يمر عيد الأضحى الثاني عشر على آلاف المعتقلين في مصر وسط أوضاع إنسانية صعبة، وإصرار من رأس النظام عبدالفتاح السيسي، على تجاهل ملفاتهم، مع تراجع الاهتمام الحقوقي الدولي بأزمتهم الممتدة منذ منتصف العام 2013.

ووسط حرمان قاتل وواقع مر، هناك أكثر من 60 ألف وجه لمعتقل نسيها ذووها وجيرانها وأصحابها بعد أن غيبتها سجون الانقلاب العسكري لأكثر من 11 عاما، مع سياسات الرفض التام لإخلاء سبيلهم رغم انتهاء فترات محكوميات بعضهم، وتدويرهم في قضايا جديدة.





ويقبع أكثر من 60 ألف معتقل مصري في سجون السيسي، أغلبهم من جماعة الإخوان المسلمين ورافضي الانقلاب العسكري الذي قاده على الرئيس الراحل محمد مرسي، 3 يوليو/ تموز 2013، وعقب مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية 14 آب/ أغسطس 2013، وخلال ما تلا ذلك من سنوات، تحولت فيها مصر إلى دولة خوف تُحكم بالحديد والنار.

ورغم مرور نحو 11 عاما وتمكن السيسي، من أركان الدولة وتغييره الدستور والقوانين لتؤكد سيطرته على مقاليد الحكم حتى 2030، إلا أنه يصر بشكل مثير على غلق هذا الملف وترك المعتقلين للموت البطيء في السجون في ظل ظروف غير إنسانية، وهو ما رصدته سابقا "عربي21"، في عشرات التقارير الصحفية.

وطوال تلك السنوات دأبت السلطات على التعامل الأمني الغليظ مع المصريين والتي شهدت قمتها في أعوام 2013 و2014 و2015، ثم مع دعوات التظاهر في أيلول/ سبتمبر 2019 و2020، ما تسبب في تكدس رهيب للمعتقلين في السجون وأماكن الاحتجاز، ما دفع السيسي إلى بناء نحو 50 سجنا جديدا خلال 10 سنوات.

ومنذ ذلك الحين لم تلوح في الأفق أية آمال بحدوث تحسن في ملف المعتقلين، بل إنه حتى الإشارات الحقوقية الغربية والأمريكية التي كانت تصدر من آن إلى آخر، وتنتقد أداء السيسي، الحقوقي، غابت بشكل لافت مع تصاعد دور الأخير في ملف الوساطة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.

"صابرون.. وسلاحهم الأمل"

وفي تعليقه، يقول أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين المهتم بملف المعتقلين: "كل يوم يتأكد للجميع مدى صلابة وصمود وصبر  وجلد المعتقلين، فبينما هم محرومون من كل شيء ولم يعد لهم أمل في العودة لحياتهم ولأسرهم، فإن أغلبهم لا يشتكون".

ويضيف: "وفي المقابل، فإن كل من شارك في الانقلاب وسكت عنه، يعاني من سياسات النظام والغلاء والفقر والضنك".

"خذلناهم.. وخذلنا مصر والأمة"

وفي تعليقه على صمود المعتقلين، وعجز الجميع عن فك رموز هذا الملف الصعب، يقول الإعلامي المصري أحمد عبدالعزيز، لـ"عربي21": "جميعنا خذل المعتقلين".

المستشار الإعلامي للرئيس الراحل محمد مرسي، ووالد الصحفية حبيبة التي قتلت برصاص النظام في فض اعتصام رابعة العدوية، يؤكد "خذلناهم بإهدار الفرصة تلو الفرصة، يوم كان هناك فرص حقيقية، غير أننا لم نكن أهلا لاستغلال الفرص، ولا أهلا لأي دعم".

وفي تعليقه، يرى السياسي والبرلماني المصري السابق المحامي ممدوح إسماعيل، أن أمريكا والغرب ألقوا حقوق الإنسان والديمقراطية تحت أقدامهم، ودعموا الانقلاب العسكري في مصر متجاوزين كل قواعد العدل والقانون الدولي.



