إسرائيل تهيّئ أميركا للحرب وحزب الله يتسلّح بـانتصاراته؟
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
تزداد المخاوف لبنانياً ودولياً من تفلّت المواجهة بين حزب الله واسرائيل وانتقالها إلى حرب واسعة، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية الأخيرة والاستعدادات التي أعلنتها قيادة الجبهة الشماليةلهجوم واسع على لبنان. ويبدو أن التصعيد الذي تشهده جبهة الجنوب، إن كان بالقصف الإسرائيلي المستمر وعمليات الاغتيال بالطائرات المسيّرة، أو بالهجمات التي يشنّها الحزب خصوصاً بعد اغتيال القائد العسكري طالب سامي عبدالله، والتي وصفت بـ"الأوسع" عبر المسيّرات الاتقضاضية والصواريخ ضد مواقع عسكرية ومستوطنات، قد تؤدي إلى توسيع الحرب ما لم يجرِ ضبطها وإعادتها إلى قواعد الاشتباك السابقة، وهي مهمة يتولاها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بين إسرائيل ولبنان ابتداءً من الإثنين المقبل، بعدما شعر الأميركيون بأن الأوضاع تتجه إلى الانفجار الشامل.
وكتب ابراهيم حيدر في" النهار": يأتي هوكشتاين إلى المنطقة في جولة يستهلها في تل أبيب، للبحث في التهدئة وممارسة ضغوط لمنع الحكومة الإسرائيلية من توسيع حربها على لبنان، ومن المفترض وفق مصادر ديبلوماسية متابعة أن ينتقل بعدها إلى لبنان، لكن ذلك مشروط بما ستتوصل إليه مباحثاته مع المسؤولين الإسرائيليين الذين اتخذوا قراراً بالحرب، لكن توقيتها لا يزال مرتبطاً بغزة أو أقله في معركة رفح. علماً أن هوكشتاين لم ينتقل إلى بيروت بعد زيارته الأخيرة التي وصفت بـ"العائلية" قبل نحو شهر في إسرائيل، وعكست حجم الصعوبات في التوصل إلى تسوية أو أقله تفاهم لاطلاق المفاوضات بفعل الانسداد في العملية السياسية وإصرار إسرائيل على إبعاد قوات "حزب الله" عن الحدود.
تشير المعلومات إلى أن هوكشتاين سيسعى بكل قوة للتوصل إلى نوع من التهدئة على جبهة الجنوب، أو أقله إقناع المسؤولين الإسرائيليين بتأجيل أي هجوم على لبنان، وإتاحة الفرصة لتسويق مشروعه حول تسوية الحدود. وهو لا يحمل في جعبته غير سلاح الضغط الأميركي الغير كافٍ حتى الآن لمنع الانجرار نحو الحرب، طالما أن إسرائيل رفضت مقترحات بايدن في ما يتعلق بغزة، وبالتالي تبقى الامور مفتوحة على احتمالات الحرب طالما استمر الربط القائم بين جبهتي غزة ولبنان. والامر مرتبط بـ"حزب الله" أيضاً الذي لا يوافق على التهدئة أو تعليق العمليات العسكرية قبل وقف النار في غزة، لا بل أنه انتقل إلى مرحلة جديدة من التصعيد وهو يجرّ لبنان كله إلى الحرب، معتبراً أن تصعيده هو لمنع إسرائيل من شنها، والتي تهدده بها مع البلد كله.
وفي الواقع لا يزال هوكشتاين يحمل المبادرة ذاتها التي تتوزع على ثلاث مراحل في ما يتعلق بالجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، وهو يراهن وفق المصادر الديبلوماسية على أن ينتزع من إسرائيل قراراً بتأجيل الحرب والموافقة على تدرّج الحل بدءاً بالتهدئة ثم بالتفاوض وصولاً إلى تطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني وابتعاد الحزب عن الحدود، لينتقل بعدها إلى لبنان إذا كانت الأجواء إيجابية، وليطرح مجدداً عناوين مبادرته خصوصا في ما يتعلق بالقرار 1701، وهو كان مهّد لها بالاتصال الأخير مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحاملاً أيضاً مجموعة أفكار وعناوين مما ناقشته القمة الفرنسية- الأميركية.
