رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى "أننا نواجهُ اليومَ حالةً من القلق على المصير وأنّ الواجبَ الوطنيَّ والأخلاقيّ يقضي بالترفُّعِ عن المناكفات، ترفُّعاً عن مصلحةٍ هنا ومصلحةٍ هناك، وتلاقياً على المصلحة الوطنية العليا؛ رأفةً بالشعب المُعاني وحمايةً للدولة والدستور، وقبل أن يحصلَ الانهيارُ الكليّ".

داعياً "للاجتماع على كلمةٍ سَواء والترفُّع عن المقاصد الطائفية وازدواجية الولاء، للخروج من نفق التجاذب الداخليِّ المظلم إلى رحاب التقارب الوطنيِّ المطلوب، ومن أتون الحربِ المدمِّرة في فلسطينَ وجنوبِ لبنان إلى واحةِ الانتصار والأمن والسلام".

أمّ شيخ العقل الصلاة صبيحة عيد الأضحى المبارك في مجلس مقام المرحوم الشيخ أبي حسين شبلي أبي المنى في شانيه، بمشاركة شخصيات روحية واجتماعية وقضائية ومن أعضاء المجلس المذهبي ومديريتي المجلس ومشيخة العقل.

وألقى الشيخ ابي المنى خطبة العيد، جاء فيها: "الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيِّد المرسَلين وعلى آله وصحبِه المنتجَبين وعلى أنبياءِ الله الطاهرينَ أجمعين... الحمدُ لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات وبفضله تتنزّل الخيرات وبتوفيقه تتحقّقُ الغايات... الحمدُ لله على الدَّوام، في كلِّ بَدءٍ وختام... الحمدُ لله حمداً بحدِّه الأقصى على إنعامه التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى. أمَّا بعدُ، إخواني أحبّائي، أيُّها المسلمونَ الحاجُّونَ إلى بيتِ الله الحرام، والموحِّدون القاصدون وجهَ الحقِّ في كلِّ موقعٍ ومقام، أيُّها المحتفلونَ بالعيد اليومَ وفي كلِّ يوم، أكان بعد الوقوف على جبل عَرفَة وتقديم القرابين، أم بعد الوقوف على قِممِ التوحيِد المعنويّة التي لا تنفكُّ أبداً تحتضنُ المُضّحِّين... أمَّا وقد أُتِمَّ السعيُ وتحقَّقَ الطَّوافُ، وقد أَدرَكَ الإحرامُ غايتَه والسعيُ مقصدَه، واستُوفيتْ مناسكُ الحجِّ وتآلفتِ القلوبُ وتباركتِ المساجدُ والمجالسُ بالدعاء والصلوات، في أيامٍ وليالٍ عَشرٍ مبارَكات، بها أقسمَ اللهُ بقوله تعالى: "وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ"، لا لشيءٍ سوى ليُبيِّنَ عظَمَةَ تلك الليالي، وليقولَ جلَّ وعلا في السورة ذاتها: "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ"، وفي ذلك القسَمِ وذلك القولِ آياتٌ لِقومٍ يتفكَّرون. أمَّا وقد انقضتِ الليالي العشرُ وأصبحنا في قلبِ العيد السعيد، مُدركين أن ربَّنا بالمِرصاد "يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ"، فحقَّ لكلِّ واحدٍ منَّا أن يُسَرَّ بما التمعَ فيصدرِه من صدقٍ، وبما قدَّمتهُ يداه من عطاءٍ، وبما جاهد به دون تكلُّفٍ ومِنَّة، وكلٌّ على قدر صدقِه وعطائه وجهاده،سروراً بالتقرُّبِ منَ الله تعالى وعبادتِه بصدقِ ولاءٍ وحُسنِ اعتقاد واستقامة سلوك، وابتهاجاً عارماً عامراً بالتآلفِ والتحاببِ وجمعِ الشمل والتلاقي على كلمة الحقِّ والتوحيد". 

وتابع: "أيُّها الأخوةُ المحتفلون بالعيد، تذكّروا أنَّ العيدَ ليس سوى محطةٍ زمنيةٍ عابرة، ولكنّها تحمِلُ معنىً روحيّاً وعِبرةً توحيدية، فليكن تعلُّقُنا بالعبرةِ والمضمونِ والمعنى أوثقَ من تعلُّقِنا باليوم والطقسِ والمظهر، وليكُنْ حاضرُ العيد وفرحةُ إحيائه توقاً إلى مستقبلٍ قريبٍ تتجسَّدُ فيه حقيقةُ الذكرى وسعادةُ النجاة، واعلموا أنّ السعادةَ الحقيقيةَ لا يمكنُ أن تتحقّقَ بالنوايا الخبيثة والتخاذلِ المميت والركونِ إلى العجز والأوهام، بل بصفاء القلوب ونقاء السرائر، وبالسعي الدؤوب في ما يرضي اللهَ ويُريحُ الضمائر، وبمواجهةِ الواقع برؤيةٍ استشرافيّة وإرادةٍ قويَّة وتعاونٍ أخويٍّ وإنسانيٍّ صادق، بعيداً عن التوريةِ في الكلام والغموض في المواقفِ وخلطِ المفاهيم وتبديل الجلودِ وقلبِ الأدوار، ولتكُن التقوى دليلَكم وسلاحَكم ونورَ بصائرِكم، بها تَطرُدون الغفلةَ والفتنة، وبها تَصُدُّون جحافلَ التفلُّتِ والتفتُّت والضَّياع".

