ملف النفط والغاز في البحر ضمن تسوية اليوم التالي للحرب
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
منذ عملية "طوفان الاقصى" وما تلاها، بدا واضحاً تحييد الجانب البحري عن المواجهات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، فبقيت المنصات بعيداً عن أي تصعيد، وان كانت فصائل مقاومة عراقية أعلنت استهداف مصافي النفط في حيفا في نيسان الماضي، بواسطة الطيران المسيّر، في رسالة حملت تهديداً مبطناً أن لا خطوط حمراء عند "محور المقاومة" وأنه قادر على ضرب حقول الغاز إذا تمادت إسرائيل في حربها.
بالنسبة إلى حزب الله فإن ما ينتظر لبنان من استحقاقات بعد هذه الحرب سيعود نفعها على كل لبنان، فإنجازات النصر أمنياً وبرياً وبحرياً وسيادياً ستعود بركاتها، بحسب ما قال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله على كل لبنان وكل الشعب اللبناني، مشيراً في خطابه في نيسان الماضي إلى إعادة فتح ملف النفط والغاز في البحر، وبأن المقاومة لن تقبل بالوضع القائم حالياً حيث يواصل العدو استخراج الغاز من كاريش فيما يقع لبنان تحت رحمة الشركات العالمية. وهنا تشدد مصادر سياسية بارزة على أن ملف التنقيب عن النفط والغاز سيكون في صلب نقاشات "اليوم التالي للحرب"، فالحزب لن يترك الأمور على حالها، والحلول التي يعمل عليها للوضع في جنوب لبنان ربطاً بالترسيم البري ستكون مقرونة أيضاً بتعهدات دولية بعدم تعطيل عمليات التنقيب واستخراج الغاز واستفادة لبنان من ثرواته البحرية.
ويعتقد الباحث في مجال الطاقة، في معهد عصام فارس في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور مارك أيوب في حديث لـ"لبنان24" ان الابتعاد عن استهداف المنصات في الاشهر الثماني الأولى يعكس صورة الخطوط الحمراء الاقليمية والدولية التي وضعت في الايام الاولى للحرب. لكن تجدر الاشارة الى أمرين:
- الأول أن حقل تمار تم وقف الإنتاج منه بين 7 و29 تشرين الاول خوفا من التصعيد قبل أن يعاود الإنتاج.
- الثاني أن عدم استهداف منصات الحفر في المياه الفلسطينية حتى الآن لا يعني أنها لن تدخل المعركة بحسب تطورات الميدان وأمد الحرب وأفقها، وبالتالي إدخالها من ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها، إلا أنها حتى الساعة غير مشمولة فيها.
يبدي كثيرون اقتناعاً أن توتال تتقاطع مع إسرائيل في ما خص تفرّد تل أبيب باستخراج الغاز في شرقي المتوسط، خاصة وأن في تاريخ 22 شباط الماضي بدأ الغاز الطبيعي بالتدفق من حقل شمال كاريش إلى إنرجان باور، ومنع هذا الغاز حدوث نقص كان محتملاً عندما تم إيقاف إمدادات الغاز من حقل تمار للغاز الطبيعي لأسابيع معدودة في بداية الحرب في غزة. وبالتوازي غاب التقرير الرسمي الواجب صدوره عن شركة توتال إنرجي حول نتائج الحفر في البلوك 9 اللبناني، علماً أن الشركة لم تقدّم أي تعديلات جديدة على العقد في البلوكين 8 و10، بعد صدور قرار مجلس الوزراء بالتعديلات الأخيرة في حين أن دورة التراخيص الثالثة تنتهي في 2 تموز المقبل، ولم تتقدّم أي شركة في أيّ من البلوكات المعروضة
ويقول أيوب في هذا السياق إن البلوكين 8 و10 عادا الى كنف البلوكات المعروضة للمزايدة في دورة التراخيص الثالثة، ولم يعد هناك أي تفاوض من توتال والكونسورتيوم منذ شباط 2024, وليس هناك أي مؤشرات عن نية لتقديم طلبات من توتال أو أي شركة أخرى قبل 2 تموز متوقعاً تأجيل مهلة تقديم التراخيص الى آواخر العام 2024 أو مطلع العام 2025. أما بالنسبة للتقرير، فأصبح من البديهي بعد زيارة وفد توتال الى بيروت الأسبوع الماضي أن الحجج التقنية المعطاة هي واهية والموضوع أصبح سياسياً بحت مرتبط بمدى تطور الجبهة في الجنوب ومفاوضات الحدود التي يقودها الوسيط الأميركي في ملف الطاقة آموس هوكشتاين. في المقابل، حاول وفد توتال خلال زيارته التأكيد أن الشركة تجارية ولا تدخل الحسابات السياسية في عملها وانها تبدي اهتماماً بالمشاريع القائمة في لبنان وانها سوف تستمر في عمليات الاستكشاف في البلوكَين 8 و10، فضلاً عن اهتمامها بمشاريع الطاقة المتجددة.