لكن السيناريو الذي يضعه هوكشتاين لا يزال يواجه صعوبات، وإن كانت زيارته تُعتبر الفرصة الاخيرة لمنع الحرب. وهناك جزء يتعلق بلبنان وتحديداً "حزب الله" الذي يعتبر أنه حقق انتصاراً في معركته، ويراهن على أن إسرائيل لن تكون قادرة على تحقيق أي من أهدافها في لبنان، كما قطاع غزة. ولذلك تفيد المصادر الديبلوماسية أن "حزب الله" انطلاقاً من حساباته واعتباراته سيتشدد أكثر في ما يطرحه هوكشتاين، مرتكزاً على معادلة ما يسميه الردع الذي حققه ومنع من خلاله إسرائيل من تحقيق ما تريده أولاً بإبعاده إلى شمال نهر الليطاني وعدم قدرتها على ضرب منصات صواريخه، وبالتالي يعتبر أن ما لم تحققه إسرائيل في حربها لن يقدمه لها في أي اتفاق، وذلك رغم الخسائر البشرية التي تكبدها. لا بل أن "حزب الله" وفقاً لحساباته الإقليمية بدأ يفكر بالمطالبة بتعديل القرار 1701 وفقاً لموازين القوى التي أرساها من دون أن يأخذ بالاعتبار أنه يقدم ذرائع للاحتلال لتوسيع حربه التي يهدد بها وهي باتت ضد لبنان ولا تقتصر فقط على الحزب.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله يترك إيران نمراً من ورق
تناول الكاتب الصحفي والباحث دانييل ويليامز اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحزب الله، مسلطاً الضوء على آثاره في الاستقرار الإقليمي وتأثيره على ديناميكيات القوة الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
إيران لاعب ضعيف غير قادر على دعم تهديداته بعمل ذي مغزى
وقال الكاتب في تحليله بموقع "آسيا تايمز" إن هذا القرار لا يعزز المكاسب الاستراتيجية الرئيسية لإسرائيل فحسب، بل يكشف أيضاً عن إيران كلاعب ضعيف غير قادر على دعم تهديداته بعمل ذي مغزى. إنجاز مهم لنتانياهو
وعدّ ويليامز وقف إطلاق النار إنجازاً مهماً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، حيث حقق أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في دفع حزب الله بعيداً عن الحدود الشمالية لإسرائيل وشل القدرات العملياتية للجماعة.
وكجزء من الاتفاق، أُجبِر حزب الله على الانسحاب شمال نهر الليطاني، مما أدى إلى إنشاء منطقة عازلة داخل لبنان.
يفرض هذا التحول الإقليمي شرطاً من قرار الأمم المتحدة لعام 2006 الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله، لكنه ظل غير مطبق إلى حد كبير.
???? "After a year of mauling, Hezbollah – Tehran’s puppet – is giving in. But why has Netanyahu agreed to a peace deal, when Israel has the upper hand?" writes @COLRICHARDKEMP .
Read more here ????https://t.co/kZLUTtbhgV pic.twitter.com/Zgz3cih6mj
ومن خلال تنفيذ هذه المنطقة المحظورة، تعزز إسرائيل أمنها على طول حدودها الشمالية في حين تحد في الوقت نفسه من قدرة حزب الله على تهديد الأراضي الإسرائيلية.
وأوضح الكاتب أن هذا التطور يكشف صدعاً في التحالف بين حزب الله وحماس، حيث كان الحزب قد أعلن دعمه للهجوم الذي شنته الجماعة الفلسطينية المسلحة على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولكنه اضطر في النهاية إلى التراجع تحت الضغط الإسرائيلي.
وأشار الكاتب إلى أن هذا الصدع يترك حماس معزولة، حيث فقدت حليفاً حاسماً قادراً على تحويل الموارد العسكرية الإسرائيلية نحو جبهة ثانية، مما يمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انتصارا تكتيكياً يُضعف ما يسمى "محور المقاومة".
Israeli hard power has secured what 11 months of soft words from Biden envoys could not: Hezbollah’s agreement to abandon Hamas as Iran’s Lebanon proxy staggers out of the fight. https://t.co/DLL2LM099U
— Mark Dubowitz (@mdubowitz) November 26, 2024
ورأى ويليامز أن وقف إطلاق النار يقوض موقف إيران بوصفها الداعم الرئيس لهذا المحور، الذي يضم حزب الله وحماس والميليشيات العراقية والمتمردين الحوثيين في اليمن. ورغم خطابها عن المقاومة ودعم هذه الجماعات، امتنعت إيران عن التدخل المباشر أثناء الصراع في الوقت الذي استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية جنوب لبنان وبيروت وحتى كبار مسؤولي حزب الله.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر الكناني علناً أنه لا توجد حاجة إلى إرسال قوات إضافية إلى لبنان، مدعياً بأن الميليشيات المحلية قادرة على التعامل مع الموقف. وأوضح الكاتب أن هذا التصريح يكشف عن فجوة كبيرة بين تهديدات إيران واستعدادها - أو قدرتها - على التصرف.
وفي حين أشاد نتانياهو بوقف إطلاق النار باعتباره انتصاراً، يرى الكاتب أنه لا يعالج مخاوفه الأوسع نطاقاً بشأن البرنامج النووي الإيراني. وأعطى نتانياهو الأولوية باستمرار لتحييد طموحات إيران النووية، التي يعتبرها أكبر تهديد لوجود إسرائيل.
وفي خطاب متلفز، كرر رئيس الوزراء التزامه بهذه المهمة، ووصفها بأنها أساسية لأمن إسرائيل على المدى الطويل. إن الإجراءات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، بما في ذلك تدمير أنظمة الدفاع الجوي إس-300 التي قدمتها روسيا لحماية المنشآت النووية الرئيسية، توضح بشكل أكبر تركيزها على الحد من قدرات طهران.
وسلط الكاتب الضوء على رد فعل الرئيس الأمريكي جو بايدن على وقف إطلاق النار، مشيراً إلى تصويره للاتفاق على أنه خطوة نحو السلام في الشرق الأوسط. وتركز رؤية بايدن على إنشاء دولة فلسطينية؛ وهو احتمال رفضه نتانياهو باستمرار.
وتشير الأعمال العدائية المستمرة في غزة، إلى جانب تصاعد العنف في الضفة الغربية، إلى أن حل الدولتين ما يزال هدفاً بعيد المنال. ولا تظهر أي علامات على تراجع الصراع في غزة على وجه الخصوص. ففي حين تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، تواصل حماس المطالبة بانسحاب إسرائيل كشرط لأي وقف لإطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، تسلط الغارات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي تستهدف في كثير من الأحيان مخابئ الأسلحة التي يُزعم أن إيران هربتها، الضوء على التوترات المستمرة في الأراضي الفلسطينية. وظلت السلطة الوطنية الفلسطينية، ومقرها رام الله، صامتة بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، ما يؤكد على دورها المتضائل في تشكيل التطورات الإقليمية.
ديناميكيات العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية
وقال الكاتب إن ديناميكيات العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قد تتغير مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على الطبيعة الهشة لوقف إطلاق النار وتداعياته الأوسع. وفي حين يعمل الاتفاق على استقرار الجبهة الشمالية لإسرائيل مؤقتاً، فإنه يسلط الضوء على هشاشة الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.
وتكشف الهدنة عن نقاط ضعف إيران في حين تعزز الهيمنة العسكرية لإسرائيل، وتترك الصراعات الأساسية التي تديم عدم الاستقرار في المنطقة دون حل. وبينما يسعى نتنياهو وبايدن وترامب إلى اتباع استراتيجيات متباينة، فإن الطريق إلى السلام الدائم يظل بعيد المنال، ويتشكل من خلال الأولويات المتنافسة والتوترات الدائمة.