وقال: "أبناءَ التوحيد والمعروف أينما كنتم، وبأيِّ لقبٍ تلقّبتم، وفي أيّ البلاد أقمتم، مبارَكٌ عيدُكمُ الأكبر، مباركٌ جمعُكم وائتلافُكم، ومباركةٌ مؤسَّساتُكم وعائلاتُكم وخَلَواتُكم، في كنَفها تَستولدونَ إيمانَكم وصمودَكم، وفي أحضانها تَستنبتون قِيمَكم وتُنَمُّون الفضائلَ في أبنائكم وأحفادِكم وتَطرُدون الرذائل، سلامٌ لكم من هنا، من جبل الأجداد والأمجاد، ومن أرضِ الخير والجهاد، سلامٌ إلى أهلِنا المعروفيين الموحِّدين من سوريا وفلسطين والأردن، وإلى أهلِنا من لبنان، جبلاً وساحلاً ووادياً أزهرَ، مقيمين ومغتربين... معكم وبكم يتعزَّزُ الأملُ ويُطرَدُ اليأسُ القاتلُ والتذمُّر، معكم وبكم ولكم تُبنى المؤسساتُ وتتكاملُ أدوارُها، فلا تستهينوا بحضوركم ووجودِكم، ولا تستخفُّوا بقُدُراتِكم وطاقاتِكم إذا ما اجتمعت، ونحن هنا لنقوّيَها ولنجمعَها على الخير، ولننشرَ التفاؤلَ في مجتمعِنا بالرُّغم من الصعاب والضباب ومحاولاتِ تيأييس الشباب والقولِ بغياب المؤسسات، فالمجتمَعُ لا يقومُ ولا يتحصَّنُ إلا بها، وعلى كلِّ الصُّعُدِ التربوية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما نعملُ عليه مخلصين، وها هي المؤسسةُ القضائيةُ الدرزية تحظى في هذه الليالي المبارَكة بخمسة قُضاةٍ جُدد من الشباب المثقّفين الذين عليهم نُعوِّلُ ولأجلهم نرفعُ الدعاءَ بالتوفيق،وبهم نجدِّدُ الأملَ بتطوير القضاء المذهبي لدينا، فالطائفةُ، كما الوطنُ، لا تزدهرُ إلَّا بنهضة المؤسساتِ وتكاملِها، ونحن جُزءٌ من الوطن، بل نحن الجُزءُ الأساسفيه، وإن قلَّ العدد، لكنَّه يُعوَّضُ بالتضامن والتماسك وصدقِ الانتماء وثباتِ الهويَّة والأخوَّةِ الوطنيّة والعمل الدؤوب المنظَّم".

أضاف: "أيُّها الأخوةُ الكرامُ، أيُّها الموحِّدونَ، أيُّها المسلمون والمؤمنون، على أيِّ مذهبٍ كنتُم، ولأي طائفةٍ انتميتُم... للوطن علينا حقُّ صَونِه ونهضتِه واحترام دستورِه، ولنا على الدولةِ حقُّ العيش الكريم بالعدل والمساواة... للوطن علينا حقُّ الدعاءِ والصلاةِ والعملِ لأجلِه، ولنا على الدولة حقُّ الحماية والرعاية... للوطن علينا حقُّ احترام التنوُّع فيه ولنا عليه حقُّ صيانة العيش المشترَك والإرث الثقافيّ والروحيّ لكلِّ طائفة، للوطن علينا حقُّ رعايةِ المغتربين من أبنائه كي لا يَفقدوا هويتّهم الوطنيةَ والروحية، ولنا على لبنانَ الاغترابيِّ حقُّ الالتفاتِ إلى الأهل ودعمِ صمودِهم في أرضِهم... وها نحن، ومعَ كلِّ فجرٍ جديد، نجدِّدُ الدعاءَ والنداء والدعوةَ إلى العمل، فكيف إذا كان الفجرُ فجرَ العيدِ، والصلاةُ صلاةَ الأضحى؟ فدعاؤُنا الصاعدُ ونداؤُنا الصارخُ للجميع بأن يَستلهموا من العيدِ معنى التضحية، وأن يقدِّموا القرابينَ على مذبح الوطن، تقرُّباً وتواضعاً وتناغماً وعطاءً، وأن يعملوا معاً لكي يلتئمَ عِقدُ الدولةِ وينتظمَ عَقدُ المؤسسات ويَعُمَّ الازدهار".

