ما الذي ينتظر النووي الإيراني بعد نتائج الانتخابات الإيرانية والأميركية؟
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
طهران- بعد مرور أكثر من 5 أعوام على انسحاب الإدارة الأميركية من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والمجموعة السداسية، المكونة من كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا والولايات المتحدة، يعود ملف طهران النووي إلى الواجهة من بوابة قرارات مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد خفض طهران التزاماتها في الاتفاق.
ولم تمض سوى 10 أيام من تجديد إيران موقفها حيال الاتفاق النووي، وتهديدها بالرد إذا اعتمد مجلس المحافظين قرارا بإدانتها، ذلك أنها "في مرحلة تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي"، حتى أعلنت الوكالة الأممية أن إيران أسرعت بتركيب مجموعات جديدة من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.
التقرير السري للوكالة الذرية أعقبته ردود فعل قوية وعلنية من الولايات المتحدة الأميركية وشركائها الأوروبيين، بلغت التهديد بمواصلة محاسبة إيران في الأوساط الدولية وزيادة الضغط عليها، مما أثار تساؤلات عما ينتظر الملف مستقبلا.
ما سبب عودة ملف طهران النووي إلى الواجهة وإثارته من جديد؟عقب التصعيد الذي بلغ ذروته مع الانسحاب الأميركي عام 2018 من الاتفاق النووي، انخرطت إيران والإدارة الأميركية الديمقراطية في سلسلة مفاوضات غير مباشرة بوساطة إقليمية وأوروبية لإنقاذ الاتفاق، واستمر الشد والجذب بين الأطراف المعنية بالملف النووي الإيراني طوال الأعوام الماضية، أصدر خلالها مجلس محافظي الوكالة الدولية قرارات تنتقد إيران لعدم تعاونها الكافي مع الوكالة الذرية.
ولدى زيارته العاصمة طهران، الشهر الماضي، عقد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مباحثات وصفت بأنها "هامة وإيجابية"، بهدف إنهاء الجمود بشأن القضايا المعلقة بين الطرفين، إذ أعرب الضيف الأممي حينها عن أمله في إبرام اتفاق بشأن حزمة إجراءات "قريبًا".
وعقب تعليق طهران محادثاتها مع الوكالة الذرية، على خلفية وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث سقوط المروحية، تبنى مجلس محافظي الوكالة الذرية في اجتماعه الربع سنوي الثاني – خلال الشهر الجاري- قرارا يدعو إيران إلى تعزيز التعاون مع الوكالة والتراجع عن حظر فرضته في الآونة الأخيرة على دخول مفتشين منشآتها النووية.
وجاء قرار مجلس المحافظين في 5 يونيو/حزيران الجاري ضد إيران بعد يوم فقط من تهديد الأخيرة بالرد في حال صدور قرار ضدها، مؤكدة على لسان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي أنه "إذا لم تعد الأطراف الأخرى إلى التزاماتها، فمن حق إيران أن تخفض التزاماتها بشكل متبادل، والبلاد الآن في مرحلة تقليصها".
ماذا تريد إيران من تكرار مقولتها إنها "في مرحلة تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي"؟يقول الباحث السياسي مهدي عزيزي، إنه لابد من العودة للوراء للوقوف على سياسة إيران الداعية إلى خفض تعهداتها النووية ردا على "الضغوط الغربية" على برنامجها النووي، حيث الدور الأول من المفاوضات النووية بين طهران والترويكا الأوروبية إبان حقبة الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يذكّر عزيزي بالمفاوضات التي خاضتها بلاده عام 2003 مع الجانب الأوروبي، والتي جمدت طهران بموجبها تخصيب اليورانيوم في جميع منشآتها النووية بشكل طوعي، وصدّقت بعد فترة وجيزة على البروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم الانتشار النووي.
وتابع أن الاتفاقية فشلت في العام التالي، عندما طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمهورية الإسلامية بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريدها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية، مما أدى إلى أن ترد طهران باستئناف التخصيب.
