جال رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على مختلف القوى السياسية، لكنه لم يقم بزيارة "بنشعي" و"معراب"، ولم يلتقِ لا رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ولا رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، واكتفى بلقاء نواب من "الجمهورية القوية" ضمن فريق "المعارضة" في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، والنائب فريد هيكل الخازن في منزله.
وفي رأي أكثر من مراقب لتطور الأحداث أن لتحرّك باسيل هدفين: الأول، اتسم بالنقاط السبع، التي اختصرها في مؤتمره الصحافي عقب انتهاء جولته السياسية، وهي:
1 - وجوب انتخاب رئيس للجمهورية وفصل الاستحقاق الرئاسي عن الأحداث الخارجية.
2 - لا شروط مسبقة للتشاور.
3 -السعي للتوافق عبر الحوار والا فالانتخاب.
4 - شرط النجاح هو تأمين التزام 86 نائبًا وعدم خروجهم خلال أي دورة.
5 - السعي الى مشاركة الجميع في الحوار لأن لا قدرة لأحد على إقصاء أحد.
6 - جلسات الانتخاب هي متتالية لمدة 3 أيام والدورات في كل جلسة هي متتالية على أربع دورات وعندها تكون الفرصة متاحة للربح.
7 - تكوين مجموعة وازنة من النواب المستقلين والكتل النيابية الذين يؤمنون بمبدأ التوافق.
أمّا الهدف الثاني غير المعلن لجولة باسيل، وهذا ما يراه مقربون من "بنشعي" و"معراب" كموقف غير منسّق، ولكنه يأتي في السياق التحليلي للأمور، فهو السعي من خلال التماهي مع مساعي الرئيس نبيه بري الحوارية إلى عزل "القوات اللبنانية" ومن يقف معها من القوى المعارضة لترؤس رئيس مجلس النواب طاولة الحوار ولقطع الطريق على تكريس هذا الأمر عرفًا في كل مرّة يصار فيها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما يتحرّك في اتجاه "حارة حريك" في محاولة اقناعية قد تكون أخيرة لثني "الثنائي الشيعي" عن الاستمرار في تقديم الدعم المطلق لفرنجية، على رغم أن الأمل في أن يصير المستحيل واقعًا ضعيف جدًّا. وهذا ما تمّ تأكيده في اللقاء مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" الحاج محمد رعد.
إلاّ أن لمقربين من "ميرنا الشالوحي" تفسيرًا مختلفًا لتحرّك باسيل في اتجاه الجميع، حتى ولو لم يلتقِ مباشرة مع فرنجية وجعجع، إذ يقول هؤلاء بأن ما يقوم به رئيس "التيار" لا يهدف إلى عزل أحد، ولا إلى إقصاء أحد، وهو كان واضحًا في مؤتمره الصحافي في نهاية جولته من سعيه الى مشاركة الجميع في الحوار لأن لا قدرة لأحد على إقصاء أحد، وهو بالتالي لم يوقف التحرّك الذي قام به من أجل التوصّل إلى قواسم مشتركة، أقّله مسيحيًا، لإخراج الأزمة الرئاسية من عنق الزجاجة على قاعدة فصل الأزمات الأخرى بتأثيراتها السلبية عن هذا الاستحقاق، خصوصًا بالنسبة إلى ربط جبهة الجنوب بالحرب الدائرة في قطاع غزة.
في المقابل، فإن بعض الأوساط السياسية التي تصنّف نفسها بالحيادية ترى أن ما طرحه فرنجية في مناسبة أحداث أهدن، أقّله ما له علاقة بدعوته إلى إقامة حوار عقلاني داخل المجتمع المسيحي يكون مقدمة لازمة لحوار أكبر على مستوى كل لبنان لم يلق تجاوبًا من قِبل باسيل، الذي لم يتوقف سوى عند ما جاء في الكلام الذي قيل في أهدن عن ثنائية فرنجية – جعجع في المعادلة الرئاسية.
فمن كلام فرنجية الرئاسي بشقّه المسيحي يبدأ الحل. وما دام الخلاف بين الثلاثي الماروني قائمًا فإن الرئاسة الممنوحة عرفًا للموارنة قد تطير من بين أيديهم كحال رضيع لأهل ضريرين وقد ضاع لكثرة "البقبشة".
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
سيف على رقاب الجميع
إنه الرحيل. ومعه تتبخر الأشياء، ويرتد كل إنسان إلى المنتهى. لا يبقى هناك ما يسمى بالسلطة والنفوذ. وهنا يتذكر ما حل بالآخرين. أين ذهب "هتلر" نموذج الحاكم المنتشي بالسلطة؟ لقد تبخر كل شىء، ضاع مع الريح، لم يصمد.لم يكن أحد ليتصور أن تحل به هذه النهاية فى يوم من الأيام. رحل ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منه. مع الرحيل تختلف الأوضاع. يصبح المرء بلا رفيق، ولا يوجد من بات بذكره أو حتى يورد اسمه أو يستدعى سيرته. الكل لا يريد أن يتذكر من بات شبحا، جسدا ميتا مليئا بالثقوب، جثة عفنة لا حول لها ولا قوة. بات صاحبها عبئا على الطريق والرفيق، لا أحد يذكره. حتى إذا جاءت سيرته لفظها الكثيرون، وآثروا الانقياد وراء مواضيع أخرى. لا أحد يريد أن يتذكر من كان يملأ الحياة صخبا وضجيجا إرهابا وعنفا.
انتهى كل شىء. لا حول ولا قوة إلا بالله. راحت الدنيا وحلت الآخرة التى لا يراها أحد ما دام على قيد الحياة. من يحيا لا يرى إلا الحياة والقوة والاستقواء والسطوة و الهيمنة والنفوذ والتجبر. هذه هى فنون الحياة والبقاء، فليس له علاقة بالآخرة. فهذا الشخص مأفون عنيد لئيم رهيب فج غليظ وحش كاسر طغى وتجبر، وغيب عن نفسه عمدا أن الحياة قصيرة ولا ضمان لها، وأنها تنتهى فى لحظة دون تنبيه خلافا لعقيدة صاحبنا الذى كان يرى أنها باقية له إلى الأبد، ولهذا ومع هذا الشعور ينسى أن هناك رحيلا حتميا فى يوم من الأيام. قد يكون اليوم أو غدا أو فيما بعد ولكنه آتٍ على أى حال.
عندما يُذكر الرحيل يشعر المرء بالحزن. إنها لوعة الرحيل وتعاسة الفراق. لا يريد المرء أن يبدو حزينا. ولكن هذه هى الحياة أو هكذا تكون، فهى تبدأ وتنتهى فجأة دون أن تخبرنا بوثيقة حول موعد الرحيل، فهو أمر صعب على كل منا رغم أنه حق علينا جميعا. ورغم ذلك دائما ما نربط بينه وبين عنصر المفاجأة. نعلم أن الرحيل قادم، ولكن ما أن يأتى حتى نشعر بغصة وكأنه كان مفاجئا لنا. إنه الرحيل الصعب على الجميع التعامل معه، لا سيما عندما يرحل من نحب ومن كان يمسح دموعنا ويرفق بنا ويأخذ بيدنا لكى نرى معه وبرفقته جادة الطريق.
إنه الفراق بيننا وبين الأحبة وبيننا وبين هذه الدنيا التى كنا نعيش فى كنفها ونستنشق نسائمها. ولكنها الحياة وهكذا تكون. نشعر بالحلم الجميل ولكن لا يلبث أن يتبدد ويتحول إلى كابوس قاتل أمام البعض ممن لا يملكون أمامه إلا الاستسلام، فهذا هو القدر الذى يباغت الجميع بما لم يتوقعوه.
ما أصعب رحيل الأحباب وذوى القربى. وهنا تكون اللوعة مرة ومعها تتبدد الآمال وتطمر الفرحة ويغيب الشعور بالسعادة والحياة. إنه القدر الذى يتعين على الجميع الاستسلام له حيث لا يملكون أمامه سبيلا للهروب. وهذه هى الحياة. نقطة بداية ومولد حلم حتى نصل إلى النهاية التي يحكمها ويتحكم فيها الرحيل. يرحل الأحباب ونأسى لرحيلهم، ولكن ورغم هذا الفراق والرحيل الذى سيحل بالجميع يتعين علينا أن نبحث عن حلم جديد.نعم.. يجب أن ننظر إلى الحياة بروح جديدة كلها أمل. يجب أن نتجاوز مرحلة الأحزان، وأن نتجاوب مع حياة جديدة، والزمن كفيل بأن يخفف عن الإنسان همومه وأوجاعه سواء أكان يعانى فراقا بسبب الحب أو يضاجعه الأسى لفقد عزيز لديه. وهنا ينبغي على الإنسان الإفاقة، وأن يحاول النسيان ويندمج مع الأصدقاء، وأن يؤمن بأن الحياة يجب أن تكمل مسيرتها وأن تأتى بالجديد.