وتابع: "إننا نواجهُ اليومَ حالةً من القلق على المصير، أفلا يرى أولو الأمرِ إزاء ذلك أنّ الواجبَ الوطنيَّ والأخلاقيّ يقضي بالترفُّعِ عن المناكفات، ترفُّعاً عن مصلحةٍ هنا ومصلحةٍ هناك، وتلاقياً على المصلحة الوطنية العليا؛ رأفةً بالشعب المُعاني وحمايةً للدولة والدستور، وقبل أن يحصلَ الانهيارُ الكليّ. ولْيتيقَّنِ الجميعُ أنَّ القوّةَ الحقيقية ليست سوى قوةِ الولاء للوطن والتضامن لنهضة البلاد وحمايتِها، وأنّ الأكثريةَ ليست سوى أكثريةِ الموالين للوطن من كلِّ الفئات والجهات، والمتضامنين لإنقاذه وتحقيق ازدهاره، وقد تكونُ القوّةُ أحياناً تراجعاً عن موقفٍ يعقِّدُ الحلَّ وتخلّياً عن ارتباطٍ يُعيق التقدُّم... قد تكونُ قدرةً على الحوار والتكيُّف معَ الواقع، كما قد تكونُ أحياناً أُخرى صلابةً في الدفاع عن النفس والصمودِ بوجه المعتدين، إلَّا أنَّها لا تكونُ في مطلق الأحوال ضرباً من ضروب الاستقواء أو التعطيل أو التمترسِ وراءَ أحلامٍ طائفيةٍ أو فئويةٍ طاغية... أمَّا الأكثريةُ الحقيقية فلا تتحقَّقُ إلَّا باجتماع التنوُّعِ اللبناني على كلمةٍ سَواء ومواطَنةٍ صادقة وقضيَّةٍ وطنيةٍ جامعة. وإذا كنَّا نرتاحُ بين الحين والآخرِ لهذه المبادرة أو لذلك المسعى، ونطمئنُ بوجود قادةٍ سياسيين وطنيين، ومسؤولين عقلاءَ ورجالِ فكرٍ حكماءَ يَسعَون إلى رأب الصَّدع ومعالجة المشاكل العالقة والفراغِ الحاصل في رئاسة الجمهورية،على الأخصّ، تمهيداً لمعالجة الخلل المستفحِلِ في جميع مفاصل الدولة، والدفعِ معاً باتّجاه استثمار طاقاتها المهدورة، إلَّا أننا نستغربُ كيف ينتظرُ اللبنانيُّون حلولاً سحريّةً من الخارج ولا يصنعونَ لدولتِهم حلولاً واقعيةً في الداخل؛ حلولاً تأخذُ بعين الاعتبار هواجسَ المكوِّنات الأساسيَّة ومطالبَ الشعب اللبنانيِّ على اختلاف توجُّهاتِه ومودَّاتِه الداخلية والخارجية، فهل أصبحنا عاجزين إلى هذا الحَدِّ من الضَّياع والتواني؟ ومكبَّلينَ بأصفادِ المواقف التقسيمية والولاءات الخارجية إلى هذا المستوى من احتقار الوطن ووحدته؟ أم هل تعطَّلت لغةُ الكلام والحوار وغابت الواقعيةُ من حياتِنا الوطنية؟"

وقال: "وكأننا قد بِتنا مختَّصين بفنِّ الانتظار والترقُّب والاتكال على الغير؛ ننتظرُ لجنةً خماسيَّةً مقدَّرة ومشكورة، أو قراراتٍ دوليةٍ ممهورة لإنهاء حربٍ مدمِّرة ومسعورة، أو نترقّبُ اللحظةَ الدوليةَ المؤاتية لولادة التفاهم الوطني، وإن كنَّا نعذرُ أنفسَنا قليلاً نظراً لارتباطنا بقضايا المنطقة، وعلى الأخصّ القضية الفلسطينية، ونظراً لواقع لبنانَ وموقعِه المتأثِّرَين بما حوله، وعلى الأخصّ بوجود كيانٍ صهيونيٍّ غاصبٍ ومعتدٍ يستدعي الحذرَ والصمودَ والتصّدي، إلَّا أنّه لا عذرَ لنا بما نحن عليه قادرون في ما لو اجتمعنا على كلمةٍ سَواء وترفّعنا عن المقاصد الطائفية وازدواجية الولاء، وهذا ما نرجوه مخلصين معَ كلِّ عيدٍ ومناسبة، للخروج من نفق التجاذب الداخليِّ المظلم إلى رحاب التقارب الوطنيِّ المطلوب، ومن أتون الحربِ المدمِّرة في فلسطينَ وجنوبِ لبنان إلى واحةِ الانتصار والأمن والسلام، أملاً بتحقيق وعدِ الله سبحانه وتعالى المتضمِّنِ معنى الرجاء والأمل، في سؤالٍ تأكيديٍّ بقولُه تعالى: "إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ"؟

وتابع: "أيُّها الأخوةُ المؤمنون الواثقونَ بقربِ انقضاء الليل وانبلاج الصباح، معكم نُصلّي من أجل إنقاذ الدولةِ عندنا، صلاةً تواكبُ الحوارَ المنشودَ والتشاورَ المطلوبَ والتضامنَ الداخليّ والعملَ على تمتين العلاقة معَ الأشقاء العرب الذين يُشكِّلونَ عُمقَنا الحضاريّ، ودعاءً صاعداً من الأعماق لنُصرةِ أهلِنا في فلسطين الذين يتعرّضون في غزَّةَ لأبشعِ أنواعِ المجازر على مرأى ومسمعِ العالَم المتحضِّر الذي لا يَجدون فيه مَا يُزيلُ الظلمَ وما يَبعثُ على الأمل".