وأوضح المتحدث نفسه، أن المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي كان قد علق يوم الثالث من يناير/كانون الثاني 2007 على هذه التجربة بالقول "لقد سبق وأكدت ضرورة توقف وتيرة تراجع النشاطات النووية، بل ينبغي أن تتحول إلى عملية تطوّر وتقدم"، ليتحوّل موقف القيادة الإيرانية إلى سياسة ثابتة ترد الدولة بموجبها بخطوة تصعيدية على الضغوط الغربية، التي لا تأخذ التعاون الإيراني الطوعي بعين الاعتبار.
وبعد عام من انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي وفرضه سلسلة من العقوبات على طهران، ردت الأخيرة باتخاذ سلسلة خطوات تراجعت خلالها تدريجيا عن تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق، وهددت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا أحيل ملف برنامجها النووي إلى مجلس الأمن بسبب خطواتها التقليصية.
كيف ردت طهران على قرار مجلس المحافظين الأخير؟لم تعلن إيران رسميا الخطوات التي اتخذتها أو سوف تتخذها ردا على القرار، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت في تقرير سري وزعته على أعضائها إن إيران أبلغتها بأنها ستركب 8 مجموعات، يضم كل منها 174 جهاز طرد مركزي "آي.آر-6" خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة، في الوحدة الأولى من محطة فوردو لتخصيب الوقود.
وأوضح التقرير، أن الوكالة تحققت في 11 يونيو/حزيران الجاري من أن إيران أكملت تركيب أجهزة الطرد المركزي في سلسلتين في الوحدة الأولى بالمحطة، بعد أن كان تركيب هذا النوع من الأجهزة جاريا في 4 سلاسل أخرى.
من ناحيتها، أفادت صحيفة "خراسان" الناطقة بالفارسية، أن إجراءات الجمهورية الإسلامية ردا على قرار مجلس المحافظين قد بدأت بالفعل في منشأتي نظنز وفوردو، وأنها سوف تستمر خلال الأيام المقبلة.
كيف تقرأ الأوساط الإيرانية خطوة بلادهم التي اتخذتها ردا على قرار مجلس المحافظين؟يعتقد الباحث السياسي مهدي عزيزي، أن الخطوة كان لابد منها وفقا لتجربة طهران الطويلة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والجانب الغربي في ملفها النووي، وأنها جاءت متناسبة مع مرحلة خفض طهران التزاماتها في الاتفاق النووي، التي جاءت بدورها ردا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق وعدم تنفيذ الجانب الغربي تعهداته فيه.
واعتبر، الباحث ذاته، أن بلاده كانت قد حذرت الجانب الغربي والوكالة الذرية من عواقب هذا الإجراء الذي لم يأخذ المفاوضات الإيرانية مع كل من الوكالة الذرية والولايات المتحدة بعين الاعتبار، حيث جُمّدت تلك المفاوضات بسبب الشغور الرئاسي في البلاد.
وخلص إلى أن الجانب الغربي يحاول الإيحاء في بياناته وقراراته بأن طهران تقترب من صناعة السلاح النووي، في حين أن المسؤولين الإيرانيين قد أكدوا عدة مرات بلوغ بلادهم العتبة النووية لكنهم لا ينوون ذلك، نظرا إلى فتوى المرجعية الدينية بحرمة إنتاج أسلحة الدمار الشامل.
كيف تقرأ إيران ردود الفعل الأميركية والأوروبية إزاء تقارير الوكالة الذرية التي تتحدث عن توسيع طهران برنامجها النووي؟يتهم الباحث السياسي والنائب السابق وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني نوذر شفيعي، الدول الأوروبية بتبني سياسة الكيل بمكيالين تجاه النووي الإيراني، عبر المؤسسات الأممية التي تصادرها وفق أجندتها السياسية.
وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد شفيعي أن إثارة ملف طهران النووي عندما تمر البلاد بشغور رئاسي "مسيسة وترمي للتدخل في شؤون إيران الداخلية"، متهما الجانب الغربي بإرسال رسائل مبطنة للناخب الإيراني تحثه على التصويت لصالح تيار سياسي محدد في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأوضح المتحدث نفسه، أن ردود الفعل الغربية المتمثلة في بيانات الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة تقول للناخب الإيراني إن السبب وراء تأزيم ملف بلاده النووي هو سيطرة تيار سياسي متشدد على السلطة، وما عليه سوى التصويت للتيار المنافس حيث تظن هذه الدول أنها قادرة على التعامل معه بسهولة.
