الاحتفال بالعيد مقاومة.. ورسالة إلى روح مرسي
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
مع حلول العيد وكل عيد خلال السنوات القليلة الماضية سرت موجة من الكآبة، ترفع شعار"عيدنا يوم انتصارنا"، أو عيدنا يوم تحررنا، أو عيدنا يوم خروج أسرانا، وهو شعور نبيل بالتأكيد، يعلي من فكرة التضامن مع المكلومين سواء كانوا أسر شهداء أو معتقلين أو مهجرين ولاجئين.. إلخ، لكن الاستسلام لهذه المشاعر السلبية يصب في نهاية المطاف في مصلحة الطرف أو الأطراف التي صنعت تلك المآسي، وأرادت لخصومها أن يعيشوها، ولا يخرجوا منها، فهذه هي الحالة المثالية التي تبقي هؤلاء الضحايا في حالة انكسار، وهو عين المطلوب من أعدائهم، سواء كان هؤلاء الأعداء احتلال عسكري مثل الكيان الصهيوني في فلسطين، أو أنظمة قمعية مستبدة كما هو الحال في غالب العالم العربي.
الحقيقة أن المقاومة، سواء للاحتلال الإسرائيلي أو للاستبداد السياسي، لم تتوقف يوما، حتى وإن ضعفت أحيانا، لكن جزءا من هذه المقاومة يكون بإدراك مرامي العدو (احتلال أو استبداد) وعدم التساوق معها، بل تحديها بكل الطرق الممكنة، ومن ذلك إبراز مظاهر البهجة والفرح في المناسبات الدينية والوطنية.. الخ، فهذه المشاهد الاحتفالية تغيظ العدو، لأنها ببساطة تثبت أنه فشل في مهمته المتعلقة بكسر إرادة ضحاياه.
المقاومة، سواء للاحتلال الإسرائيلي أو للاستبداد السياسي، لم تتوقف يوما، حتى وإن ضعفت أحيانا، لكن جزءا من هذه المقاومة يكون بإدراك مرامي العدو (احتلال أو استبداد) وعدم التساوق معها، بل تحديها بكل الطرق الممكنة، ومن ذلك إبراز مظاهر البهجة والفرح في المناسبات الدينية والوطنية
لقد شاهدنا في مخيمات غزة في رمضان الماضي وفي عيد الفطر مظاهر للاحتفال بالعيد، وكم أدخل ذلك السرور علينا نحن المتألمين لما يعانيه ويكابده أهل القطاع، والرافضين لإبداء أي مظاهر احتفاء وفرح احتراما لمشاعرهم. كما أننا نرى صورا ومقاطع فيديو تتسرب أحيانا من داخل بعض السجون المصرية -وقد يكون الأمر مكررا في سجون اليمن وسوريا وتونس- متضمنة احتفالات ومظاهر بهجة للسجناء بقدوم رمضان أو بالعيد، أو حتى في حفلات سمر طبيعية حين تتاح لهم الظروف في بعض السجون، لأن هناك سجونا أخرى تضيق تضييقا شديدا على نزلائها، وتمنعهم حتى من صلاة الجماعة.
الأصل في الأعمال هو النية حسب الحديث النبوي "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، فحين تكون الفرحة والسرور في هذه المناسبات بنيّة إبراز الثبات والصمود ومقاومة حالة الانكسار التي يريد العدو فرضها، فساعتها تكون تلك الفرحة والبهجة عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، ولنتصور كيف يرى العدو مظاهر التحدي هذه لدى ضحاياه الذين أراد إذلالهم وكسر إرادتهم! المؤكد أنه يتألم كثيرا لفشل جهوده، وقد يحمله ذلك في لحظة معينة إلى ضرورة التفاهم مع هؤلاء الضحايا بعدو أن فشل في هزيمتهم معنويا.