وختم: " إخواني، إنَّه العيدُ الكبير، الأضحى المبارَك، برمزيّتِه التاريخيةِ المشهودة ومُوجباتِه الاجتماعيةِ المعهودة ودَلالاته المستقبليةِ الموعودة، وإنَّنا وإيَّاكم في رحابِه لَمُجتمعون، ومن معانيه ناهلون، وببركاتِه لائذون، لعلَّنا نحياهُ حقيقةً أسمى، في ذواتِنا وفي عائلاتنا وفي مجتمعاتِنا وفي أوطانِنا. أعاده اللهُ عليكم وعلى المسلمين واللبنانيين وعمومِ الموحِّدين بالخير والطُمأنينة والعزَّةِ والسلام. والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: على کلمة

إقرأ أيضاً:

مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (16) للسيد القائد 1446

(المحاضرة الرمضانية السادسة عشر )

استدراك :
ستظل شخصيات الدكتور أحمد ونجليه صلاح ومُنير تتواجد في جزئية محاضرات القصص القرآنية؛ لاتساقها مع موضوع المحاضرة وعدم تشتيت انتباه القارئ.

"الدكتور أحمد أستاذ الفقه المقارن في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
أما نَجَلاه صلاح ومُنير، فيدرسان في كلية الطب بالجامعة ذاتها وكذلك حازم ابن شقيقه طالب الهندسة المعمارية وكذلك الدكتور نضال زميل الدكتور احمد وهو استاذ العقائد والاديان في كلية العلوم الاسلامية بذات الجامعة "

فرغوا من صلاة العشاء بمنزل الدكتور احمد وذهبوا لغرفة المعيشة لمشاهدة المحاضرة السادسة عشر فبالامس كانت هنالك كلمة للسيد القائد عن مستجدات الاحداث التي مرت بها اليمن وهم متلهفين لمحاضرة الليلة المتزامنة مع ذكرى غزوة بدر الكبرى وبعد فعاليات الخروج الشعبي المليوني في اليمن اليوم الذي اذهلهم بقدر العالم .
لم يطل انتظارهم فقد انطلقت المحاضرة للتو :-

خروج شعبنا اليوم، الخروج العظيم، الواسع، الكبير، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، كان إحياءً عملياً جهادياً عظيماً للذكرى التاريخية العظيمة: ذكرى غزوة بدرٍ الكبرى، وأكرم وأنعم به من إحياء! إحياء بالموقف، إحياء بالعمل، إحياء بالاستمرار على الخط والنهج والطريق، في الصراط المستقيم، وهذه نعمةٌ كبيرةٌ، وتوفيقٌ من الله سبحانه وتعالى.

في خروج شعبنا اليمنى في هذه الذكرى، ليؤكِّد على ثباته على موقفه المناصر للشعب الفلسطيني، ووقوفه ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، وتصديه للتصعيد العدواني الأمريكي تجاه بلدنا، هذا الخروج هو خروجٌ جهاديٌ في سبيل الله تعالى، في أطار الموقف الحق، الموقف الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، ويُعبِّر عن هوية هذا الشعب، عن قيمه، عن انتمائه الإيماني الأصيل، عن وفائه لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وللإسلام العظيم عن أنه شعبٌ يتمسك بمبادئه الإسلامية العظيمة؛ ولـذلك هو شعبٌ يتمتع بالعزَّة الإيمانية، لا يقبل بالإذلال، ولا يقبل بالاستباحة، ولا يقبل بالخنوع لإعداء الله.

- صدقت يا سيد عبدالملك فقد كان خروجاً مشرفاً رفع راس كل مسلم واحياءاً عمليا لذكرى غزوة بدر الكبرى . . هكذا تحدث الدكتور نضال .

رسالة اليوم، التي قدَّمها شعبنا العزيز بخروجه الواسع العظيم، هي رسالةٌ واضحة:

أولاً: للشعب الفلسطيني، شعبنا يؤكِّد لهم باستمرار أنهم لن يكونوا وحدهم، الشعب الفلسطيني لن يكون وحده، لن نقبل كشعبٍ يمني بأن يستفرد به العدو الإسرائيلي، بشراكةٍ وحمايةً أمريكية، للعمل على إبادته، وتجويعه، وتهجيره، وتصفية قضيته، ومصادرة فلسطين والمقدسات في فلسطين، هذا هو الهدف الإسرائيلي والأمريكي، لكنَّ شعبنا لن يقبل بذلك أبداً؛ باعتبار موقفه الإيماني والتزامه الديني والأخلاقي والإنساني، تجاه هذه القضية وهذه المظلومية.

ورسالةٌ واضحة فيما يتعلق بالتصدي للعدوان الأمريكي، حينما أعلن الأمريكي جولةً جديدةً من العدوان على بلدنا، إسناداً منه للعدو الإسرائيلي، فشعبنا العزيز لن يقف متفرجاً تجاه هذا العدوان الذي يستهدفه، ويستهدفه لموقفه الحق، فشعبنا العزيز قدَّم رسالة صمود وثبات، في مواجهة الطغيان والعدوان الأمريكي.

رسالةً للمجرم المعتوه الكافر [ترامب]، بأن شعبنا العزيز هو ثابتٌ بكل قناعةٍ، بكل بسالةٍ، بِعِزَّة الإيمان، بثقته بالله تعالى، واعتماده على الله، وتوكله على الله سبحانه وتعالى، وإيمانه بوعد الله الصادق بالنصر، في مواجهة الطغاة المستكبرين .
- هل استمعتم لرسائل خروج الشعب اليمني اليوم التي اوردها السيد عبدالملك فانعم به من شعب وانعم به من قائد . . هكذا تحدث الدكتور احمد .

