لجريدة عمان:
2025-01-03@09:38:36 GMT

المنقرضات من أنماط غناء العمل وثقافتها

تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT

أنماط الغناء الوظيفي أي التي كانت تؤدى أثناء أداء الأعمال المختلفة في البر والبحر هي الأكثر عرضة لعملية الانقراض، والواقع أن المجتمع والطبيعة يشهدان معًا الكثير من المتغيرات والتحولات. فمنذ سنوات مثلا، والنباتات المحلية غير الشوكية التي تنبت في موسم الأمطار بريف صلالة لا يسمح الرعي لها أن تنمو وتعوض موت الأشجار الكبيرة، فينتهي بها الأمر مبكرًا في بطون الماشية، وهذه ملاحظة شخصية شاهدتها على مدى سنوات.

لهذا زاد نمو الشوكيات من الأشجار وقل المسالم منها غير الشوكية التي لا تستطيع حماية نفسها من التهام الحيوانات. ولكن النشاط الزراعي لأنواع المحاصيل والأشجار الاستوائية المثمرة يبدو خيارًا مناسبًا لسكان الريف هنا، بسبب القدرة على حمايتها من جهة وفائدتها الاقتصادية والبيئية من جهة أخرى. وهكذا يبدو أن التهديد بالانقراض ليس محصورا بالموروثات الثقافية الموسيقية فحسب بل وكذلك أصاب أنواعا أخرى من الموروثات الطبيعية النباتية.

إن علاقة الإنسان العُماني بالأرض تبدلت، وأنواع الأعمال القديمة تغيرت، مما أدى إلى اختفاء أغاني العمل وتوارثها، وفي هذا السياق سجل الدكتور يوسف شوقي في معجم موسيقى عُمان التقليدية واحدة من أغاني العمل المنقرضة منذ الثمانينيات وهو غناء «التصييف»، الذي يصاحب حصاد الحنطة والشعير. فمثل هذا النشاط كان يقوم به المواطنون، أما اليوم هو دور العمال الوافدين. من هنا أعتقد أن أغاني أو شلات المزارعين في كل البلاد من شمالها إلى جنوبها ممكن عدها من المنقرضات أو شبه المنقرضات، ويستطيع المهتم بهذا الأمر متابعته في الواقع ومقارنته بما ورد في معجم موسيقى عُمان التقليدية الذي هو المرجع الأساسي لهذا القراءة المتواضعة. ورغم أن جزءا كبيرا من هذا الموروث لا يزال محفوظًا مع بعض الناس حملة هذا الموروث الغنائي، إلا أنه مهدد بالانقراض بسبب الانقطاع في حلقات التوارث وفقدان الدور الوظيفي والأنشطة الاجتماعية والثقافية المساندة من عادات احتفالية بالمواسم المختلفة.

موضوع المنقرضات من فنون الغناء معقّد ولا يستطيع هذا المقال أو المقالات السابقة ذات الصلة إعطاء إجابة شاملة وافية أو اقتراح الحلول بشأنها ولكنه قد يساعد على ذلك. ومن الواضح أن أنماط عديدة من أغاني المجتمع القديم قد أصابها الانقراض، ولنأخذ مثلا أغاني الرعي التي كانت يؤديها الرعاة في مختلف المحافظات، أو غناء جمع الحطب (التعاويب) التي تحولت ألحانها ونصوصها إلى ذكريات لكبار السن، ذلك أن مطبخ اليوم لا حاجة له للحطب، وطالب غاز الطبخ لا يسلي نفسه بغناء التعاويب، وصانع الحلوى العُمانية الذي يضع سعرا أعلى لتلك التي يصنعها على نار الحطب، يوكل تنفيذ المهمة للعامل الوافد الذي قد يقضي يوم عمله بالاستماع بواسطة جهاز الهاتف إلى أفضل الأغاني من بلاده البعيدة بصوت مطربيها المحترفين.

وهكذا من المهم ذكره في هذه المناسبة أن أغاني عمال السفن التجارية هي الأخرى من المنقرضات أو أنها لم تعد تخدم مناسباتها الأصلية وأصابها الاستبدال الوظيفي ومنها الشوباني والمديما أو المديمة، فلا سفن شراعية تبحر اليوم من الموانئ العُمانية للتجارة مع موانئ البحار البعيدة أو القريبة، وإنما هي السفن المحملة بالنفط والغاز والحاويات المحملة بأنواع البضائع من المصانع العُمانية أو المستوردة والتي يعمل فيها عمال من جنسيات مختلفة، ليسوا بحاجة إلى رفع شراع ولا باورة، وكل أمورهم تسير بالتكنولوجيا.

يظهر هذا المقال المتواضع جانبًا من عمق التحولات الاجتماعية والثقافية التي جرت خلال السنوات الماضية والمحصلة التي نحن عليها اليوم من تغير وتبدل في أنماط الحياة والذوق الفني. ولكن ما العمل في ظل هذا الواقع؟ وما معنى المحافظة على التراث الموسيقي؟ وما أدوات هذه المحافظة؟. وهل التراث الموسيقي أنماط فنية وألحان وضروب إيقاعية وأداء حركي فقط أم كذلك الثقافة ذاتها التي صنعت هذه الأنماط؟.

من وجهة نظري على الأقل، الناس تميل اليوم نحو الاستمتاع الفني والجمالي بالأعمال الفنية الموسيقية وغير الموسيقية، ذلك أن الساحة الثقافية المعاصرة لم تعد مقتصرة على أنماط الغناء الوظيفي القديم كما كان الواقع قبل خمسين سنة على الأقل، فالواقع الثقافي والفني يعج اليوم بالفنانين الموسيقيين والشعراء والكتاب والتشكيليين والمصورين والسينمائيين والمسرحيين، ومشاريعهم الثقافية متنوعة تتطلع إلى أن تلعب دورًا فاعلًا في صياغة التوجهات الثقافية والفنية للمجتمع المعاصر والتشابك مع جيل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وموسيقى الإنترنت.