إن مظاهر الفرح التي يبديها بعض أهل غزة مع كل مناسبة دينية أو اجتماعية بينما هم لا يزالون تحت القصف تربك العدو وتصيبه بالجنون، فكيف لهذا العدو وقد استخدم كل ما لديه واستعان بما لدى غيره من قوة ليصبها فوق رؤوس هؤلاء القوم، فيقتل الآلاف منهم، ثم هم بعد ذلك يعلقون الزينات بقدوم رمضان، ويوزعون الحلويات عند قدوم الأعياد، أو حتى عند تلقيهم نبأ استشهاد ذويهم، ثم هم في هذا الحر يهرعون إلى شواطئ غزة لقضاء بعض الوقت في بحرها.
قد يرى البعض أن هذه المظاهر يمكن أن يستخدمها العدو لتسويق روايات كاذبة عن سماحه بهذه المظاهر لأهل غزة رحمة منه، أو أن الخسائر بين أهل القطاع سواء بشرية أو مادية ليست كما تصورها المقاومة، لكن الحقيقة أن هذه المظاهر لم يسمح بها العدو بل انتُزعت منه انتزاعا، وهي جزء من حالة مقاومة متعددة المظاهر، قد يرى البعض أن هذه المظاهر يمكن أن يستخدمها العدو لتسويق روايات كاذبة عن سماحه بهذه المظاهر لأهل غزة رحمة منه، أو أن الخسائر بين أهل القطاع سواء بشرية أو مادية ليست كما تصورها المقاومة، لكن الحقيقة أن هذه المظاهر لم يسمح بها العدو بل انتُزعت منه انتزاعا، وهي جزء من حالة مقاومة متعددة المظاهركما أنها جزء من حرب نفسية مضادة للعدو نفسه لتصيبه هو باليأس والإحباط مما يفعله. فمهما قتل ودمّر فإن من تبقى من أهل غزة ومن أهل فلسطين متمسكون بحقهم في الحياة والحرية والوطن المستقل، وسيظلون يتزاوجون ويتكاثرون، ويقدمون أبناءهم شهداء في معارك العز والكرامة حتى يحرروا وطنهم ويقيموا دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.
أعجبني كثيرا ما كانت قناة الجزيرة تحرص على بثه كفواصل بين برامجها من كلمات الأب الفلسطيني مانويل مسلم، راعي كنيسة اللاتين في غزة سابقا: "افرح إذن أنت تُقاوم، ازرع السلام والمحبة حولك إذا أنت تُقاوم، فقاوموا.. وازرعوا الفرحة ما استطعتم إليها سبيلا".
إلى روح مرسي
تحل غدا الاثنين الذكرى الخامسة لاستشهاد الرئيس محمد مرسي في ساحة المحكمة (17 حزيران/ يونيو 2019) بينما كان يحاكَم في قضية تتعلق بفلسطين ودعم المقاومة، وهي القضية التي صُنفت باسم التخابر مع حماس، وهو شرف ما بعده شرف أن يستشهد مرسي أثناء نظر تلك القضية المزعومة. لقد كان مرسي رحمه الله داعما حقيقيا لغزة ولكل فلسطين، وستظل صرخته الداوية "لن نترك غزة وحدها" مسطّرة بأحرف من نور في مسيرة النضال الفلسطيني.