ماذا ينتظر ملف طهران النووي عقب الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 الشهر الجاري في إيران؟يعتقد شفيعي، أن سياسات إيران الخارجية ترسم بناء على ثوابت وأساسيات وطنية في مؤسسات رسمية بما فيها وزارة الخارجية، وأن الحكومات لا يمكنها المناورة سوى داخل الإطار المحدد مسبقا من قبل تلك المؤسسات التي لا تنتمي للتيارات السياسية.
وبغض النظر عن التيار السياسي الذي سيفوز في الانتخابات الإيرانية المقبلة، فإن الحكومة الجديدة قد تعلّق المفاوضات النووية في حال توصلت إلى نتيجة أن الجانب الأوروبي يمارس الضغوط للحصول على امتيازات أكبر في الملف النووي، وفقا للنائب السابق نوذر شفيعي، الذي لا يستبعد أن يظهر الجانب الغربي مرونة خلال الأشهر الأولى من الحقبة المقبلة لحض الحكومة الجديدة على الانخراط بالمفاوضات لحلحلة القضايا الشائكة.
وتوقع أن يعود الهدوء للعلاقات الإيرانية الأميركية في حال فوز الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الأميركية المقبلة، على غرار حقبة سلفه الديمقراطي باراك أوباما.
وخلص شفيعي إلى أنه في حال فوز المرشح دونالد ترامب في رئاسيات أميركا المقبلة، سيكون مستعدا للتفاوض مع إيران بغض النظر عن نوع الحكومة، لكنه سيكون على المسافة نفسها من الانخراط في سياسات قد تؤدي إلى توتر العلاقة بين واشنطن وطهران.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الوکالة الدولیة للطاقة الذریة الوکالة الذریة الاتفاق النووی الجانب الغربی من الاتفاق مع الوکالة ردا على فی حال
إقرأ أيضاً:
إيران في ورطة.. طهران تقف عاجزة أمام كميات مهولة من النفط المُخَزَّنة في ناقلات راسية في البحر
ارتفعت كمية النفط الإيراني المُخَزَّنة على ناقلات راسية في البحر إلى أعلى مستوى منذ أواخر يوليو/تموز، مع تعطل تدفقات النفط الخام من الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» إلى الصين بسبب العقوبات الأمريكية الواسعة.
وبلغت كمية النفط في المخزونات العائمة 16.82 مليون برميل، حتى 15 ديسمبر/كانون الأول، حسب بيانات صادرة عن منصة «كبلر» التي ترصد تدفقات النفط، طبقا لما ذكرته وكالة بلومبرغ للأنباء أمس الجمعة.
ويتم تخزين حوالي ثلثي النفط الإيراني على متن ناقلات قبالة الساحل الشرقي لماليزيا وهي منطقة رئيسية في سلسلة التوريد، حيث يتم نقل النفط الخام الإيراني في الكثير من الأحيان، إلى سفن أخرى لنقله إلى موانئ صينية.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أمس الأول فرض عقوبات على أكثر من 10 كيانات وسفن وأفراد متورطين في نقل النفط الإيراني أو في تمويل جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن.
وتهدف هذه الخطوة إلى منع إيران من تمويل «أنشطتها الخبيثة»، وفقا لبيان صادر عن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وقال بلينكن «طالما تواصل إيران تخصيص عائدات نفطها لتمويل الهجمات على حلفاء وشركاء الولايات المتحدة، ودعم الإرهاب في جميع أنحاء العالم، واتباع إجراءات مزعزعة للاستقرار، سنواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لدينا لمحاسبة النظام».
كما فرضت وزارة الخزانة أيضاً عقوبات على 12 فرداً وكياناً – بما في ذلك رئيس البنك المركزي اليمني في صنعاء، الذي تقول الولايات المتحدة إنه مرتبط بالحوثيين، وذلك بسبب دوره في تهريب الأسلحة وغسل الأموال وشحن النفط الإيراني غير المشروع لصالح الحوثيين.
وقالت الوزارة إن محافظ البنك المركزي اليمني «يعد شخصية رئيسية في حركة الحوثيين» وهو «المشرف الرئيسي على الأموال المرسلة إلى الحوثيين» من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني