انتخابات بريطانيا.. اختبار للعلاقات بين حزب العمال والمسلمين
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
رغم البعد الجغرافي بين قطاع غزة والوديان الخضراء في يوركشاير، فإن الحرب المستمرة منذ أكثر من 8 أشهر قد تؤثر على الانتخابات التشريعية في شمال إنجلترا، حيث يشعر الكثير من المسلمين بالغضب إزاء موقف حزب العمال من القتال الذي أحدث دمارا هائلا في القطاع الفلسطيني.
ورغم أن الترجيحات تفيد بأن الفوز سيكون حليفا لحزب العمال في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو/تموز، فإن رفض زعيمه كير ستارمر دعم وقف إطلاق نار غير مشروط في غزة أثار انقساما بين الناخبين المسلمين، الذين يدعمون تقليديا وبشكل كبير حزب يسار الوسط.
ففي عام 2019، صوت حوالي 4 من كل 5 مسلمين بريطانيين لصالح العمال، في تجسيد لإرث من الروابط التاريخية بين الحزب والعمال القادمين من باكستان أو من بنغلاديش في الخمسينيات والستينيات.
غير أن استطلاعا حديثا أفاد بأن واحدا من كل 5 من هؤلاء الناخبين سيصوت لحزب العمال في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي قد يحمل تأثيرا مهما على النتائج في بعض الدوائر الانتخابية التي تضم جالية مسلمة كبيرة، مثل كيغلي وإيلكي في يوركشاير.
ويقول مرشح حزب العمال في كيغلي، جون غروغان، "من المؤكد أن هذه مشكلة، ولكنني آمل أنه مع تقدم الحملة الانتخابية سأتمكن من الاحتفاظ بجزء كبير من أصوات الناخبين المسلمين الذين يشعرون بقلق إزاء هذه القضية".
وأضاف بينما كان يقوم بجولة انتخابية "هنا تتخذ المساجد موقفا محايدا، في حين تقول مساجد في بعض بلدات شمال إنجلترا: لا تصوتوا لأي من الأحزاب الرئيسية".
وخلال جولته، أوقفه أحد الناخبين وسأله بشأن موقف حزبه من الحرب في غزة، فأجاب أن حزب العمال "سيحترم سلطة المحكمة الدولية" وسيعترف بالدولة الفلسطينية.
غير أن الناخب رد قائلا "كير ستارمر سيكون قائدكم. مهما قال كير ستارمر ستتبعونه". وأضاف "جورج غالاواي هو الوحيد الذي يتحدث عن الأمر"، في إشارة إلى النائب اليساري الذي كان عضوا في حزب العمال، والذي بات نائبا مستقلا خلال انتخابات فرعية بعدما أدرج الحرب في غزة في صلب حملته الانتخابية.
غضب من الحزبينوجعل كير ستارمر مما يعتبره "مكافحة لمعاداة السامية" أولوية عندما تولى رئاسة حزب العمال في عام 2020، كما تبنى موقفا ثابتا في دعم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول حين شنت المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب الشهيد عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- هجوم "طوفان الأقصى" على نقاط عسكرية ومستوطنات محاذية لقطاع غزة، ومنذ ذلك الحين، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا ضروسا على القطاع مخلفا أكثر من 122 ألفا بين شهيد وجريح.
ويتقارب موقف حزب العمال في ذلك مع موقف حكومة حزب المحافظين.
وبينما جرت تظاهرات ضخمة في المملكة المتحدة دعما لفلسطين، فقد استهدفت بعض التحركات الاحتجاجية حزب العمال بشكل منتظم أيضا.
وخلال الانتخابات المحلية في مايو/أيار الماضي، اضطر المخططون الإستراتيجيون لحزب العمال إلى الاعتراف بأن موقفهم بشأن الحرب في غزة قد كلفهم أصواتا. وبينما يأملون في الاحتفاظ بدائرة كيغلي وإلكي الانتخابية في الرابع من يوليو/تموز، إلا أن الانقسام الجديد يثير تساؤلات أعمق بشأن اتجاه الحزب.
وتظهر استطلاعات الرأي نتائج كارثية بالنسبة لحزب المحافظين في المملكة المتحدة عموما، ويبدو من المنطقي أن يحتفظ حزب العمال بمقعدي كيغلي وإلكي. غير أن مشاركة مرشحين مستقلين مثل فاسيم شابير الذي ركز حملته الانتخابية على غزة، قد تؤدي إلى زعزعة قواعد اللعبة.
ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية إن "غزة حفزت العديد من الناخبين الذين كانوا لا مبالين سياسيا أو صامتين". ويضيف "نريد أن نُغيّر مسار هذه الانتخابات"، موضحا أن هدفه هو منع فوز حزب العمال.
ووفق المحامي شايد إقبال -وهو من الشخصيات المعروفة ضمن الجالية المسلمة في المدينة- فإن الاستياء قوي بين الناخبين. ويقول "إنهم غاضبون من كلا الحزبين، لكنهم غاضبون أكثر من حزب العمال، لأنهم اعتقدوا أنه سيدافع عن حقوق الإنسان ويدين الفظائع".
من جهته، يحذر فاسيم شابير من أن "الشبان الباكستانيين والبنغاليين المولودين في بريطانيا في هذه الدائرة الانتخابية، لا يريدون التصويت لصالح حزب العمال"، مضيفا "أعتقد أنهم سيخسرون أصوات جيل المستقبل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حزب العمال فی کیر ستارمر فی غزة
إقرأ أيضاً:
انتخابات البلديات في ليبيا: إحراج للنخب السياسية وإثبات للقدرة على النجاح
ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشرته مجلة “ميدل إيست مونيتور” البريطانية الضوء على الدروس المستفادة من نجاح ليبيا في تنظيم انتخابات بلدية في 58 بلدية، واصفًا يوم الـ16 من نوفمبر بـ”اليوم المهم”، مشيرًا إلى أنه كشف تناقضات ونفاق نخبة سياسية فاسدة تعيق المسار الديمقراطي.
وأكد التقرير، الذي تابعته وترجمت أبرز ما جاء فيه صحيفة المرصد، أن مفوضية الانتخابات أثبتت قدرتها على تنظيم استحقاقات ناجحة إذا ما تُركت لتعمل دون تدخل سياسي وحصلت على الدعم اللازم. ووصف التقرير أداء المفوضية في الانتخابات البلدية بالمثير للإعجاب، خاصة في ظل الانقسامات السياسية والنقص في الموارد.
دروس مستفادة من التجربة: إثبات القدرة على النجاح رغم الصعوبات:يرى التقرير أن تنظيم الانتخابات البلدية بنجاح يطرح تساؤلًا كبيرًا حول عدم المضي قدمًا في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، مشيرًا إلى أن العوائق الحقيقية لهذه الانتخابات ليست فنية أو لوجستية بل سياسية بحتة. إحراج النخب السياسية:
يصف التقرير هذه الانتخابات بـ”الإحراج الكبير” لنخب سياسية متمسكة بالسلطة. وأكد أن تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية في عام 2021 كان مجرد مناورة من حكام يخشون فقدان امتيازاتهم وسلطتهم. إمكانية تنظيم الانتخابات رغم الانقسامات:
أظهر نجاح الانتخابات البلدية أن ليبيا تمتلك الإمكانات البشرية والفنية لتنظيم انتخابات ناجحة حتى في ظل الانقسامات القبلية والإقليمية. تساؤلات حول الانتخابات الوطنية:
تساءل التقرير عن استعداد النخبة السياسية الحاكمة للسماح بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، خاصة بعد أن أثبتت الانتخابات البلدية أن العقبات السياسية المصطنعة هي المانع الأساسي أمام إرادة الليبيين. كما لفت إلى دور قوى أجنبية في تعطيل المسار الانتخابي، مُرجحًا تكرار هذا التدخل في حال شعرت هذه القوى أو النخب المحلية بتهديد مصالحها.
ترجمة المرصد – خاص