مسلم الكثيري موسيقي وباحث

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

اليوم.. بدء العمل بمنظومة التأمين الصحي الإلزامي

دبي: فاروق فياض
تدخل دولة الإمارات العربية المتحدة اعتباراً من اليوم الأربعاء، 1 يناير 2025، ضمن منظومة التأمين الصحي الإلزامي لكافة العاملين في القطاع الخاص والعمالة المساعدة، وذلك بعد إلحاق إمارات الشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين ورأس الخيمة ضمن المنظومة، فيما استكملت إماراتا أبوظبي ودبي العمل بها في السنوات السابقة على مراحل وفترات زمنية متعددة.
وكانت وزارة الموارد البشرية والتوطين، بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، بالتنسيق مع عدد من شركات التأمين، أطلقوا باقة أساسية للتأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص والعمالة المساعدة التي لا تتوفر فيها أنظمة تأمين، وذلك تنفيذاً لمنظومة التأمين الصحي التي اعتمدها مجلس الوزراء.
الوثيقة المستحدثة
تغطي المنظومة التي سيبدأ تطبيقها من اليوم، بناء على القرار الصادر عن مجلس الوزراء في هذا الشأن، مختلف فئات العاملين بالقطاع الخاص في الشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة، وبالتالي شمول 100% من القوى العاملة بسوق العمل في باقات التأمين الصحي، ويتوجب على أصحاب العمل شراء وثيقة التأمين المستحدثة، كمتطلب لإصدار وتجديد الإقامة، ولا تسري إلزامية منظومة التأمين على العاملين الذين لديهم إقامات عمل صادرة قبل الأول من يناير 2025 ولا تزال سارية المفعول، فيما يكون التأمين الصحي إلزامياً لهذه الفئة من العمالة عند تجديد إقاماتها.
ويأتي ذلك في إطار حرص الدولة على استكمال الحماية لجميع العاملين بسوق العمل ودعم توفير الحياة الكريمة لهم من خلال توفير منظومة صحية شاملة تتسم بالجودة، وهو ما يًعد نجاحاً كبيراً يضاف إلى مسيرة النجاحات التي يشهدها سوق العمل ضمن رؤية شاملة لتوسيع مظلة منظومة الحماية الحقوقية والاجتماعية المتكاملة التي تشمل نظام حماية العمال، ونظام التأمين ضد التعطل عن العمال والنظام الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة «نظام الادخار».
نفقات العلاج
تغطي الباقة نفقات العلاج مع تطبيق نسبة تحمل 20% للرعاية الصحية للمرضى الداخليين (الذين يتم إدخالهم إلى المستشفى لتلقي علاج طبي أو الخضوع لعملية جراحية) حيث يدفع المؤمن له بحد أقصى يصل إلى 500 درهم لكل زيارة وبحد أقصى سنوي 1000 درهم وتشمل الأدوية، وفوق هذه الحدود ستغطي شركة التأمين 100% من تكاليف العلاج.
أما المرضى الخارجيين (من لا يتطلب منهم الإقامة في المستشفى ويتضمن الزيارات الطبية والفحوصات التشخيصية والعمليات البسيطة)، فتكون نسبة التحمل 25%، حيث يدفع المؤمن عليه بحد أقصى 100 درهم لكل زيارة، ولا توجد نسبة تحمل إذا تمت الزيارة للمتابعة خلال سبعة أيام لنفس المرض، وتبلغ قيمة نسبة التحمل 30% مغطاة حتى 1500 درهم سنوياً للأدوية.
وتغطي الشبكة 7 مستشفيات، و46 عيادة ومركزاً طبياً و45 صيدلية، ويمكن للمعالين من أفراد عائلة أسرة العامل الانتفاع من ذات المزايا والأسعار الخاصة بالمنتج وفقاً لأحكام وثيقة التأمين، كما يمكن لأصحاب العمل شراء منتج التأمين سواء المتمثل بالباقة المستحدثة من «شبكة كير-دبي كير»، أو أي منتج آخر من الشركات التأمينية المعتمدة، عبر عدة قنوات مثل الموقع الإلكتروني والتطبيق الذكي للمجمع التأميني، ومراكز خدمات رجال الأعمال.
تنشيط القطاع
تسهم المنظومة في تنشيط القطاع الصحي بتوسيع نطاق الخدمات وضمان شموليتها لجميع الفئات، ما يخلق بيئة صحية أكثر استقراراً وتطوراً، كما أنها تمثل أداة فعّالة للرصد المبكر للأمراض، مما يعزز الجاهزية للتعامل مع التحديات الصحية الطارئة.
وتتميز الباقة التأمينية المستحدثة عبر «شبكة كير-دبي كير»، بسعر تنافسي مناسب وبتكلفة علاجية رمزية من شأنها تخفيف العبء المالي على أصحاب العمل، لا سيما وأن قيمة التأمين تُعد أقل كثيراً من تحملهم لتكاليف علاج العاملين لديهم وهو ما يقلل من التكاليف التشغيلية.
وتستمر الوثيقة لمدة عامين، ويمكن أن يتم استرجاع قيمتها عن السنة الثانية في حال تم إلغاء الإقامة، وتبلغ تكلفة الباقة التأمينية الأساسية 320 درهماً للسنة الواحدة دون فترة انتظار للعامل في حال مرضه بأحد الأمراض المزمنة، وللفئة العمرية من عام إلى 64 عاماً، وإذا كان فوق هذا العمر لابد من تعبئة نموذج الإفصاح الطبي وإرفاق تقارير طبية حديثة.

مقالات مشابهة

  • الكتاتيب وإحياء الهوية الثقافية والدينية
  • أجمل أغاني شادية وحليم في أولى حفلات الموسيقى العربية بالعام الجديد.. الليلة
  • برج القوس .. حظك اليوم الخميس 2 يناير 2025: تعود لحب قديم
  • اليوم.. بدء العمل بمنظومة التأمين الصحي الإلزامي
  • «الشارقة الثقافية» تضيء على مهرجان الشعر العربي
  • «العويس الثقافية».. 40 نشاطاً نوعياً خلال 2024
  • تسليط الضوء على أهمية أدب الطفل في غرس القيم الثقافية بجلسة حوارية في صحار
  • كيف تسهم البرامج الثقافية المتنقلة بين مختلف المحافظات في تنمية الوعي ؟
  • عاجل وزارة الدفاع الأميركية تعلن عن الأهداف الحساسة للمليشيات الحوثية في صنعاء التي استهدفتها الغارات الجوية اليوم
  • هنو: تكريم أكثر من 70 شخصية أثروا الحياة الثقافية بمصر ‏في 2024‏