البارحة اشتبكت قواتنا المسلحة المجاهدة مع حاملة الطائرات الأمريكية، التي هربت أثناء الاشتباك إلى أقصى شمال البحر الأحمر، تهرب إلى مسافة (ألف وثلاثمائة كيلو)، كذلك تصدَّت قواتنا المسلحة لمحاولات الأعداء لشن هجومٍ عدواني، فهذه الرسائل العملية، في إطار الموقف الشعبي، وإطار الموقف للقوات المسلحة، في أدائها الجهادي العظيم، يجعل فعلاً من إحياء هذه المناسبة فرقاناً عظيماً في هذا العصر، فرقاناً مهماً بين الإسلام والكفر، بين الإيمان والنفاق، بين خيار الخنوع والذِّلَّة للكافرين، الذي يتبناه البعض من أبناء الأُمَّة للأسف، وبين الاتجاه الإيماني الثابت، بالعِزَّة على الكافرين، الامتداد لنهج الإيمان، لموقف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله.

- كيف ربط السيد عبدالملك حديثه عن تفاصيل معركة الامس باحياء غزوة بدر الكبرى التاريخية والفرقان بين الحق والباطل ... هكذا تحدث حازم

نُقدِّم أيضاً من جديد التحذير للأمريكي: أن استمراره في عدوانه على بلدنا، اسناداً منه للعدو الإسرائيلي، إنما يدفع بنا إلى مواجهة تصعيده بخياراتٍ تصعيدية إضافية، نحن نواجه الآن عدوانه بالاستهداف لحاملة طائراته، بالاستهداف لبوارجه وقطعه الحربية في البحر، ولكن حينما يستمر في عدوانه، لدينا خيارات تصعيدية أكبر من ذلك، وأكثر إيلاماً له، وإزعاجاً له، وغيظاً له من ذلك، فنحن نوجِّه إليه التحذير، وليستفد مما قدَّمه شعبنا العزيز اليوم من رسالة واضحة وقوية، تؤكِّد على ثباته على موقفه.
أيضاً بالنسبة للعدو الإسرائيلي، إصراره على منع دخول المساعدات إلى قطاع غزَّة، هو عدوانٌ كبير، إجرامٌ رهيبٌ وفظيع، لا يمكن السكوت عنه، ونحن حتى تجاه هذه المسألة، قلنا: موقفنا في حظر الملاحة على السفن الإسرائيلية هي خطوةٌ أولى، لكن عندما تشتد مجاعة الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، لا يمكن أن نتفرج وأن يكون موقفنا فقط عند هذا المستوى؛ لأن المعيار لمواقفنا هو مسؤوليتنا الدينية والإيمانية والأخلاقية، مع فعل ما نستطيعه، وما نتمكن منه؛ ولـذلك لا نتردد عندما يستلزم الحال، وتقتضي المسؤولية، أن نُقْدِم على خطوة أكبر، أو عملٍ أكبر، فنحن مستعدون.

- وفيما يستمعون للموقف العملي من السيد عبدااملك من العدوين الامريكي والاسرائيلي في ظل للاحداث الراهنة ... صرخ حازم بكل قوة بشعار البراءة ليلتفتوا نحوه ويرددوا معه .

نتوجَّه إلى شعبنا بالشكر والإشادة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب أجركم، وأن يُبَيِّض وجوهكم، وأن يرفع قدركم، وأن يتقبل منكم هذا الخروج العظيم، والإحياء العظيم لهذه الغزوة المباركة لذكرها، في إطار الموقف والعمل الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، التَّحَرُّك جهاداً في سبيل الله، وابتغاء مرضاته

- هنيئا لكم يا شعب اليمن هذه الاشادة العظيمة من قائدكم العظيم ... هكذا تحدث منير .

محاضرتنا في هذا اليوم سنبدأ فيها بمقدمات مهمة لهذه الغزوة، هذه الغزوة التي تُذَكِّرنا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله، بمسيرته، بجهاده، وهو لنا الأسوة والقدوة، الذي نهتدي به، ونهتدي بسيرته، بمواقفه، بتحركاته، نحن نؤمن بأنه رسول الله، وخاتم أنبياءه، القدوة، الأسوة، والهادي لنا إلى طريق الحق؛ ولـذلك عندما نعود إلى مثل هذه المناسبات، ونستذكر من خلالها ما هو جزءٌ من سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فذلك في إطار الاهتداء والاقتداء، والاتِّباع.
مسيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في إقامة الدين، وفي بناء الأُمَّة، وفي الحركة في مختلف المجالات في هذه الحياة على أساس القرآن الكريم، هي مسيرة هدايةٍ للمسلمين على امتداد التاريخ، وليس فقط للجيل المعاصر له من المسلمين؛ وإنما يحسب هو صلوات الله عليه وعلى آله حساب كل الأجيال اللاحقة .

عادةً ما يدرس الناس الأحداث التاريخية؛ للاستفادة منها في معرفة الأسباب والنتائج، يعني: هذه من أهم ما يستفيد منها البشر، عندما يعودون لدراسة الأحداث التاريخية، ليستفيدوا منها، من واقع التجربة العملية التي قد حصلت، معرفةً بالأسباب والنتائج، أسباب النصر، وأسباب الهزيمة، وأن يدرسوا أسباب النجاح، أسباب الفشل... وهكذا، وهذه مسألة مهمة جداً، ومفيدة في نفس الوقت.

فيما يتعلق بسيرة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، والأحداث التاريخية في إطار جهاده وعمله، فهي مع أنها غنيةٌ جداً بالدروس المرتبطة فيما يتعلق بهذا الجانب، مدرسة كبيرة مهمة وملهمة في الدروس والعبر، فيما يتعلق بالأسباب، والنتائج، والسنن في هذه الحياة، فهناك أيضاً اعتبار آخر مع ذلك، أرقى وأهم، وهو: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مع نجاحه العظيم الذي لا مثيل له؛ لأنه يُقاس فيه:

الإمكانات البسيطة جداً، على المستوى المادي، وعلى مستوى العدد والعُدَّة.

وفي نفس الوقت التعقيدات الكبيرة، على مستوى الظروف، والوضع، وجهة الأعداء.

وحجم النتائج والإنجاز العظيم الذي تحقق مع كل ذلك.

وهذه مسألة مهمة جداً، في نظرتنا إلى ما تحقق على يد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله والمؤمنين معه، وطبيعة ونوعية الإنجاز الذي حققه؛ لأنه إنجاز عظيم، يعني: صناعة تحوُّل كبير جداً في الوضع بكله وفي مسار التاريخ.
مع كل ذلك، رسول الله صلى الله عليه وعلى آله هو في موقع القدوة والهداية، هو رسول الله الذي يصلنا به انتماؤنا الديني والإيماني، على قاعدة وأساس الاتِّباع، الاتِّباع له

ولـذلك يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21].

- يوضح السيد عبدالملك كيف ان غزوة بدر الكبرى بمثابة برسول الله صلى الله عليه وعلى آله، بمسيرته، بجهاده، وهو لنا الأسوة والقدوة ...هكذا تحدث الدكتور احمد .

للأحداث التاريخية، التي غيَّرت مجرى التاريخ، وصنعت تحوُّلات كبيرة في واقع البشر والناس، لها أهمية خاصة بين بقية الأحداث، التاريخ مليءٌ بالأحداث، لكن هناك أحداث تختلف عن غيرها، بهذه الميزة: أنها أحداث غيَّرت مجرى التاريخ، صنعت تحوُّلات جديدة في واقع المجتمع البشري،

ومن تلك الأحداث التاريخية التي لها هذه الأهمية، وهذه الميزة، هي: غزوة بدرٍ الكبرى، وأيضاً فتح مكة، وسيأتي الحديث عن فتح مكة في محاضرة أخرى إن شاء الله، هذه التأثيرات، هذه التحوُّلات، امتداد هذا التأثير إلى زمننا هذا، وما بعد زمننا إلى نهاية التاريخ؛ فلها أهمية كبيرة، ولها علاقة كبيرة بنا.
أُمَّتنا في هذه المرحلة بالذات، وهي في حالة كبيرة من الاستهداف، ويقابلها حالة كبيرة من التخبُّط في داخل الأُمَّة، على مستوى الخيارات، والقرارات، والمواقف، والتوجيهات، أُمَّتنا- بالنظر إلى كل ذلك- هي أحوج ما تكون إلى العودة إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، واستلهام الدروس والعبر منها، ومن جهاده، من موقع التأسِّي والاقتداء والثقة

- يتحدث السيد عبدالمللك عن ماهية الاحداث التاريخية التي غيرت مجرى التاريخ كغزوة بدر الكبرى .. هكذا تحدث الدكتور نضال.

ولـذلك فحركة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم العملية، في جهاده، في مسيرته، هي في إطار العمل لتطبيق تعليمات الله، وتنفيذ توجيهات الله سبحانه وتعالى؛ فهي مدرسةٌ:

في الالتزام الإيماني والديني.

وفي الأداء للمسؤوليات الإيمانية والدينية على أساس ذلك.

فلها هذه القيمة، يعني: ليست المسألة أننا ندرس أفكار أشخاص، تصرفات أشخاص عاديين، في إطار تجاربهم كأشخاص عاديين، نحن عندما ندرس سيرة رسول الله ندرس الإسلام، ندرس الإيمان، ندرس الحق، يتجسَّد عملياً في الواقع، يتحرَّك في ميدان الحياة، ونرى أنفسنا بحكم انتمائنا الإيماني ملزمين بأن نسير في هذا الاتِّجاه، وأن نهتدي برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبما قدَّمه، وتتعزز لدينا الثقة بأنها منهجية ناجحة، رسول الله صلى الله عليه وعلى آله تحرَّك بالقرآن الكريم، تحرَّك بتوجيهات الله وتعليماته التي نقرأها في كتابه، ندرسها في القرآن، فكيف كانت النتائج؟ واجه ظروفاً صعبة، بالغة التعقيد، لكن كيف كانت النتائج؟ هذا نراه جَلِيّاً في سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، مما يعزز الثقة في الانطلاقة الإيمانية، مما يعطي الاطمئنان تجاه النتائج المهمة لتعليمات الله سبحانه وتعالى حينما نتحرَّك على أساسها، أن لها نتائج عظيمة؛ لأنها من حكمة الله، من رحمته، بعلمه سبحانه وتعالى، ليست توجيهات عشوائية، ممن لا يعلم ما يجري في الزمن من متغيرات، ومن ظروف، هي تعليمات الله سبحانه وتعالى الذي يعلم الغيب والشهادة، {يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الفرقان:6]؛ ولـذلك يجب أن ننطلق من هذا المنطلق في قراءتنا للسيرة، في نظرتنا إلى الأحداث في عصر رسول الله، في حركة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، فتعاليمه القَيِّمَة هي على أساسٍ من نور الله وهدايته، ويجب أن ننطلق بثقة، وأن تتعزز هذه الثقة، وأن نستفيد منه في كيفية التطبيق.
ثم بناءً على ذلك، أن تكون هي (القرآن الكريم، ومسيرة رسول الله وجهاده) معياراً لنا نحن المسلمين، في هذه المرحلة بالذات، لتقييم الآراء، والتوجيهات، والمواقف؛ لأن هناك- وللأسف الشديد- حالة تخبُّط كبيرة جداً في واقع الأُمَّة، الأعداء يتَّجهون لاستهدافها، الأمريكي والإسرائيلي والحركة الصهيونية اليهودية يتَّجهون لاستهداف هذه الأُمَّة، ولديهم خيارات واضحة، وخطوات واضحة، ومواقف واضحة، وتوجُّه ناجز، ومحدد وواضح

