مظاهر العيد.. قيم وأصالة تعبّر عن خصوصية المجتمع العُماني
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
تتنوع مظاهر الاحتفال بالعيد في الولايات والمحافظات فيما بينها، وتتجسد الفرحة في محيا الجميع وهم يمارسون العادات والتقاليد التي توارثوها أبا عن جد وتبرز ملامح التكاتف والتعاضد بين الأسرة وأفراد المجتمع.
وللتعرف عن قرب على أحد تلك المظاهر سلطت "عمان" الضوء على إحدى العادات والتقاليد المتفردة بأصالتها التي توارثتها الأجيال في ولاية بهلا، حيث التقت "عمان" عددا من أبناء ولاية بهلا للتعرف على مظاهر العيد وما يمثله العيد من فرحة وسعادة، حيث قال العميد متقاعد ناصر بن مسعود بن صالح الجديدي ورشيد حارة الحوية بالولاية "تُعدّ حارة الحوية نموذجًا رائعًا للحياة المجتمعية الأصيلة في عمان، حيث تتجلى مظاهر العيد بشكل خاص في تعزيز اللحمة الاجتماعية وتبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء والجيران، وتتميز هذه الحارة، كغيرها من الحارات العمانية القديمة، بترابطها الشديد للحفاظ على العادات والتقاليد المتوارثة ونقلها للأجيال القادمة، ومن أهم مظاهر العيد في حارة الحوية، تبادل الزيارات، حيث يحرص أهالي الحارة على تبادل الزيارات في أول أيام العيد، حيث يتناولون وجبة صباحية من اللحم المقلي والحلوى العمانية، ثم يتوجهون إلى مصلى العيد لأداء صلاة العيد".
وبيّن الجديدي أن مجلس الحارة يعتبر مركزًا مهمًا للاحتفالات بالعيد، حيث يجتمع الأهالي لتناول وجبة الإفطار الجماعية، والتي تتكون عادةً من اللحم المقلي والحلوى العمانية، ثم يتوجهون بعد ذلك إلى مصلى العيد لأداء صلاة العيد، وتُعدّ احتفالية التنور من أهم مظاهر العيد في حارة الحوية، ففي اليوم التالي للعيد، يتم تحضير "التنور" وهو عبارة عن حفرة كبيرة تلقى فيها اللحوم المعدة خصيصا في أوعية من سعف النخيل بطريقة شعبية اعتاد عليها الأجداد من غابر الأزمان، وتتخلل هذه الاحتفالية أهازيج شعبية ورقصات تقليدية تعكس فرحة العيد، كما تستمر احتفالات العيد حتى اليوم الثالث، حيث تقام عروض الفرق الشعبية التي تقدم فقرات غنائية ورقصات تراثية تُسعد الحضور، وتنتشر أكشاك الحلويات والألعاب في ساحة الحارة المعدة خصيصا لهذه المناسبة، مما يُضفي على العيد أجواءً من البهجة والمرح بالنسبة للأطفال. كما أن لحارة الحوية مركزًا مهمًا للتجمعات خلال العيد وهو مجلس الحارة، حيث يجتمع فيه الأهالي لتبادل التهاني والتبريكات، ومناقشة الأحاديث الاجتماعية، والاستمتاع بالأجواء الاحتفالية، ويمارس الأطفال في حارة الحوية الألعاب الشعبية، كما يستمتعون بتناول الحلويات والألعاب من الأكشاك التي تُقام في ساحة الحارة.
وأضاف ناصر الجديدي: تشارك حارة الحوية، كغيرها من حارات الولاية، في تظاهرة شعبية اجتماعية تقام خلال أيام العيد، وتتنافس الفرق الشعبية في عرض أهم فقراتها، مما يُضفي على العيد أجواءً من الحماس والإثارة، وتُعد حارة الحوية نموذجًا رائعًا للحفاظ على العادات والتقاليد العمانية الأصيلة، خاصة في المناسبات الدينية، وتُجسد مظاهر العيد في الحارة اللحمة المجتمعية والترابط بين أفرادها، وتُعكس القيم النبيلة التي يتميز بها المجتمع العماني.
ما بين اليوم والأمس
المهندسة أزهار بنت جمعة بن حمدان الهنائي قالت "تختلف عادات التحضير وتتنوع ما بين محافظات سلطنة عمان ولكنها تتفق في مظاهر الفرحة لاستقباله بأجمل الحلل ولمحافظة الداخلية حلة مميزة وطابع تراثي جميل، فنجد فيها ميزة الحفاظ على عادات الأجداد المترسخة منذ القدم والحرص على إبرازها بشكل لافت أمام الأجيال، فهي إلى جانب الابتهاج بقدوم العيد تشكل جذبا سياحيا واقتصاديا بحت، ومن أجمل العادات التي يحافظ عليها الأهالي هي الهبطات قبل العيد، حيث تتجلى فيها حركة اجتماعية وتجارية لكثير من فئات المجتمع والتنافس على عرض الأضاحي والمنتجات المتعلقة بمراسم عيد الأضحى المبارك، فلا يخفى علينا ابتهاج الأهالي بالتحضير لعادة الشواء العماني ذي الطعم الأصيل، وقد تقام بعض الرزحات الفنية التقليدية مع عادة دفن الشواء، وقد يختلف الأمر من حي لآخر ومن ولاية لأخرى وما يشار إليه بالبنان هو الاهتمام بنقل مثل هذه العادات الجميلة للأجيال وترك المجال لهم بالمشاركة مع الكبار وتشجيعهم على تمثيل الإنسان العماني بأصالته وعراقة ماضيه بما يحافظ على إرثهم الحضاري، ومن زاوية نلتمس اهتمام أفراد الأسرة الواحدة وتكاتفهم وانعكاس ذلك على تربية الأبناء والحفاظ على عاداتهم وتاريخ عمان العريق، حيث نجد كل أسرة تحاول الظهور بأجمل التحضيرات داخل المنزل وخارجه لتعم فرحة العيد لمن حولهم بما يعكس مزيدا من التواصل والترابط".
وأضافت أزهار الهنائية قائلة إن يوم العيد يوم تمتزج فيه الأفراح ما بين ذكريات الأعياد في الصغر وتعدد المسؤوليات في الوقت الحالي، حيث إن لكل مرحلة مساحة للاستمتاع بفعاليات العيد وتنوعها مع الأبناء والعائلة والجيران وأصحاب القرية ويبقى يوم العيد موعدا يلتقي فيه الجميع ويستبشر به الصغير قبل الكبير باركه الله لنا ولكم وتقبل منا ومنكم وأعاده الله علينا جميعا بالخير والبركة.
مزيدا من الصور والذكريات
أما المصور عبدالله بن خميس العبري فقال: بالنسبة لي العيد إضافة إلى أنه فرحة وبهجة والتقاء بالإخوة والأصحاب والأصدقاء، فهو أيضا مزيد من التقاط الصور، حيث أقوم بتصوير عدد كبير من الصور للمصلين في مصلى العيد وعند العيود، وكذلك في الفعاليات الأخرى مثل دفن الشواء واستخراجه، واجتماع أهل الحارة، وعرضة الخيل التي تقام بمناسبة العيد وهي لحظات لا تنسى، إن كانت الكاميرا حاضرة في ذلك الحدث، فهي توثق ذلك وتجعله متداولا لأعوام عديدة.
وعن مظاهر العيد يقول: أعتقد أن مظاهر العيد متشابهة في بُهلا كما في حارة الخطوة، حيث يتوجه الناس إلى مصلى العيد وعند الرجوع من المصلى يجتمع أفراد كل أسرة في "البيت الكبير"، ويتم السلام بين الأفراد وكذلك توزيع العيدية على الأطفال، وبعد ذلك الزيارات بين الجيران والأهالي مع بعضهم، بعد ذلك يتم ذبح الأضحية وما يتبعها من توزيع اللحم لثلاثة أيام للتقلية والمشاكيك والشواء، والأخير يتم دفنه في ثاني أيام العيد بعد صلاة العصر ويتم إخراجه في ثالث أيام العيد عند الساعة الحادية عشرة صباحا وعند التنور تتم بعض الصيحات سواء عند دفنه أو عند إخراجه، ويكون الفرح والتجمع عند إخراجه أكثر. في ذلك المكان تلتقي بالكثير من الزملاء الذين لم تلتق بهم خلال فترة العيد.
وعن العادات والتقاليد، قال: هذه التقاليد تنتقل مباشرة بين الأجيال كونهم حاضرين ويشتركون في كل تفاصيلها، وهم يدركون أهميتها وأهمية المحافظة عليها رغم تسارع الزمن وتغير الأحداث وهذه الفعاليات لايمكن أداؤها فرديا، لذلك فهي تكون جماعي، وبذلك يكون التعاون ديدن الجميع، ويكون الإنجاز أسرع ويكون الفرح كبيرا. والعيد فرحة للكبير والصغير، وهي هدية الله للمسلمين، ويتم الاستعداد له باكرا من تجهيز الملابس وشراء الأضحية وكذلك توفير مبالغ " العيدية / الخردة " وتبقى فرحة العيد حاضرة في الصور التي يلتقطها الناس سواء بالهاتف أو بالكاميرا، ويقلبونها بين فترة وأخرى، يستشعرون لحظاتهم السعيدة، ويقارنون أولادهم من خلال الصور كيف لبسوا وكيف كانت سعادتهم، وكيف هي الأيام تجري بين صورة وأخرى، وبين عيد وآخر.
استعدادات مسبقة للعيد
ويقول ربيع بن مبارك الخليلي: رغم ما يشهده العالم من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية، إلا أننا في ولاية بهلا حارة الغاف نستعد لعيد الأضحى المبارك بتحضير أنفسنا وأهلنا وأطفالنا، طالبين من المولى عز وجل أن يبدل حالنا من حال إلى حال أفضل، ونشتري الأضاحي لنذبحها قربانا إلى الله، حيث يفرح الفقير بقسمه منها ويأكل الأهالي والجيران منها ونحتفظ بالباقي لأهل البيت وهذه سنة تعودنا عليها.
وعن مظاهر العيد قال الخليلي: في أول أيام العيد وبعد صلاة الفجر نلتقي في سبلة حارة الغاف نتبادل التهاني ونأكل ما رزقنا الرزاق، ثم نستعد لصلاة العيد، لينشغل الجيران كل في بيته بتقطيع اللحم بعد الذبح، أما في اليوم الثاني فيبدأ برنامج الزيارات وبعدها تبدأ احتفالات تنور حارة الغاف، حيث الأهازيج الشعبية، ويعتبر تنور حارة الغاف من أكبر التنانير ويعتبر هذا اليوم يوم اللقاء والتهاني بين شباب الحارة، وشاهد الحال يقول: مهما تغيبوا عن ناظري فثاني أيام العيد يجمعنا، فابتسامة الطفولة ترسم على وجوهنا من جديد الفرح، ويصور أطفالي المشاهد الشبابية العفوية ليتغنوا بأمجاد الغاف السعيد، ليصبح علينا ثالث أيام العيد ونحن نستعد لفتح التنور.
ممارسات حميدة
أما سالم بن خميس بن سالمين الجديدي فقال: تبدأ مظاهر العيد بعد الانتهاء من صلاة الفجر، وذلك من خلال تبادل التهاني بين الجيران وبعد ذلك يتم التجمع في صحن المسجد لتناول وجبة تقليدية الأرز مع الدجاج أو اللحم أو الهريس والعرسية بعدها الذهاب لصلاة العيد والاستماع للخطبة لما تحمله من رسائل تربوية ووعظية بعدها المشاركة في العيود والفعاليات المصاحبة له من فنون شعبية وغيرها من بعدها التوجه للسلام على العائلة والأصدقاء ومن بعد الذباح وممارساته المختلفة، واليوم الثاني يوم المشاكيك ودفن الشواء وذلك من خلال التجمع العائلي واليوم الثالث يوم فتح الشواء.
وأكد الجديدي أنه على المجتمع أن يحث أبناءه على المحافظة على عادات وتقاليد المجتمع في أيام العيد لما تحمله من قيم وأصالة وأخلاق وخصوصية المجتمع العُماني من خلال مشاركة الناشئة في هذه الممارسات الحميدة في أعيادنا لتنغرس فيهم هذه القيم والأصالة ونحث المجتمع على التآزر والتعاون فيما بينه ليشارك الجميع في فرحة العيد وتكون الأفراح عامة وتتحقق فيه الغاية ومقاصد الشريعة منها، وما يقوم به فريق بهلا الخيري من جهد في هذا الجانب لهو خير دليل على هذا التآزر والتعاون المحمود الذي يقوم من تبرعات ومساهمات أبناء الولاية، وأضاف: يمثل لنا العيد فرصة لتجديد الهمم والتسارع لفعل الخيرات والخروج من روتين الحياة الاعتيادي إلى أيام جميلة متناغمة ومتجانسة تحمل في طيّاتها السعادة والفرح وتتجسد فيها معاني الخير، وتبث في أرواحنا طاقة تتجدد معها الحياة ونتمنى من لجنة تطوير الولاية والجهات المعنية الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني عموما أن تقوم بتطوير مكان عيود الولاية ليتناسب مع العوائل والأفراد ويكون مجهزا بطرق حديثة ومبتكرة، ولدينا في الولاية من الطاقات الشبابية من تستطيع تحقيق ذلك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العادات والتقالید مظاهر العید أیام العید مصلى العید صلاة العید فرحة العید العید فی فی حارة من خلال بعد ذلک ما بین
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة في حارة حريك والغبيري والضاحية الجنوبية لبيروت
أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة بعدد من المناطق في حارة حريك والغبيري والضاحية الجنوبية لبيروت.