ويتابع: "محنة المعتقلين مرتبطة بحالة الضعف العربي والإسلامي الرهيب، وتجبر المجتمع الدولي الذي تحكمه أمريكا متجاوزين كل حقوق المسلمين، في عنصرية واضحة لا تخفى".

"رهائن وأسرى ما بقي النظام"

ويقول الحقوقي والإعلامي المصري هيثم أبو خليل، إن "استمرار الاعتقال هو الضمانة لاستمرار النظام في مصر، وتواصل حصوله على دعم الغرب المنزعج من وصول تيار الإسلام السياسي للحكم في مصر".

أبو خليل، يرى أن "المعتقلين أصبحوا في عداد الأسرى لحين زوال هذا النظام، الذي لن يتنازل عن هذا المخزون البشري الهائل لإرضاء قوى إقليمية".

"رسالة لرأس الدولة"

ويرى الحقوقي، محمد زارع، أن "وجود أعداد كبيرة من المسجونين السياسيين بسبب آرائهم السياسية أصبح أمرا غير مقبول، ولابد أن تقوم الدولة بمراجعة بعض الملفات، خاصة في ظل الحديث عن لجان تتشكل، وحوار وطني، يؤكد مسؤولون فيه على مراجعة أوضاع السجون والمعتقلات، وأتمنى بمناسبة موسم الحج أن تتدخل الدولة وتفرج عن بعض المعتقلين".

رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، يضيف في حديثه لـ"عربي21": "سواء كان هؤلاء المعتقلين محكوم عليهم أو قبض عليهم على ذمة قضايا -وهذا غير مقبول بالمرة- أتمنى من رأس الدولة أن يراجع نفسه مرة أخرى والكلام موجه لرئيس الجمهورية".

ويتمنى زارع، أن "تكون هناك مبادرة أو حل لإزالة الاحتقان، ونرى ما يحدث بالمنطقة من احتقان نتيجة العنف الصراعات، وأتمنى أن يكون هناك بعض العقل لدى المسؤولين لإنهاء هذه المسألة، ويلتئم شمل الأسر مرة أخرى".

وتابع "نأخذ من مناسبة عيد الأضحى فرصة لإطلاق سراح الجميع، ومراجعة كل الملفات، وكل من لم يحمل السلاح أو يرتكب العنف يكون لهم حظا من الإفراج عنهم في الأيام القادمة".

"ذكريات العيد ودموع العطار"

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الحقوقي المصري أحمد العطار: "يمر العيد ككل عيد ويحمل معه مشاعر وأحاسيس متناقضة بين الفرحة بالأعياد وبين البعد عن الأهل والأحباب؛ أحاسيس متناقضة لا يستطيع أحد وصفها ويستعيد المعتقل ذكريات الاحتفال مع الأهل والأحباب في ظل وضعه الحالي حيث السجن والسجان والظروف القاسية".



ويخص العطار، بالذكر "القابعين في زنازين سجن (بدر3) بمركز بدر للإصلاح والتأهيل، المحرومين من الزيارات، حيث تمارس السلطات الأمنية الجريمة المرتكبة بحقهم وحرمان مئات المعتقلين من رؤية أسرهم وأولادهم".

ويختم بالقول: "يأتي عيد الأضحى هذا العام كسابق الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية وقد قامت السلطات المصرية بتغريب عشرات المعتقلين بسجن (بدر1)، إلى سجون المنيا والوادي الجديد، وحرمت أسرهم من رؤيتهم والاطمئنان عليهم والاحتفال معهم وبهم".

"واقع مؤلم ونظام مجرم"

وقدرت منظمة العفو الدولية في كانون الثاني/ يناير 2021، عدد المعتقلين في مصر بنحو 114 ألف سجين، فيما أكدت أن مسؤولي السجون بمصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواع سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمدا من الرعاية الصحية عقابا على معارضتهم.

وأكدت المنظمة في تقريرها الصادر 25 كانون الثاني/ يناير 2021، أن قسوة السلطات تسببت أو أسهمت في وقوع وفيات في أثناء الاحتجاز، كما أنها ألحقت أضرارا لا يمكن علاجها بصحة السجناء.

وقدرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى بداية آذار/ مارس 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر السيسي الانقلاب بدر مصر السيسي انقلاب الجيش المصري بدر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عید الأضحى فی مصر

إقرأ أيضاً:

حكومة نتنياهو تعيد تنفيذ الانقلاب القانوني وبأقصى سرعة

في الوقت الذي تواصل فيه حكومة الاحتلال تورطها في حروبها الدموية في المنطقة، دعت أوساطها مجدداً لإعادة خطوات الانقلاب القانوني إلى الطاولة، بدءً من معركة انتخاب رئيس المحكمة العليا، مروراً بإقالة أمناء المظالم في المكاتب الحكومية، إلى التمثيل الخاص في القضايا المثيرة للجدل في المحكمة، وهو ما أصبح ظاهرة، وهكذا يروج الوزراء بقوة، في زمن الحرب، لسلسلة التحركات المتفجرة.

توفا تشموكي خبيرة الشئون القضائية والقانونية، أكدت أنه "منذ تشكيل الحكومة الحالية أواخر 2022، وهي تواصل العمل من أجل تغيير الأمور بشكل جذري في الدولة، من حيث تغيير تشكيل المحكمة العليا، وتعديل نظام المشورة القانونية للحكومة، ووضع حد للتنفيذ الانتقائي، وقد عرض وزير القضاء ياريف ليفين قبل ساعات بالتفصيل خطوات الانقلاب القانوني التي روّج لها ويروّج لها الائتلاف الحاكم، ودعا لإعادتها على طاولة المفاوضات، في تأييد قاطع للتحركات التي تمت قبل الحرب، وتوقفت بسببها، زاعما أنه حان الوقت لتقديم الدعم الكامل لاستعادة تنفيذ ذلك الانقلاب".

وأضافت في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "التغييرات الواسعة التي تهدف الحكومة لتعزيزها في علاقات القوة بينها وبين النظام القضائي لم تتوقف قط عن جدول الأعمال منذ بداية الدورة الشتوية للكنيست الشهر الماضي، حيث يستمر الانقلاب القانوني على قدم وساق، وسيصل لإحدى ذرواته من خلال عقد اجتماع لجنة اختيار قضاة المحكمة العليا التي أصدرت أمراً أجبر ليفين على عقد اللجنة، واختيار رئيس لها، لكنه كنوع من الاحتجاج والتحدي، لن يقدم الأخير مرشحيه لرئاستها".


وأشارت إلى أنه "من المحتمل أن تختار اللجنة رئيسا لها القاضي نوعام سولبرغ، أقدم قاض في المحكمة، فيما يريد الوزير أن يكون اثنان على الأقل من القضاة المنتخبين حسب اختياره هو، رغم أنه قدم مرشحين غير جديرين".

وذكرت أن "مظهرا جديدا للانقلاب القانوني يتمثل فيما ستناقشه المحكمة العليا في التماسات ضد "قانون السكن"، الذي يهدف للتحايل على واجب تجنيد أعضاء المدارس الدينية في صفوف الجيش، ويسعى مشروع القانون لمنح عائلات المتهربين من الخدمة العسكرية دعما ماليا من الدولة، أما الفقراء فلا، وبما أن هذا القانون، في رأي أمين المظالم، غير دستوري، لأنه يعطي الأولوية لتمويل أعضاء المدرسة الدينية الذين يرفضون التجنيد في انتهاك للقانون الاسرائيلي، فلن يدافع عنه وزير الرفاه يوآف بن تسور".

وأشارت الى مؤشر إضافي على استعادة الانقلاب القانوني المتمثل في "قرار الحكومة يوم أمس بإنهاء ولاية أمناء المظالم في الوزارات الحكومية بحلول نهاية العام، ممن ظلّوا في مناصبهم لفترة طويلة، وهذه خطوة قانونية، لكن الطريقة التي اتخذت بها الحكومة القرار بسرعة، أيضًا هذه المرة، خلافًا لموقف ديوان المظالم، يشتبه في أنها تريد إقالتهم بسبب اعتبارات دخيلة وشخصية، وتعيين مستشارين قانونيين موالين للوزير المكلف".

وختمت بالقول إن "إجراءات اختيار مفوضي الخدمة المدنية تتمثل بأن يقوم رئيس الوزراء قريبًا بتعيين لجنة بحث لاختيارهم، ويخشى أن تتحول الهيئة بعد تغيير الآلية إلى خدمة توزيع الوظائف على معاوني الوزراء والناشطين السياسيين على أساس الولاء فقط، وليس المهنية، وهي كلها مؤشرات لا تخفى على أحد بشأن استعادة الانقلاب القانوني الذي أوقفته الحرب على غزة".

عوديد شالوم الكاتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد أن "ليفين، الرأس المدبر للانقلاب القانوني، لن يهدأ له بال حتى يحترق النادي كله على أصحابه، رغم عدم توقف الحرب الجارية لأسباب حزبية، وحادثة إطلاق القنابل المضيئة على منزل رئيس الوزراء، لكن ليفين يواصل طريقه لمحاولة هدم النظام القائم مرة أخرى، كما فعل في الأشهر التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر، من خلال تنظيم هجوم تشريعي مناهض للدولة، بحيث يظهر الشخص المسؤول عن الاضطرابات الأكثر رعبا وفظاعة التي شهدها المجتمع الإسرائيلي".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "عودة الحكومة لتنفيذ انقلابها القانوني يعني أنها تريد أن توجه للإسرائيليين الضربة القاضية الآن، بما يعنيه من عودة مجددة للانقسام الرهيب والاستقطاب والاحتجاجات الجماهيرية، رغم إدراك حماس للنقطة المتدنية التي وصلت إليها الدولة، واستغلت ذلك في هجومها لتفاجئنا، ومنذ ذلك الحين والإسرائيليون يخوضون حربا متعددة الجبهات، ويقاتل الجنود معًا: من اليمين واليسار، من المستوطنين والعلمانيين، من المدن والضواحي، ومن جميع شرائح المجتمع تقريبًا".



وأكد ان "ليفين غير مهتم بحقيقة أن الجيش يحتاج بشكل عاجل لعشرة آلاف جندي، ورغم ذلك فإنه سيحلّ مع ائتلافه اليميني أزمة تجنيد اليهود المتشددين في مزيج ما، وهو غير مهتم بنقص القضاة في النظام القضائي، وهذا السبب في أنه نظام عالق، والبتّ في القضايا يطول، هذا الوزير لا يهدأ له بال حتى يحترق النادي على رؤوس الإسرائيليين".

وأشار إلى أن "تعمّد الحكومة في استمرار الحرب التي لا نهاية لها، لأسباب شخصية وحزبية بحتة، تهدف لصرف انتباه الإسرائيليين عن رؤية الصورة الكبيرة، وهي أن ليفين واليمين الموالين لبنيامين نتنياهو مصممون على تشويه البنية السياسة القائمة في الدولة".

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة وعبدالله الثاني يؤكدان الموقف الإماراتي الأردني الثابت تجاه الحفاظ على وحدة وسيادة لبنان
  • 17نوفمبر 1958 وبروش البكا: ثورة الجهادية على الملكية (3-3)
  • رئيس النصر للمسبوكات يشكر الرئيس السيسي: قرارات حاسمة لإعادة الإنتاج وحل الأزمات
  • أستاذ اقتصاد: الفجوة التنموية بين الصعيد وباقي الدولة انحسرت في عهد السيسي
  • الصعيد قبل وبعد.. أستاذ اقتصاد يُوضح حجم التنمية في عهد الرئيس السيسي
  • أستاذ اقتصاد يُوضح حجم التنمية والنهضة بالصعيد في عهد الرئيس السيسي
  • حكومة نتنياهو تعيد تنفيذ الانقلاب القانوني وبأقصى سرعة
  • 17 نوفمبر 1958: بالأصالة أم بالوكالة (2-3)
  • هيئة فلسطينية: عقوبات انتقامية للاحتلال بحق المعتقلين الأطفال
  • متى موعد عيد الأضحى 2025/1446؟ وكم عدد أيام الإجازة في الدول العربية والإسلامية؟