- انها جزئية مهمة ذكرها السيد عبدالملك بخصوص تحرك سيدنا محمد صلوات الله عليه وآله في تحركه وجهاده كمدرسة نتعلم منها


ولــذلك فالحركة الارتجالية للأمة، والمواقف الآنية واللحظية، ليست صحيحة إطلاقاً، وتتفاوت، وتضطرب، وأكثرها في الاتِّجاه الذي ليس له أي أثر أبداً في مواجهة الأعداء، ولا أي قيمة، ولا أي أهمية.
فنحن بحاجة إلى أن نجعل من حركة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، ومن سيرته، ومن مواقفه الناجحة، التي ثبت نجاحها، مدرسةً لنا، وأن نُقَيِّم بناءً على ذلك شعوب إسلامية وبلدان إسلامية، أن نقيم الآراء والتَّوجُّهات: هل هي في نفس هذا الاتِّجاه؟ هل هي تنسجم مع القرآن، مع حركة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، أو لا تنسجم؟ إذا كانت لا تنسجم، فلا ينبغي أن تأخذ بها الأُمَّة، أن تغرق بها الأُمَّة، أن تُضِيْع الأُمَّة لأجلها الوقت، الجهد، الفرص، وبالشكل الذي يتيح للأعداء تحقيق المزيد من الإنجازات، وتعزيز فرصهم؛ لتحقيق إنجازاتٍ أخرى إضافية، هذه مسألة مهمة جداً، الأُمَّة مستهدفة في غاية الاستهداف، وفي وضعٍ خطيرٍ للغاية، أعداؤها واضحون، واضحون جداً في القتل اليوم، في الاحتلال، في التدمير، والأعداء هم يسعون إلى ماذا؟ إلى تدمير هذه الأُمَّة، إلى طمس هويتها الدينية، إلى احتلال أوطانها، إلى نهب

ثرواتها، إلى استعبادها، إلى إذلالها؛ ولهـذا لا يتوقفون من حربٍ، إلى حرب؛ ومن غزو بلد، إلى غزو بلد؛ ومن تدمير بلد بمؤامراتهم عليه من الداخل، إلى اجتياح بلد آخر بشكل مباشر... وهكذا.

- يوضح السيد عبدالملك مخاطر الحركة الارتجالية للامة بدلا من اتباع حركة رسول الله صلوات الله عليه وآله ... هكذا تحدث الدكتور احمد

يَــوْمُ الفُرْقَــان، هو العنوان العظيم لغزوة بدرٍ الكبرى، (يوم الفرقان) كما سمَّاه الله في (سورة الأنفال)، يعني: أنه يومٌ فارقٌ في التاريخ؛ ولـذلك يجب أن ننظر إلى هذه الذكرى باهتمام كبير؛ لأنه ترتب عليها نتائج عظيمة جداً، والمهم أن نستفيد منها ومن أمثالها في:

تصحيح الرؤية في واقع الأُمَّة، تصحيح الرؤية في واقع الأُمَّة، هذا جانب.

وأيضاً في استنهاض العزائم والهمم في داخل الأُمَّة.

في ترسيخ الأمل في الاتِّجاه العملي الصحيح.

لأن هناك من جانب العداء ضخّ هائل جداً للإرجاف، والتهويل، والتيئيس، والإحباط، في أوساط الأُمَّة، وهناك أيضاً على مستوى التشويش للرؤية ضخّ كبير جداً، شغل كبير من جانب العداء، تشكيك، تلبيس، ترسيخ لخيارات خاطئة كما قلنا؛ أمام هذا وذاك يجب أن ننظر إلى يوم الفرقان، إلى ذكرى غزوة بدرٍ من الكبرى، وما بعدها، وما قبلها، في سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بما يفيدنا لتصحيح الرؤية، بما يفيدنا لاستنهاض العزائم والهمم، بما يفيدنا أيضاً لترسيخ الأمل في الثقة بوعد الله سبحانه وتعالى والنصر،

- لم اسمع في حياتي حديث عن غزوة بدر الكبرى ( الفرقان) كما سمعته اليوم من السيد عبدالملك ... هكذا تحدث صلاح .

من أول الدروس في غزوة بدرٍ الكبرى، هو: درس يتعلق بأهمية الجهاد في سبيل الله تعالى، أنه هو الخيار الصحيح، الذي يصنع الله به التَّحَوُّلات، الذي يُشَكِّل حمايةً حقيقيةً للأمة، الذي يدفع الخطر من جهة الأعداء، ويدفع شَرَّهُم، هذه مسألة مهمة.
الخيارات التي تُطرح في الساحة، والخيارات المُتَّبعة- بالفعل- في واقع الأُمَّة، هي الخيارات الأخرى:

خيارات الجمود، القعود، الاستسلام، وهذا لدى فئة واسعة من أبناء الأُمَّة: لدى أنظمة، وحكومات، وزعماء، واتِّجاهات فكرية، واتِّجاهات ثقافية، واتِّجاهات سياسية، ولدى جماهيرها من أبناء الأُمَّة، رؤيتهم هي هكذا: أنه في مقابل ما يعمله الأمريكيون، ماذا نعمل نحن كمسلمين؟ نسكت، نجمد، نتركهم لفعل ما يفعلون، ونترك الساحة مفتوحةً أمامهم لفعل ما يريدون، وهذا هو أيضاً تَوجُّهٌ ليس حتى في الإطار العقلاني الفطري، يعني: يَشُذُّ حتى عن الفطرة، كيف ذلك، كيف ذلك؟! لكنها حالة خطيرة في واقع الأُمَّة، أن يكون هذا تفكير سائد لدى في واسعة من المسلمين، حكومات، وفي أوساط الشعوب، وفي أوساط النُّخَب... وغيرهم.

هناك اتِّجاه آخر من أبناء الأُمَّة له رأي أسوأ من ذلك: رأيه هو التعاون، التعاون مع الأعداء، التحالف مع الأعداء، التَّجَنُّد مع الأعداء، الدخول في إطار مؤامراتهم كأدوات لهم؛ أمَّا هذه فهي طامة كبرى، واتِّجاه يُمَثِّل حالة ارتداد عن مبادئ الإسلام، وقيمه العظيمة، وأخلاقه الكريمة، ومشروعه لإقامة العدل في الحياة، وفي نفس الوقت تمكين تام للعدو، وإعانة له على النفس، على هذه الأُمَّة، على أوطانها، على شعوبها، على ثرواتها، وَتَجَنُّد مضاد لمبادئ الإسلام، يتناقض معها كلياً.

- يقدم السيد عبدالملك بمنهجية علمية اول دروس غزوة بدر الكبرى .

ولـذلك هذه السُّنَّة الإلهية في دفع الناس بعضهم لبعض، يأتي في إطارها عنوان الجهاد في سبيل الله، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}[الحج:40]، على مستوى الشعائر الدينية، حتى هي لما بَقِيَت.
ولـذلك عندما أتى الإذن والتوجيه للمسلمين بالجهاد، في قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج:39]، يأتي أيضاً في سياق الدفع للظلم، إذا كانت الأُمَّة لا تريد أن تُقاتل، فالأعداء يريدون هم أن يقاتلوها، وأن يقتلوها، وأن يُبِيدُوها، العدو الإسرائيلي يَقْتُل يومياً، يَقْتُل من الناس المسالمين، يَقْتُل من الناس العاديين، يَقْتُل من العاملين في المجال الإنساني، من صحفيين، مدنيين، بشكلٍ يومي، يقتلهم عدواناً وظلماً؛ ولـذلك فالأُمَّة بحاجة إلى أن تتحرك في إطار السُّنَّة الإلهية؛ لدفع الظلم عن نفسها، لدفع الخطر عنها.
ولـذلك تحرَّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة بدرٍ الكبرى، لو كان هناك نجاح للخيارات الأخرى، وكانت أرشد، وأصوب، وأحكم، وأرحم، وأنسب؛ لكان رسول الله هو الأولى صلوات الله عليه وعلى آله، فيما هو عليه من رشد، من رحمة، من حكمة، بأن يتبنى أي خيار آخر بديلاً عن الجهاد في سبيل الله.
نكتفي في هذه المحاضرة بهذا المقدار، في هذه المُقَدِّمَة.

- انتهت المحاضرة وجميعهم تبدوا على ملامحهم علامات الرضا واللهفة للمحاضرة القادمة.

مقالات مشابهة

  • شيخ العقل التقى وزير الثقافة وشخصيات
  • الوطني الحرّ يخفي واقعه حتى الانتخابات النيابية
  • الوطني للأرصاد يكشف عن أقل درجة حرارة سجلت في الدولة
  • برلماني: الرئيس قدم رسائل طمأنة للشعب المصري لحماية الأمن القومي
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (16) للسيد القائد 1446
  • كيكل: نحن جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة السودانية، وعلى أهبة الاستعداد لترتيبات الدمج والتسريح
  • فياض من كفركلا: على الدولة القيام بالمهام الكاملة لحماية الأرض والشعب والوطن
  • النائب فضل الله في تشييع شهداء مارون الراس: الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي يبتزان لبنان
  • قصة كعك العيد من المصريين القدماء إلى الدولة الفاطمية
  • قتيلان في ضربتين اسرائيليتين على جنوب لبنان