترقي للرد عليها ، وفي الجانب الآخر من المعادلة الإنسانية نجد بأن عصابات بني صهيون ومن خلفها أميركا وأوروبا تذبح الشعب الفلسطيني من الوريد إلى الوريد.
ماذا عسانا أن نقول ونحن نلحظ ونشاهد من على القنوات الفضائية تلك الملهاة والعبث الفكري والأخلاقي الديني الذي يمارسه بفسق أمراء وشيوخ حكام ممالك الرمال في كل من السعودية والإمارات والبحرين والتي ستنهال عليهم قريباً بإذن الله ، مع استثناء حكام سلطنة عمان وقطر والكويت الذين ناصروا أهلنا بفلسطين بما استطاعوا من الدعم الإعلامي والدعاء وأمور أخرى ، جزاهم الله خير الجزاء على ما قدموه.
سابعاً :-
تناقلت العديد من وسائل الإعلام الجادة العربية والأمريكية والأوروبية خبراً مفاده أنه في مطلع شهر يونيو 2024 م تم عقد اجتماع لقيادات هيئة الأركان لجيوش كل من المملكة السعودية ومشيخة الإمارات والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر ومملكة جزيرة البحرين وقيادة أركان الجيش الصهيوني الإسرائيلي ووزارة الدفاع الأمريكي USA ، اجتمعوا في مدينة المنامة عاصمة جزيرة مملكة البحرين ، ترى على ماذا اجتمع هؤلاء الأَعْرَاَبَ مع العدو الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي ؟ ، وشلال دماء الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين لا زالت مسفوكة بغزارة وعبث تحت ركام وحطام مدن وأحياء قطاع غزة والضفة الغربية الفلسطينية ! ! !.
الخلاصة :
بعيداً عن العويل والصراخ والنواح انبرى محور المقاومة المكوّن من اليمن العظيم ولبنان الحر ، والمقاومة في فلسطين الجريحة ، وسوريا العروبة ، وجمهورية العراق الحضارة وتساندهم جمهورية إيران الإسلامية ، هذا المحور الصلب الذي تحمّل عبء مقاومة المشروع الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي الأطلسي ، وسطّر الملاحم البطولية التي لا ينكرها إلا جاهل غبي أو عميل مندس تم شراؤه بحفنة من الدراهم القذرة .
وفوق كل ذي علم عليم
*رئيس مجلس وزراء حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء
السبت / 15 / يونيو / 2024
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الصهیونی الإسرائیلی دمرها الاحتلال بشکل الإبادة الجماعیة الصهیونی الیهودی الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی فی قطاع غزة جیش العدو أهلنا فی من قبل
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى: السياسي والإيديولوجي
يمكننا، كما استخلصنا بعض السمات التي أفرزها طوفان الأقصى من جانب تعامل الطغمة الصهيونية والأمريكية معه، نريد التوقف على الجانب العربي بهدف النظر في كيفية تعاطيه مع القضية الفلسطينية عموما، وحدث 7 تشرين الأول/ أكتوبر بصفة خاصة.
لقد تصرف العرب عموما مع الحدث، وكأنه بعيد عن انشغالاتهم وهمومهم بالقدر الذي يتطلبه هذا الحدث العظيم. ولم يطرأ التغيير في مواقفهم منه إلا بعد أن طرح ترامب مسألة تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، حيث بدأت القضية لديهم تأخذ مسارا آخر. فكان الإجماع الذي افتقدته القضية منذ مدة طويلة.
قد تتعدد تفسيرات الواقع العربي، حكومات، وشعوبا، وأحزابا والتحولات التي أدت إلى المواقف من القضية الفلسطينية عكس ما وقع مثلا في 1973. لكني أريد الذهاب إلى البحث في الذهنية التي تتحكم في التصور العربي، ولا سيما لدى من ظلت القضية الفلسطينية تمثل لديهم أولوية في الصراع ضد الاستيطان، والهيمنة الأمريكية. وأقصد بصورة خاصة الأحزاب المعارضة، والنقابات، والمثقفين على اختلاف طوائفهم وألوانهم. وللقيام بذلك سأميز بين الإيديولوجيا والسياسة لأنني أرى هذا التمييز المدخل الطبيعي والضروري لفهم وتفسير ما جرى.
