في تصعيد للخلاف بين القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل وجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سهام نقده إلى الجيش، واتهمه ضمنا -خلال جلسة الحكومة الأسبوعية- باختطاف قرار الدولة، قائلا إن "إسرائيل دولة لديها جيش، وليست جيشا لديه دولة".

وتفجر الخلاف بين القيادتين غداة يوم من أثقل الأيام التي تمر على جيش الاحتلال من حيث الخسائر البشرية خلال حربه الحالية على قطاع غزة، وبعد إقراره بمقتل 11 فردا بين جندي وضابط جراء القتال في القطاع، وباستحالة إعادة جميع المحتجزين في غزة على غرار عملية النصيرات.

وحسب رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي، فإن العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري تعتريها حالة من الارتباك في ظل غياب التغطية العسكرية عن حكومة نتنياهو بعد استقالة الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت من حكومة الطوارئ.

ويقول الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي إن الخلافات بين المستويين السياسي والعسكري ليست جديدة في إسرائيل، لكن حدتها زادت مع طول أمد الحرب في قطاع غزة والفشل في تحقيق الأهداف التي وضعت.

وأشار عرابي إلى وجود حالة من الإحباط واليأس لدى الإسرائيليين على كافة المستويات بسبب هذا الفشل.

ويعتقد عرابي أن المقاومة الفلسطينية بأدائها وصمودها تعمّق الخلاف بين الإسرائيليين، مرجحا أن تنعكس الخلافات بين المستويين السياسي والعسكري على طاولة المفاوضات بين المقاومة والاحتلال.

وأشار إلى أن هجوم نتنياهو على القيادة العسكرية للجيش جاء بعد أن أعلنت عن "هدنة تكتيكية" في مدينة رفح "دون التنسيق معه"، حسب قوله، وأكد أن هذه الهدنة "غير مقبولة"، وأنه "سمع عنها عبر الإعلام".

وعن طبيعة الخلافات بين حكومة نتنياهو والجيش، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إنها تدور حول المواقف والرؤى، سواء في إدارة المعركة أو بخصوص اليوم التالي للحرب.

وأشار الدويري إلى دور المقاومة الفلسطينية في تأجيج الخلافات بين الإسرائيليين، وقال إنه في الوقت الذي دمر فيه جيش الاحتلال غزة وكل مقومات الحياة ظلت المقاومة باقية وعملياتها تتصاعد في جباليا وبيت حانون شمالي قطاع غزة وفي رفح جنوبا.

وبشأن انعكاس الخلافات الإسرائيلية على الحرب في غزة، أوضح الدويري أن الجيش الإسرائيلي بات يدرك أنه لا توجد أهداف قابلة للتحقيق في حرب غزة.

وفي النقطة نفسها، يشير رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل إلى أن غانتس وآيزنكوت ربما يقودان الآن الشارع الإسرائيلي المناهض لحكومة نتنياهو، خاصة في ظل تشكيك قيادات مرموقة سابقة في الجيش بشأن جدوى الاستمرار في الحرب.

وكان لواء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي إسحاق بريك صرح بأن" الحرب في غزة فقدت غايتها، وهي مستمرة فقط من أجل مصلحة رئيس الحكومة نتنياهو".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الخلافات بین

إقرأ أيضاً:

التخلي عن السلاح ووقف الحرب والبديهيات المغيّبة

أثار تقديم الوسيط المصري عرضا للمقاومة الفلسطينية لوقف إطلاق النار يتطرق لفكرة تخليها عن السلاح جدلا واسعا، ليس فقط لأن الأمر يطرح لأول مرة بهذا الشكل في سياق المفاوضات، ولكن أيضا لأنه أتى من الوسيط المصري مباشرة، على ما ادعى مسؤولون في دولة الاحتلال ونفاه مصريا رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، وليس مسؤولا رفيع المستوى.

كما دائما، تزامنت مع هذا العرض المستهجن حملة مكثفة ضد المقاومة وتحديدا حركة حماس ضمن مساعي الضغط عليها وتحميلها مرة أخرى مسؤولية الدماء المهراقة؛ من زاوية أن العرض المقدّم هو الفرصة الأخيرة لوقف الحرب، وهي حملة شارك بها كالعادة مسؤولون "إسرائيليون" ووسائل إعلام عربية ونشطاء على وسائل التواصل يدورون في فلك الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

فهل العرض فعلا منطقي وواقعي؟ وهل هو قادر فعلا على وقف إطلاق النار؟

في المقام الأول، وبافتراض أننا تخطينا مسألة كون دول عربية وسيطا بين أشقائها وقاتليهم، فإن العرض الأخير يشكل خروجا تاما عن نسق المفاوضات التي بدأت مع الحرب باتجاه مواضيع خارج إطار التفاوض، ما يعني تأزيم المسار لا تسهيله. كما أن طرح مسألة تعدُّ من المحرمات مثل سلاح المقاومة هو شرط تعجيزي لا يصدر عمن يريد الوصول لاتفاق.

سؤال وجيه وجوهري يرتبط بضمانات وقف إطلاق النار في حال قبلت المقاومة الفلسطينية نقاش مسألة السلاح. وما زال سلوك الاحتلال بعد الاتفاق الأول شاهدا، من عدم الالتزام لإعاقة البروتوكول الإنساني، إلى عدم الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، فضلا عن تأكيد مسؤولين على رأسهم نتنياهو نيّة حكومة الاحتلال استئناف الحرب بعد حصولها على الأسرى
ثم سيكون هناك سؤال وجيه وجوهري يرتبط بضمانات وقف إطلاق النار في حال قبلت المقاومة الفلسطينية نقاش مسألة السلاح. وما زال سلوك الاحتلال بعد الاتفاق الأول شاهدا، من عدم الالتزام لإعاقة البروتوكول الإنساني، إلى عدم الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، فضلا عن تأكيد مسؤولين على رأسهم نتنياهو نيّة حكومة الاحتلال استئناف الحرب بعد حصولها على الأسرى.

وإذا كان هذا أداء الاحتلال في الحرب الحالية، فإن تاريخه حافل بنقض الاتفاقات والتنصل من الالتزامات، وفي خصوصية السلاح تحديدا ما زال التاريخ شاهدا على مجزرة صبرا وشاتيلا التي خططت لها ونفذتها وشكلت غطاء لها قواتُ الاحتلال مع اليمين الانعزالي اللبناني؛ بعد خروج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان بعد التفاهمات التي أبرمها المبعوث الأمريكي فيليب حبيب في 1982.

وبافتراض تجاوز كل ذلك، على صعوبته، ما هي المعايير العملية لمنطق "تسليم السلاح"؟ وما هو المقصود بالسلاح الذي يُطلب من الفلسطينيين تسليمه، وهم لا يملكون طائرات ولا سفنا ولا دبابات ولا أيا من أنواع السلاح الثقيل بل والمتوسط، وجلُّ ما بيدهم يدرج ضمن السلاح الفردي؟ وعليه، من الذي سيضمن إقرار "إسرائيل" في أي مرحلة من المراحل بأن الفلسطينيين قد سلموا فعلا ما لديهم من سلاح، وهي صاحبة السجل التفاوضي المعروف منذ ما قبل أوسلو وبعده وحتى اليوم؟!!

لذا، بالعودة لمنطق حملات الضغط والبروباغندا ضد المقاومة الفلسطينية، كيف يمكن تحميل الأخيرة مسؤولية عدم وقف الحرب واستمرار الاعتداءات "الإسرائيلية" بسبب رفضها إلقاء السلاح وخروج قيادات المقاومة لخارج غزة وغير ذلك من الشروط التعجيزية التي قد يطرحها الاحتلال لاحقا، كما رفع مرارا سقف الشروط بعد التوصل لتفاهمات خلال هذه الحرب؟

يعيدنا ذلك إلى منطق تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية الإبادة الحاصلة لأنها نفذت عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ابتداء، وكأن الإبادة رد فعل منطقي ومتوقع على العملية، أو كأن كل ما مارسته "إسرائيل" حتى اللحظة سببه العملية وفقط.

لقد اجتاحت "إسرائيل" لبنان في 1982 بذريعة "محاولة اغتيال" سفيرها في لندن شلومو أرغوف، وشنت حربها على لبنان عام 2006 بعد أسر حزب الله جنديين "إسرائيليين"، أي أنها شنت أكبر عدوانين لها على لبنان في حين لم تسفك نقطة دم واحدة من طرفها!!

أكثر من ذلك، فقد عمّقت دولة الاحتلال حربها على لبنان في الحرب الحالية رغم التزام حزب الله، خطابا وفعلا، بجبهة إسناد لم تكسر التوازن أو المعادلات القائمة فضلا عن أن تهددها بشكل جذري، كما شنت أكبر عملية في تاريخها ضد سوريا بعد سقوط نظام الأسد رغم أن القيادة الجديدة ليست في وارد الدخول معها في صراع من أي شكل حاليا ورغم تأكيداتها المتكررة بهذا الخصوص، فضلا عن حربها المفتوحة في الضفة الغربية المحتلة التي لا تمتلك أي أسلحة كاسرة للتوازن.

ما حال دون إبادة كاملة وتهجير شامل حتى اللحظة ليس إنسانية الاحتلال ولا عجزه ولا الضغط الدولي عليه، وإنما أوراق القوة النسبية القليلة المتوافرة في يد المقاومة، وهي سلاحها والأسرى وصمود حاضنتها الشعبية في القطاع والتفافها حولها. وهذا ما يضغط الاحتلالُ وحلفاؤه والمتعاونون معه عليه بكل قوة في الآونة الأخيرة
بكلام آخر، لقد شنت "إسرائيل" دائما حروبها الأوسع والأكبر والأكثر فتكا وسفكا للدماء وفق أجندتها الذاتية وخططها المسبقة، وإن تذرعت أحيانا بخطوة هنا أو عملية هناك، وهو ما أكدته تصريحات سموتريتش وبن غفير بخصوص الضفة خلال الحرب، وتصريحات نتنياهو في الأمم المتحدة قبلها. فكيف يستقيم لأي تحليل رصين وتقييم موضوعي أن يجزم بأن حرب الإبادة "الإسرائيلية" ضد غزة سببها -وليس ذريعتها- عملية السابع من أكتوبر وأنها لم تكن لتكون في توقيت آخر وسياق مختلف بذريعة أخرى؟ وبالتالي كيف يستقيم إذن تحميل الفلسطينيين مسؤولية الجرائم التي ترتكب ضدهم؟ فضلا عما في ذلك من "تطبيع" للإبادة وتبرير أفعال الاحتلال، ضمنا لا صراحة طبعا.

جزء مما يدفع البعض لسوء التقدير في السياق الحالي هو إغفالهم أن "إسرائيل" قد تغيرت جذريا. أيَّدْتَ عملية طوفان الأقصى أم عارضْتَها، أحببتَ حماس أم كرهْتَها، لا ينبغي عليك أن تغفل أن هذه الحرب قد غيرت كل شيء ووضعت دولة الاحتلال والقضية الفلسطينية والمنطقة برمتها في سياق مختلف تماما، لم تعد تصلح له ومعه التقييمات السابقة على الحرب.

الكل يدعو لوقف الحرب "بأي ثمن"، والمقاومة ليست استثناء في ذلك، فهي أيضا تريد وقف العدوان بأي ثمن، لكن المهم والمؤثر هنا هو "وقف العدوان" أكثر من "الثمن"، لأن الأثمان المقترحة غير قادرة على وقف الحرب. فالعوامل والتطورات التي يمكن لها أن توقف الحرب أو تساهم في ذلك ما زالت على حالها منذ بداية الحرب، وهي تعرُّض "إسرائيل" لخسائر كبيرة تدفع لقرار وقف الحرب من المستوى السياسي أو المؤسسة العسكرية أو بسبب الضغوط الشعبية الداخلية، أو موقف عربي– إسلامي حقيقي ضد الإبادة ومع وقف الحرب وإدخال المساعدات، أو قرار أمريكي بوقف الحرب. وأي من هذه العوامل لم يحدث حتى اللحظة بالدرجة المؤثرة المنشودة.

أما أي مرونة وتنازلات فلسطينية فلم تؤد حتى اللحظة لتغير جوهري في موقف الاحتلال، بل لعلها أدت إلى تصلب موقفه باتجاه استمرار الحرب، وقد استشهد نتنياهو سابقا بكتابات ومناشدات على وسائل التواصل عدَّها مؤشرا على ضعف المقاومة و/أو الشعب، فدعا لتكثيف الحرب ومواصلة الضغط وليس العكس.

وعليه، ينبغي تركيز جهود من يريد وقف الحرب، فعلا وحقا لا مناكفة واستغلالا، على ما يمكن أن يوقفها.

إن ما حال دون إبادة كاملة وتهجير شامل حتى اللحظة ليس إنسانية الاحتلال ولا عجزه ولا الضغط الدولي عليه، وإنما أوراق القوة النسبية القليلة المتوافرة في يد المقاومة، وهي سلاحها والأسرى وصمود حاضنتها الشعبية في القطاع والتفافها حولها. وهذا ما يضغط الاحتلالُ وحلفاؤه والمتعاونون معه عليه بكل قوة في الآونة الأخيرة: السلاح والأسرى والجبهة الداخلية في غزة، بينما ينبغي لأي مخلص وجادٍّ في حرصه على دماء الناس وحريتهم وقضيتهم أن يعزز أوراق القوة هذه وأن يضغط على المعتدي لا الضحية.

يدرك الجميع أن المقاومة لن تسلم سلاحها وأن الشعب نفسه لن يرضى بذلك، وبالتالي فوقف العدوان لا يتأتى بهذه الطريقة، وإنما بإلزام الاحتلال بما اتفق عليه، ولجْمِهِ عن العدوان بكل السبل المتاحة وهي كثيرة بالمناسبة، لمن صدق.

x.com/saidelhaj

مقالات مشابهة

  • خبراء: اعترافات غالانت بشأن النفق صراع سياسي يمهد لانهيار داخلي بإسرائيل
  • لجان مقاومة صالحة تكشف عن عمليات قتل وتعذيب واعتقالات واسعة بواسطة الدعم السريع 
  • مذكرة رئيس الشاباك بحق نتنياهو قد تؤدي لعزله
  • “العشائر الفلسطينية” تبارك عمليات المقاومة في غزة
  • التخلي عن السلاح ووقف الحرب والبديهيات المغيّبة
  • عودة عمليات المقاومة الفلسطينية: وقفة أمام قدرات التصعيد
  • إسحاق بريك: خسرنا الحرب مع حماس والجيش دمّر أقل من 10% من الأنفاق
  • الرئيس اللبناني: شعبنا لا يريد الحرب والجيش المسئول عن حمل السلاح
  • عاجل. جوزاف عون يرد على حزب الله: اللبنانيون لا يريدون الحرب والجيش وحده هو المسؤول عن حمل السلاح
  • نتنياهو: وجهت الجيش بزيادة الضغط العسكري .. ولن أستسلم حتى النصر الكامل