التوافق رَهن بدعم الخارج وتجاوب المترددين..
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
انطوت صفحة التحركات النيابية، بالنظر الى صعوبة التوافق على آلية تنتج رئيساً للجمهورية، او حتى الاقتراب من خطوة عملية.
وعلق البحث في الملف الرئاسي بدوره إلى ما بعد العيد بعدما اقفل على لا قرار في موضوع التشاور وربطه بضمانات، ما يعني أن ما من خيار وسطي، وقد يدفع ذلك بالملف إلى المزيد من التأزم، حتى أن العاملين على الخط الرئاسي غير متأملين بقرب الحل.
وكتبت«الجمهورية»، أن الحراكات التي شملت جهات سياسية تصنف نفسها سيادية او تغييريّة، حملت مؤشرات ليونة في مواقف البعض منها، خصوصاً بعد تلقّيها أجوبة عن اسئلة طرحتها، حول الغاية الأساسية من الحوار أو التشاور أيّاً كانت تسميته؟ وما اذا كان التوافق المنشود منه غطاءً لفرض مرشّح معيّن؟
وكشفت مصادر المعلومات أنّ الاجوبة التي تلقاها هؤلاء، جاءت لتكرر ما أكد عليه رئيس المجلس في مبادرته، لناحية عدم محاولة فرض أعراف جديدة، بل تسهيل وتعجيل الانتخابات الرئاسية، عبر الذهاب الى حوار او تشاور على طاولة التوافق، ليس للحسم المُسبق لاسم رئيس الجمهورية، بل التوافق على أمرين اساسيين: الأول، تأمين الغطاء السياسي لنصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية (86 نائباً)، عبر التزام الاطراف بصورة جدية به في انعقاد جلسة الانتخابات وفي كل دورات الانتخاب الأولى والثانية والثالثة والرابعة التي تتخللها.
اما الامر الثاني، تضيف المصادر، فهو التوافق على اسم مرشح إذا امكن ذلك، وإن تعذّر، نتفق على اسمين او ثلاثة او أكثر، ومن ثم ننزل بلائحة المرشحين هذه الى جلسات انتخاب متتالية بدورات متتالية، وبنصاب كامل للانعقاد والانتخاب، وليربح من يربح من هؤلاء المرشحين. اي انه لا يوجد على الاطلاق في أجندة الحوار او التشاور المنشود ما يبرر عزف رافضي التوافق على وَتر تفشيله وحصره مُسبقاً في خانة تطويب مرشح الممانعة». وتلفت مصادر المعلومات انّ بعض هؤلاء النواب وعد بأن يقدم جوابه النهائي حيال المشاركة في المسار التوافقي او عدمها، خلال فترة قصيرة.
الى ذلك، قالت مصادر سياسية رفيعة لـ«الجمهورية» ان أجواء الحراكات الاخيرة مريحة بصورة عامة، حيث انّها عكست بوضوح انّ ثغراً بدأت تتبدى في الجدار، وهذا تطور مهم يدفع الى القول انّ جمهور التوافق صار يكبر شيئا فشيئا. وهو ما عكسته مواقف اطراف كانت رافضة ذلك بالمطلق، لكنها بدأت تميل اليه، وهو ما ألمحت اليه امام القائمين بالحراكات، او خلال لقاءات بعض الاطراف برئيس المجلس. الا انه حتى الآن لا يمكن القول انّ الامور قد حسمت، بل انها ما زالت في حاجة الى مزيد من الجهود، خصوصا لناحية حسم تأمين نصاب الثلثين لانعقاد جلسات انتخاب الرئيس، والالتزام بهذا النصاب في كل دورات الانتخاب التي تتخللها، حث انّ هذا الامر ما زال حتى الآن في دائرة الاستعصاء».
وفي انتظار ان يحسم المترددون موقفهم، كشفت المصادر عينها انّ الحراكات الداخلية في اتجاه التوافق، تواكبت بحركة خارجية على أكثر من خط، وقالت ان أكثر من اشارة وردت من الفاتيكان تؤكد حضور الكرسي الرسولي على خط الجهود الرامية لحل الازمة الرئاسية في لبنان، سواء مع الفرنسيين او غيرهم من دول اللجنة الخماسية».
ونسبت المصادر الى عائدين حديثاً من روما تأكيدهم ان الكرسي الرسولي يُبدي قلقاً بالغاً من دوامة العنف في المنطقة، لا سيما من الحرب الدائرة في قطاع غزة وصولاً الى لبنان. وتبعاً لذلك، فإن الكرسي الرسولي يشدد على أن ضرورة إخراج لبنان من هذه الازمة تقتضي التعجيل في حسم الملف الرئاسي بتوافق اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك توجِب تضافر الجهود لوقف اطلاق النار وتوفير الامن والاستقرار في جنوب لبنان. ولا تستبعد المصادر في هذا السياق ان ينقل أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين رسالة بابوية بهذا المعنى خلال زيارة المرتقبة بعد ايام الى بيروت.
وأمل مرجع سياسي في ان «تُثمر الحراكات الرئاسية تثبيتاً للتوافق كأمر لا بد منه للتعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية»، الا انه اشار الى «ان ذلك يتطلب دعما مباشرا من الخارج، ودونه ستبقى الامور في دائرة التعطيل».
واكد المرجع عينه ان العنوان الرئاسي حالياً هو التشاؤم حتى يثبت العكس، وقال: كل ذلك مرهون بالدعم الجدي للتوافق، وهذا الدعم ليس مطلوبا فقط من القطريين الذين لم يوقفوا جهودهم، او من الفرنسيين الذين تحركوا بصور متعددة، وأبلغونا انهم سيستمرون رغم إخفاق مهمة جان ايف لودريان، وسيحضرون مجدداً الى بيروت، بل ان هذا الدعم مطلوب من المملكة العربية السعودية، المنكفئة حتى الآن عن لعب اي دور مباشر في الاستحقاق الرئاسي، بل لم تُوحِ بأنها في هذا الوارد، ما خلا شراكتها كدولة عضو في اللجنة الخماسية.
كذلك ان هذا الدعم، يضيف المرجع عينه، مطلوب من الولايات المتحدة الأميركية التي كانت كانت أول من دعا الى تشارك اللبنانيين في اختيار رئيسهم، وأول مَن أطلق التحذير بأن التأخر في انتخاب رئيس للجمهورية سيسقط لبنان في وضع كارثي، ومع ذلك لم تبادر حتى الآن الى تأدية دورها الذي لا ينفي احد انه الاكثر فاعلية وقدرة على حسم الاستحقاق الرئاسي. وتبعاً لذلك، فإنّ الرهان على دور اميركي فاعل حيال الملف الرئاسي في هذه الفترة، امر لا يرقى الى ان يكون واقعياً، حيث انه ينتفي تماماً امام الاولوية الاميركية المحصورة في الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة وامتداداتها الى جبهة لبنان، والمخاوف من شمولها كل المنطقة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التوافق على انتخاب رئیس حتى الآن
إقرأ أيضاً:
لا رئيس مواجهة.. المفتي قبلان: المطلوب توافق مسيحي – إسلامي على رئيس ضامن
لفت المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، إلى أن " البلد يعيش اليوم أزمات تبتلع عشرين سنة من الكوارث الطاحنة، التي تكلّلت بانهيار الليرة ثم الفوضى السياسية الاقتصادية التي أكلت أرضية لبنان، وما نحن فيه مرحلة جديدة بواقعها وأدواتها وأثمانها، والمنطقة عقدة توازنات، ولبنان من هذه العُقد الهيكلية، وهو غير معزول عن المنطقة ومحارقها؛ ومرضُه التاريخي يتموضع بانقسامه السياسي الحاد، ورغم الحاجة الماسّة إلى تسوية رئاسية ورغم المحارق التي تحيط بالمركب اللبناني إلا أن هناك من يصرّ على لعبة الثأر السياسي، ومركز الثقل السياسي اليوم ما سيجري في التاسع من كانون الثاني من العام المقبل، وأي انقسام رئاسي هناك سيزيد من مخاطر البلد، بل بلحظة ما قد يضع البلد بقلب الخراب". وأكّد المفتي قبلان في خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة أن "المطلوب توافق مسيحي – إسلامي على رئيس ضامن، لا رئيس مواجهة، فلبنان لا يتحمّل مفاجآت، وبخاصة أن نار المنطقة تستعر في لبنان، ولبنان يُحكم من لبنان لا من الخارج، والاستقواء بغير قوة لبنان الداخلية يضع لبنان في فتنة لا نهاية لها، وتاريخ لبنان الطويل واضح بقدرته على ابتلاع التغييرات الإقليمية والدولية، لكن المشكلة بالأثمان، ونحن لا نريد لشعب هذا البلد العزيز المزيد من الأثمان المرّة، والقوى السياسية إما تضع البلد بقلب الخراب، أو تحول دون ذلك، فالحل برئيس ضامن وحكومة عيش مشترك ميثاقية، وأجهزة أمنية وظيفتها مصالح لبنان الأمنية، لأن أي خطأ بلعبة التوازنات السياسية سوف يضع البلد بقلب الكوارث".
وتابع: "نحن ضد العزل السياسي، وضد لبنان الملعب، بل نحن مع لبنان الوطن والرؤية، والدولة مطالبة برفع الصوت وحماية قرارها السياسي، ووجهة لبنان الإقليمية يجب ألا تكون على حساب لبنان وشعبه وسيادته، لأن الخارج الدولي أو الإقليمي يضعنا بمواجهة بعضنا البعض. والحل بتوافق داخلي بعيداً من المقامرة السياسية التي لا تنفصل عن الخراب"، مشيرا إلى أن "توازنات لبنان الحالية مشدودة، واللعب فيها يفجّر البلد، ولا أعتقد أن هناك مصلحة لأحد بانفجار البلد".
من جهة أخرى أكّد قبلان أن "الدولة مطالبة بواجباتها ومسؤولياتها اتجاه شعبها وناسها، بخاصة موضوع الركام والإعمار. لأن ما يجري على مستوى العمل الحكومي مقلق للغاية، والانتهاكات الإسرائيلية في القرى الحدودية أكثر من خطيرة، والصبر له حدود، والأطراف الضامنة للقرار 1701 مطالبة بتنفيذ مسؤولياتها، ولن نفرّط بذرة تراب من أرض الجنوب، والمقاومة حاضرة وقوية، وشديدة الحضور، ومن يراهن على لعبة الأمم سيخسر، وحرام أن نخسر لبنان ليربح طغاة الخراب الدولي، واليوم لا شيء أهم من حماية القرار السياسي للبنان".