من فضل الله على الرئيس مرسي أن تأتي براءته من كل الأكاذيب التي اتهم بها تباعا على مدار السنوات الماضية، مثل أكذوبة بيع سيناء، وحلايب وشلاتين، وبرج القاهرة، والتفريط في مياه النيل، ويظهر جليا أمام المصريين وغيرهم أنها كانت اتهامات باطلة بحق مرسي، بينما هي اتهامات حقيقية بحق من رموه بها
من فضل الله على الرئيس مرسي أن تأتي براءته من كل الأكاذيب التي اتهم بها تباعا على مدار السنوات الماضية، مثل أكذوبة بيع سيناء، وحلايب وشلاتين، وبرج القاهرة، والتفريط في مياه النيل، ويظهر جليا أمام المصريين وغيرهم أنها كانت اتهامات باطلة بحق مرسي، بينما هي اتهامات حقيقية بحق من رموه بها. فالسيسي هو الذي باع تيران وصنافير، وقد كان مستعدا لبيع جزء من سيناء لولا تصاعد موجة الغضب الشعبي عقب طوفان الأقصى، وهو الذي تنازل عن حق مصر في مياه النيل، ولم يستطع انتزاع حق مصر في الإدارة المشتركة لمشاريع المياه في منابع النيل، وهو الذي أغرق مصر بالديون الخارجية والداخلية، وهو الذي هبط بقيمة الجنيه، وزادت في عهده البطالة والفقر.
قبل أيام شهدت ساحات السوشيال ميديا هجمة شعبية قوية ضد السيسي فتشت في دفاتره القديمة، وأعادت نشر تعليقاته القديمة التي وعد المصريين فيها بالمن والسلوى خلال فترة زمنية قصيرة، أو التي تعهد فيها بترك الحكم إذا رغب الشعب في ذلك، أو التي زعم فيها حل مشكلة الكهرباء بشكل دائم بل وتصديرها إلى دول الجوار.. إلخ، وهو ما لم يحتمله السيسي فأمر بحذف تلك التغريدات من صفحته تجنبا لمزيد من الفضائح، في الوقت الذي انتشرت على صفحات التواصل تعليقات تذكر بحسنات الرئيس مرسي رحمه الله خلال سنة حكمه، وتبدي أسفها على معارضتها له..
رحم الله مرسي ونجله عبد الله وفك أسر نجله أسامه، وحفظ بقية أسرته.
x.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العيد غزة المصرية مرسي السيسي مصر السيسي مرسي غزة العيد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هو الذی أهل غزة جزء من
إقرأ أيضاً:
عقلانية المقاومة تردع وحشية العدو
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
الفصل اليوم من صراعنا مع العدو الصهيوني ورعاته عنوانه "طوفان الأقصى"، وهذا الفصل هو الأعنف في تاريخ المواجهات مع العدو؛ بل والأخطر على العدو ورعاته ومخططات الغرب لهذه الأُمَّة.
طوفان الأقصى اليوم بمثابة وعد عربي مضاد لـ"وعد بلفور" المشؤوم وناسخ له، لهذا استشعر العدو ورعاته- ولأول مرة- الزوال، ومارسوا سياسة الأرض المحروقة، كما يلجأ الطُغاة في أيامهم الأخيرة قبل زوالهم.
المُتابِع ليوميات وتفاصيل "طوفان الأقصى" بعينٍ من داخل الكيان المؤقت، يلمس ويرى حجم الذعر والهلع الذي ينتاب قادة الكيان ومستوطنيه، من حجم الخسائر التي لحقت بهم على كافة الصُعُد، العسكرية والاقتصادية والسياسية والأمنية والفكرية، والأخطر والأمضى تمثل في خسارتهم للسرديات التي تستر خلفها طيلة ما يزيد على 7 عقود من احتلال فلسطين، مثل "الجيش الذي لا يُقهر" و"الموساد اليد الطولى"، و"أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
القيمة الحقيقية لهذا الفصل من الصراع مع العدو، تتمثل في أنه صراع منقول للعالم بالصوت والصورة وعبر وسائل سهلة ومتاحة للجميع، وهي الإعلام الاجتماعي (السوشل ميديا)، هذا الإعلام الذي أصبح منبرًا لمن لا منبر له، وتخطى الإعلام التقليدي في رسالته وتأثيره وحصار عقل المتابع له، والأهم من ذلك تجاوزه كل وسائل الحجب والفلترة والرقابة. لهذا وصل الطوفان بيومياته وتفاصيله وأسبابه التاريخية والحالية الى جميع دول العالم، فأيقظ الضمير العالمي نحو قضية فلسطين بصورة عفوية ومؤثرة للغاية.
أُطلق على القرن العشرين، قرن الشعوب، لما تخلله من حركات تحرُّر حول العالم للخلاص من الاحتلالات الغربية، ورغم التحُّرر المنقوص لأغلب تلك الشعوب، إلّا أن الطوفان اليوم حثَّهم وعلمهم أهمية التحرير من الاحتلال الأخطر وهو التبعية للغرب، لهذا حفَّز الطوفان المقاطعة الاقتصادية لدى أحرار العالم، كما فضح حجم التغوُّل والنفوذ الغربي في توظيف المنظمات الدولية لتتكتل معه وتمارس الجوسسة والضغوط على الدول "المارقة" وفق التصنيف الأمريكي- الغربي.
"طوفان الاقصى" لم يبعث قضية شبه منسية مثل قضية فلسطين على السطح مُجددًا؛ بل حفَّز جميع المترددين في العالم على نيل حقوقهم المؤجلة من الغرب؛ حيث وجد الروس والصينيون وأحرار أفريقيا في الطوفان مناسبة تاريخية مفصلية لتفعيل ثأراتهم؛ فالطوفان- وبالتداعي- تعاظم جغرافيًا من غزة الى لبنان الى اليمن فالعراق وإيران وسوريا؛ لينضم الى جبهة أوكرانيا وتايوان ودول الساحل والصحراء الأفريقية. ويبدو من ملامح المواجهات اليوم أن الروس دخلوا بقوة على خط الطوفان ودعموا فصائل المقاومة ومحورها بالسلاح والدعم الاستخباراتي والغطاء السياسي؛ الأمر الذي يُمكِن تفسيره بأن الروس وجدوا في الطوفان حالة تاريخية للنيل من الغرب الداعمين لأوكرانيا، وبالنتيجة الحتمية إغلاق ملفي الصراع في فلسطين ولبنان وأوكرانيا معًا. كما وجدت الصين ضالتها في الاستفادة من نهج المقاطعة للمنتجات الغربية وثمرتها اليانعة اليوم هي المقاطعة التقنية بعد جريمة "أجهزة البيجرات" في لبنان، تلك الجريمة التي جعلت العالم بين خيارات التوجه شرقًا، والعودة التدريجية الى الوسائل البدائية لحين خلق البديل الآمن، وهذا القرار مُرشَّحٌ لأن يُفقد الصناعات التقنية في الغرب- وعلى رأسهم أمريكا- ما لا يقل عن 10 تريليونات من الدولارات خلال العقد المقبل.
ولا يمتلك الكيان الصهيوني ورعاته اليوم قرارَ وقف الحرب؛ لأن ذلك يعني الإقرار بالهزيمة وبداية زوال كيانهم؛ بل ومصالحهم في جغرافيات عديدة، لهذا يفاوضون بالقوة النارية وإشاعة الخراب الممنهج والقتل والدمار لاستعادة سردية واحدة من السرديات المفقودة في فصول الطوفان لتسويقها مجددًا. أما الجيش أو اليد الطولى ويستجدي من تحت الطاولة محور المقاومة وفصائلة منفردة تارة ومجتمعة تارة أخرى، للظفر بصورة المنتصر إعلاميًا، وهذه نظرية أمريكية صرفة منذ نكبة فيتنام وماتلاها من مستنقعات غرق فيها الامريكي وفقد هيبته مثل أفغانستان والعراق.
لا شك عندي بأن "طوفان الأقصى" لن يُزيل الكيان ولن يُنهي احتلاله، ولكنه دقَّ الإسفين الكبير في نعشه القادم على يد شعب الجبارين، الشعب العاشق للشهادة، والذي يُولد من أرحام الحرائر وتجويفات الأرض معًا. والله غالب على أمره.
قبل اللقاء.. نقول ونكرر "النصر دائمًا حليف من يمتلك قوة العقل والرشد والإيمان".
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر