الحجاج يستقبلون أول أيام التشريق ويشرعون برمي «الجمرات»
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
مكة المكرمة (الاتحاد)
أخبار ذات صلةيواصل أكثر من 1.83 مليون من حجاج بيت الله الحرام، اليوم الاثنين، إكمال مناسكهم «فيبقون أيام التشريق الثلاثة»، في مشعر منى، ويكملون رمي الجمرات الثلاث الصغرى، ثم الوسطى، فالكبرى، بعد أن تحللوا من إحرامهم ورموا «جمرة العقبة» أمس، أول يوم عيد الأضحى المبارك، وسط انسيابية في التنقل، وتسخير الإمكانات الخدمية والأمنية كافة.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس» أنه من أجل ضمان انسيابية حركة الحجيج تم تخصيص مسارات لتوزيع الحشود على الأدوار المتعددة لمنشأة الجمرات التي شيدت بطريقة هندسية تراعي توزيع كثافة الحجيج في الرمي وتربطها بجسور للمشاة مع قطار المشاعر والمناطق المحيطة بمخيمات الحجاج في منى. وأدى حجاج بيت الله الحرام فجر أمس، طواف الإفاضة، وسط منظومة من الخدمات والتنظيمات المكثفة التي فعّلتها الجهات المعنية بشؤون الحرم المكي، ضمن خطتها الميدانية، لضمان سلاسة تفويج الحجاج لأداء نسكهم بيسر وسهولة.
إلى ذلك، أدى جموع من المصلين، أمس، صلاة عيد الأضحى في المسجدين الحرام والنبوي الشريف.
ففي مكة المكرمة، أدى المصلون صلاة عيد الأضحى في المسجد الحرام وسط أجواء روحانية وإيمانية، وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس.
وقال الشيخ السديس: «لقد جاء هذا الدين بأعظم القيم الإنسانية المنيفة، والأخلاق الوريفة، مرشداً العالم إلى القيم المزهرة، والمكارم الوضيئة المبهرة، أهمها على الإطلاق، توحيد رب العالمين، فهو أساس دعوة الرسل أجمعين، وذلك؛ بإخلاص الدين لله».
وفي المدينة المنورة، أدى جموع المصلين أمس، صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد النبوي، حيث أمَّ المصلين الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا، إمام وخطيب المسجد النبوي.
وقال الشيخ المهنا: «هذا عيدنا أهل الإسلام، اليوم أفضل أيام العام، يوم الحج الأكبر، ويوم الشعائر العظيمة، يوم إعلان التوحيد والتجريد، ويوم إخلاص العبيد، يوم مبارك جعل الله يوم عرفة قبله توطئة له وتقدمة بين يديه، يقف فيه الحجيج بعرفات منيبين إلى ربهم مسلمين، داعين مخلصين له الدين، مكبرين خاشعين خاضعين، فيتجلى لهم الله سبحانه ويدنو منهم ويباهي بهم ملائكته، ويكرمهم بالرحمة والغفران، ويعتق كثيراً من عباده من النيران».
وللعمل على سلامة ضيوف الرحمن، أعلنت وزارة الصحة السعودية، تقديم الخدمات الصحية لأكثر من 112081 حاجاً في الطوارئ والتنويم والعيادات الخارجية في موسم حج هذا العام، وأن الفرق الطبية أجرت 20 عملية قلب مفتوح، و230 عملية قسطرة قلبية، و819 عملية غسيل كلى، فيما يواصل مستشفى الصحة الافتراضي تقديم خدماته وعطائه، حيث قدم نحو 5114 خدمة للحجاج، ويوفر الاستشارات الطبية الفورية الافتراضية على مدار الساعة بلغات عدة.
من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية في السعودية، أنه يجري تنفيذ المرحلة الثانية من رحلة المشاعر واستئناف مناسك الحج في مشعر منى خلال أيام التشريق، التي يتم خلالها أداء طواف الإفاضة ورمي الجمرات وفق الخطط والتنظيمات الخاصة بها.
وثمَّنت قيادات دينية في الأزهر الشريف، نجاح المملكة في تنظيم حج هذا العام، بكل يسر وسهولة بالرغم من الأعداد الكبيرة من حجاج الخارج والداخل والتي قاربت نحو 2 مليون حاج وحاجة، حيث سخرت المملكة كل أجهزة الدولة من وزارات وكوادر بشرية وإمكانيات مادية.
واعتبر العلماء في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن موسم الحج هذا العام من أنجح المواسم التي شهدتها المملكة بعد استخدام وسائل تقنية وتكنولوجية حديثة ووسائل نقل متطورة، بالإضافة إلى تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة وراحة ضيوف الرحمن.
وقالت الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات بالأزهر الشريف، الدكتورة إلهام شاهين، إن السعودية تقدم كل عام في موسم الحج الكثير والجديد من الخدمات والتطبيقات والمبادرات التي تعمل على راحة ضيوف بيت الله الحرام، وتقوم بالواجب المنوط بها في هذه الأيام المباركة لدى المسلمين من شتى بقاع العالم.
وقالت الأمين المساعد، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن المملكة استخدمت في حج هذا العام التكنولوجيا والتطبيقات والتقنيات الحديثة بصورة أكبر، بما يتناسب ويتواءم مع المستجدات ووسائل العصر الحديث واستخدامات الناس، وبهدف التيسير عليهم من مشقة الحج، خاصة في ظل هذا الطقس شديد الحرارة، مؤكدة أن هذه الخدمات الجديدة خطوة مهمة جداً تحسب للمملكة في هذا الأمر.
من جهته، أشاد عميد كلية أصول الدين السابق بالأزهر الشريف، الدكتور مختار مرزوق، بجهود المملكة في تنظيم حج هذا العام، مشيراً إلى أن المملكة تعمل دائماً على راحة الحجاج في كل عام أفضل من سابقه، وهذا معلوم لمن يذهب إلى حج بيت الله الحرام، مضيفاً «معلوم للجميع الآن هذه الجهود التي رأيناها خلال الحج من خلال القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي أشاد بها الجميع في أنحاء العالم».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الحجاج الحج السعودية المشاعر المقدسة مكة المكرمة المسجد الحرام بیت الله الحرام حج هذا العام عید الأضحى
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: سيرة أصحاب الذكر الجميل تتخطى الآفاق وتفتح لهم القلوب
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، المسلمين بتقوى الله، فقد تكفَّل اللهُ سبحانه لأهل التقوى، بالنجاة مما يحذرون، والرزقِ من حيث لا يحتسبون.
وقال المعيقلي، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، ومن دعاهم إلى خير، كان له من الأجر مِثل أجور مَن تَبِعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ورب كلمة طيبة، تكون سببًا في نفع الأمة، فتترك أثرًا إلى يوم القيامة، وربما كان الأثر، بعمل يسير، من ابتسامة صادقة، أو طلاقة وجه وبشاشة، أو دلالة على هدى، فلا تحقرن من المعروف شيئًا"، وكان صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه، على أن يجعلوا لأنفسهم آثارًا طيبة، حتى آخر فرصة من الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: ((إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ، فَلْيَغْرِسْهَا))، فلذا قال جابِرٌ رضي الله عنه: "لم يكُنْ أحدٌ من أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ذو مَقْدِرَةٍ إلّا وَقَفَ".
وأضاف: "ومن الآثار التي تبقى لصاحبها بعد موته، عِلمٌ علَّمَه ونشرَه، وولدٌ صالحٌ ترَكَه، أو مُصحفٌ ورَّثَه، أو مسجِدٌ شيده، أو وقفٌ للأرامل والأيتام بناه، أو ماءٌ أجراه، أو صدَقةٌ جاريةٌ أخرجَها من مالِه، في صِحَّتِه وحياتِه ".
وبين أن من الآثار التي تبقى لأصحابها بعد مماتهم، الذكر الحسن، والسمعة الطيبة، وهي عمر المرء بعد مماته، فبعد أن طُويت أيامه، بقيت آثاره، وحفظت مآثره، فهي نعمة يرزقها الله من يشاء من عباده، ويُجرِيها على ألسنة خلقه، والناس شهداء الله في أرضه.
وأكد الشيخ ماهر المعيقلي أن الذكر الحسن، يبقى لِمَنْ عمَّ نفعُه، وانتشر عطاؤه، فأصحاب الذكر الجميل، سيرتهم تتخطى الآفاق، وتفتح لهم قلوب الخلق، وتنشرح الصدور في التعامل معهم، وتطمئن النفوس لهم، ويرفع عند الناس مقامهم، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم، سبقته سيرته الحسنة، إلى قلوب الناس قبل بعثته، فهو الصادق الأمين، في الجاهلية والإسلام، والنجاشي ملك الحبشة، انتشر في الناس عدله، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم، لأصحابه يوم الهجرة الأولى: ((إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ))، فالخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، ممن تواصل برهم، وترادف إحسانهم، وبقي أثرهم، من ملك عادل، يحفظ حقوق رعيته، ويحوطهم برعايته، ويقاوم الفساد، ويحمي البلاد، أو عالِم ينفع الناس بعلمه، وسمته وأخلاقه، أو غني كريم معطاء، يُحسِن للمساكين والفقراء، وآخرين يشيدون المساجد، ويعمرون المدارس والمعاهد، وكل هؤلاء الصالحين وغيرهم، وإن غيب الموت أجسادهم، فقد حفظ الله أعمالهم وآثارهم، وأبقى ذكرهم الجميل، واتصل الدعاء لهم جيلًا بعد جيل.
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن من الحرمان العظيم والخسران المبين، أن يرزق الإنسان عمرًا مديدًا، ومالًا ممدودًا، وبنين شهودًا، ثم يموت بلا أثر يذكر، أو عمل طيب عليه يشكر، فمن لم يجعل لنفسه أثرًا قبل مماته، دفن ولا شيء يذكره، غير أنه كان ثم مات، ناهيكم بمن يفرح الناسُ بغيابهم، ويهنئ بعضهم بعضًا بفقدهم، ولربما بقيت آثارهم السيئة، فيأتي من يُحْيِيها، فيكون عليه وزرها ووزر من عمل بها، فأول من بدَّلَ دينَ إبراهيمَ عليه السلام، وأتى إلى جزيرة العرب بالأصنام، رآه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، يَجُرُّ أمعاءَه في النارِ.
كما جرَّ الناس إلى الشِّركِ بالعزيز القهار، وليس من نفس تُقتَل ظلمًا؛ إلا كان على ابن آدم الأوَّل كِفْل من دمها؛ لأنه أول من سَنَّ القتل، وكذا من ابتدع بدعة في الدين ودعا إليها، ثم مات دون أن يتوب منها، ويحذر الناس من فعلها؛ بقيت أثرًا سيئًا يرافقه بعد موته، ويحمل وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم بعثه، فلذا حذّر النبي ﷺ، من السيئات الجارية؛ التي تُكتَبُ على صاحبها وهو محبوس في قبره.
واختتم الشيخ ماهر المعيقلي خطبته مبينًا أن من أسباب لسان الصدق في الآخرين، وبقاء أثر الثناء على العبد في العالمين، العمل بالقرآن الكريم ففي القرآن العز والشرف، والفخر وارتفاع الذكر، كما أن قضاء حوائج الخلق، سبب عظيم لجلب ثناء الصدق، والتربية الصالحة للأبناء، سبيل لبقاء الأثر والثناء.