كتبت راجانا حمية في صحيفة "الأخبار": عندما أُنشئ معمل الزوق في خمسينيات القرن الماضي، لم تكن اللعنة قد حلّت بعد، إذ كان خطره معدوماً نظراً إلى كونه يعمل على البخار، وكانت الأراضي حوله مصنّفة زراعية، وبقيت على تلك الحال، يزرعها السكان ويأكلون منها، إلى أن بدأ كل شيء يتغيّر مع تحويل التشغيل من البخار إلى الفيول.

مع هذه «النقلة»، تغيّرت معالم المنطقة، وبدأت شكاوى السكان الذين تكاثرت أعدادهم في محيط المعمل من السحابة السوداء التي تنفثها الدواخين على مدار الساعة. شيئاً فشيئاً، كلما كان «معمل الموت» يكبر عاماً، كان السرطان يتمكّن من المنطقة، إلى أن صار جيران المعمل يتوارثونه أباً عن جدّ.

في دراسة أجرتها مجموعة من الأطباء في مستشفى سيدة لبنان، من بينهم طبيب أمراض الرئة بول مخلوف، وامتدت بين عامي 1990 (بعد نحو سبع سنوات من تحويل المعمل إلى الفيول) و2014، لرصد أسباب زيادة الدخول إلى المستشفيات بين جيران معمل الزوق بسبب الأمراض الصدرية والحساسية، تبيّن أن نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية ترتفع بمعدل 1.5 إلى 3% سنوياً. ويؤكد مخلوف أن الدراسة التي لا تزال مستمرة تواصل تسجيل أرقام «لا تزال غير نهائية، خصوصاً مع تغيّر الكثافة السكانية حول المعمل بسبب هجرة كثيرين»، لكنّ الثابت أن من بقي «ورث السرطان مع البيت من أهله».

‎لا يزال السرطان يفتك بجيران المعمل حتى اللحظة، وفق مخلوف. وهو أشبه ما يكون بالعدوى، وتزداد نسب الإصابة به كلما كان مكان السكن أقرب إلى المعمل، إذ إن «معظم الذين شُخّصت لديهم إصابات بالسرطان هم من المقيمين في جوار المعمل منذ فترة طويلة، ومن المعرّضين مباشرة للتلوّث الذي زاد في الفترات الأخيرة بسبب رداءة نوعية الفيول المستخدم».

لا يزال مخلوف يرقب نموّ المرض الخبيث الذي تخطّت أعداد المصابين به في المنطقة هذا العام الـ300 إصابة، مع زيادة «7,5 إلى 8% في أعداد المصابين بسرطان الرئة عن العام الماضي، فيما الزيادات في بقية أنواع السرطان (سرطان البروستات والمبولة والجلد) تراوح بين 1.5 و3%». ويعزو الزيادة العليا للإصابات بسرطان الرئة إلى العيش داخل «فقاعة من التلوث، حيث ينام هؤلاء ويستيقظون متل اللي عم يدخّنوا عطول».

ويلفت إلى أن هذه الأرقام «تتعلق فقط بمن يتلقون العلاجات أو من عرفوا بمرضهم»، فيما هناك كثر لم يكتشفوا إصابتهم بعد، وذلك لسببين أساسيين، بحسب مخلوف، أولهما أن «الحالة الاجتماعية المادية للبعض تمنعهم من إجراء الكشف المبكر»، وثانيهما وهو الأخطر، أن الناس اعتادوا جيرة معمل الموت".
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

دراسة جديدة تكشف أصولًا غير متوقعة للسكان الأصليين في أمريكا

كشفت دراسة جديدة عن وجود روابط وراثية غير متوقعة تجمع بين الأمريكتين، والصين، واليابان، لتعيد هذه النتائج رسم خريطة الأصول الآسيوية للسكان الأصليين في أمريكا، وتكشف عن مسارات أكثر تشعبًا مما كان يُعتقد. اعلان

اعتمدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة "Cell Reports"، على تحليل الحمض النووي الميتوكوندري. وقد أشارت إلى حدوث موجتين على الأقل من الهجرة: الأولى منذ ما يقارب 26,000 و19,500 عام، خلال العصر الجليدي الأخير، عندما كانت الظروف القاسية على الساحل الشمالي للصين غير صالحة للسكن، والثانية بين 19,000 و11,500 عام، في فترة اتسمت بتحسّن الظروف المناخية وتزايد الهجرة نحو أراضٍ جديدة.

لكن المفاجأة الكبرى، بحسب فريق البحث، أنّ مسار الهجرة آنذاك لم يمر عبر جسر بيرينغ البري الذي كان يربط سيبيريا بألاسكا كما كان يُفترض سابقًا، بل عبر ساحل المحيط الهادئ، في مسار بحري محتمل امتد من شرق آسيا إلى شمال غرب أمريكا الشمالية.

جذورٌ غير متوقعة

تتبّع فريق من الباحثين بقيادة يو-تشون لي، المتخصصة في الأنثروبولوجيا الجزيئية في الأكاديمية الصينية للعلوم، سلالة ميتوكوندرية نادرة تُعرف باسم D4h، عبر أكثر من 115 ألف عينة من الحمض النووي، بينها 15 ألف عينة قديمة. وتمكنوا من تحديد 216 فردًا معاصِرًا و39 فردًا من العصور القديمة يشتركون في هذه السلالة، ورسم خريطة دقيقة لتفرعاتها عبر الزمن باستخدام التأريخ بالكربون وتحليل الطفرات المتراكمة.

وقالت لي في بيان: "الأصول الآسيوية للسكان الأصليين في أمريكا أكثر تشابكًا مما كان يُعتقد. فإلى جانب الأصول الجينية المعروفة والمحددة في مناطق سيبيريا وأسترالو-ميلانيزيا وجنوب شرق آسيا، يظهر أن الساحل الشمالي للصين ساهم أيضًا في التركيبة الجينية للسكان الأصليين في أمريكا".

Related شاهد: سكان أصليون في المكسيك يحيون ذكرى اليوم الأخير من إمبراطورية الأزتيكشاهد: سكان أصليون في البرازيل يحتفلون بصدور قرار قضائي على صلة بحقهم في أرض الأجدادسكان أصليون من غرينلاند يطالبون الدنمارك بتعويضات عن تجربة استعمارية فاشلة تشابه عابر للقارات

تُظهر الدراسة تشابهًا لافتًا بين الأدوات الحجرية التي وُجدت في مواقع يابانية وصينية وأخرى في أمريكا الشمالية، فقد لاحظ الباحثون أن الشفرات اليابانية الصغيرة في أواخر العصر الجليدي تشترك في سمات مع الأدوات المكتشفة في شمال شرق آسيا، بما في ذلك شمال الصين، ومع رؤوس الرماح التي عُثر عليها في مواقع أمريكية.

ويُرجّح الفريق أن شعوب العصر الحجري القديم في الصين واليابان قد عبروا الحافة الشمالية للمحيط الهادئ حتى بلغوا الساحل الشمالي الغربي لأمريكا الشمالية، في مسار يُفسّر أوجه التشابه الثقافي والتقني أيضًا. ويقترح بعض العلماء أن هذا الترابط ربما يعود إلى أصل سلالي مشترك، وليس إلى تفاعل لاحق بين شعوب مختلفة.

ولم تقتصر النتائج على القارة الأمريكية، إذ كشف التحليل أن سكان الساحل الشمالي للصين قد ساهموا أيضًا في التركيبة الوراثية لليابانيين، ولا سيما لدى شعب الآينو الأصلي. وأوضحت لي: "لقد فوجئنا حين اكتشفنا أن هذا المصدر ساهم في الجينات اليابانية أيضًا، ما يشير إلى أن الروابط بين الأمريكتين والصين واليابان خلال العصر الجليدي كانت تشمل الثقافة والوراثة معًا".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان
  • احمِ نفسك من الألم.. طرق الوقاية من التهابات القولون
  • دراسة: السعادة تقلل الإصابة بأمراض القلب والسرطان بشكل يفوق التوقعات
  • خلاف جيران يتحول إلى معركة فى الشارع ببنها.. والداخلية تكشف التفاصيل
  • دراسة تكشف ارتفاع حالات السرطان المرتبطة بالسمنة بين كبار السن
  • دراسة: تناول لحوم مصنعة أسبوعيا يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي
  • دراسة جديدة تكشف أصولًا غير متوقعة للسكان الأصليين في أمريكا
  • تجديد حبس المتهم بتعذيب ابنته حتى الموت فى الصف بسبب 5 آلاف جنيه 15 يوما
  • مرضى التوحد في العراق.. دراسة تكشف مشكلة كبيرة في نظر المرضى ووعي الوالدين
  • لا تتجاهلها- 5 أعراض أولية تكشف إصابتك بسرطان المعدة