ويعتبر أيوب أن توتال متحمسة للطاقات المتجددة بقدر حماستها للعودة الى البلوك 9 للحفر. فالحديث عن عرض منشأة الطاقة الشمسية مع قطر للطاقة يعود للعام 2023 أي ما قبل الحرب، في حين أن الامور اليوم مجمدة على كل الاصعدة ولم تعد توتال تظهر الحماسة نفسها، فكل شيء مرتبط بما يمكن أن تؤؤل اليه الامور في الجنوب.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تسلم نص الكتاب الذي أرسله إليه وزير الطاقة وليد فياض جوابا على رسالة شركتي "توتال" و"قطر انرجي" بالنسبة لمعمل الطاقة المتجددة بقدرة نحو100 ميغاوات حيث اقترح الأخير حلاً قانونياً يسمح بالإسراع في تنفيذ هذا المشروع لتتمكن الشركتان من الإستثمار في بناء المعمل، ولقد أرسل الرئيس ميقاتي لهما الرسالة بحسب اقتراح وزارة الطاقة، مع الإشارة إلى أن مصادر نيابية تشير لا يمكن الترخيص لأي شركة بإنتاج الكهرباء من دون العودة إلى مجلس النواب.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تقسيم الوطن : حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب
بابكر فيصل
إتخذت ثورة ديسمبر المباركة من شعار “حرية .. سلام .. عدالة” بوصلة لتحقيق الأهداف الكبرى التي خرج من أجلها ملايين السودانيين لإسقاط النظام الفاسد المستبد، وبعد إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة رفعت القوى المدنية الديمقراطية شعار “لا للحرب” للتعبير عن إنحيازها للجماهير وعدم التماهي مع أطراف الحرب.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، ظلت القوى المدنية تحذر من أن تطاول أمدها سيؤدي لنتائج وخيمة على البلاد والعباد، والتي يقف على رأسها الخطر الكبير الذي سيهدد وحدة البلاد وينذر بتقسيها و تفتيت كيانها الحالي.
وبعد مرور أكثر من عشرين شهراً أضحى خطر تفكيك البلاد ماثلاً عبر ممارسات لا تخطئها العين كان في مقدمتها خطاب الكراهية الجهوي والعنصري الذي ضرب في صميم النسيج الإجتماعي وخلق حاجزاً نفسياً يمهد لإنقسام البلاد بصورة واضحة.
تبع ذلك ثلاث خطوات إتخذتها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان تمثلت في الآتي : قرار تغيير العملة الذي فرض واقعاً على الأرض تمثل في تقسيم النظام المالي بالبلاد بحيث صارت الولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش تتعامل بعملة مختلفة عن تلك التي يتم تداولها في مناطق سيطرة الدعم السريع.
كذلك كان قرار إجراء إمتحانات الشهادة السودانية في الولايات التي يسيطر عليها الجيش وعدم قيامها في الولايات التي يسيطر عليها الدعم السريع اضافة لولايات تدور فيها رحى المعارك يصب عملياً في إتجاه تكريس عملية تقسيم البلاد عبر حرمان التلاميذ من حقهم في الجلوس للإمتحان فقط لأنهم يتواجدون في رقعة جغرافية لا يسيطر عليها الجيش.
الأمر الثالث تمثل في عدم إستطاعة قطاعات واسعة من الشعب السوداني إستخراج الأوراق الثبوتية ( أرقام وطنية، جوازات سفر الخ) وهى حق طبيعي مرتبط بالمواطنة التي تقوم عليها الحقوق والواجبات في الدولة لذات السبب المتعلق بالعملة وإمتحانات الشهادة.
هذه الخطوات مثلت البداية الفعلية لتقسيم البلاد, ويزيد من تفاقمها الخطوة المزمع إتخاذها من طرف بعض القوى السياسية والحركات المسلحة بإعلان حكومة موازية تجد تبريرها في ضرورة خدمة الشعب في المناطق التي لا يسيطر عليها الجيش، ولا شك أن هذه الخطوة ستشكل خطراً كبيراً على وحدة البلاد مهما كانت مبررات تكوينها (داوها بالتي كانت هى الداءُ).
لمواجهة هذه المعطيات الخطيرة المتسارعة، تقع على القوى المدنية الديمقراطية وقوى الثورة مهمة جسيمة للحفاظ على وحدة البلاد، وليس أمامها من سبيل سوى تكوين جبهة مدنية واسعة يتم من خلالها تطوير شعار الثورة ليصبح “حرية .. سلام .. عدالة .. وحدة”، وكذلك تطوير شعار مناهضة الحرب ليصبح ” لا للحرب، لا لتقسيم البلاد”.
إنَّ أهمية الحفاظ على وحدة البلاد لا تقلُّ بأي حال من الأحوال عن أهمية المناداة بالوقف الفوري للحرب، ولا مناص من تنادي كافة القوى الحريصة على عدم تقسيم البلاد لكلمة سواء يتم من خلالها تجاوز كل الخلافات من أجل تحقيق الهدفين معاً.