ساركوزي يحذر من فوضى بفرنسا بعد قرار ماكرون حل الجمعية الوطنية
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
باريس-سانا
حذر الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي من عواقب القرار المفاجئ للرئيس الحالي إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات مبكرة، معتبراً أن القرار قد يؤثر سلبياً على مستقل البلاد ويدفعها نحو الفوضى.
ونقلت صحيفة “ال دي ديمانش” الفرنسية عن ساركوزي قوله: إن الفوضى المحتملة الناجمة عن حل الجمعية ربما يصعب الخروج منها.
ورأى ساركوزي أن إعطاء الكلمة للشعب الفرنسي للتعبير عن نفسه كمبرر لحل “الجمعية الوطنية” يشكل “حجة غريبة”.
وأضاف: “الخطر كبير من إثارة المزيد من الغضب بدلاً من التهدئة”.
وكان ماكرون دعا إلى إقامة انتخابات مبكرة على جولتين في يومي الـ 30 من الشهر الجاري والسابع من تموز القادم بعد أن خسر تحالفه المنتمي إلى تيار الوسط أمام حزب التجمع الوطني المنتمي إلى اليمين يوم الأحد الماضي في انتخابات البرلمان الأوروبي.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
صناعة الفوضى
قرأت تصريحاً مستفزاً للغاية لمستشار اﻷمن القومي اﻷمريكي مايك والتز، قال فيه نصاً: "إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ورثت حالة من الفوضى حول العالم، لا سيما في الشرق اﻷوسط من قبل سلفه جو بايدن"، ومبعث الاستفزاز والاستغراب معاً أن المسؤول الأمريكي رفيع المستوى تجنب اطلاعنا على المتسبب في هذه الفوضى العارمة والمأساوية التي يشتكي بمرارة من توابعها وأعراضها الجانبية المباشرة وغير المباشرة.
فهو سيحجم بلا شك عن الاعتراف بأن الولايات المتحدة كانت سبباً جوهرياً في استشراء الفوضى بعالمنا، وأن لها باعاً طويلاً في صناعتها، ولعل المثال اﻷبرز واﻷشهر كانت كوندوليزا رايس وزير الخارجية الأسبق، التي بشرتنا في تسعينيات القرن العشرين بما اسمته "الفوضى الخلاقة"، وهما أمران يصعب اجتماعهما معاً، ﻷنهما نقيضان، وجرى تطبيقها بفجاجة في منطقتنا بتدخلات وسياسات قادت لتقويض وتخريب أسس الدولة الوطنية بعدة دول، منها العراق وسوريا وأفغانستان، وأجهضت كثيراً من التجارب الديمقراطية الواعدة في أرجاء المعمورة، وضربت في مقتل الجيوش الوطنية التي سعت لتفكيكها واستبدالها ميليشيات مسلحة منفلتة، لا تعرف الضبط والربط ولا النظام وتحتكم لسلاحها في كل كبيرة وصغيرة وشاردة وواردة.
وإن وجهنا أنظارنا صوب الحاضر راجين منه الإجابة عن تساؤلي التالي: مَن الذي يمنح إسرائيل شيكاً على بياض لفعل ما بدا لها وبرعونة منقطعة النظير، دون أن تعبأ باحترام القوانين واﻷعراف الدولية المتعلقة بالمناطق المحتلة، وحقوق شعوبها المكفولة في الحصول على أدنى الخدمات التي تمكنهم من العيش في ظل حياة كريمة من كهرباء، ومياه نظيفة صالحة للشرب، ومستشفيات يتلقون فيها العلاج، وحرية الحركة والسفر، وعدم استخدام اﻷسلحة المحرمة دولياً، أو استباحة سيادة دول الجوار، واحتلال أجزاء منها بحجة حماية حدودها؟
وهل ما سلف ليس باعثاً على شيوع الفوضى، وإثارة اﻷحقاد والضغائن والرغبة في الثأر من دولة تعتبر نفسها فوق القانون والمحاسبة؟ ومَن الذي يتكفل عن طيب خاطر بتبرير أفعالها ويوفر لها مظلة حماية داخل المنظمات والهيئات الدولية ويؤمنها من المساءلة وفرض العقوبات مثلما تفعل مع اﻵخرين، وتنجو من العقاب على جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاعتداء على دور العبادة والمقدسات الإسلامية بالقدس المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، بخلاف تنكر تل أبيب لحل الدولتين كركيزة لإنهاء الصراع المزمن في الشرق الأوسط، الذي يؤثر على الاستقرار والأمن الدوليين.
أيضاً مَن الذي أشعل فتيل حرب اقتصادية سوف تتسع رقعتها بزيادة التعريفات الجمركية اﻷمريكية على السلع والبضائع القادمة من دول الإقليم والقارة اﻷوروبية، ويدعو لضم كندا لتصبح ولاية أمريكية وشراء جزيرة "غرينلاند" ولتهجير الفلسطينيين من أرض آبائهم وأجدادهم، بذريعة إعادة بناء قطاع غزة وتحويلها إلى ريفييرا يقصدها اﻷثرياء والوجهاء في العالم، للاستمتاع بأجوائها الخلابة، وبالنسبة لسكانها الأصليين فليتم تهجيرهم بلا ضوضاء لإسعاد إسرائيل.
وليتحل المسؤول اﻷمريكي الكبير بقدر من الصبر والهدوء ليخبرنا عمَن يعطي ظهره للتحالف الممتد منذ عقود بين واشنطن والحلفاء اﻷوروبيين ويتصرف من قاعدة المن، وأن أوروبا لن تقدر على مواجهة التحديات اﻷمنية بدون أمريكا، وأن حلف شمال اﻷطلنطي "الناتو" لا يساوي أي شيء بدونها، وهو ما تسبب في فوضى سياسية عارمة بالعلاقات اﻷمريكية-اﻷوروبية ومرشحة لمزيد من التدهور في الفترة المقبلة، ما دام ترامب يواصل حملاته وتصريحاته غير الدبلوماسية مع حلفاء بلاده اﻷقربين بالقارة العجوز.
تلك هي الحقائق الماثلة أمام أعين الجميع، وعوضاً أن يكون الصادر من واشنطن محفزاً وباعثاً على التخفيف من حالة الفوضى التي تحدث عنها مستشار الأمن القومي الأمريكي، فإن الحاصل على العكس تماماً، لأن الإدارة الأمريكية تتصرف بطريقة وأسلوب يشجع على دعم صناعة الفوضى، وفتح ثغرات وفجوات أكثر في النظام الدولي المهترئ وغير المنصف الذي يترك شعباً محتلاً يقتل هكذا بلا شفقة ولا رحمة، ولا يستطيع وقف إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة عند حدودها، بغية صون السلم والأمن العالميين.