إسرائيل أرجأت حرب لبنان.. هل انتهت المعركة؟
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
حينما يُحكى عن "اليوم التالي للحرب" في غزة، فإن السيناريوهات المرتبطة بذلك قد تكون أكثر وضوحاً من مسألة "اليوم التالي للحرب في لبنان".
في القطاع الفلسطيني، قد تكون توجهات الحُكم هناك مطروحة بوضوح، منها إمكانية بقاء "حماس" سياسياً أو دخول السلطة الفلسطينية وتشكيل سيادة جديدة بشراكة عربية. الأمورُ هذه واردة وإن لم تكن هي وحدها المطروحة.
"لا غالب ولا مغلوب"
إن تم النظر قليلاً في حقيقة الأمور، فإنّ كل ما يجري في جنوب لبنان لن يُفضي إلى نهاية إستراتيجية موجعة لأي طرف، بمعنى أن الحرب القائمة حالياً لن تنتهي بهزيمة طرف من الأطراف على حساب انتصار آخر.
الكلام المقصود هنا هو حصول "هزيمة نهائية" أو "سحق كامل" سيطال أحد الأطراف، وهذا ما تنادي به إسرائيل حينما تتحدث عن مواجهة "حزب الله" في لبنان، إذ تتحدث عن أن الحملة العسكرية ضده سيكون الهدف منها هو "سحق الحزب وإنهائه عسكرياً"، أو بالأحرى "إرجاعه سنوات طويلة إلى الوراء" من حيث القدرة والتأثير.
مصادر معنية بالشؤون العسكريّة قالت لـ"لبنان24" إنّ خلاصة الحرب الحالية في ظل توازنات كبيرة، لن تنتهي بـ"أي هزيمة"، أي أنها "لن يكون هناك أي غالب ولا مغلوب"، وتضيف: "حزب الله يعتبر قوة كبيرة داخل لبنان، والحديث عن إنهائه وتدميره عسكرياً هو ضرب أوهام من قبل الإسرائيليين، فالمسألة لا تتعلق بحزب محدود وبقوة عسكرية ضئيلة، فالأمور أبعد من ذلك بكثير".
وتلفت المصادر إلى أنَّ حرب تموز عام 2006 كانت تهدف لـ"ضرب مقدرات الحزب"، لكن هذا الأمر لم يحصل حتى انتهت الأمور بـ"إتفاق أممي" هو القرار 1701، وتضيف: "في النهاية، رضخت إسرائيل لقرار دولي جعلها تقبل بمعادلة جديدة عنوانها وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، من دون أن تضمن إستعادة حزب الله لقوته ونفوذه وهذا ما حصل فعلاً بدليل أن الحزب كوّن قوة صاروخية وعسكرية لم يشهد عليها أي تنظيم آخر".
بالنسبة للمصادر، فإن مسألة "هزيمة إسرائيل" أيضاً لن تكون واردة إثر الحرب هذه، ففي حال اندلاع مواجهة شاملة، عندها لن تبقى تل أبيب لوحدها، بل ستدخل الولايات المتحدة الأميركية على الخط، سواء أكانت تؤيد إسرائيل في عمليتها ضدّ لبنان أم لا.
تأجيل للحرب؟
الأمور هذه بمجملها يعيها "حزب الله" كما تُدركها تل أبيب أيضاً، ما يجعل مسألة الاقتراب من "المفاوضات" هي الأكثر طرحاً رغم التصعيد الكبير. وعملياً، فإن "بوادر" هذا الأمر بدأت تظهر خصوصاً بعدما تحدثت تقارير إسرائيلية أمس عن أن إسرائيل ستتعاطى مع ملف مفاوضات لبنان بشكل أكبر عقب انتهاء عملية رفح، ما يعني أن إسرائيل تمنح لنفسها وقتاً إضافياً لمعرفة ما ستؤول إليه الأوضاع عند جبهة لبنان.
هنا، تقول المصادر إنّ "إسرائيل تضعُ لنفسها مدى زمنياً علنياً من أجل فرض المفاوضات على طاولة البحث"، مشيرة إلى أن "هذا الأمر يعني أن إسرائيل أرجأت خطط الحرب وتراجعت عن تهديداتها بالهجوم على لبنان"، وأضافت: "حينما تتحدث إسرائيل عن بحث بشأن مفاوضات لبنان عقب عملية رفح، عندها يمكن القول إن مسألة الحرب الشاملة قد باتت مؤجلة لأسابيع، الأمر الذي قد يطرح نوعاً من الوقت للبحث الجدي الأكثر في ترتيبات التسوية التي ستشهدها جبهة جنوب لبنان".
ووفقاً للمصادر، فإن ما تقوم به إسرائيل الآن هو "اختباءٌ من معركة تهدد بها"، معتبرة أن "المصلحة الإسرائيلية تقتضي ذلك حالياً لأن التحذيرات من حدوث حرب ضد حزب الله ستجعل إسرائيل عرضة لدمار كبير، ناهيك عن عدم وجود دعم أميركي لمثل هذه المعركة".
وعليه، تتوقع المصادر المعنية بالشؤون العسكرية أن تشهد "سلة الطروحات والشروط" تبدّلات عديدة خلال المرحلة المقبلة، فيما سيتبين "الخيط الأبيض من الخيط الأسود" بشأن غزة لاسيما بعد زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل يوم غد بالتزامن مع زيارة يجريها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن.
في خلاصة القول، ما يظهر هنا هو أنّ الأمور باتت تأخذ منحى نحو تخفيض التصعيد، فكل طرف يُرتب خياراته وأوراقه، بينما "الضربات الإستراتيجية" التي حصلت سابقاً كانت بمثابة رسالة إنذار لكل جبهة، مفادها أن الخسائر التي حصلت هي "لا شيء" مقابل تلك التي ستنجم عن ضربات "الحرب الشاملة".. لهذا، فإن عملية إعادة الحسابات فرضت نفسها.. فهل سنشهد التبدلات الحاسمة عقب إنتهاء معركة رفح أم لا؟ الإجابة ستظهر قريباً وخلال أسابيع قليلة...
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
فرنسا تشدّد على "ضرورة" انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان
أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنّ باريس "أخذت علماً" بانسحاب القوات الإسرائيلية من قرى في جنوب لبنان، مذكّرة بـ"ضرورة" الانسحاب الكامل "في أقرب وقت ممكن".
وقالت الوزارة في لبنان إنّ "فرنسا أخذت علماً بأن جيش الدفاع الإسرائيلي ما زال متواجداً في 5 مواقع على الأراضي اللبنانية".
وأضاف البيان أنّ فرنسا "تذكّر بضرورة الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، في أقرب وقت ممكن، وفقاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار" الساري بين حزب الله الموالي لإيران والدولة العبرية والمبرم في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
وفي بيانها قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنّ باريس "تدعو جميع الأطراف إلى تبنّي اقتراحها، يمكن لقوات اليونيفيل، بما في ذلك الكتيبة الفرنسية، أن تنتشر في هذه المواقع الخمسة على مقربة مباشرة من الخط الأزرق لتحلّ محلّ القوات المسلّحة الإسرائيلية وتضمن أمن السكان هناك".
وأضاف البيان أنّه "إلى جانب الولايات المتحدة في إطار آلية (الإشراف على وقف إطلاق النار)، ستواصل فرنسا تولّي كل المهامّ المحدّدة في اتفاق 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024".
كما رحّبت الوزارة "بإعادة انتشار القوات المسلحة اللبنانية، بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)".
واعتبرت باريس أنّ "إعادة التموضع هذه ستسمح للقوات المسلّحة اللبنانية بأن تنفذ عمليات إزالة (ذخائر غير منفجرة) وأن تدعم عودة السكّان في أفضل الظروف الأمنية الممكنة".
وأعلن لبنان، انه سيواصل اتصالاته الدبلوماسية مع فرنسا والولايات المتحدة من أجل الضغط على اسرائيل لاستكمال انسحابها من جنوب البلاد، معتبراً أن إبقاء قواتها في 5 نقاط استراتيجية يعد "احتلالاً".
ومنذ ساعات الصباح، توجه لبنانيون نحو قراهم التي غادرتها القوات الاسرائيلية بموازاة انتشار الجيش اللبناني فيها، في وقت نبّهت الأمم المتحدة الى أن أي تأخير في انسحاب الجيش الإسرائيلي، بعيد انتهاء مهلة الانسحاب المحددة في اتفاق وقف اطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، يعد انتهاكاً للقرار الدولي 1701.
وبموجب اتفاق وقف النار الذي أبرم في 27 (نوفمبر (تشرين الثاني) برعاية أمريكية وفرنسية، كان يفترض أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في غضون 60 يوماً، قبل أن يتمّ تمديد المهلة حتى 18 فبراير (شباط).
ومع انقضاء مهلة تنفيذ الانسحاب، أعلن الجيش الاسرائيلي عزمه البقاء مؤقتاً في 5 نقاط "استراتيجية" تمتدّ على طول الحدود الجنوبية للبنان وتخوله الإشراف على البلدات الحدودية في جنوب لبنان والمناطق المقابلة في الجانب الاسرائيلي للتأكد "من عدم وجود تهديد فوري".