أعتبر السياسة فن إدارة وتدبير الوجود البشري لتحقيق المكاسب. أما الإيديولوجيا فنشر أفكار، والدفاع عنها باستماتة بهدف كسب الأنصار. إن الإيديولوجي الذي يمارس السياسة يعمل بدون وضع الزمن وتحولاته في نطاق ممارسته. إن ما يهمه بالدرجة الأولى هو تقديم تصوره الإيديولوجي الذي يتبناه ويظل يدافع عنه. والعرب لم يكونوا يمارسون السياسة ولكن الإيديولوجيا. إن الإيديولوجيا العربية، أيا كانت منطلقاتها ومقاصدها، هي ما يمارسه العرب في علاقتهم فيما بينهم، فتجد الفرقة بينهم تتخذ بعدا دينيا وطائفيا (سنة، شيعة)، وجغرافيا وحدوديا (شمال وجنوب، وغرب وشرق)، وسياسيا (حكومات وحركات). وكل منهم يرى أن إيديولوجيته هي التي تمتلك الحقيقة، والآخر ضال. وفي ضوء هذا التمايز تتخذ المواقف ضد أو مع ما يجري في الساحة العربية داخل كل قطر عربي، وبين الأقطار العربية. وهذه المواقف هي التي تتحدد في العلاقة مع الصهيونية وأمريكا خارجيا، حيث الرضوخ لهما بدعوى التحالف أو اتخاذ الحياد السلبي، أو التصريحات المجانية.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا، وهو يصطف إلى جانب الأطروحة الصهيونية ــ الأمريكية. لقد تم التعامل مع الحدث على أنه عمل حركة إرهابية هي حماس ضد دولة معترف بها عالميا، ولم يكن التعامل معه باعتباره وليد صيرورة من الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. وأنه لم يأت إلا ضد ما كانت تمارسه السلطات الصهيونية ومستوطنوها في القدس، وما ظلت تقوم به لتصفية القضية نهائيا، وخاصة منذ ولاية ترامب الأولى التي دعا فيها إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مدعيا جعلها عاصمة أبدية لإسرائيل، متنكرا بذلك لكل القرارات الأممية حول القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وحل الدولتين.
أمام عدم انخراط الضفة الغربية في طوفان الأقصى، وهو ما كانت تخشاه إسرائيل، ملأت جبهات الإسناد الساحة، وقامت بدورها في دعم المقاومة في غزة، فبدا طوفان الأقصى وكأنه وليد إملاءات إيرانية، فاستغل هذا عالميا، وخاصة من لدن إسرائيل وأمريكا لتحوير الحرب الحقيقية من كونها قضية وطن إلى حرب بالوكالة لفائدة إيران التي صارت قطب «محور الشر». فكانت الاغتيالات لهنية في طهران، وبعد ذلك لرموز حزب الله وحركة حماس ليست نهاية لطوفان الأقصى بل لتأجيجه ودفعه في اتجاه مناقض لما كانت تحلم به إسرائيل التي توهمت أن القضية الفلسطينية ليس وراءها سوى إرهابيين يكفي القضاء عليهم لإنهاء القضية وإقبارها إلى الأبد.
لكن الصمود الوطني الأسطوري للمقاومة دفعها إلى القبول بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، وبعد ذلك في غزة. وخلال هدنة تبادل الأسرى والمختطفين تفرغت الآلة الجهنمية الصهيونية للضفة الغربية مستهدفة تهجير المواطنين وتدميرها كما فعلت في غزة. ومع التحول الذي عرفته سوريا، ونهاية «الممانعة» التي كانت تمنع من المواجهة مع العدو، ها هي إسرائيل تهدد أمن بلد خرج للتو من كابوس مرعب بدعوى السيمفونية النشاز: حماية أمنها القومي؟ إسرائيل شعب الله المختار عليه أن يحافظ على أمنه الذي عليه تكدير أمن «جيرانه» غير المحتملين، وتنغيص الحياة عليهم. هذه هي السياسة الصهيونية التي تنبني على إيديولوجية التسلط والهيمنة.
يبدو لنا ذلك بجلاء في المواقف الفلسطينية أولا من طوفان الأقصى. لقد اعتبرته السلطة الفلسطينية خطأ لأنه أعطى لإسرائيل الذريعة لتدمير غزة، وشاركتها الدول العربية الموقف عينه بصورة أو أخرى، وهو الموقف الذي اعتمده الغرب أيضا،
إن كل هذا نتيجة الخلاف الإيديولوجي بين مكونات المقاومة الفلسطينية الذي ظلت إسرائيل تغذيه وتفرضه طيلة كل عقود الصراع. ولا فرق في ذلك من يحمل السلاح لأنه إرهابي، ومن يخضع للهيمنة الصهيونية باسم سلطة لا حق لها في ممارستها. فكلاهما غير مرغوب فيه لأن إسرائيل للإسرائيليين وليست لأي عربي. هذا الدرس لم يفهمه بعض الفلسطينيين والعرب الذين اتخذوا مواقف مضادة من طوفان الأقصى. وهو الدرس الأكبر الذي يقدمه الطوفان لمن لم يريدوا فهم طبيعة الكيان الصهيوني وأسطورته الإسرائيلية، وهو ما يبدو حاليا بشكل أجلى منذ انتخاب ترامب في ولايته الثانية. وهو ما ظل يصرح به أبدا سموتريتش وبن غفير بوقاحة وجرأة وطغيان وعنصرية مقيتة.
يمارس الفلسطينيون بمختلف تياراتهم واتجاهاتهم السياسة، ومعهم كل الأحزاب والمنظمات الحقوقية والأهلية العربية من منظور حركات التحرر العالمية في الستينيات، أي في ضوء تصورات إيديولوجية معينة. ومواقفهم من بعضهم البعض تتأسس على قاعدة: من ليس معي، فهو ضدي. إنها القاعدة التي لا يتولد منها سوى الحقد الإيديولوجي، والاقتتال الداخلي، والصراع المستدام. إنهم لا يميزون بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية. بل إن ما هو ثانوي يصبح لديهم أساسيا، وفي المستوى الأول، بينما التناقض الرئيسي يقبع في الخلفية. ولذلك نجدهم يُرهِّنون تناقضاتهم الداخلية الخاصة، وتحتل المكانة الكبرى أمام ما تمثله تناقضاتهم مع عدوهم الخارجي التي تصبح وكأنها غير موجودة. يغذي العدو هذه التناقضات، ومن مصلحته إدامتها لبسط هيمنته، وإدارته الصراع بما يخدم مصلحته.
تبدأ ممارسة السياسة لدى الفلسطينيين إذا ما جمدوا تناقضاتهم الداخلية، ووجهوا التناقض نحو العدو المشترك. في هذا التجميد يكمن الحس الوطني الحقيقي في بعده الديمقراطي والوحدوي الذي تهمه قضية الوطن عبر وضعها فوق أي اعتبار. أما تبادل الاتهامات وادعاءات تمثيل الشعب الفلسطيني فليس سوى خطابات جوفاء لا قيمة لها لأنها تعبير عن إيديولوجيا زائفة.
إن الدرس الأكبر الذي نستنتجه من الحدث الأكبر طوفان الأقصى، والذي هو في الحقيقة حلقة من حلقات ما يمكننا تعلمه من تاريخنا الحديث في صراعنا مع الآخر، أي من الاستعمار التقليدي إلى الجديد يدفعنا إلى تأكيد أن ما قلناه عن الفلسطينيين ينسحب على العرب حكومات وشعوبا وأحزابا ومنظمات مختلفة. إن التناقض الرئيسي ليس مع من يختلف معنا، ويعارضنا، إنه ضد التبعية، والتخلف، والتفرقة، والتأخر عن العصر الذي نعيش فيه. إنه ضد الآخر الذي يسعى لإدامة التفرقة بين الدول والشعوب، وإشاعة الفتنة، ونهب ثروات وخيرات البلاد العربية، والحيلولة دون تقدمها. إنه ضد الطائفية والعرقية والظلامية، ومع حرية المواطن وكرامته وعزته في وطنه، ووحدة الأوطان، وتعزيز التعاون والتقارب بينها لما فيه الخير للجميع.
إذا لم تكن السياسة فن إدارة التدبير من أجل الحياة الكريمة فإنها ليست سوى إيديولوجيا توليد التناقضات وتفريخ الصراعات، وإشعال النزعات وإشاعة النزاعات، ويكفي النظر إلى ما يمور به واقعنا لتأكيد أن الإيديولوجي مهيمن في حياتنا على السياسي.
لقد كشف طوفان الأقصى حقيقة واقعنا مع ذاتنا ومع الآخر. فإلى متى يظل يلدغ المؤمن من الجحر مرتين؟